Saturday 29 May 2010

بحث :هل انتهى دور المونتير؟

هل انتهى دور المونتير؟

شهادة من موقع تجربة التحول من الموفيولا إلى الكومبيوتر

صفاء الليثى

منذ أكثر من عشر سنوات حضر مندوب لشركة (أفيد) لتسويق أجهزة المونتاج المعروفة بهذا الاسم. نظمت شركة الاستوديوهات (وهى الشركة الحكومية) محاضرة دعت إليها العاملين فى مجمع المونتاج ومركز الصوت، كان على رأسهم المونتير الكبير حسين عفيفى، ومهندس الصوت مجدى كامل القريب من كبار المخرجين ومثقفيهم وكان مديرا لمركز الصوت وقتها. لم ينجح المونتير الأمريكى فى إقناع الحضور بضرورة ترك الموفيولا ومعدات الصوت التقليدية وتجريب الوسائل الحديثة. كان المصريون منفعلين بشدة وهم متخوفون من الإقدام على التعامل مع أنظمة لا تعمل ميكانيكيا وتتطلب قدرا من الإلمام بعلوم الكومبيوتر، وهو أمر بعيد عليهم وخاصة أن غالبيتهم من كبار السن ولم يتعاملوا حتى مع الكومبيوتر الشخصى، فما بالك بكومبيوتر للمونتاج والصوت؟ لم تستورد شركة الاستوديوهات تلك المعدات، ومرت أيام لنجد شركات خاصة قد اقتنعت، وتعاقدت وقامت باختيار شباب وشابات من خريجى معهد السينما –غالبا- ومن المتعاملين مع الكومبيوتر ودربتهم وكونت منهم أقساما لمونتاج غير خطى بدأ فى اجتذاب فنانى الإعلانات والكليبات. وتدريجيا تمت إزاحة الموفيولا وملحقاتها من أجهزة تزامن ومن ماكينات صوت تدار بالتروس ويستخدم معها الأفلام 35 مللى المثقبة. قام كريم جمال الدين بتحويل فيلا لحسن فتحى بالدقى إلى استوديو حديث عمل به أوائل خريجى المونتاج والصوت منهم منى ربيع وداليا الناصر. وكما استوديو مصر ومؤسسة طلعت حرب تم تكوين هذه الوحدة التى تكررت بوحدات أخرى ومع أنظمة أخرى غير خطية. ولم يعد أحد يلجأ لكبار المونتيرين العاملين على الموفيولا. ودون أن يمر المونتير بمراحل كان لابد منها لكى يثق فيه منتج لإسناد مونتاج فيلم روائى طويل له، لم يعد ضروريا أن يتدرج المونتير فى عمله من مركب للفيلم، مساعد مونتاج ثان، ومساعد أول ثم مونتير مساعد ثم مونتير. بل أصبح الواحد منهم يقوم بتشغيل المعدة-أوبيريتور- والقيام بالعمل الفنى أيضا. كان من أوائل الأفلام التى نفذت على هذا النوع من الأجهزة فيلم "هيستيريا" لعادل أديب من مونتاج زميلة دفعته بمعهد السينما منى ربيع، وعندما لم ينجح الفيلم جماهيريا وجد المونتيرون التقليديون فرصتهم للهجوم على التطور التقنى ونسب فشل الفيلم بالكامل للمونتيرة الصاعدة ولمونتاج الكومبيوتر- كما يطلق عليه شعبيا- وقيل إن المنتجة ناهد فريد شوقى أتت لمجمع المونتاج وقالت إنها ستُقبل سلالمه وتدعو لمونتيرى الموفيولا بطول العمر وتعتذر لهم عن خطيئتها فى الثقة بالجهاز المزعوم. وقتها وجدت نفسى أكتب دفاعا عن المونتاج والمونتيرة بما يفيد أنه لا يمكن أن يكون المونتاج وحده هو المسئول عن مشاكل الفيلم. لم أكن قد مارست النقد ولم ينشر لى مقال فى السينما –باستثناء أبحاثى كطالبة- وعندما قرأت هالة خليل ما كتبت، طلبت منى البدء بفقرة كانت تلى البداية، أى أنها قامت بعمل مونتاج لمقالى، وقرأه أيضا الزميل سيد سعيد ونصحنى بعرضه على مجلة الفن السابع، تلقاه أسامة عبد الفتاح مدير التحرير وقتها وكان العدد فى مراحله الأخيرة من اقتراب الطبع، ومع ذلك رحب بالمقال ووجده مناسبا لطرق الحديد وهو ساخن حول أزمة فيلم "هيستريا". وتوالت مقالاتى التى ارتبطت بالمونتاج فى البداية، ثم تطرقت لموضوعات أخرى متنوعة وإن ظلت أقرب للتحليل المهنى من النقد العام.[1]

عفوا للإطالة فى هذه الجزئية ولكنى رغبت فى توضيح كيف انقسم العاملون بالمونتاج لمعسكرين، أحدهما يرتبط بالموفيولا ونجوم العاملين عليها، والآخر يحارب بضراوة مع فريق من جيلهم للتواجد فى السوق، وانتهت المعركة بإزاحة المونتير القدير- التقليدى - الذى يعمل على الموفيولا ومعه مهندس الصوت بمعداته التقليدية، ليحل محلهم مونتيرون ومهندسو صوت متحمسون للوسائل الحديثة ويبذلون الجهد لكى يظهر فنهم بدرجة لا تقل عن تمكنهم من المعدة الحديثة.

حميمية الرواد وحميمية الشباب

فى حوارات أجريتها مع أكثر من مونتير قدير أخبرنى كل واحد منهم أنه يشعر بحميمية مع ذراع الموفيولا، ومع شريط الفيلم وهو يتحسسه فيشعر بملمسه أثناء العمل. هكذا قال سعيد الشيخ وكمال أبو العلا ونادية شكرى، وفى المقابل قال تامر عزت وهو من أوائل من عملوا على أجهزة الكومبيوتر أنه يشعر بنفس الحميمية مع الماوس والكى بورد- الفأرة ولوحة المفاتيح- وكذلك سمعتها من العديد من شباب المونتاج. عموما أصبح كل هذا فى ذمة التاريخ فعدد من المونتيرين الكبار الذين كونوا خبرتهم فى العمل على الموفيولا اضطروا لتعلم المونتاج غير المتتالى ومارسوه بجدارة. ولكن يبقى الخلاف قائما بين تقسيم العمل الذى كان له قواعد راسخة اختلفت الآن وتوزعت مهام كانت من صميم مسئولية فريق المونتاج فى الفيلم وأسندت إلى فريق الصوت، وتم سحب المقدمة الإعلانية من مساعد المونتير والتى كانت بمثابة حقل تجارب لكى يصبح مونتيرا يثق به المنتج، وأصبح يقوم بها أحد فريق الإخراج أو الإنتاج، وأصبح التتر يسبق بكلمة تصميم، فيكتب تصميم المقدمة، كما أصبحت شرائط الصوت مصحوبة كذلك بنفس الكلمة تصميم الصوت، وهى ترجمات لتترات الأفلام الأجنبية ولا تعبر عن تحول نوعى فى مفهوم المقدمة أو شريط الصوت بل ظلا كما هما بنفس المفهوم مع اختلاف المسمى فقط.

تختلف نوعيات المونتيرين سواء كان العمل على أجهزة قديمة أو حديثة، فهناك الحرفى الذى يركز فى إجادة حرفته ويقوم بتنفيذ تعليمات المخرج حرفيا دون تدخل فى الرؤية، والمونتير الخلاق الذى يشارك فى الرؤية الفنية ويقدم مساندة حقيقية للمخرج تضيف للعمل ويتحقق منه أعلى مستوى فنى كان السيناريو المبدئى يطمح إليه، ويصل برؤية المخرج وإيقاع فيلمه إلى أعلى مستوى ممكن يتم فيه تلافى عيوب التصوير والتعامل مع أخطاء التنفيذ بشكل يقلبها إلى أسلوبية مقصودة. المونتير المخرج كما يطلق عليه فى بعض الدوائر يفكر فى المادة المصورة وكأنه يعيد إخراجها، يثق فى أن قرار القطع النهائى فى يده هو بخبرته وحساسيته. يقوم بما يمليه عليه إحساسه باللقطة وبدورها، يفكر بما يخدم مضمون ودور المشهد فى البناء العام للفيلم، يقوم باقتراح حذف مشاهد، أو تدعيم مشاهد أخرى لصالح العمل, وكما فى كل المهن الأخرى حيث يعمل الحرفيون وينتشرون، بينما يبقى الفنانون بلا عمل، فإن هؤلاء المونتيرين التقليديين تراجع الطلب عليهم لأنهم يختلفون مع المخرجين والمنتجين، يصرون على رأيهم ولا يتنازلون،. ومع ذلك فهم الذين يمنحون المهنة وزنها الكبير، وهم الذين يؤكدون دورها الهام جدا فى إنجاح الفيلم، ليس فنيا فقط ولكن تجاريا أيضا. المونتير الذى يفكر مع المخرج يضع المتلقى فى حساباته أثناء القطع، وأثناء اختيار الكادرات، عند التعامل مع الحوار والموسيقى، يفكر "هنا سيحبس الجمهور أنفاسه، هنا سيضحك، هنا ستجرى دموعه, هنا سيصرخ من الغيظ، أو سيصفق إعجابا بموقف بطولى!". عفوا، هل هذا المونتير موجود الآن؟ هل لدينا سعيد الشيخ ورشيدة عبد السلام، كمال أبو العلا، نادية شكرى وحسين عفيفى. هل لدينا عادل منير وأحمد متولى؟ للأسف اختلف دور المونتير وتقلصت مساحة مساهمته فى الفيلم، وأسند جانب من شريط الصوت لمهندس الصوت، وأصبحت المقدمة مسئولية الإنتاج أو مساعد الإخراج بعد أن كانت بمثابة مدرسة يتعلم فيها مساعد المونتير حرفته وفنه قبل القيام بمونتاج فيلم روائى طويل. المونتير الآن يسلم فقط الفيلم بالحوار والموسيقى وتترك بقية الأعمال المكملة لآخرين، هل هى إعادة تقسيم للأدوار تطلبها التمكن من الآلة الجديدة؟ قد يكون هذا أفضل على مستوى الجودة التقنية للصوت، ولكن يجب أن يراجع مونتير قدير كل ما تم عمله، وأن يبدى ملاحظاته لكى يكون هناك مسئول واحد عن أسلوبية الفيلم وتكامل عناصره.

واحد من التقاليد التى لم يعد يلقى لها بال، تقليد عرض نسخة العمل فى نفس شروط العرض النهائى، على شاشة كبيرة وبحضور عدد كبير من المشاهدين. الآن المجد للعرض الخاص بعد انتهاء الفيلم تماما. بالطبع هناك عروض تجريبية قبل انتهاء الفيلم، ولكنها تبقى على نطاق ضيق بين الأصدقاء، وتتم بعرض نسخة VHS على كومبيوتر أو مونيتور صغير. فى جلسة مع أصدقاء مقربين، أما العرض على شاشة كبيرة، واختبار سماعات الصوت وبشروط العرض النهائى، فقد أصبح نادر الحدوث، وفى طى النسيان.

العلاقة بين السيناريو والمونتاج

قاعدة ذهبية يدركها المونتير قبل أى أحد آخر، أن "المونتاج يبدأ من السيناريو" إذ ينص السيناريو على وسيلة الانتقال بين المشاهد، ويحدد توقيتها كأن تكون بعد حركة ممثل، أو جملة حوار، أو بعد صوت مؤثر أو انتهاء جملة موسيقية على منظر ما. توقيت الانتقال ونوعه (قطع-مزج-تداخل- مسح) خاصية مونتاجية. يحدد السيناريو تتابع المشاهد شارحا السرد الفيلمى إذا كان متصلا،أم هناك عودة للخلف أو توازٍ بين حدثين، وكلها وسائل مونتاجية لكيفية حكى حكاية، وما يسمى بأسلوب السرد، هل سنسمع صوت الراوى يحكى الأحداث؟ أم سيأخذنا الممثل معه حيث يقوم بالأفعال؟ علامات القطع فى السيناريو تكون افتراضية يتم العمل عليها فى التصوير وتتخذ بشأنها قرارات نهائية فى المونتاج.

تتخذ إذن قرارات القطع النهائية فى مرحلة المونتاج ويكون المونتير مسئولا عن دقة وفنية تنفيذها بحساسيته التى تحدد الكادر-جزء من الثانية- الذى يحسم القطع، والمونتير الحساس تكون يده أسبق لتنفيذ صيحة المخرج "" Cut . المونتير المشغول بماكينته وبتفاصيل حرفته تتأخر استجابته، أو تكون ميكانيكية، لا شك تساعده التقنيات الحديثة فى التراجع لمئات المرات قبل الوصول لتفاهم مشترك حول المكان الأمثل للقطع. يتم التراجع دون أن تصاب نسخة العمل الافتراضية على الكومبيوتر بالتلف، وعلى الفور يتم تعويض فروق الكادرات، وإعادة الدقة للتزامن بين الصوت والصورة. والوصول للجزء المحذوف من اللقطة بسهولة، ستمكن الآلة الحديثة المونتير من العمل بثقة من يمكنه التراجع فى أى لحظة دون عناء البحث فى سلة النفايات. ومع ذلك لن نجد بين مونتيرى هذه الأيام أسماء لامعة مثل الأجيال السابقة..

بشكل عام يجب التفريق بين طريقتين فى عمل مونتاج الفيلم، أحدهما يقوم فيه المونتير بتنفيذ علامات المونتاج وقرارات القطع بنفسه حيث يجيد التعامل مع الكومبيوتر، والأخرى يكون هناك منفذ يجيد الحرفة ويقوم بتنفيذ ما يوحى له المونتير الذى يكون المخرج قد اختاره لخبرته فى أفلام سابقة ولموهبته التى تبدت فى أفلام أخرى وهو يعلم أنه سيكون هناك ثالث بينهما يراقب ويستمع للمناقشات والخلافات التى يحرص البعض أحيانا على أن تبقى سرا بين اثنين. هنا ليس وثالثهما الشيطان بل أوبيريتير غلبان أو ناصح يتحين الفرصة للحصول على ثقة المخرج ليصبح مونتير الفيلم وليس منفذا لزميله الأقدم خبرة. أحيانا تتدخل الأمور المالية ويفضل المنتج أن يوفر فلوسه ، أجر المونتير القدير ويقوم شخص واحد فقط بكل العمل.

أحد الدراسات الهامة التى تتناول فن المونتاج وتحولاته رسالة الدكتوراه للمونتيرة رباب عبد اللطيف المعنونة: "فنيات المونتاج الرقمى- فى الفيلم السينمائى" التى طبعت فى كتاب من إصدارات أكاديمية الفنون –سلسلة دراسات ومراجع –تقديم د. مدكور ثابت. رباب عبد اللطيف تمتلك تجربة مزدوجة فى العمل سواء على الموفيولا أو الأجهزة غير المتتالية مثل Lightworks & Avid . وأتوقف عند ما رصدته فى الفصل الثالث عن الإمكانيات التى وفرها جهاز المونتاج غير المتتالى فى تنفيذ القطعات.

فى صفحة 206 كتبت الباحثة تحت عنوان (الإمكانيات التى توفرها أجهزة المونتاج غير المتتالى):

أولا: الخط الزمنى Time Line

ثانيا: إمكانية تعدد مسارات الصوت.

ثالثا:إمكانية تنفيذ وسائل الانتقال.

رابعا: إمكانية تنفيذ المؤثرات المرئية.

خامسا: إمكانية التعامل مع الأنواع المختلفة من الشرائط.

سادسا: إمكانية عمل أكثر من نسخة من مونتاج المشهد الواحد.

سابعا: إمكانية تسجيل شرائط فيديو من الفيلم.

وقد قامت بشرحها عمليا على ما تم فى فيلم "المصير"، والملاحظ أنها كلها إمكانات تتعلق بسرعة العمل وتيسيره، ولا تتطرق إلى عنصر فنى خاص أمكن تطويره أو ابتكاره. وأغلب الظن أن ما رصدته كان من موقع دورها كمساعد مونتاج فى الفيلم سهلت عليها التكنولوجيا الحديثة وسائل العمل دون أن يرتبط هذا بدرجة أرفع من الإبداع. إذ يظل الإحساس بالإيقاع خاصية تميز المونتير الخلاق سواء نفذ رؤيته على جهاز قديم أو حديث ويتبقى فقط الجهد البدنى المرتبط بالأجهزة الميكانيكية وقد تم استبداله بجهد عصبى خشية حدوث عطل مفاجئ فى الجهاز يمسح كل ما تم حفظه، وهو خوف يظل قائما طالما أن العمل يتم بنسخ افتراضية وليس على شريط فعلى. لم تورد د. رباب عبد اللطيف رأى رشيدة عبد السلام التى لولا تمسك يوسف شاهين بها ما قبلت التخلى عن التعامل يدويا مع شريط الفيلم وتحسسه بنفسها، فمهما كان التفاهم بين المونتير ومشغل المعدة تظل بضع كادرات هاربة فى انتظار لحظة الإمساك بها. قد ييأس المونتير ويتركها "فالتة/هاربة" بعد أن تأكد له أن زمنه ولى ولا يمكنه أن يظل المتحكم فى قطعاته بالدرجة التى يريدها.

فى صفحة 38 من بحثها كتبت رباب عبد اللطيف : "أصبح هذا التطور التقنى متاحا فى جميع تخصصات الفيلم السينمائى .... تقنيات متطورة تساعد على تنمية فرصة الإبداع وتذليل جميع العقبات أمام المبدع لكى يستطيع أن يقدم خياله على شريط الفيلم السينمائى فى النهاية".

وهو رأى منطقى تماما ولكن ما يحدث فى مصر أننا نستخدم التقنيات الحديثة فى كل المجالات دون أن يتحقق الغرض منها بل تصبح عبئا مضافا على انعدام النظام المتكامل فى مناحى حياتنا الذى نعانيه بشدة وكمثال حول الهاتف المحمول الذى يهدف إلى توفير الوقت وسرعة إنجاز الأعمال نحوله بظرفنا لوسيلة للتهرب من الالتزامات أو لتبادل النكات والقفشات، أو لإفساد موعد هام بإرسال رسالة على الوقت الأخير بإلغاء موعد لقاء تكبد فيه الطرف الثانى مشقة كبيرة للوصول فى الزمان والمكان المحددين. المحمول فى يد الأطفال والكبار للهو –غالبا- أما عند الحاجة الماسة إليه فإنك تسمع : الهاتف قد يكون مغلقا، أو خارج نطاق الخدمة" اختصارا فالمحمول لم يحقق الغرض منه وهو احترام الارتباطات وتنظيم المواعيد.

وبالمثل لم تحقق تقنيات المونتاج التى توفرت الغرض الأساس منها،وهو توفير الجهد للتركيز فى الإبداع والعيب هنا ليس فى التكنولوجيا بحد ذاتها ولكن فى من يستخدمها دون وعى بإمكانيتها الإبداعية. ولا يمكن أن نطلق أحكاما عامة ونصف كل تجارب المونتاج الحديثة فى مصر بأنها غير مجدية، ففيلم ومقدمة "السلم والثعبان" يعد مثالا جيدا على الفوائد التى يمكن الوصول إليها من الوعى بتقنيات المونتاج الحديثة، وهى من عمل خالد مرعى المتمكن من حرفته والوعى أيضا بدور المونتاج فى الفيلم أيا كانت الوسائل المستخدمة تقليدية أو متطورة. وكذلك تجربة فيلم " الناظر " لشريف عرفة والمونتير معتز الكاتب التى استخدمت فيها تقنية تعدد شرائط الصورة ثم طبعها معا على شريط واحد فى نيجاتيف بديل يظهر فيه الممثل الراحل علاء ولى الدين فى ثلاثة أدوار يجمعها كادر واحد، فنجد الأم تضرب الابن على كتفه- فى خداع ناجح يعجب به المشاهد الذى يدرك بالطبع أنهما صورتين وضعا فوق بعضهما فى تطابق موفق. وسيمر الإعجاب بالمهارة التقنية للمخرج والمونتير ومجموعة العمل، يمر سريعا وقد ينسى ويبقى الانبهار بالمهارة التمثيلية لعلاء ولى الدين هو مصدر الإعجاب ويتم مقارنته دائما مع تجارب لاحقة حتى أن عام 2007 شهد قيام النجوم أحمد حلمى بأداء ثلاثة أدوار- أشقاء توائم- فى فيلم كده رضا. وقام محمد هنيدى بتقديم مثلها وتفوق محمد سعد وقدم خمسة أدوار مختلفة وأيضا لايهم المشاهد فى النهاية- ولا الناقد بالطبع- مدى التقدم التقنى الذى مكنهم من تقديم أدوار متعددة ولكن يبقى الحديث عن إجادة الأدوار المختلفة والاقتناع بها رغم التأكد التام من أنها لممثل واحد.

هنا سنعود للسؤال، هل انتهى دور المونتير؟ فى الحقيقة لقد تراجعت كل الأدوار الفنية، وبرزت أدوار النجوم – الذكور بشكل خاص- ومن حولهم من مصممى ملابس وما يسمونه (ستايلست)، وتراجعت أدوار المخرج والمصور وفنان الديكور، المونتير والموسيقى. تراجعت كل الأدوار لصالح النجم وتسريحة شعره، فهل استمر الوضع هكذا؟ حمدا لله شهدت نهاية عام 2007 العودة لدور المخرج وللحديث عنه (محمد خان-شريف عرفة-هالة خليل)، كما برز التساؤل لماذا تحول مونتير أثبت موهبته وجمع بين خبرة الموفيولا وتمكن التقنيات الحديثة وهو خالد مرعى إلى الإخراج، بعد تميزه مع عدد من المخرجين أصحاب الرؤية. وهل ظهرت براعته كمخرج مثلما برع فى المونتاج، أم أنه اضطر للتحول نتيجة قانون الإزاحة الذى لا يبقى أحدا مكانه، إذ أصبح السائد أن الأكثر مرونة والأقدر حرفيا هو المطلوب قبل الخبرة.

هل كانت فوضى خطوط فيلم "هى فوضى" تبقى بهذا المستوى من عدم الترابط لو كانت المونتيرة القديرة "رشيدة عبد السلام" على كرسيها العالى أمام الموفيولا، تجرى بمشرط جراح لمساتها على الفيلم.

نعم تعاقب الأجيال سنة من سنن الحياة ولسنا من المتباكين على الزمن الجميل، ولكنها ملاحظة تكاد تكون عامة عن خلل الإيقاع فى أغلب الأفلام، وظهور عيوب فى السيناريوهات مرجعه بشكل كبير هو تراجع دور المونتير وقيامه فقط بما يفيد حرفته دون أن يمتلك خبرة الحكم على مدى تأثير الفيلم على المشاهد، ودون امتلاك الخبرة للتحكم فى الإيقاع وتخليص الفيلم من الترهل الذى يتطلب أحيانا التخلص من بضع كادرات، أجزاء صغيرة من الثوانى فى كل مشهد، بتراكمها عبر المشاهد تصل إلى دقائق، تقترب من فصل كامل (10-20 ق) يشعر بها المشاهد العادى ولا ينقذه منها سوى الاستراحة التى أصبحت توضع فى منتصف الفيلم، وهى جريمة تضاف لجرائم العصر الذى لم يستفد بعد من التقنيات المتاحة ويحولها لأداة فنية تسهم فى رفع مستوى الفيلم.

لم ينته دور المونتير، ولكنه تقلص وتراجع ليصبح عنصرا مكملا، وليس إخراجا ثانيا للفيلم كما أراده فنان المونتاج سعيد الشيخ وكما نحب له جميعا أن يكون.

مساهمتى فى حلقة بحث حول

تحولات السينما المصرية فى العشرسنوات الأخيرة

إشراف د. صبحى شفيق


1

المقالات الأولى

طوق السينما المفقود بين التوليف والتأليف
المونتير ليس حاويا، والمونتاج يبدأ من السيناريو

إيقاع الفيلم بطئ (واقع)، الدخول سريع فى الموضوع، أين البداية؟ المشاهد غير مشبعة ، المونتير لم يعطها حقها. المشاهد غير مترابطة والتتابع غير منطقى، أين كان المونتير؟، لماذا لم يصلح كل هذه العيوب، النهاية غير مبررة، مشاهد ما بعد الذروة –Anti-Climax- لا ضرورة لها، كان يجب حذفها، لماذا لم يحذفها المونتير، (الإيقاع واع شدوا الفيلم شوية).ويتم الشد لآخر نفس ( وبرضه الإيقاع واقع) لأن الخطأ أساسا فى بناء مترهل للسيناريو، وفى رسم الشخصيات. الخطأ فى حركة كاميرا شديدة البطء- لا النعومة-. الخطأ فى أداء نمطى للممثلين، فى أداء ممل، وفى استعراض للديكور لا يفيد شكلا ولا موضوعا، فى موسيقى زاعقة تسمعها وتشدك بعيدا عن الفيلم حتى لو كانت جميلة فى حد ذاتها.
مع كل الأخطاء ابحث عن المونتير، ومع النجاحات، فيا لروعة الإخراج، ويالدقة السيناريو، وما أجمل الموسيقى، ما أغنى شريط الصوت، والديكور ما أحلاه، التصوير رائع...، هل ذكر أحد المونتاج فى كل ما سبق. ليس فى الأمر أية مبالغة على الإطلاق، فالفيلم الناقص – وهو صنف منتشر كثيرا منذ عدة سنوات- يطلبون إعادة مونتاجه -لعل وعسى- والفيلم الكامل يتم الإشادة بكل عناصره ويتم إغفال ذكر المونتاج إلا فى حالات نادرة يكون فيها من قام بالمونتاج أحد نجوم هذا الفن، أو صديق للناقد، أو شخص شديد السطوة يخشون بأسه.
عندما تفجرت مشاكل فيلم "هيستريا" نظرا لعدم النجاح –التجارى- الذى صادفه الفيلم، أفتت الغالبية بأن الفيلم يحتاج إعادة مونتاج-فيما عدا الناقد أحمد يوسف الذى ركز فى نقده على مشاكل السيناريو والإخراج- وتحملت المونتيرة الشابة منى ربيع مسئولية ظهور الفيلم بالشكل الذى ظهر عليه، وكان أول فيلم روائى طويل تقوم بعمل المونتاج له، بعدما قامت بعمل المونتاج لمجموعة ناجحة من الأفلام القصيرة. ولو سلمنا جدلا بأن الفيلم قد أعيد مونتاجه وبدا بشكل أفضل، فهل معنى ذلك أن العيب كان بالمونتاج؟ إن إعادة مونتاج الفيلم ستتطلب إعادة بناء البناء- بتقديم بعضها وتأخير البعض الآخر- وهو دور كان مفروضا أن يتم فى مرحلة التأليف-كتابة السيناريو- بين الكاتب والمخرج. وفى حالة حذف بعض المشاهد التى تعوق السياق، فأين كان المخرج الذى أضاع الجهد والمال لتصوير هذه المشاهد.
وللأسف فإن أغلب من يكتبون النقد لا يعرفون حدود دور المونتاج- الذى يقوم به المونتير دون أن يفارقه المخرج غالبا- وبين أدوار السيناريو والتصوير والإخراج وباقى عناصر الفيلم.
ليست وظيفة المونتاج إلقاء مشاهد صورت فى سلة المهملات، ولا يمتلك المونتير هذا الحق. المونتير هو المتلقى الأول للفيلم وغالبا ما يمتلك حسا نقديا عاليا، وواجبه أن ينقل إحساسه بصدق للمخرج، ولو أبدى رغبة فى حذف مشهد ما -على سبيل المثال- فسوف تساق له الحجج من نوع كيف نلغى مشهدا تكلف ثلاثين ألفا من الجنيات، أو كيف نضحى بالتمثيل الرائع الذى قام به النجم فلان، أو النجمة فلانة.
مخرجين قلائل جدا يمتلكون شجاعة الاعتراف بسخف بعض ما صوروه، أو عدم اتساقه مع البناء العام للفيلم فيوافقون على الحذف، وهو ذكاء يحسب لهم، ويعكس وعيهم بدور المونتاج الذى هو أداة فنية فى صالحهم أولا وأخيرا.
المونتاج- يا سادة- لا يبدأ على الموفيولا-جهاز المونتاج- بل يبدأ من السيناريو الذى هو وصف دقيق لما سيتم تصويره، مرورا بحركة الكاميرا، وأداء الممثل للحركة وإيقاع إلقائه لجمل الحوار. المونتاج تتم مرحلته الأخيرة فقط على الموفيولا- والآن الكومبيوتر- بعد أن يمر بمراحل الكتابة والتصوير والإخراج، ويكتمل دوره بالميكساج والتصحيح الجيد للإضاءة فى المعمل. المونتير ليس ذلك الحاوى الذى يصلح ما أفسده الدهر، دهر من كتابة مفتعلى للشخصيات، ومن بناء ضعيف، ونهاية غير منطقية وإخراج متعجل من مخرج لم يعتن باختيار ممثليه، ولا بأحجام لقطاته ولا بزوايا تصويره. إخراج متردد يصور المشاهد بأكثر من طريقة ويخلط بين الأساليب، وبؤجل قراراته لكى يتم حسمها على طاولة المونتاج. عندما تجرى مفاوضات قد تتم بمحبة ومودة، أو تكون مناقشات عاصفة، لا تكون فى صالح العمل ككل غالبا، والأهم أنها ليست فى صالح استمرار فن السينما كصناعة مؤثرة.
وبعيدا عن الكوميديا السوداء السابقة، فأدق ترجمة لكلمة مونتاج بالعربية هى "توليف" ، وهى كلمة تعنى أن هناك عناصر متنوعة يتم التوليف بينها، بمعنى التركيب والمزج والاختيار وعمل الترابط، لكى يكون لدينا فى النهاية عملا فنيا مكملا من ناحية الشكل والمضمون. ويعتمد نجاح المونتاج على نجاح هذه العناصر ومدى إمكانية توفيقها معا.
ساند أستاذ المونتاج الكبير سعيد الشيخ كثيرا من المخرجين فى بداياتهم، وكان يطلب منهم- أيام رخاء السينما المصرية- تصوير بعض اللقطات بزوايا معينة لكى يستطيع أن يصلح بناء مشهد به بعض العيوب، ومع ذلك كان يردد" أنا لا أعمل من الفسيخ شربات" ، وللحق فقد قام بالكثير لتدارك أخطاء كثيرة على قدر ما سمحت به المادة الخام التى وصلته، وآخرين غيره كانوا يكتفون بقلب الفيلم" مثل الشراب " على حد قول مونتير كبير آخر- أحمد متولى – لكى يصلح لا منطقية التتابع وعيوب السيناريو والإخراج.
كان سعيد الشيخ يعرف فن المونتاج بأنه " هم بالليل ومذلة بالنهار"، كنت وقتها طالبة تدرس هذا الهم، وتثق فى أن ما يقوله أستاذها هو نوع من الخجل فى التعبير عن العواطف الذى يشتهر به المصريون. وبعد ممارستى لفن المونتاج لأكثر من عشرين عاما تأكد لى أنه فن مهضوم الحق، وأن المونتير شمعة تذوى كى تضئ للآخرين _المخرج غالبا- وتكون هى قد ذابت وانتهى أمرها.
ورغم ما ألمسه من غبن لفن المونتاج وممارسيه من الرواد والشباب على السواء، فإننى أعلن وأنا بكامل قواى العقلية أننى لن أكف عن ممارسة فن المونتاج الذى هو " هم بالليل ومذلة بالنهار " .

بيروسترويكا الفيلم التسجيلى
بناء وإعادة بناء للفيلم التسجيلى فى المونتاج

مخرج أفلام تسجيلية ترك المادة المصورة بين يدى المونتير، وبعد أن غاب أسبوعا أو اثنين، أو نام دهرا أو دهرين، عاد ليشاهد البناء الذى أقامه المونتير الموهوب فى غياب المخرج المشغول.
انتهى عرض الفيلم، وأعقبه صمت طويل... أوقف المونتير الموفيولا، أضاء النور والتفت إلى المخرج –صديق عمره- فوجده يبكى بدمع غزير، وتصور المونتير أن صديقه يبك من الفرح، ولكن يالسذاجة الأسطى المونتير، فالسيد المخرج بكى لأنه أحس أن هذا ليس فيلمه، وأنه لم يكن يريده بهذا الشكل. يضحك الأسطى – وشر البلية ما يضحك- ويطلب من الواد بلية- مركب الفيلم- وهو غالبا فتاة صبورة أن تعيد تركيب الفيلم كما يريده السيد. يأخذ الواد بلية مقعد الأسطى، مكرها أو شامتا، حسب علاقته المركبة مع الأسطى- ولهذا حديث آخر- ويأخذ وضع الاستعداد لتنفيذ تعليمات المخرج الذى يمسح دموعه ويعمل على إعادة بناء الفيلم. وما بين البناء وإعادته يتشكل الفيلم التسجيلى حاملا أكثر من تصور لنفس المادة المصورة وخاصة عندما تكون مادة غنية.
يعتمد الفيلم التسجيلى أساسا على المصور الذى لابد أن تتوافر لديه موهبة ملاحقة الحدث الذى يجرى بطبيعية، ويسجله المخرج طبقا لتصور مسبق كونه فى مرحلة المعاينة، وهى مرحلة هامة جدا تشبه عملية كتابة السيناريو للفيلم الروائى. عادة يصحب المخرج معه أثناء المعاينة مساعده والمصور، لدراسة الموضوع والشخصية التى سيتم عمل الفيلم التسجيلى عنها. وبقدر التوافق فى التصور العام، يكون مستوى المادة المصورة، ويسهل تشكيلها فى مرحلة المونتاج التى لا تقل أهمية عن الإخراج والتصوير فى الفيلم التسجيلى أو الوثائقى، إن لم تفوقهما معا.
يدرك المخرج اقتراب دوره من دور كل من المصور والمونتير، وقد يشعر بالقلق فيضع على العناوين كلمة رؤية بجوار إخراج، وكأنه يؤكد بديهية يعرفها الجميع، فمهما بلغت جودات فريق العمل فى الفيلم، فإنه فى النهاية يحمل تصور المخرج ومسئوليته الكاملة عن كل عنصره بما فيها التصوير والمونتاج.

عاشت التجربة: صفاء الليثى
أسطى مونتير حاليا ،وسابقا الواد بلية 7 /8/1998

Friday 28 May 2010

"جيران" بعد المشاهدة الثالثة

شاهدت فيلم جيران للمخرجة تهانى راشد ثلاث مرات حتى الآن ، بعد المشاهدة الأولى كتبت مقالا فى العربى يمثل الإحساس الأول بالفيلم، ثم شاهدته مرة ثانية فى إطار المهرجان القومى، ولم تتغير وجهة نظرى به، وفى المرة الثالثة عند عرضه بندوة جمعية النقاد التقطت جملا لم أكن قد توقفت عندها فى المشاهدتين السابقتين، أهمها ما يرد على لسان رجل الأعمال المصرى "الجابرى" وهو يخاطب السفير الأمريكى الذى دعاه وسكان جاردن سيتى وبعض الضيوف لحفل فى حديقة السفارة، قال الجابرى احنا جيرا بالعربية وأردف بانجليزية مصرية we are neighbors ومنه أخذت تهانى راشد اسم الفيلم وتصوره حيث قال الجابرى الذى كسدت تجارته نتيجة الاستحكامات الأمنية حول السفارة الأمريكية مما عاق نشاطه التجارى فى محله بالحى" التجارة متوقفة، عليكم أن تعرضوا فيه American Product " بخفة دم ابن بلد مصرى يسخر مما فعله الأمريكان وسفارتهم فى حى الأشجار بالقاهرة الذى لم يعد كما كان. الفكرتان اللتان تتراوحان فى الفيلم التسجيلى "جيران" انتقاد أمريكا وإجراءتها الأمنية التى أفسدت الحى، ونقد الثورة ونظام عبد الناصر والتأميم بالتركيز على أثرياء سلبت أملاكهم ولم يستفيد منها الفقراء إلا قليلا. إن ما نمر به حاليا فى مصر من فوضى وخلل سياسى وانهيار اقتصادى يدفع السينمائى لمحاولة فهم أسباب هذه الفوضى ، إذ يتقابل فيلم "هليوبوليس" للشاب أحمد عبد الله، مع " رسائل بحر " عن للمخضرم داوود عبد السيد، مع العمل التسجيلى الطويل "جيران"عن جاردن سيتى فى سؤال ماذا حدث لنا؟ فى مصر الجديدة والإسكندرية وفى جاردن سيتى ،أجدها أعمال تتساءل عما حدث بدافع التغيير الحقيقى نحو الأفضل ولا تكتفى بالوقوف على الأطلال.

مدونة دنيا الفيلم

منذ فترة، أرغب فى إنشاء مدونة خاصة بى، أنشر فيها كتاباتى عن الأفلام وأتبادل الآراء مع الأصدقاء من محبى فن السينما الذى أعمل به،وشجعنى على ذلك مدونة الزميل أمير العمرى" حياة فى السينما " التى أتابعها من حين لآخر وأستفيد منها كثيرا، كما شجعنى نجاح التواصل مع الزملاء من خلال الفيسبوك وجروب جمعية نقاد السينما المصريين الذى ننشر فيه معلومات عن أنشطة الجمعية ، ونتواصل من خلاله مع الزملاء.
ومن الأسباب الهامة أيضا أننى كثيرا ما أتكاسل عن الكتابة وأكتفى باجترار نقدى - إعجابا أو نفيا - للأفلام أو التحدث عنها شفاهة. قد تكون المدونة سببا لكى لا أتكاسل بعد اليوم. لن تجدوننى أكتب لكم عن فيلم لم أحبه، أو عمل أجده غير فنى، سأحاول أن أنقل إليكم فقط انفعالى بتجربة إبداعية جميلة مررت بها، ولو جزئيا، ففى تصورى الحديث عن عمل سيء يقدم لصانعه خدمة كبرى، وأفضل الصمت مع الأعمال الرديئة، ولا أجد لدى رغبة فى فضح زيفها إلا إذا ارتفع الطنين وغطى على أعمال جميلة مرت فى صمت دون أن يشعر بها أحد.
سأحاول إلقاء الضوء على كل ما هو جديد ومبشر عن فن الفيلم.