Friday 27 June 2014

الأفلام العربية التسجيلية بالإسماعيلية 17



أرق Guardians of the lost 
  وحبيبى بيستنانى عند البحر
شارك بالدورة 17 من مهرجان الإسماعيلية  فيلمين عربيين أولهما أرق للمخرجة اللبنانية ديالا قشمر و"حبيبى بيستنانى عند البحر" للأردنية ميس دروزة. " أرق" عن شباب يعرفون بالزعران يسكنون حى اللجا الفقير ببيروت. 

يدينون بالولاء للسيد (حسن نصر الله) ويعشقون أغنيات أبو وديع( جورج وسوف) ، الفيلم محاولة جيدة للاقتراب منهم وسبر أغوارهم، لولا الإطالة وافتقاد البناء فى الفيلم الذى قارب الساعتين، وحالة من الانبهار بالذكورية الفجة لهؤلاء الزعران الذين ظهروا كنجوم السينما بشعور مدهونة بالفازلين وبملابس تصلح عرضا للأزياء. ونسمعهم يتفاخرون :" في لبنان على الشاب أن يمتلك إمّا المال أو القوّة. نحن نمتلك القوة" يثير تفاخرهم إعجاب البعض منا وشفقة البعض الآخر، كل حسب رؤيته، اختارت قشمر لهم مقهى على رصيف مبلط أمامه محل لبيع الورود، رتبت كل شيء، فلم يظهر فقر الحى ولا ساكنيه، حاورتهم بالساعات وخلفهم يظهر ملصق شيعى، وحين وصلنا إلى ما يشبه النهاية مع سؤالها عما يتوقعون أن يكونوا عليه بعد عشر سنوات كانت إجابتهم ستجديننا هنا على نفس الكرسى. انتقلت بعد ذلك لمشاهد أخرى ولكنها عادت لتجلسهم فى نفس المكان بعد أن برد الحوار ولم يضف جديدا. 
شهوة الكلام أفسدت الفيلم الذى يعكس طموح مخرجته ووضوح قلة خبرتها فى استخلاص ما يمكن أن يصاغ منه فيلم عن شباب عربى عاش جل حياته فى مناخ الحرب الأهلية. حين ابتعدت بهم فى الطريق إلى مناسبة للشيعة سمعنا أغنية من مسجل السيارة تصاعد معه غناؤهم بصبيانية وحماس طفولى وكان أكثر نجاحا فى التعبير عن شخصيتهم من مشاهد الحوارات المطولة التى تباهوا فيها بفحولتهم ، وحين ابتعدت عن المقهى لتصحب أحدهم فى ضوء نهار ساطع ظهر على حقيقته شابا ضخما أسنانه مهشمة- قد تكون من معركة ما- يحكى عن معاناته كشيعى وحيد فى حى سنى. نعم لمحات جيدة متناثرة هنا وهناك، ولكن ماذا بعد؟ الفيلم حصل على منحة إنتاج وفائز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة في مسابقة "المهر العربي للأفلام الوثائقية" في "مهرجان دبي السينمائي الدولي"2013، وخرج من جوائز الإسماعيلية 2014، منتديات الإنتاج صارت ملازمة للمهرجانات، هذا العام بالإسماعيلية فاز فى منتدى الإنتاج العربى المشترك فى دورته الثانية فاز فيلم " الاسماك تقتل مرتين " للمخرج المصرى أحمد فوزى صالح  صاحب فيلم "جلد حى" الذى فاز بجوائز عديدة  و فيلم " حروب ميغيل " للمخرجة اللبنانية اليان الراهب وهى أيضا حاصدة للعديد من الجوائز ، وحصل فيلم " الرقص مع الرصاصة " على المركز الثالت وهو من اخراج  العراقى ضياء خالد جودة. وهذا المنتدى من الإضافات الهامة للمنتج محمد حفظى لمهرجان الإسماعيلية  ويعقد ضمن فعالياته تكونت لجنة التحكيم  للدورة الثانية له من جاد أبى خليل رئيسا، وعضوية كل من ايريت نيدهارت و تهانى راشد. يحمل أرق عنوانا بالإنجليزية ترجمته " حراس الزمن الضائع" لا أفهم لماذا وأى زمن ضائع يحرسه هؤلاء الزعران. شاهدنا فيلما عن الجنوب وشيعته للمخرج الفلسطينى نزار حسن اقترب فيه بدرجة أعمق من شيعة لبنان وحصل عنه على جائزة كبرى بدورة سابقة من المهرجان. 

حبيبى بيستنانى عند البحر" فيلم عربى أخر حاز جائزة لجنة التحكيم من اللجنة الرسمية التى ضمت المخرجة المصرية الشابة هالة لطفى، وكان من المقرر أن يرأسها المخرج السورى محمد ملص ولكن السلطات المصرية لم تمنحه تأشيرة الدخول رغم تواجده السابق فى زاوية ماريان خورى التى كرمته وعرضت أفلامه.

قدمت ميس دروزة فى فيلمها بناء دائريا بدأته بسؤال أمها عن البحر، ثم تتبعت كتاب الفنان الفلسطينى الراحل حسن حورانى حسن فى كل مكان، ورسمت هى بالفحم وأدخلتنا عالمها الملئ بالأمنيات والتساؤلات. وعادت لتقدم لقاءات اعتدناها فى كل الأفلام عن قضية فلسطين وعن شعبها، عدة لقاءات موفقة ولكنها - كما مخرجة أرق-  لم تقتنص لحظة القطع المناسبة لتنهى مشاهدها وتنتقل بالفيلم إلى آخر. فها هم الشبان الثلاثة يحكون عن معاناتهم، اثنان منهما حديثهما شيق والثالث يبتسم فقط، المشهد كان مصورا فى لقطة واحدة متصلة ولكنها قطعته لتجعل المبتسم يحكى ، فلا يقدر. توقعت أن تنهى مشهدها عند جملة قوية لمن يجيد الحكى وتنهى بابتسامة الثالث فتكون خير تعليق فقد كانت ابتسامة مريرة تؤمن على كلام صديقيه وتعكس معنى أنه لا فائدة. ولكنها أصرت على استجوابه علها تخرج منه بحديث، تغرى المادة المصورة بغزارة مع تقنيات المونتاج فلا يكتفى المخرج أثناء التصوير، ويكون عليه أن ينتقى بمعيارمن  ذهب، وظهر بوضوح عدم القدرة على الانتقاء فى مشهد بدأته بحميمية مع الفلسطينى الذى يداعب طفلته ثم حوارها مع الزوجة نصف الكندية التى كانت تبحث عن كلماتها بالعربية وحين وصلت إلى ذروة واستنتاج فى حديثها، أكملت المشهد وكأنها تبدأ حديثها من جديد. وجدتنى أعيد بناء المشهد أثناء المشاهدة وأقترح تقديما وتأخيرا داخل عقلى أثناء المشاهدة،وهو دور المخرج الذى عليه أن يقوم به فى المونتاج أهم مراحل الفيلم التسجيلى  قاطبة، وفيها يمكن إعادة بناء ما تم تصويره فلا نشهد عدة نهايات فى الفيلم بل تأتى النهاية فى لحظة نكون كمشاهدين قد اكتفينا ووصلتنا الرسالة التى يريدها صانع الفيلم. 
بالطبع عادت دروزة إلى البحر مع لقاءات لشخصيات جديدة غير التى صحبتنا طوال الفيلم ووصلت لما تريده من التعبير عن ضياع فلسطين التى لم يعد لها منفذ على البحر حيث ينتظرها كل الأحبة الراحلين دون أن يتحقق حلمهم بالعودة إلى فلسطين وبحرها . تظهر المخرجة بجوار سور التقسيم العنصرى تروح وتجئ محاولة أن تفتح فرجة فى الجدار الأسمنتى الذى سيسقط حتما مهما طالت السنين.  

نافس فيلم دروزة على جائزة المهر العربي للأفلام الوثائقية ضمن الدورة العاشرة من مهرجان دبي السينمائي الدولي في ديسمبر ٢٠١٣، ولم يحصل عليها بل حصل عليها فيلم قشمر الذى خرج من جوائز الإسماعيلية وهكذا تتغير وجهات نظر اللجان ويختلف التلقى من مكان إلى آخر ولهذا تقام المهرجانات وتختلف جوائزها وتتنوع ردود الأفعال بخصوصها. 
نشر بجريدة الجمهورية الأربعاء 24 يونيو 2014 بصفحة السينما إشراف حسام حافظ

Tuesday 17 June 2014

مهرجانات السينما ودورها فى حياة المصريين



تحقيق أحلام الشباب
 والتواصل بين مختلف الأجيال


" تماثيل رخام على الترعة وأوبرا فى كل قرية عربية"  حلم صلاح جاهين الذى أتذكره كلما ظهر فى الأفق مهرجان للسينما أو مؤتمر للشعر، أو مهرجان للمسرح، وأختلف فى الرأى مع من يرون أن المظاهر الاحتفالية مضيعة للمال وأن هناك أمورا أخرى أولى منها بالإنفاق. فبعد مرور ثلاث سنوات على ثورة 25 يناير شهدنا فى مصر عددا من المهرجانات السينمائية متنوعة ومختلفة وكلها يصب فى صالح فن السينما والسينمائيين العاملين بها والمتذوقين وكل طوائف الشعب .

نهاية يناير عقدت الدورة الثانية  لمهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوربية وكان التحضير له قد بدأ وسط الأحداث التى أدت إلى ثورة 30 يونيو حتى أن اختيار الأفلام المشاركة تم بالتواصل عبر النت عبر برامج الصور الحديثة والمتجددة، استقبل أهل الأقصر المهرجان بالترحاب ودبت الحياة فى عربات الحنطور والبازارات والأماكن السياحية، دعم المهرجان وزارتى السياحة والثقافة قدر المتاح حيث يزداد الإيمان بفائدة مهرجانات للسينما لما تضم من ضيوف من دول أجنبية يدعم وجودهم الإحساس باستقرار الأوضاع فتكون دعوة غير مباشرة للسياحة بالإضافة بالطبع للفائدة من مهرجانات السينما التى تكون أشبه بمؤتمر علمى متخصص عن فنون السينما يستفيد منه صناعها فى مصر وخاصة من الشباب. اهتم المهرجان هذا العام بتقديم بانوراما للسينما المصرية الجديدة لكى يشاهدها المشاركون ويتعرفوا على ثقافة الشعب المصرى عبر وسيط السينما، هذا الفن السابع الذى يوثق دون قصد للعادات والأماكن والأشخاص، ويقرب الشعوب بعضها من بعض. تلاه فى مارس مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية الذى ترسخ مع دورته الثالثة ونضج حتى أن ما ضمه من ورش تعددت بين ورشة للنقد السينمائ وأخرى لتعلم فنون السينما، بالإضافة إلى التركيز على عرض أفلام لإفريقيا اننتماءنا الثانى بعد انتمائنا العربى . وفى يونيو عقدت الدورة السابعة عشر لمهرجان متخصص آخر فى الإسماعيلية المدينة الباسلة مهرجانا يناسب تاريخها النضالى للسينما التسجيلية والقصيرة. حفل هذا العام بالإضافة إلى الأفلام الرائعة من جميع أنحاء العالم على ندوة للإنتاج وعلى برنامج لتطوير المشروعات يتسابق فيه صناع أفلام بمشروعات أفلامهم التى يتم دعمها لتتحول إلى منتج يتسابق فى العام التالى وهكذا يتطور المهرجان ليصبح ليس فقط مكانا للعروض ولكن ساحة لتنمية المشروعات والمساعدة فى إنتاجها. خلاف لهذه المهرجانات الثلاثة الراسخة ظهر فى الأفق مهرجان فى رأس البر رحب به الناقد الكبير سمير فريد وكتب عنه :" كنت وما زلت وسوف أظل من الداعين إلى إقامة مهرجان سينمائى فى كل محافظة مصرية على الأقل" وهذا ما سعى إليه الكاتب والسينارست محمد عبد الحافظ ناصف رئيس اقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد الذى طرح فكرة مهرجان الجيزة كخطوة أولى منه لتفعيل النشاط السينمائي بها، ليكون في المستقبل معلماً من معالم الجيزة لرعاية الموهوبين في مجالات الإبداع السينمائي وجاري تفعيل باقي الخطوات تباعاً في المستقبل القريب بإقامة الدورة الأولى لمهرجان الجيزة للأفلام القصيرة فى الفترة من 13-17 يولية 2014 يتجول بعدها فى محافظات الإقليم.  يكرم المهرجان المخرج على بدرخان الذى قدم عددا من أهم أفلام جيل الوسط للسينمائيين المصريين، وقام ويقوم بدور كبير فى تعليم طلاب السينما فنون الفيلم وتقنياته.ويعرض فى الافتتاح فيلمه القصير" عم عباس المخترع"، يتسابق فى المهرجان تسعة أفلام تسجيلية وثمانية أفلام تحريك، وأربعة عشر فيلما قصيرا تنوعت جهات إنتاجها بين العام  والخاص وكلها لشباب من المبدعين ساعدتهم تقنيات الديجيتال الحديثة فى تحقيق أفلامهم والتوقيع باسمهم على أعمال فنية معبرة عنهم. أتت الأفلام من الإسكندرية ومن أسيوط، من القاهرة والجيزة، يسعد أصحابها أن تعرض أعمالهم وأن يشاهدها كل محبى الفنون الحالمين بتماثيل رخام على الترعة وأوبرا فى كل قرية عربية. مديرة المهرجان هى مديرة قصر ثقافة الجيزة السيدة فاتن التهامى وترأسه كاتبه هذه السطور، تعاونهما ياسمين مكين التى تقوم حاليا بإعداد كتاب المهرجان الذى يضم كافة المعلومات عن الأفلام وعن فعاليات المهرجان.تكونت لجنة التحكيم من السيدة د. رشيدة عبد الرؤوف عميدة المعهد العالى للسينما سابقا وأستاذ الرسوم المتحركة بالمعهد كما تضم صلاح هاشم  المخرج والناقد ومحرر موقع سينما إيزيس والمخرجة عرب لطفى  أستاذ السينما بالجامعة الأمريكية بالقاهرة.


صفاء الليثى القاهرة يونيو 2014 safaaelaisy@hotmail.com

·        نشر بجريدة الشارع المصرى تحرير وليد الشامى
 

Friday 13 June 2014

ندوات مهرجان الإسماعيلية 17


بين التكريم وعرض الكتب وندوات الأفلام

حميمية وانفعال وغضب أحيانا
فى إطار مهرجان الإسماعيلية السينمائى الدولى للأفلام التسجيلية والقصيرة عقدت ندوات هامة ومتنوعة ، لم أتمكن من حضورها جميعا ولكنى أتوقف عند ندوة تكريم على الغزولى شاعر السينما التسجيلية التى قدمها وأدار ندوتها مدير التصوير رئيس المهرجان رئيس المركز القومى للسينما كمال عبد العزيز. قبل الندوة عرض فيلمه الهام " صيد العصارى" عن طفل بحيرة المنزلة الصغير محمد وعائلته من صيادى بحيرة المنزلة. أنتج التلفزيون المصرى " صيد العصارى" عام 1990 وكان السيناريو قد كتبه السيناريست حمدى عبد المقصود وقدم الفيلم برؤية وإخراج وتصوير على الغزولى الذى درس التصوير السينمائى بكلية الفنون التطبيقية وتخرج منها عام 1956 . وهو ما توقف عنده كمال عبد العزيز حيث وجد أن حرص الغزولى على التصوير بنفسه لتكون الصورة معبرة عما يراه تماما من جماليات خاصة بالمكان الفريد. صفق الحضور للفيلم كثيرا وكانوا باقة متنوعة ممن يعرفون الفيلم ولا يملون من إعادة مشاهدته، ومن مثقفى وأهل الإسماعيلية الذين يشاهددون الفيلم للمرة الأولى، شاب اسماعيلى من بين الحضور رسم لوحة بالفحم أثناء تواجده بالاحتفال وقدم اللوحة للغزولى. علق على الفيلم المخرجة نبيهة لطفى زميلة الغزولى وقدمت نفسها بنها لبنانية، كما علق عليه أيضا الناقد نادر عدلى الذى قارن بين الفيلم وبين إنتاجات حديثة لا ترقى لمستواه الفنى البديع. سيطر الحديث عن " صيد العصارى" على الندوة ولم تتطرق إلى مشوار المكرم وأعماله الأخرى وهو ما كان من الممكن تداركه لو اكتفى عبد العزيز بتقديم المكرم وتحيته ثم ترك إدارة الندوة لناقد أو صحفى متخصص فى إدارات الندوات وكان منهم مجدى الطيب وطارق الشناوى ونادر عدلى وأسامة عبد الفتاح وآخرين.

الندوة الثانية كانت ندوة تكريم السيناريست الراحلة نادين شمس والتى كان من المفترض أن تديرها الناقدة ماجدة موريس ولكنها لم تتمكن من الحضور لأنها فى حالة حداد على  وفاة زوجها السيناريست الكبير فايز غالى قبل أيام من المهرجان. قدم حفل التأبين مدير المهرجان محمد حفظى، قدم المخرج تامر عزت صاحب فيلم " مكان اسمه الوطن" الذى كتبت السيناريو له نادين شمس. وقبله عرض فيلم قصير عن الراحلة ومشوارها القصير والثرى فى الكتابة للأفلام القصيرة والطويلة والمشاركة فى ورش كتابة السيناريوهات مع كل من عزة شلبى، ومريم نعوم. حضر التأبين زوج الراحلة  د. نبيل القط الذى ارتفع نحيبه أثناء عرض فيلم نادين، ثم اندمج مع الحضور فى تفاعلهم وضحكهم على طرافة شخصيات " مكان اسمه الوطن" وخاصة ما كان يردده السباعى الذى اكتفى بالعمل لمساعدة والده بعد إخفاقه فى تحقيق حلمه الخاص بتقديم أغاني من ألحانه. طلب الناقد أحمد شوقى منى أن أدير الندوة ورحبت بذلك لمعرفتى بالراحلة وتزاملى معها بالعمل فى مجلة الفن السابع" التى أسسها النجم محمود حميدة وكانت مجلة سينمائية متخصصة رفيعة المستوى رأس تحريرها محمود الكردوسى وتخرج فى مدرستها العديد من النقاد الذين ظهروا على الساحة بعد ذلك. وكانل نادين شمس دور كبير فى تحريرها ومشاركة زملاء لها فى تطويرها. بدأت الندوة بعد الفيلم بالسؤال عن الدور الذى قامت به نادين مع تامر عزت وذكر كيف بدأ دورها معه فى التحضير والمشاركة فى البحث عن شخصيات العمل وامتد إلى حضور التصوير والمونتاج. مدير التصوير شريف هلال أكد على دورها أثناء تصوير الفيلم وبعده. وأكد على روح  الفريق التى سادت العمل الذى أخرجه تامر عزت من إنتاجه عام 2006. لقى الفيلم إعجاب الحضور وطرح سؤال هل القضايا التى يطرحا الفيلم ما زالت مطروحة الآن، وهو ما اختلف حوله الحضور حيث ذكر الناقد نادر عدلى بأن الواقع أصبح أكثر تعقيدا الآن والمشاكل أعمق وأخطر. وخالفه كثير من الحضور إذ أحسوا بأن الفيلم يعبر عم مصر الآن ومازال السؤال  عن معنى الوطن مطروحا بقوة. 
فاتنى للأسف الشديد حضور ندوة عرض كتاب " الواقعية التسجيلية فى السينما العربية الروائية" للناقد صلاح هاشم لتزامنه مع عروض أفلام وأيضا كتاب "حرب أكتوبر فى السينما" للناقد سمير فريد. بعد انتهاء المهرجان وجدت الوقت لقراءة الكتاب ووجدته كعادة كتب سمير فريد موثقا بشكل مثالى بذكر تاريخ نشر كل مقال فى حينه ومكان النشر، وبإضافة المقدمات المتتالية للطبعة السابقة للكتاب ولطبعته الثانية. ما استوقنى بوضوح  لغة الكاتب والتى كانت معبرة عن لغة الخطاب السائد فى السبعينيات . ومن هذه الفقرات " نريد أفلاما سياسية نرد بها على الصهيونية ونوضح وجهة النظر العربية فى الحرب والسلام"، وتعليقه على الفيلم الإسرائيلى الذى شاهده فى مهرجان كان: " والفيلم الإسرائيلى الصهيونى واضح من عنوانه، وهو حتى لا يقول " الأرض الموعودة " وانما " الأراضى الموعودة"  ومثل كل فيلم فاشلى يمتلئ بالأكاذيب والمغالطات والغباء والبلادة على العكس تماما مما يقول روسلينى . الذى وصف الفيلم فى موقع آخر من المقال ، قال روسيليينى:" استخدمت سونتاج الحرب الإسرائيلية العربية كمثل للشرط الإنسانى ، واستطاعت أن تصنع فيلما قويا واضحا ذكيا، إنه لا يشبه أى فيلم شاهدته من قبل" وهو ما أغضب سمير فريد ويعبر عن أسفه لرأى المخرج الإيطالى الكبير الذى فتحنا له صدورنا.

لم أجد فى محتوى كتاب الناقد صلاح هاشم  صدى لعنوانه حيث اكتفى بتجميع مقالات سابقة فى موضوعات مختلفة دون أن تنجح مقدمته فى توضيح الرابط بينها أو بيان علاقتها بالعنوان. كما لم يكتب تاريخ نشرها السابق ولا موقعه. ومع ذلك فهى فائدة مهمة للتعرف على كتابات الناقد والوقوف على مدى تنوعها واتساع رؤيتها. استفدت كثيرا من مقال بعنوان " من يصنع سينما الغد فى مصر؟ سينما الشباب تتألق فى مهرجان مونبيليه السينمائى. وغيرها من المقالات الهامة.

 للأسف فاتتنى ندوة تكريم المخرج السورى الكبير محمد ملص الذى لم يحصل على تصريح بدخول مصر مما أغضب السينمائيين الحاضرين وجعلهم يصدرون بيانا لإدانة هذا المنع الذى حرمه من القيام بمهامه رئيسا للجنة تحكيم الأفلام التسجيلية لامهرجان، وحرم عشاق فنه من الالتقاء به والاستماع إلى آرائه الهامة حول فن السينما. وهو صاحب مقولة أن " السينما هى الوطن" .

افتقدنا هذا العام مناقشة عدد كبير من الأفلام الهامة لعدم حضور أصحابها ، اشتقت كثيرا للقاء مخرج تحفة المهرجان " رعى السماء" كما افتقدت مخرجى أفلام" بخصوص العنف" و" أعمال خطرة" وغيرها من أفلام قصيرة وأفلام تحريك تميزت فنيا وكانت المتعة ستكتمل بحضور أصحابها. وخاصة فيلم " جوانا الحاصل على أفضل فيلم قصير من اللجنة التى ضمت النافد هوفيك حبشتيان ورأستها المنتجة ماريان خورى.

أما الندوة التى كانت ثرية بحق فكانت ندوة فيلم " عن يهود مصر نهاية رحلة" بحضور السيدة ماجدة هارون شخصية العمل ومخرجه أميررمسيس التى عكست حميمية متبادلة بين الحضور وبين فريق الفيلم، بدأت المخرجة عرب لطفى تعليقها بالترحيب بالفيلم وأثنت على منهج أمير رمسيس فى تبنى وجهة نظر ماجدة هارون فى الفيلم، وتمنى الحضور أن تتمكن ماجدة هارون من فتح الآثار اليهودية وأن تضم إلى التراث المصرى مثل التراث الإسلامى والمسيحى. كان من المنطقى طرح مقارنة بين الجزأ الأول من الفيلم وجزأه الثانى، وعبر من شاهد العملين على أن تبنى المخرج أمير رمسيس لوجهة نظر ماجدة هارون أكسبه حميمية وأضاف أبعادا درامية إليه، على خلاف الفيلم الأول الذى حفل بالمعلومات وتشعب إلى مقابلات مع يهود مصريين متنوعى المشارب. حفز نهاية رحلة الحضور على الرغبة فى مشاهدة العمل الأول، وتوقع الكثيرين أن يحصل الفيلم على جائزة كبرى بالمهرجان، ولكن لكل لجنة تحكيم رؤيتها فخرج الفيلم من جوائزها ولو كان المهرجان  أجرى جائزة للجمهور لحصل عليها " عن يهود مصر / نهاية رحلة" بلا منازع. ومن الندوات الهامة أيضا ندوة مجموعة أفلام تسجيلية قصيرة " زيلا تروفيك الأسبانى، الزيارة البولندى، زينوس الدنمرك، حراس البستان، والمصرى أم أميرة" التى أدارها الناقد الشاب محمد عاطف واحتلت فيها مناقشة  فيلم "حراس البستان"  فى صحراء سانت كاترين جانبا كبيرا، المخرجة الأيرلندية لحقت المهرجان من منتصفه وكانت من أكثر الشخصيات تفاعلا مع أفلام المهرجان ومع المشاركين به. وحظى فيلم أم أميرة باحترام وإعجاب الحضور وقدم المخرج نجى اسماعيل شخصيته المكافحة أم أميرة التى صفق لها الحضور طويلا احتراما وتقديرا. ناجى دعاها على عشاء فاخر بعد فوز فيلمه بجائزة منظمة " آكت" للأفلام التى تعبر عن قضايا المرأة.

أما ندوة فيلم "أرق " التى أدارها الناقد محمد الروبى الذى بدأها بمقدمة طويلة أشاد فيها بالفيلم ومخرجته وهو ما استفز عددا من الحضور الذين لم يتجاوبوا مع الفيلم ووجدوا به إطالة فى غير محلها. فكانت الأكثر سخونة بين ندوات المهرجان مما جعلنى أسمع عن صداها رغم أننى لم أحضرها  - لأنه كان على اللحاق بندوة نادين شمس التى دعيت إلى إدارتها- واكتفيت بحضور الفيلم الذى أجده فيلما هاما فى موضوعه عابه ضعف البناء ولإطالة وسأعود إليه وإلى أفلام أخرى تفصيلا فى مقال آخر..... يتبع.

Wednesday 11 June 2014

تساؤلات حول الدورة 17 لمهرجان الإسماعيلية



تساؤلات حول الدورة 17 لمهرجان الإسماعيلية
بين فيلم الافتتاح لمهرجان الإسماعيلية " عن يهود مصر نهاية رحلة" لمخرجه المصرى أمير رمسيس وبين آخر فيلم شاهدته بالمهرجان " رعى السماء" عن فنانى السيرك وجدتنى وقد خرجت بحصيلة كبيرة من المتعة الفنية ومن التفاعل مع من يحضرون العروض من المشاركين بالمهرجان، كنت انتويت أن أسعد وأن أصبر على أى متاعب قد تظهر فى الأفق. متفهمة الجهد الكبير للقائمين على المهرجان من داخل المركز القومى للسينما ومن خارجه.

شعب المهرجان فين؟
 

كتبت سابقا عن دورات مختلفة للمهرجان سواء برئاسة الناقد على أبو شادى ومعه الكبير صلاح مرعى، أو مع دورته برئاسة مجدى أحمد على ومعه الناقد الكبير –قامة- أمير العمرى، ركزت فى الرسائل على دور المشاركين ممن أسميتهم شعب المهرجان، وبدون حضورهم للعروض ومشاركتهم فى النقاش مع صناع الأفلام يضيع جهد شهور طوال فى جلب الأفلام وفى اختيارها، وفى تصنيفها وجدولتها، فما بال هذا الشعب وقد تقلص عددا وتغيرت نوعيته فى هذه الدورة السابعة عشر  برئاسة كمال عبد العزيز وإدارة فنية للمنتج محمد حفظى وإدارة إدارية لوائل ممدوح. شعب مهرجان الإسماعيلية راح فين؟ أين هؤلاء المهووسين بالسينما التسجيلية، المثابرين على العروض من الصباح الباكر وحتى منتصف الليل؟ فى هذه الدورة تحديدا اختلفت نوعية المشاركين سواء من المصريين والعرب أو من الضيوف الأجانب الذين فضلوا التمتع بالسهرات، وبالعوم فى حمام سباحة الفندق، أو البقاء فى الغرف ومشاهدة برامج التلفزيون وحفلات إعلان فوز الرئيس المنتخب وحفلات تنصيب الرئيس الجديد. وبقيت قلة قليلة مثابرة حرصت على المتابعة ولم يفوتها فيلم إلا عندما يتقاطع مع فعالية أخرى من المهم حضورها.

من هؤلاء المثابرين هذا العام المخرج التسجيلى الكبير على الغزولى الذى كرمه المهرجان فى برنامج من أجمل برامج التكريم حيث عرض فيلمه الأشهر " صيد العصارى" وأقيمت ندوة أدارها – احتراما وتقديرا- مدير التصوير رئيس المهرجان كمال عبد العزيز بنفسه وحضرها عدد كبير من النقاد والصحفيين ومن جمهور شعب الإسماعيلية . ندوات التكريم تبدأ فى التاسعة بعد انتهاء العرض الأخير لأفلام المسابقة وكان هذا موعدا مناسبا حيث لا يتقاطع مع نشاط آخر مثلما حدث مع ندوات نوعية أخرى مثل ندوتى مناقشة كتابى المهرجان كتاب " حرب اكتوبر في السينما " لسمير فريد وكتاب " الواقعية التسجيلية في السينما العربية الروائية لصلاح هاشم، - وسيكون لهما عرض تفصيلى لاحقا-ومثل ندوة عن السينما الحرة على الغزولى يحضر العروض والندوات والسهرات دون أن تعوقه أعوامه التى تقترب من الثمانين عن الاستمتاع والاستفادة من فن الفيلم التسجيلى الذى أمضى جل حياته له. ومن التفاعل مع زملاء العمر والمهنة المخرج الكبير هاشم النحاس والمخرجة الكبيرة نبيهة لطفى.

هل الجوائز لمن يحتاجها أم لمن يستحقها؟

تفاعل الجمهور المختلف والأكبر عددا مع فيلم " عن يهود مصر نهاية رحلة" لعرضه فى الافتتاح حيث تمتلئ القاعة بضيوف المحافظ وموظفى القصر الذى فاتهم تخصيص مقعدين لمخرج فيلم الافتتاح والسيدة زوجته، ما زلنا نعتقد بأن من يشغل منصبا رسميا فى الحكومة هو الأهم وهو وحده الجدير بالاحترام. وكان أمرا مستهجنا أن يتجمع الصحفيون والمصورون لتصوير وزير الثقافة والمحافظ حتى تأخر عرض الفيلم ليبدأ فى العاشرة مساء بعد ساعتين ضاعتا فى تهافت الصحافة وفى كلمات الافتتاح التى طالت وتفرعت إلى الشأن السياسى. وبعد ساعتين تنفسنا الصعداء نحن صناع الأفلام ومريديها المشتاقين لفيلم شاهدنا جزأه الأول وتوقعنا النجاح للثانى الذى تخطى توقعاتنا وأبكانا مع المناضلة ماجدة هارون وتعاطفنا مع حلمها النبيل فى ضم التراث اليهودى إلى التراث المصرى مثلما حدث مع التراث الإسلامى والمسيحى.  وحين خرج من الجوائز حزن الكثيرون منا لأنه استحق جائزة كبرى من المهرجان، ولكنها دائما حال الجوائز لأنها محدودة العدد والأفلام التى تستحق كثيرة ومتنوعة، على الأرجح مالت  لجنة تحكيم الأفلام التسجيلية فى منح جوائزها لمن يحتاجها أقرب من منحها لمن يستحقها، ففى فرع الفيلم التسجيلى الطويل وحده تنافست أفلام هامة موضوعا ومتميزة فنيا منها " بخصوص العنف" عن عنف المقاومة المسلحة المناهض لعنف المستعمر البرتغالى فى أفريقيا، وفيلم " أعمال خطرة" عن بطولة العناصر غير المستقرة فى روسيا البيضاء، والتحفة الفنية " رعى السماء " الذى يقدم فى إطار شديد الفنية والجمال بورتيرهات متضافرة عن فنانى الترابيز والسيرك وإظهار كيف تغلبوا على الجاذبية الأرضية وحققوا حلمهم بالطيران ، الفيلم يحقق الكمال لشخصياته كما نجح صناعه فى تحقيق كمال فنى فى عمل رفيع استحق جائزة لجنة تحكيم جمعية نقاد السينما المصريين المكونة من أحمد حسونة  وأسامة عبد الفتاح وحسام حافظ. كما نافس فى قسم التسجيلى الطويل الأردنى " حبيبى بيستنانى عند البحر" الذى قدمت فيه مخرجته ميس دروزه رؤية ذاتية عن القضية الفلسطينية ممتزجة بأشعار صديقها الراحل حسن ورسوماته الفريدة. استحق الفيلم جائزة لجنة التحكيم الرسمية التى شاركت فيها المخرجة الشابة هالة لطفى وهى اللجنة التى منحت فيلم " موج" لأحمد نور عن الثورة فى السويس تحديدا جائزة أفضل فيلم تسجيلى فى دورة الإسماعيلية 17.  

ارتكب المدير الفنى للمهرجان المنتج محمد حفظى غلطة لم يحسب حسابها بمنع الصحفيين من حضور حفل السهرة المقام بحديقة فندق ميركير على شاطئ بحيرة التمساح، مما دعاهم إلى الغضب وإلى التركيز والمبالغة على عيوب وأخطاء نشروها فيما يشبه التقرير. لا يمتلك حفظى حصافة على أبو شادى الذى اعتاد تدليل الصحفيين ودعوتهم جميعا، والعمل على إرضائهم بما امتلكه دائما من لباقة ومن دعم كبير من وزير الثقافة ومن محافظ الإسماعيلية، بالإضافة إلى حرصه على المساواة بين الجميع فى الإقامة بالقرية الأوليمبية فى غرف مزدوجة مهما كانت مكانة الضيف. يتساوى توفيق صالح مع مخرج يقدم فيلما للمرة الأولى، ويتساوى ناقد كبير مع صحفى يكتب تقريرا من عدة أسطر فى جريدة لا يقرأها أحد. ويبقى مهرجان الإسماعيلية الأكثر حميمية والأفضل تنظيما –حتى الآن- من بين المهرجانات التى تقام على أرض مصر مهما تغيرت الإدارات. وأشهد أننى سعدت وأشرف بالمشاركة فى فعالياته وحضورها مع كل الرئاسات .
  كتبته صفاء الليثى 
ونشر بموقع سينما إيزيس تحرير الناقد صلاح هاشم الثلاثاء 10 يونيو 2014