بين التكريم وعرض الكتب
وندوات الأفلام
حميمية وانفعال وغضب
أحيانا
فى إطار مهرجان الإسماعيلية السينمائى الدولى للأفلام
التسجيلية والقصيرة عقدت ندوات هامة ومتنوعة ، لم أتمكن من حضورها جميعا ولكنى
أتوقف عند ندوة تكريم على الغزولى شاعر السينما التسجيلية التى قدمها وأدار ندوتها
مدير التصوير رئيس المهرجان رئيس المركز القومى للسينما كمال عبد العزيز. قبل
الندوة عرض فيلمه الهام " صيد العصارى" عن طفل بحيرة المنزلة الصغير
محمد وعائلته من صيادى بحيرة المنزلة. أنتج التلفزيون المصرى " صيد العصارى"
عام 1990 وكان السيناريو قد كتبه السيناريست حمدى عبد المقصود وقدم الفيلم برؤية
وإخراج وتصوير على الغزولى الذى درس التصوير السينمائى بكلية الفنون التطبيقية
وتخرج منها عام 1956 . وهو ما توقف عنده كمال عبد العزيز حيث وجد أن حرص الغزولى
على التصوير بنفسه لتكون الصورة معبرة عما يراه تماما من جماليات خاصة بالمكان
الفريد. صفق الحضور للفيلم كثيرا وكانوا باقة متنوعة ممن يعرفون الفيلم ولا يملون
من إعادة مشاهدته، ومن مثقفى وأهل الإسماعيلية الذين يشاهددون الفيلم للمرة
الأولى، شاب اسماعيلى من بين الحضور رسم لوحة بالفحم أثناء تواجده بالاحتفال وقدم
اللوحة للغزولى. علق على الفيلم المخرجة نبيهة لطفى زميلة الغزولى وقدمت نفسها
بنها لبنانية، كما علق عليه أيضا الناقد نادر عدلى الذى قارن بين الفيلم وبين
إنتاجات حديثة لا ترقى لمستواه الفنى البديع. سيطر الحديث عن " صيد
العصارى" على الندوة ولم تتطرق إلى مشوار المكرم وأعماله الأخرى وهو ما كان
من الممكن تداركه لو اكتفى عبد العزيز بتقديم المكرم وتحيته ثم ترك إدارة الندوة
لناقد أو صحفى متخصص فى إدارات الندوات وكان منهم مجدى الطيب وطارق الشناوى ونادر
عدلى وأسامة عبد الفتاح وآخرين.
الندوة الثانية كانت ندوة تكريم السيناريست الراحلة
نادين شمس والتى كان من المفترض أن تديرها الناقدة ماجدة موريس ولكنها لم تتمكن من
الحضور لأنها فى حالة حداد على وفاة زوجها
السيناريست الكبير فايز غالى قبل أيام من المهرجان. قدم حفل التأبين مدير المهرجان
محمد حفظى، قدم المخرج تامر عزت صاحب فيلم " مكان اسمه الوطن" الذى كتبت
السيناريو له نادين شمس. وقبله عرض فيلم قصير عن الراحلة ومشوارها القصير والثرى
فى الكتابة للأفلام القصيرة والطويلة والمشاركة فى ورش كتابة السيناريوهات مع كل
من عزة شلبى، ومريم نعوم. حضر التأبين زوج الراحلة د. نبيل القط الذى ارتفع نحيبه أثناء عرض فيلم
نادين، ثم اندمج مع الحضور فى تفاعلهم وضحكهم على طرافة شخصيات " مكان اسمه
الوطن" وخاصة ما كان يردده السباعى الذى اكتفى بالعمل لمساعدة والده بعد إخفاقه
فى تحقيق حلمه الخاص بتقديم أغاني من ألحانه. طلب الناقد أحمد شوقى منى أن أدير
الندوة ورحبت بذلك لمعرفتى بالراحلة وتزاملى معها بالعمل فى مجلة الفن
السابع" التى أسسها النجم محمود حميدة وكانت مجلة سينمائية متخصصة رفيعة
المستوى رأس تحريرها محمود الكردوسى وتخرج فى مدرستها العديد من النقاد الذين
ظهروا على الساحة بعد ذلك. وكانل نادين شمس دور كبير فى تحريرها ومشاركة زملاء لها
فى تطويرها. بدأت الندوة بعد الفيلم بالسؤال عن الدور الذى قامت به نادين مع تامر
عزت وذكر كيف بدأ دورها معه فى التحضير والمشاركة فى البحث عن شخصيات العمل وامتد
إلى حضور التصوير والمونتاج. مدير التصوير شريف هلال أكد على دورها أثناء تصوير
الفيلم وبعده. وأكد على روح الفريق التى
سادت العمل الذى أخرجه تامر عزت من إنتاجه عام 2006. لقى الفيلم إعجاب الحضور وطرح
سؤال هل القضايا التى يطرحا الفيلم ما زالت مطروحة الآن، وهو ما اختلف حوله الحضور
حيث ذكر الناقد نادر عدلى بأن الواقع أصبح أكثر تعقيدا الآن والمشاكل أعمق وأخطر.
وخالفه كثير من الحضور إذ أحسوا بأن الفيلم يعبر عم مصر الآن ومازال السؤال عن معنى الوطن مطروحا بقوة.
فاتنى للأسف الشديد حضور ندوة عرض كتاب " الواقعية
التسجيلية فى السينما العربية الروائية" للناقد صلاح هاشم لتزامنه مع عروض
أفلام وأيضا كتاب "حرب أكتوبر فى السينما" للناقد سمير فريد. بعد انتهاء
المهرجان وجدت الوقت لقراءة الكتاب ووجدته كعادة كتب سمير فريد موثقا بشكل مثالى
بذكر تاريخ نشر كل مقال فى حينه ومكان النشر، وبإضافة المقدمات المتتالية للطبعة
السابقة للكتاب ولطبعته الثانية. ما استوقنى بوضوح لغة الكاتب والتى كانت معبرة عن لغة الخطاب
السائد فى السبعينيات . ومن هذه الفقرات " نريد أفلاما سياسية نرد بها على
الصهيونية ونوضح وجهة النظر العربية فى الحرب والسلام"، وتعليقه على الفيلم
الإسرائيلى الذى شاهده فى مهرجان كان: " والفيلم الإسرائيلى الصهيونى واضح من
عنوانه، وهو حتى لا يقول " الأرض الموعودة " وانما " الأراضى
الموعودة" ومثل كل فيلم فاشلى يمتلئ
بالأكاذيب والمغالطات والغباء والبلادة على العكس تماما مما يقول روسلينى . الذى
وصف الفيلم فى موقع آخر من المقال ، قال روسيليينى:" استخدمت سونتاج الحرب
الإسرائيلية العربية كمثل للشرط الإنسانى ، واستطاعت أن تصنع فيلما قويا واضحا
ذكيا، إنه لا يشبه أى فيلم شاهدته من قبل" وهو ما أغضب سمير فريد ويعبر عن
أسفه لرأى المخرج الإيطالى الكبير الذى فتحنا له صدورنا.
لم أجد فى محتوى كتاب الناقد صلاح هاشم صدى لعنوانه حيث اكتفى بتجميع مقالات سابقة فى
موضوعات مختلفة دون أن تنجح مقدمته فى توضيح الرابط بينها أو بيان علاقتها
بالعنوان. كما لم يكتب تاريخ نشرها السابق ولا موقعه. ومع ذلك فهى فائدة مهمة
للتعرف على كتابات الناقد والوقوف على مدى تنوعها واتساع رؤيتها. استفدت كثيرا من
مقال بعنوان " من يصنع سينما الغد فى مصر؟ سينما الشباب تتألق فى مهرجان
مونبيليه السينمائى. وغيرها من المقالات الهامة.
للأسف فاتتنى
ندوة تكريم المخرج السورى الكبير محمد ملص الذى لم يحصل على تصريح بدخول مصر مما
أغضب السينمائيين الحاضرين وجعلهم يصدرون بيانا لإدانة هذا المنع الذى حرمه من
القيام بمهامه رئيسا للجنة تحكيم الأفلام التسجيلية لامهرجان، وحرم عشاق فنه من
الالتقاء به والاستماع إلى آرائه الهامة حول فن السينما. وهو صاحب مقولة أن "
السينما هى الوطن" .
افتقدنا هذا العام مناقشة عدد كبير من الأفلام الهامة
لعدم حضور أصحابها ، اشتقت كثيرا للقاء مخرج تحفة المهرجان " رعى
السماء" كما افتقدت مخرجى أفلام" بخصوص العنف" و" أعمال خطرة"
وغيرها من أفلام قصيرة وأفلام تحريك تميزت فنيا وكانت المتعة ستكتمل بحضور
أصحابها. وخاصة فيلم " جوانا الحاصل على أفضل فيلم قصير من اللجنة التى ضمت
النافد هوفيك حبشتيان ورأستها المنتجة ماريان خورى.
أما الندوة التى كانت ثرية بحق فكانت ندوة فيلم "
عن يهود مصر نهاية رحلة" بحضور السيدة ماجدة هارون شخصية العمل ومخرجه
أميررمسيس التى عكست حميمية متبادلة بين الحضور وبين فريق الفيلم، بدأت المخرجة
عرب لطفى تعليقها بالترحيب بالفيلم وأثنت على منهج أمير رمسيس فى تبنى وجهة نظر
ماجدة هارون فى الفيلم، وتمنى الحضور أن تتمكن ماجدة هارون من فتح الآثار اليهودية
وأن تضم إلى التراث المصرى مثل التراث الإسلامى والمسيحى. كان من المنطقى طرح مقارنة
بين الجزأ الأول من الفيلم وجزأه الثانى، وعبر من شاهد العملين على أن تبنى المخرج
أمير رمسيس لوجهة نظر ماجدة هارون أكسبه حميمية وأضاف أبعادا درامية إليه، على
خلاف الفيلم الأول الذى حفل بالمعلومات وتشعب إلى مقابلات مع يهود مصريين متنوعى
المشارب. حفز نهاية رحلة الحضور على الرغبة فى مشاهدة العمل الأول، وتوقع الكثيرين
أن يحصل الفيلم على جائزة كبرى بالمهرجان، ولكن لكل لجنة تحكيم رؤيتها فخرج الفيلم
من جوائزها ولو كان المهرجان أجرى جائزة
للجمهور لحصل عليها " عن يهود مصر / نهاية رحلة" بلا منازع. ومن الندوات
الهامة أيضا ندوة مجموعة أفلام تسجيلية قصيرة " زيلا تروفيك الأسبانى،
الزيارة البولندى، زينوس الدنمرك، حراس البستان، والمصرى أم أميرة" التى
أدارها الناقد الشاب محمد عاطف واحتلت فيها مناقشة فيلم "حراس البستان" فى صحراء سانت كاترين جانبا كبيرا، المخرجة
الأيرلندية لحقت المهرجان من منتصفه وكانت من أكثر الشخصيات تفاعلا مع أفلام
المهرجان ومع المشاركين به. وحظى فيلم أم أميرة باحترام وإعجاب الحضور وقدم المخرج
نجى اسماعيل شخصيته المكافحة أم أميرة التى صفق لها الحضور طويلا احتراما وتقديرا.
ناجى دعاها على عشاء فاخر بعد فوز فيلمه بجائزة منظمة " آكت" للأفلام
التى تعبر عن قضايا المرأة.
أما ندوة فيلم "أرق " التى أدارها الناقد محمد
الروبى الذى بدأها بمقدمة طويلة أشاد فيها بالفيلم ومخرجته وهو ما استفز عددا من
الحضور الذين لم يتجاوبوا مع الفيلم ووجدوا به إطالة فى غير محلها. فكانت الأكثر
سخونة بين ندوات المهرجان مما جعلنى أسمع عن صداها رغم أننى لم أحضرها - لأنه كان على اللحاق بندوة نادين شمس التى
دعيت إلى إدارتها- واكتفيت بحضور الفيلم الذى أجده فيلما هاما فى موضوعه عابه ضعف
البناء ولإطالة وسأعود إليه وإلى أفلام أخرى تفصيلا فى مقال آخر..... يتبع.
No comments:
Post a Comment