مهرجانات ناجحة والمدن عطشانة للمزيد
بدأ العام
السينمائي بمهرجان أسوان لأفلام المرأة وانتهى بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي
وبينهما أقيم مهرجان شرم الشيخ للسينما الآسيوية ومهرجان الأقصر للسينما الإفريقية
ومهرجان الإسماعيلية للسينما التسجيلية والقصيرة، من المفترض أن يكون مهرجان
الإسكندرية لدول البحر الأبيض المتوسط ولكنه تشعب ليصبح مهرجان شبه دولي يقام في الإسكندرية.
وقبله أقيمت الدورة الثالثة لمهرجان الجونة في تواصل لنجاح دورتيه الأولى والثانية
حتى أنه على مستوى الميزانية والدعم الذي يتلقاه من شركات خاصة وعامة أصبح الأول
متخطيا القاهرة العريق وممثلا لتحدى كبير له نظرا لارتفاع قيمة جوائزه الدولارية.
المتتبع لخريطة
المهرجانات يفتقد وجود مهرجان متخصص للفيلم العربي في بلد تسمى أفلامها بالفيلم
العربي قبل أن يظهر تحديد لكلمة المصري مع الجزائري واللبناني والمغربي والتونسي
والفلسطيني وأالعراقي وأخيرا السعودي. أحيانا ترتفع أصوات تطالب بأن توجه الأموال
المنفقة على المهرجانات إلى دعم الإنتاج السينمائي وخاصة أن الحصول على فيلم مصري
يشارك المسابقات المختلفة أصبح صعبا حتى أن دورة مهرجان الجونة الثالثة افتقدت
وجود فيلم مصري يشارك مسابقتها الرسمية وعرض فيلمين خارج المسابقات. وأصوات أخرى
تجد أن المهرجانات تؤدي دورا كبيرا لدعم الصناعة وخاصة في سياستها المتوسعة بإقامة
ورش الدعم والتطوير وجذبها للمنح في دعم السيناريوهات ومشروعات ما بعد الإنتاج .
باستثناء مهرجان
شرم الشيخ الذي لم ينجح في تحقيق أي نجاح سواء على مستوى جذب رواد لمتابعة
فعالياته، أو على مستوى ورش تدريب الراغبين في اكتساب مهارات صناعة الأفلام، نجحت
مهرجانات أسوان والأقصر الإفريقي والجونة في تحقيق أهدافها، وبقي القاهرة متوجا
بدورة فارقة في نجاحها تنظيما وجذبا لمحبي فن السينما وخاصة من الطلاب وغير
المتخصصين الذين وجدوا مجالا لينهلوا من أفلام لا تعرض في دور العرض العامة على
مدار العام باستثناء ما يعرض في بانوراما الفيلم الأوربي الذي أقيم قبل مهرجان
القاهرة وانتهت دورته قبل أربعة أيام من افتتاح القاهرة بفيلم الأيرلندي الذي شهد
عرضه الأول بعد الافتتاح إقبالا شديدا ورصد الإعلام طوابير انتظار لساعات للحصول
على تذكرة الدخول.
شهد العام نشاطا
في المجلات السينمائية المتخصصة وفي مجلات الفنون التي تضم بابا للسينما وآخرها
جريدة أخبار الأدب من المتوقع أن تنافس جريدة القاهرة في حجم الاهتمام بالسينما
وخاصة بعد تعيين ناقدة متخصصة في النقد السينمائي ضمن هيئة تحريرها، لدينا مجلة
الفيلم التي تصدر فصلية عن الجيزويت، ومجلة تلي سينما التي تصدر عن نقابة المهن
السينمائية، ومجلة الفنون وقسمها سكرين المتخصص في السينما ومجلة عالم الكتاب التي
تهتم بما له علاقة بين الأدب والسينما وصدرت عنها ملفات خاصة عن رواد الثقافة
السينمائية وبابا متخصصا عن النقد السينمائي وقبلها ملف خاص عن عطيات الأبنودي،
فهل سيشهد عام 2020 استمرارا لهذا التوسع في متابعة فن السينما أسبوعيا وشهريا
وفصليا؟ هناك بوادر تشي بذلك وخاصة مع تزايد عدد المهتمين بدراسة النقد السينمائي
بين الشباب والفتيات.
تجذب المهرجانات
مخرجين توقفت أعمالهم بسبب تعثر الإنتاج في السنوات الأخيرة، ولم تعد حكرا على
صحفيين ونقاد يعد برمجة الأفلام والتسويق لها، وتنظيم فعاليات سينمائية ضمن عملهم
النقدي، إذ شارك المخرج أمير رمسيس مع الناشط السينمائي انتشال التميمي والممثلة
الناشطة بشرى وخبير الإعلام منسى في تأسيس مهرجان بمدينة الجونة السياحية مع رجلي
الأعمال سميح ونجيب ساويرس ، قاما بدور تقوم به وزارة الثقافة في الحكومة المصرية
بالإشراف على تنظيم المهرجانات ودعمها ، وقبلهما أسس المخرج محمد كامل القليوبي مع
د. ماجدة واصف والناقد الكبير يوسف شريف رزق الله مهرجانا للسينما المصرية
والأوربية، انتقل من الأقصر إلى شرم الشيخ ليفسح المجال لمهرجان الأقصر للسينما
الأفريقية الذي يقيمه السيناريست سيد فؤاد والمخرجة عزة الحسيني، مرة أخرى تجذب
المهرجانات صناع السينما ما دمنا لا نجد طريقا لننجز أفلامنا فلم لا نوجه جهودنا
نحو المهرجانات علها تسهم في تنشيط الحركة السينمائية ومن ثم الإنتاج، هل هذا ما
دفع المنتج محمد حغظي لقبول ترشيح الناقد يوسف شريف رزق الله لتولي رئاسة مهرجان
القاهرة وهو السيناريست الذي كان مهتما ببرنامج القاهرة لتطوير السيناريوهات كفعالية
مهمة في مهرجاني القاهرة والجونة، استعان بالناقد أحمد شوقي ليقوم بمهام المدير
الفني بعد رحيل رزق الله. وهكذا تنشأ المهرجانات من تفاعل نقاد السينما مع صناعها
لتصبح حدثا مركبا وليس منصة لعروض الأفلام وتسابقها فقط، بل منصات لتطوير ودعم
المنتج السينمائي بداية من فكرة سيناريو حتى تقفيله في مراحل دعم الصوت والمونتاج
ومراحله النهائية في التلوين والطباعة.
لم تكتف
المهرجانات بسجادتها الحمراء والاحتفاء بنجومها من ممثلين ومهنيين خلف الكاميرا بل
أصبحت ندواتها ووورشها وحلقات بحثها جزءا لا يتجزأ من أقسام العروض المتنوعة، تدعم
وجودها وتعززه بمعارض متخصصة ومطبوعات تزداد أهميتها نظرا لقلة إصدارها من الجهات
المتخصصة. جانب مهم تقدمه مهرجات السينما في إنعاش السياحة في المدن التي تقام
فيها وفي تغيير الصورة النمطية عن الفن والفنانين في أذهان الناس حين يلمسون مدى
الجدية فيما يعرض بها وما يصدر عنها، مما يشجع السكان المحليون على إقامة نشاط
دائم للسينما على مدار العام كما فعل أبناء أسوان بنادي سينما أسوان الذي يعرض
أفلاما فنية من مختلف دول العالم يقوم عليه شباب المدينة بتطوع لفعل ثقافي راقي .
أمام وزيرة
الثقافة مشروعات لمهرجانات أخرى، مهرجان القارات الثلاث ببورسعيد ويرأسه المنتج
والمخرج اسماعيل مراد، مهرجان الفيلم العربي ويرأسه الصحفي والناقد مصطفى
الكيلاني، مهرجان السينما والفنون التشكيلية ويرأسه المخرج سميح منسي. مازالت مدن
بورسعيد والمنيا والغردقة ، طنطا ودمنهور في تعطش لمهرجان سينمائي ينعش الحياة
الثقافية بها ويعوض نقص دور العرض العامة بها .
صفاء الليثي
نشر بجريدة القاهرة
الثلاثاء 31 ديسمبر 2019 رئيس التحرير عماد الغزالي