Saturday 21 August 2021

قراءة في رواية كسور المرايا تأليف أحمد غريب

                                 كسور المرايا أم كسور الروح

قرأتها صفاء الليثي

ما بين متابعة أفلام قديمة وجديدة أمسكت  رواية " كسور المرايا " وأعدت قراءتها ، حين وصلت إلى الفصل المعنون ( متلازمة لينون ) كانت الصورة قد اتضحت لي تماما لما يرويه الغريب من بلد الهجرة والذي يملأه الحنين إلى العالم القديم ، بلاده الأصلية كما يسميها في روايته. غربته كانت واضحة في (عيد ميلاد بول) ، ورغبته في السير وحيدا تحت ضوء القمر المكتمل ، وأدركت وحدته. وبالعودة لفصل متلازمة لينون وسرده لكلمات أغنية تخيل ومعها انتشار قميص جيفارا رمزا للطبقة الوسطى في بلد الهجرة ودهشته من مفارقة انتخابهم لليمين بينما مشاعرهم مع (بطل الطبقة العاملة) وتعليقه الهام ( هنا تنتهي أحلام اليسار كما تنتهي كل الرومانسيات) . دائما يبدأ الفصل بفكرة ما وينتهي إلى أمر آخر، وكأن تيار وعي المهاجر يقوده بعيدا عن الفكرة المنطلقة من واقعه المعيش كما في الفصل ( الصفر ليس سيئا) فحين وصلت إلى الفصل الذي يبدو كفكرة عارضة لنصل إلى مأساة مهاجرين عراقيين فقدوا حاسة السمع ومن ثم القدرة على الحديث بسبب القنابل الأمريكية وقت الغزو ، دوره في مساعدة اللاجئين ورفض جسده التأقلم مع ما تحت الصفر ، بدا ممزقا بين عالمه القديم وبين دوره الحالي في بلد الهجرة. لا يمكن وصف أسلوب الكتابة بتدفق تيار الوعي بل الأمر أقرب إلى توازي خطين لا يتقابلان أبدا ولا حتى قرب النهاية. مع تقدمي في القراءة وجدت تعاطفه يمكن تجاوزا أن أضمه مع عالمه القديم، ليسوا مصريين مثله ولكن عربا وخاصة من العراقيين  تغيرت أوضاعهم كلية بعد ما حدث للعراق ، وجدت غيظه من كنديين في مقابل تعاطفه المكتوم والذي لا يستطيع إظهاره  كشرط من شروط عمله- مع المهاجر من العالم القديم. يتحاور ويصرح ( لكننا نستطيع أن نحاول .. أن نكون ما نريده ، تقريبا رحلة المحاولة هي المتعة) وفي موضع آخر وقد تحولت الكتابة من التلميح إلى التصريح ( الوحدة في المجتمعات الغربية نمط حياة... وعلينا أن نعيش بين عالمين ) .

تأملاته في الحياة وعقد المقارنات بين ثقافته وثقافة منفتح عليها تظهر كنظرة فلسفية لكثير من الأمور ( التئام الأرواح بعد مفارقة الحياة وعودتها بتوليف آخر ..تظل الدائرة تتكرر بعدة أشكال وتوليفات روحية حتى تستطيع الروح أن تعبر إلى الأعلى غير المحدود ، وهذا هو الانعتاق).

كسور المرايا ترسم عالم مهاجر شاب ، هاجر بإرادته وما زال معلقا بوطنه الأم، عكست حالة شروده شبه الدائم وعجز جسده عن التأقلم مع برودة تخطت الجسد إلى نسيج الروح.

الكاتب أحمد غريب له رواية قصيرة بعنوان " صدمة الضوء عند الخروج من النفق " نشرت 1998، وعاد ليصدر كسور المرايا عن دار ميريت 2020 بعد عمله في الصحافة في الإمارات غي الفترة من 1998 إلى 2008 ، ثم انتقل مهاجرا إلى مدينة تورنتو بكندا حيث يعيش مع زوجته وابنته فيها حاليا. كان شارك مجموعة قصصة مع عام 1995 عن دار شرقيات ، نالت اهتماما نقديا وإعلاميا كبيرا وسط تحول في المشهد الأدبي  بمصر وظهور ما عرف بجيل التسعينيات .  

الكاتبة سمر نور عبرت عن انزعاج من توقف مؤقت عن الكتابة وانزعاج أكبر للقراءة ببطء السلحافة على حد قولها... القراءة كما الكتابة لها مواعيد تأتي دون سابق إنذار، كما حدث معي هذه الفترة قراة مكثفة ومراجعة لكتابات قديمة أضعها في ملف معنون " كتابات قديمة هامة ". 

نشر بموقع أويما بتاريخ 21 أفسطس 2021

كتب قاسم حول عن " وجوه الحقيقة "

 حين يكون الناقد مهنياً .. صفاء الليثي مثالا

قاسم حول

السبت 21 آب 2021

بين يدي كتاب صادر عن مهرجان الإسماعيلية السينمائي ويحمل عنوان "وجوه الحقيقة، إتجاهات وتجارب السينما التسجيلية" رصدت فيه الناقدة والمونتيرة السينمائية سابقا صفاء الليثي مسيرة الفيلم التسجيلي في مصر.

 


ويضم الكتاب تجارب التسجيليين المصريين وتجارب السينمائيين الروائيين المصريين في السينما التسجيلية. وصفاء الليثي تخرجت من المعهد العالي للسينما  في مصر وحازت من مهرجان دمشق السينمائي جائزة أحسن مونتاج عن الفيلم الروائي "ثلاثة على الطريق" للسينمائي محمد كامل القليوبي

عرفتها منذ العام 1977 حين كانت تعمل مونتيرة مع المونتير الراحل والمبدع توليفاً وبنيوية سينمائية "أحمد متولي" منذ ذلك التاريخ صرنا أصدقاء وتولى أحمد متولي ومساعده محمد الطباخ مونتاج فيلمي "بيوت في ذلك الزقاق" .. وصفاء الليثي، هي الآن ناقدة من طراز متميز وكثيراً ما تتبوأ ً مكانها اللائق في مهرجانات السينما في رسم هيكلية المهرجانات أو في لجان تحكيمها أو في إختيار الأفلام المشاركة في المهرجانات.

كتاب "وجوه الحقيقة" هو ليس مؤلفا نقديا بتقييمه الموضوعي عن هذا الفيلم أو ذاك، بل منهجاً دراسياً في النقد الذي يتسم بالموضوعية وبقراءة واعية لقيم الجمال التي تتسم بها الأفلام التسجيلية بمعناها الواقعي، الفكري، والجمالي. 

في هذا الكتاب الذي يجمع أعمال السينمائيين التسجيليين في مصر والسينمائيين الروائيين في بداياتهم التسجيلية التي قادتهم نحو أفلام روائية تتسم بالصدق الواقعي وبالقيم الجمالية التي يحققها الواقع المصور في الفيلم التسجيلي، فسعت "الليثي" لنقل كافة الأفلام التسجيلية أو ربما من أهمها على أشرطة "في أج أس" وهي من الفورمات السابقة في مسار تقنية التسجيل، وجلست تدرس الأفلام باللقطة الواحدة والمشهد الواحد وتدرس القيم التشكيلية في كل كادر "إطار" سينمائي، وحركة الكاميرا داخل اللقطة الواحدة، وتصغي لأصوات الناس في الفيلم وأصوات المؤثرات الطبيعية وأصوات أنغام الموسيقى التي تؤلف خصيصا لتلك الأفلام، لتكتب تقييماً موضوعياً عن كل فيلم وبشرح مفصل عن اللقطات والمشاهد والبناء السينمائي للفيلم، وهي مهمة ليست بالسهلة.

هذا المؤلف "وجوه الحقيقة" ليس كتابة صحفية يومية يقرأها المتلقي بعد أن يشاهد الفيلم، بل هو دراسة أكاديمية لعلاقة السينمائي بالواقع. فشاهدت الكاتبة، وقرأت بعين السينمائي وعين المونتير وعين المتلقي المتسم بوعي التلقي ووعي المشاهدة، كل مفردات لغة التعبير السينمائية، قرأتها بمحبة عالية، وفهم متميز للإبعاد الفكرية والجمالية للأفلام والتي نفذها رموز من عالم التسجيل السينمائي "خيري بشارة، داوود عبد السيد، توفيق صالح، محمد شعبان، عطيات الأبنودي، فؤاد التهامي، هاشم النحاس، على الغزولي، نبيهة لطفي، تامر عزت، فيولا شفيق، محمد كامل، القليوبي، محسن عبد الغني، أحمد رشوان، وحيد مخيمر، عمر الشامي، أحمد نور، الأخوين محمد وسوني رمضان، خالد يوسف، بسام مرتضى، معتز راغب" هؤلاء العازفون على وتر كاميرا التسجيل والذين يشكلون بمجموعهم سمفونية تسجيلية، توضح أهمية الفيلم التسجيلي في مسار السينما المصرية الرائدة.

هذا حتى قبل أن تتبلور لغة التعبير السينمائية التسجيلية في العالم حين كتب لغتها الأولى الروسي دزيغا فيرتوف، والبريطاني جريرسون، والهولندي، يورس إيفنز، والروسي رومان كارمن، والدانماركي كريستينسن، والكوبي، سانتياغو الفارس، والألمانية تورينداك، فإن السينما المصرية أوجدت لغة التعبير السينمائية التسجيلية للسينما في العالم، هذه اللغة أكتشفتها من خلال أفلامهم الناقدة "صفاء الليثي" لأنها درست الأفلام برؤية العين الموضوعية فكرياً وجمالياً.

كتاب "وجوه الحقيقة" الذي بحثت "الليثي" من خلاله إشتراطات الفن الثلاثة، فإنها عرضت أمامنا حتى تلك الأفلام التي لم نشاهدها، بسبب خمول الواقع العربي ثقافيا، شاهدنا من خلال الكتاب تلك الأفلام وشوقتنا حقاً للبحث عنها لكي تستكمل في ذواتنا صورة الواقع المصري وصيغة التعبير عن ذلك الواقع. ذلك لم يحصل إعتباطاً، ولم يأت مصادفة، إنما تحقق بعناية فائقة في بذل مجهود غير عادي وبمدى زمني غير قليل دون شك، وصولا إلى منهج مهني وأكاديمي في النقد السينمائي، يضاف إلى منهجية النقد السينمائي في مصر، سامي السلاموني وسمير فريد وأمير العمري، علي أبو شادي، ومصطفى محرم، وأحمد شوقي.. وعذراً لمن لم تحضرني أسماؤهم من مبدعي الكتابة السينمائية في النقد".

المهم أن هؤلاء النقاد أكتشفوا  لغة ومفردات لغة الفيلم التسجيلي وساهموا بشكل مباشر أو غير مباشر في وضع الأسس الموضوعية لسينما تسجيلية مصرية، عربية، وعالمية، تلك الأسس التي حاول مهرجان لايبزغ رسم أبعادها في أول مؤتمر تأسيسي للمهرجان عام 1955، والذي حضرته الأسماء التي أشرت إليها في هذا الموضوع، فوضعوا في البداية أسس وقوانين المهرجان، وكتبوا إلى الرسام العالمي "بيكاسو" لكي يتخذوا من حمامته شعاراً للمهرجان الذي يحمل فكرة "أفلام العالم من أجل سلام العالم". 

أهمية كتاب "الليثي – وجوه الحقيقة في أننا نقرأ وكأننا نرى الأفلام المكتوب عنها، والتي رصدتها الناقدة "صفاء الليثي" بدقة ووصفتها ناقدة موضوعية في رؤية تتسم بالمهنية وشرف المهنة والمهنية وبأخلاق المهنة والمهنية وبصياغة أدبية فنية متقنة.

بقي أن أنوه هنا .. إن المطبوع الذي بادر مهرجان الإسماعيلية بطباعته، يحتاج إلى توزيع عربي من خلال دار نشر حرفية وبطباعة أنيقة وصور أكثر وضوحا عن الأفلام ومبدعيها.. كما يحتاج إلى ترجمة، لأنه مساهمة جادة في رسم لغة تعبير الفيلم التسجيلي ومفرداته الفنية والتقنية والجمالية. 

سينمائي وكاتب عراقي مقيم في هولندا ( الصورة من جريدة المستقل من حوار معه ) 



 

كتبت ماجدة خير الله عن مونولوج

 كتبت ماجدة خير الله عن مجموعة " مونولوج " :

اهدتني صديقتي صفاء الليثي كتابها (مونولوج) الذي يضم مجموعه من القصص القصيره (كما يقول) الغلاف،وسعدت به كسعادتي بأي انجاز لاي صديق او زميل، وانتويت قراءته في وقت صفاء، ولكن رغبتي او فضولي وشغفي لمعرفة عالمها الخاص، جعلني أبدأ في قراءته علي انغام موسيقي احبها، ثم مع توغلي في القراءه نسيت الموسيقي وشعرت ان هناك موسيقي مختلفه تنبعث من بين أسطر (مونولوج) ، الذي هو رحله قامت بها الكاتبه المبدعه داخل ذاتها،وإصطحبت معها القاريء ،ليتعرف علي المزيد منها ومن تجربتها الانسانيه مع مزيج رائع بين الخاص والعام، فالكاتب المبدع يترك لمحات من خلجات نفسه وعالمه الخاص مع كل عمل فني يقدمه سواء قصد ذلك ام لم يقصده، وياعزيزتي صفاء نعم كلنا يعشق اسمه عندما يناديه شخص يحبه وقتها تصبح اسماءنا اكثر جمالا وكإنها انشوده رائعه، حكاياتك غمرتني بنشوي مع صباح اليوم وجملك القصيره العميقه ترسم عالما مكتملا من الجمال،والمتعه ، ولكن وصفك بانه (لحن لم يكتمل) علي رأيي يوسف بك وهبي، فيه إنكار وتواضع لان (مونولوج) عملا فنيا غاية الكمال والابداع.