زانج ييمو: فتى الصين العظيم
كتاب تكريمه من إعداد وترجمة
د: سهام عبد السلام
واحد من أهم كتب التكريم لشخصية سينمائية قديرة صدر عن مهرجان القاهرة فى دورته الخيرة، حالت الظروف السياسية لمصر فى ذاك الوقت من أن تحظى ندوة تكريمه بالاهتمام الذى يستحقة فنان كبير مثله، فى ندوته وجدناه يتحدث فقط لغته الأم، وتقوم مترجمة بالترجمة إلى الإنجليزية، ليعود إلى أذهاننا الفكرة الصحيحة عن العالمية التى تبدأ من المحلية، هذا ما ترصده سهام عبد السلام الناقدة والمترجمة وهى تستعرض نشأته الفقيرة بجمهورية الصين الشعبية و تستعرض كونه ابنا لعائلة مضطهدة يشق طريقه بالدم.
كتاب تكريمه من إعداد وترجمة
د: سهام عبد السلام
واحد من أهم كتب التكريم لشخصية سينمائية قديرة صدر عن مهرجان القاهرة فى دورته الخيرة، حالت الظروف السياسية لمصر فى ذاك الوقت من أن تحظى ندوة تكريمه بالاهتمام الذى يستحقة فنان كبير مثله، فى ندوته وجدناه يتحدث فقط لغته الأم، وتقوم مترجمة بالترجمة إلى الإنجليزية، ليعود إلى أذهاننا الفكرة الصحيحة عن العالمية التى تبدأ من المحلية، هذا ما ترصده سهام عبد السلام الناقدة والمترجمة وهى تستعرض نشأته الفقيرة بجمهورية الصين الشعبية و تستعرض كونه ابنا لعائلة مضطهدة يشق طريقه بالدم.
يقول زانج ييمو: "اهتمت أفلامي الأولى بجمال الشكل، لكني انتقلت بعد ذلك إلى التركيز على المضمون، وبالذات على العواطف الإنسانية، الدافئة منها على وجه الخصوص. كثيرا ما أتناول الفلاحين الصينيين في أفلامي، وذلك لأن الصين بلد زراعية أساسا، والقرى الريفية هي قلبها النابض. كما أني أحب في الفلاحين عواطفهم البسيطة. أحب أيضا موضوع البحث عن شيء، والكثير من بطلاتي بالذات يسعين بحثا عن شيء ما في محيطهن الاجتماعي أو فيما يتجاوزه. والبطولة من موضوعاتي المفضلة أيضا، وفيلمي البطل يتميز بالإنتاج الكبير والمزج ما بين العواطف والبطولة، وقد حقق لي مرادي في إفساح مجال للسينما الصينية في عالم الأفلام المسلية ذات الميزانية الكبيرة، وهو الاتجاه السائد حاليا في صناعة السينما" .
ولد زانج ييمو في 14 نوفمبر عام 1950 بمدينة خيان في مقاطعة شانكسي بجمهورية الصين الشعبية، كان والده ضابطا في جيش الكومنتانج التابع لشيانج كاي شيك، لذلك صنفت السلطات الشيوعية أسرته في الفئة الخامسة، التي تقع في قاع الفئات ويتعرض أفرادها للاضطهاد. ولما كان تصنيف أسرة زانج ييمو يعني أنه ابن لعائلة مشبوهة، فقد عانى الكثير في ظل هذا النظام. وأثناء الاضطرابات المتشنجة للثورة الثقافية في ستينيات القرن العشرين. ووصل الاضطهاد إلى درجة اتهام أخ له بالتجسس، وهروب أخ آخر إلى تايوان. هكذا نشأ زانج ييمو في الصين الاشتراكية، حيث ساد الصراع الطبقي الحياة والأدب. عاين زانج ييمو في هذه السنوات الكثير من المآسي التي رآها تحدث حوله، والفوضى التي كانت تضرب أطنابها في حياة الناس. عاين زانج ييمو في هذه السنوات الكثير من المآسي التي رآها تحدث حوله، والفوضى التي كانت تضرب أطنابها في حياة الناس، لكن عمله بالمصنع أفاده في التعرف على حياة الطبقات الكادحة في الصين، إذ اكتسب ثروة من المعرفة بالناس، والحياة الإنسانية،
وقلب الإنسان وروحه، أفادته في حياته الشخصية، وطريقة تفكيره وفي أعماله. يقول زانج ييمو إن الثورة الثقافية فترة خاصة وفريدة في تاريخ الصين والعالم، وإنه ظل يحلم لسنوات بصنع أفلام عن هذه الفترة، لمناقشة معاناة الناس ومصائرهم وعلاقاتهم في عالم كاره للإنسان، ومانع له من التحكم في مقاليد حياته. لكنه يعترف أن الأحوال السياسية الراهنة في بلده لا تجعل هذا الحلم ممكن التحقيق وعليه أن ينتظر، يشهد على هذا منع السلطات لعرض فيلمه أن تحيا (1994). وعلى الرغم من كل ذلك، يقول زانج ييمو: "أعرف نفسي، وأعرف أني يستحيل أن أنفصل عن أرض الوطن الذي نشأت فيه .. وسأدين بالولاء للأبد لوطني وشعبي. أنا فخور بأني صيني، وأهدى أعمالي وكل ما أفوز به عنها من جوائز إلى الصين وشعبها، فهم وطني وأهلي"، فعلاقته بوطنه الأم وحبه لها لا تتأثر بعلاقته بالسلطات الصينية وما تضعه أمامه من عراقيل.
وأثناء دراسته فى قسم التصوير السينمائى فى الأكاديمية التى التحق بها بعد أن باع دمه شاهد زانج ييمو الكثير من كلاسيكيات السينما العالمية، فتنامى حبه للسينما وتحول من مجرد مصور فوتوغرافي محترف إلى عاشق لفن السينما. كان من بين زملاء دراسة زانج ييمو شين كياج، وتيان زوانج زوانج، وزانج يونزاو، وكلهم صاروا مخرجين بارزين عرفوا باسم الجيل الخامس لمخرجي السينما الصينيين. شهدت السينما الصينية تجديدا هائلا على أيدي هذه النخبة من المخرجين، فقد صنعوا سينما صينية جديدة شهدت نجاحا ساحقا في جميع أنحاء العالم منذ منتصف ثمانينيات القرن العشرين. لقد امتلكوا الجرأة على إخراج أفلام مختلفة لينقدوا الصين التي عرفوها، فرفضوا الصبغة السياسية التي سادت الأفلام الصينية في النصف الأول من القرن العشرين، والبطولات الطبقية التي صورتها السينما الاشتراكية الواقعية تحت راية حكم ماو تسي تونج منذ عام 1949. وما أن مر عقدان على تخرج زانج ييمو حتى صار أحد أهم مخرجي الجيل الخامس، وأشهرهم، وأغزرهم إنتاجا. ومما يحسب لزانج ييمو أنه دائم التعلم، فهو يتعلم من الحياة ومن ملاحظة الناس، مما يخدمه في بناء شخصياته وصياغة حبكات أفلامه، وهو يتعلم أيضا من أفلام المخرجين الآخرين. فما أن يشاهد فيلما جميلا حتى يفكر: لماذا لا أصنع فيلما في مثل جودته؟ فيتمعن في تحليل ما يشاهده من أفلام ليعرف كيف توصل المخرج إلى المعالجة التي قدمها على الشاشة، فهو في حالة تعلم دائمة ما دام فن السينما موجودا. ومن الجدير بالذكر أن زانج ييمو قد منح درجة الدكتوراه الفخرية من جامعة بوسطن (14 نوفمبر 2008) ومن جامعة ييل الأمريكية (24 مايو 2010) ومن جامعة دانكوك بكوريا الجنوبية (31 أكتوبر 2012).
لايمكن تناول أعمال زانج ييمو دون تأمل الصورة والألوان التى تعكس ثقافة الصين وترسم صورة عن الملبس والطبيعة .
لقطة من فيلم لعنة الزهرة الذهبية (2006). الأرضية ذات اللون الأصفر تسود الشاشة مع ظهور الناس عليها كنقاط سوداء وحمراء. أسلوب استمر مع زانج ييمو في كثير من أفلامه بدءا من بداياته مديرا للتصوير في فيلم الأرض الصفراء. هذا الأسلوب يستلهم أسلوب التصوير الزيتي الصيني المعروف باسم أسلوب مدرسة شانج آن.
لقطة من فيلم أن تحيا (1994). عرائس خيال الظل فن صيني تقليدي لجأ إليه بطل الفيلم ليكسب عيشه بعد إفلاسه. العرائس تخدم الجماليات البصرية وتؤكد على التواصل مع التراث الثقافي للصين
لقطة نفس عرائس خيال الظل الصينية التقليدية استخدمها زانج ييمو في احتفالات افتتاح الألعاب الأوليمبية ببكين (2008). يلاحظ الثراء اللوني للعرائس.
ولقطة تعكس جمال العناصر البصرية (يلحظ هنا اللون والحركة) عامل مهم في فنون القتال الصينية، وكذلك في أفلام القتال التي اخرجها زانج ييمو، وهو ما يميزها عن أفلام الآكشن الغربية. اللقطة من فيلم منزل الخناجر الطائرة (2004) .
ولقطة تعكس جمال العناصر البصرية (يلحظ هنا اللون والحركة) عامل مهم في فنون القتال الصينية، وكذلك في أفلام القتال التي اخرجها زانج ييمو، وهو ما يميزها عن أفلام الآكشن الغربية. اللقطة من فيلم منزل الخناجر الطائرة (2004) .
تركز الدراسة على الثراء اللونى في أفلام زانج ييمو الذي ظل من السمات المميزة لجميع أعماله. يعزو زانج هذا الميل إلى نشأته في شمال الصين، حيث تأثر بالفن الشعبي والبيئة الثقافية في هذه المنطقة التي تحتفي بالثراء اللوني وجمال المرئيات. يمثل اللون الأحمر مختلف المعاني في أفلام زانج ييمو المبكرة. فاللون الأحمر بالنسبة لجوي إير بطلة فيلم الذرة الحمراء يمثل اليانج (الذكورة) التي تهيمن على محفة الزفاف، ويمثل الحياة، فالنبيذ الذي يصنع من الذرة البرية الحمراء يعين أسرتها على العيش، ويمثل الموت، فالنار التي تلتهمها في نهاية الفيلم حمراء. وهو ينتقل في فيلمي جو دو وارفعوا المصباح الأحمر ما بين قوة اللون الأحمر إلى هدوء اللونين الأبيض والأسود الممثلين لليِنّ (الأنوثة) والموت وفقا لقواعد الأسلاف التي تنتقل من الأب للابن.
يحتوى الكتاب على تحليل لأفلام زانج ييمو فيتناول البعاد الفكرية ، و المرأة والجنس وشخصيات الرجال ، كما يذكر الكتاب مساهمات زانج ييمو في عوالم فنية أخرى مثل المسرح والاستعراض إذ لم يقتصر إبداع زانج ييمو على عالم السينما، بل غامر بالعمل بالإخراج المسرحي على خشبة المسرح، وبالمسرح الحي الذي يقدم في الهواء الطلق، كما اختير لإخراج استعراضات وختام دورات الألعاب الأوليمبية في الصين وفي الخارج.
نشر بموقع الجزيرة الوثائقية الأحد 30 ديسمبر 2012
رئيس تحرير الموقع: حسن مرزوقى