Saturday 1 August 2020

القيم الاجتماعية كما تعكسها أفلامنا 3 في فيلم أنا وبناتي 1961

أنا وبناتي والحق في العمل
" بيت العز " هو العنوان الراسخ في أذهاننا عن " أنا وبناتي " ببدايته المرحة ومشهد ما قبل العناوين للفتاة بفستان زفاف وفتاة أخرى مركبة شنب . مع غنوة لفايزة أحمد ويدخل الأب يبشرهم بعريس وتنزل العناوين، بعد أن أخبرتهم المؤلفة بينهم أنها تكتب قصة عنوانها أنا وبناتي.
يدفع الموظف المطحون محمود مكافأة معاشه لرجل ليوظفها له ، يثق في حصوله على شهرية تبلغ نفس مرتبه يبشر بناته الأربعة فيغنون في سعادة بيت العز ، الأب يجلس سعيدا وأمامه طبق عنب، وتنتهي الغنوة بالبعد ياشيطان، لكنه قريب وسيتبين أن التاجر نصاب أخذ معاش الأب وهرب ، يسقط الأب وتكسر قدمه، البنات ولا يهمك يا بابا هنشتغل والقرش نجيبه بعرق جبينا ينزعج جدا، ما عنديش بنات تشتغل ، أنا ربتكم علشان تكونوا ستات بيوت وتخدموا أزواجكم. بيعم عفش البيت علشان المصاريف . أنا لسه بصحتي وأقدر اشتغل 20 سنة كمان. يتناقض مع ما يقوله مع قدمه في الجبس في قطع دال من المخرج المؤلف عليها.
يأتي صوت العقل من مايسة التي تصر على فكرة العمل ، عندنا مهارات لازم نستغلها ، صوت محاسن تغني في حفلات، ومرفت تبيع قصتها، وأنا اشتغل عارضة ازياء لننتقل الى ما يمكن اعتباره الفصل الثاني من قصة الفيلم يظهر البطل سمير، ثري يحضر عرض الأزياء لاصطياد الفتيات، سينتبه إلى مايسة ويرمي بشباكه عليها. تتعثر بخطوتها في الفستان الأول، ولكنها تكون مناسبة مع فستان زفاف وكأنه تعويض خيالي عن رغبتها المحمومة في الزواج من عريس مليونير. الحوار مؤثر جدا والجمل مختارة بعناية تناسب كل شخص. هل يدعم الفيلم فكرة بقاء الفتيات في البيت؟، التي غنت عادت بسجحات في رأسها، وعارضة الأزياء تم اصطيادها وستسقط في الغواية، ومنى النموذج المثالي على ماكينة الخياطة. لم تنجحن في جمع مبلغ لسداد مستشفى الوالد. الأب يوصي منى، خلي بالك من مايسة لابسة ثوب غير ثوبها لحد ما اسلم الأمانة لغيري. هناك مشهد مكثف لمحاسن تغني بينما يعد سمير مايسة للدبح  في حفل عيد ميلاده المزعوم.
يقوم بسمير بمؤامرة كاملة الأركان ويحكي عن نيته لصديقه كما يتفاخر ذكور بلادنا السعيدة بقدرته على إيقاع الجميلات. نسمعها منه ونشاهد كيف يعطيها الخمر كدواء للمغص ، يلعب بوردة قطفتها من حديقته ، يعترف لها بأن الدواء كونياك ويقول" كنت بامتحن أخلاقك" مجتمع الفساد في أغلب أفلامنا القديمة يظهر أغنياء بلا أخلاق ، امرأة تصف نفسها بالمدمرة وهي بمايوه في نادي بجوار حمام السباحة.
شاهدت هذا الفيلم للمرة الأولى بسينما النصر بقويسنا ، كنت طفلة وما بقي في ذاكرتي أغنية بيت العز، والجانب المشرق في الفيلم للأب وبناته الأربعة. وأعتقد أن أغلب المتفرجين مهما كانت أعمارهم لن يتوقفوا عند سفالة سمير الذي خطط ليفقد الفتاة عذريتها ثم يعرض عليها بعض المال، سيتوقف الجميع عند مايسة متهمينها بالتفريط في شرفها وجلب العار لأبيها وأخواتها. أما سمير الذي خطط وصرح ونفذ فما فعله مجرد غلطة عليه أن يصلحها ، ومايسة هي المذنبة التي استحقت الموت وألا تهنأ بتحقيق حلمها.
نسبة كبيرة تحتاج إحصاء دقيقا لأفلامنا تفقد فيه  فتاة عذريتها لسبب أو لأخر ، ويعاقب المجتمع الفتاة فقط وأغلب المخرجين يتبنون وجهة نظر المجتمع فتعاقب بالموت بعد العيش ذليلة، ويتم التعاضي عن مسئولية الرجل، الشريك الأقدر ومطلوب منه فقط أن يصلح غلطته. يطرح الفيلم مسئولية الأب الذكر في إعالة بناته كأمانة حتى يتسلمها ذكر آخر، زوج يأنيها في مقابل أن تخدمه طول العمر. هذه الصيغة الاجتماعية كانت موجودة في أمريكا وأوروبا في الأربعينيات تناولها فيلم ابتسامة الموناليزا حيث يتم تأهيل الفتيات لتكن زوجات مطيعات لأزواجهن، وما تعليمهن إلا لرفع قيمتهن في سوق الزواج . في فيلمنا لم تكتمل النهاية السعيدة للم شمل الأسرة وانقلبت إلى فاجعة موت مايسة وسمير يعرض عليها الزواج وكأن المخرج المؤلف أراد أن يمسك العصا من منتصفها ويجعل عقابها الهيا لإرضاء أصحاب الأخلاق المنافقين المتغاضين عن مسئولية الرجل في خداع فتاة بريئة رغم كل ما وهبه الله من شباب ومال وقدرة على حد وصفه لنفسه.  
صفاء الليثي
نشر بمجلة روز اليوسف العدد 4807 باب للفن فقط إشراف شيماء سليم



1 comment: