Saturday 17 February 2024

عن التسجيلي الرائع طريق 181 للمخرج ميشيل خليفي 2003

  "طريق 181 – شظايا جولة إلى فلسطين–اسرائيل"

بقلم: منى مكرم*

 

كتبت هذه الورقة بناء علي طلب من أ/ صفاء الليثي و شعرت بصعوبة هذا التكليف و ثقل مسؤوليته.و أقول ورقة لأنني أحاول جاهدة أن اقترب من كتابة ورقة بحثية اكثرمن مقال، الورقة البحثية ليست بالضرورة تكتب للأكادميين ولكن كل مقال ممكن ان يكون ورقة بحثية يكتب بحثا عن الحقائق، يبحث في اغوار النفس البشرية و تاريخ الانسانية. ولكن المخيف هواننا كلما اقتربنا من الحقيقة كلما هربت،كلما عرفنا معلومات اكثر كلما زاد اللون الرمادي (كالفن).

سواء اتفقنا او اختلفنا مع مقولة كالفن، فمن المؤكد أن الطريق للحقيقة شاق ملئ بالأكاذيب والتزييف.

و عندما عرفت ان الورقة المطلوبة عن فيلم طريق 181 زادت  صعوبة التكليف و لكنني حاولت.....

و كل محاولة لها شرف يناله صاحبها، و كذلك مخرجي الفيلم التسجيلي طريق 181

اللذان توليا انتاج فيلم "طريق 181 – شظايا جولة الى فلسطين–اسرائيل". هما (ايال سيفان وميشيل خليفة ) عرض الفيلم في عدة مدن فلسطينية وفي دول أوروبية (فرنسا، بلجيكا، بريطانيا، ألمانيا). مدة الفيلم 4 ساعات ونصف الساعة، بالعربية والعبرية، وهو مترجم إلى الانجليزية.

اسم الفيلم مأخوذ عن قرار التقسيم رقم 181 الصادر عن الامم المتحدة عام 1947.

تدور أحداثه في جولة على طول حدود التقسيم، والتي لم تطبق على أرض الواقع. الفيلم هو موقف احتجاجي ضد الانفصال والجدار الفاصل.

 
يعكس الفيلم مدى بشاعة وعنصرية المجتمع الاسرائيلي. صاحبة مطعم "فندق فاردة"، الواقع على أراضي قرية المسمية، تروي للكاميرا أن فلسطينيين يأتون أحيانا للبحث عن بيوتهم. ثم تقول بتهكم أنها تأمل ألا يطالبوها يوما بالمطعم، وتضيف من بعدها بجدية تامة أنه يجب طرد كل العرب من اسرائيل. لخليفة تقول بقسوة: "فقط عندما ترحل سيكون سلام".
عندما يقابل المخرجان مدير الشركة التي صنّعت الأسلاك الشائكة للجدار الفاصل (في مراحل البناء الأولى)، تنكشف الاعتبارات الاقتصادية من وراء الجدار. يقول المدير أن هذه الأسلاك لا تستخدم عادة لأسباب إنسانية، ربما لأن أطرافها حادة جدا، وطويلة وقادرة على الاختراق للعمق. قد تكون هذه الأسلاك ممنوعة في المواثيق الدولية.
"دولة اسرائيل استثمرت في الجدار حتى الآن 600 مليون شيكل. وهذا ما أنقذ المصنع الذي كان في عهد السلام على وشك الإغلاق. لا شك أن هذا مصدر رزق بالنسبة لنا".
يعرض الفيلم الوجه الآخر لكل مجتمع. في المجتمع الفلسطيني تبرز الفجوة بين الجيل القديم الغارق في ذكريات ال1948، والجيل الشاب الذي لم يعرف النكبة ويفتقر للوعي السياسي والإلمام بتاريخ شعبه. في ورشة بناء يجيب عامل شاب عن سؤال للمخرجين حول قرية كانت موجودة في نفس الموقع، بالقول: "الأمر لا يعنيني"، ويقول عامل آخر: "فلسطين لم تعد تهمني، المهم أن أجد مصدرا للعيش".
في المجتمع الاسرائيلي ايضا تُسمع أصوات مختلفة. في المشاهد الأخيرة تنتقد امرأتان يهوديتان شرقيتان دولة اسرائيل وطابعها العنصري. مؤثرة جدا أقوال أم ثكلت ابنها في احدى الحروب: "لهذا السبب أكره اسرائيل. في هذه البلاد تشعر أنك تملك كل شيء، ولكنك لا تملك شيئا. لو كان بمقدوري إعادة العجلة للوراء، لعدت إلى تونس".

و لا يوجد أبلغ من المثال الذي سمعناه من المخرج أثناء الحوارعن سليمان النبي مع الأم الحقيقية والأخري المزيفة ، الأم الحقيقية لم تقبل بتمزيق الابن والمزيفة قبلت.


 قال المخرج سيفان: "وُلدت فكرة الفيلم في أواسط الانتفاضة الثانية، أثناء عملية السور الواقي (نيسان 2002)، عندما رأينا أن المجتمعين يتجهان نحو الانفصال. قررنا أن نقابل الناس في كلا الطرفين ونعطيهما فرصة الحديث. لم نشأ أن نقدم الحلول، بل أن نحدد المشكلة. أردنا أن نقول أن المشكلة هي في الاستعمار. إذا استطعنا أن نقنع المشاهد بأن هذه طبيعة المشكلة، يمكن عندها بدء الحديث عن الحل، الذي هو في رأيي بناء عالم مشترك".

* إيال سيفان من أهم نقاد سينمائيين سياسيين "يهود" لاذعين يعيش في باريس, ويُدَرٍس في عدة كليات وجامعات منهم المدرسة العربية الفلسطينية للسينما، كلية سابير، الجامعة الإيطالية وغيرها..من أهم أفلامه "طريق 181"، "محاكمة أيخمان"،و"أذكر عبيد الذاكرة".

 

حاشية: كنت مسئولة النشاط بجمعية نقاد السينما المصريين، استضفنا المخرج ميشيل خليفي في مقرنا العريق 36 ش شريف بالقاهرة بعد أن عرضنا الفيلم على جزأين اذ يبلغ طوله أربع ساعات ونصف الساعة. فكرته الأساسية أنه كان هنا قرية عربية وتغيراسمها لتصبح يهودية. كاتبة المقال كانت تتردد على الأنشطة وكلفتها بكتابة ورقة نوزعها مع النشاط، لا أعرف أين هي الآن وان كانت بمصر أم بالخارج ، وجدت مقالها مناسب نشره الآن مع حرب غزة.

وأرفق أيضا هذه المراجعة السريعة للفيلم مع تجميع لأفيشات أفلام ميشيل خليفي 

مهرجان سان فرانسيسكو السينمائي الدولي 2004 – الجزء الأول

الغضب في الشرق الأوسط

جوان لوريير

20 أبريل 2004

الطريق 181: أجزاء من رحلة في فلسطين-إسرائيل، إخراج ميشيل خليفي وإيال سيفان

يتزايد الغضب العالمي رداً على تصاعد العنف القاتل والقمع الذي تمارسه حكومة أرييل شارون الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني. ويشعر قسم من السكان الإسرائيليين بالغضب – والخجل – أيضاً من الجرائم المرتكبة باسمها. أحد التعبيرات عن هذه المشاعر المعارضة هو ظهور الأفلام الوثائقية التي تعالج تاريخ الدولة الصهيونية بشكل نقدي وتفحص عدوانها الحالي. تم عرض فيلمين في المهرجان - أحدهما من إنتاج مخرج إسرائيلي والآخر من إخراج مخرجين وثائقيين فلسطينيين وإسرائيليين - يسجلان احتجاجات قوية وبليغة حول محنة الفلسطينيين.

هذه هي المقالة الأولى في سلسلة من المقالات حول مهرجان سان فرانسيسكو السينمائي الدولي لعام 2004، الذي انعقد في الفترة من 15 إلى 29 أبريل.