مارجان ساترابى وناهد بيرسون شارفيستانى
مخرجتان إيرانيتان يساريتان فى المنفى
حققت السينما الإيرانية سمعة دولية كبيرة وخاصة مع مجموعة مخرجين لمعوا بعد الثورة التى أطاحت بالشاه عام 1979 على رأسهم عباس كياروستامى الذى رحل عن دنيانا منذ شهور وبقى المخرجون جعفر بناهى وأصغر فرهادى، محسن مخلمباف وابنته سميرة مخلمباف وأمير نديرى وآخرين كلهم حققوا جوائز فى مهرجانات الدنيا ولم تتأثر السينما التى ينتجونها بالمحاذير الرقابية مع الحكم الذى استولى على السلطة بعد الثورة الخمينية بل اعتبر النقاد أن التغلب على هذه المحاذير خلق فنا متفردا احترمه السينمائيون فى جميع أنحاء العالم وأذكر ما قيل عن فن الأرابيسك الذى ازدهر كثيرا لتلافى التصوير طبقا لقواعد الدين الإسلامى ولم أتوقف ولا أعتقد أن غيرى توقف عن حقيقة أن كل هؤلاء المخرجين العظام لم يقدموا أعمالا مباشرة عن الثورة وأن الأفلام تنوعت موضوعاتها دون أن تتعامل بشكل مباشر مع المعطيات الجديدة فى المجتمع الإيرانى. وحين كلفنى الزميل حسن شعراوى باختيار موضوع عن الثورة فى بلد ما، اخترت إيران رغم عدم مشاهدتى لفيلم منها تناول الثورة من وجهة نظر مخرج إيرانى ومع البحث وجدت فيلما وثائقيا للخرجة ناهد بيترسون شارفيستانى، وفيلم تحريك للمخرجة مارجان ساترابى وكلتاهما ايرانياتان تنتميان لليسار الإيرانى الذى سرقت منه ثورته كما عبرت ناهد فى فيلمها وتجاوزت مارجان ذلك لتعبر عن سرقتهم لحياتها واستقرارها فى وطنها. ناهد ومارجان مخرجتان مهاجرتان تحمل كل منهما وطنها فى قلبها وعقلها.
التحقق والإبداع خارج الوطن
المخرجة مارجان سترابى هى رسامة ومؤلفة كتب أطفال وفنانة تحريك تقترب من عامها الخمسين الآن تقدم فى فيلم الرسوم المتحركة " بيرسبوليس - ويعنى باليونانية مدينة فارس - وكنت أظن أنه يعنى البوليس الفارسى - تقدم سيرة ذاتية لها بداية من طفولتها وحتى هجرتها إلى فرنسا حيث أنتجت الفيلم عن قصة هزلية لها بنفس الاسم وشاركها الإخراج مخرج فرنسى شاب.اتبعت مارجان فى السيناريو الذى كتبته على قاعدة من الخاص إلى العام حيث نشاهدها طفلة مرحة فى المطار تستقبل صديقة للأسرة قادمة من فرنسا تستقبل الصديقة مع عائلتها الأم والأب ويصلان المنزل حيث الجدة لتكتمل الأسرة التى ستصحبنا على مدار أحداث الفيلم . ومن النافذة تسمع هتافات يسقط الشاه فيرفع الأب ابنته قائلا لها كيف ألا تفوتك هذه اللحظة التاريخية .
المخرجة المؤلفة ترسم شخصيات الأسرة منذ المشهد الأول وستبقى معها على مدار الفيلم وفى البؤرة منها مارجان الطفلة ثم الشابة الفتية مارجان " فيهما اللؤلؤ والمارجان فبأى آلاء ربكما تكذبان" صدق الله العظيم. هذا الاستشهاد من عندى فلأول مرة أسمع هذا الاسم الجميل والذى يسهل تحويره ليناسب ثقافة مغايرة فيصبح مارجى كما كانت تدللها والدتها، يناسب الاسم ثقافة تناسب طبيعتها المتمردة وشخصيتها القوية، وخاصة فرنسا ملجأ الفنانين وحاضنة مواهبهم. لن تجد مارجان فقط من يصدق موهبتها بل ستجد فريقا كاملا يعمل تحت امرتها لإنجاز فيلمها عن سيرتها الذاتية مع الثورة الإيرانية تحميها نصيحة الجدة ( لا تنس أبدا من أنت ولا من أين أتيت) هذا التمسك بهويتها وبوطنها حتى لو حكمه من ترفض ولايتهم هو ما جعلها تنجح فى عملها المعبر عن هويتها والذى يوثق لحياتها ولجانب كبير من أحداث وطنها إيران.
وهنا مختصر لوصف كيفية عمل الفيلم الذى وثقت مراحله أيضا كما يحدث الآن فى الأفلام الكبيرة، الميكنج كما يقال يشرح طريقة العمل كما يعكس شخصيتها القوية:
صنع فيلم مدينة فارس Perspolis
تحت عنوان الجوانب الخفية فى " برسبوليس" نشاهد رسما للمخرجة وهى تعلق هذه أنا فى العاشرة عام 1980، ثم صورتها تنتظر بالمطار وهذه أنا أتذكر، لقاء على مقهى ومعها المخرج الفرنسى المشارك يحكيان عن اتصالها به للعمل معا بعد أن شاهدت عملا شهيرا له ، الشاب خجول وهى امرأة فجومية كما صورت شخصيتها فى الفيلم ، هنا فى تصوير العمل تقود فريق التحريك المكون بالكامل من شباب فرنسى، تقوم بأداء تمثيلية لتشرح لهم حركة الشخصيات المرسومة لتكون معبرة عن مشاعرها. يعلق المخرج الفرنسى بأن فنان التحريك يحتاج معلومات عن الشخصيات وهو ما تقوم مارجان بشرحه لهم بحركاتها. مارجان بهذا الأسلوب تقدم فنا يحاكى الواقع وليس به جنون التحريك الذى قد نلاحظه فى أعمال أخرى. تقوم بإعادة تصوير الأماكن والشخصيات تماما كما هى فى الواقع. يشرح رئيس فريق التحريك طريقة العمل التقليدية المعتمدة على رسم 24 حركة على ورق شفاف منفذين ما شرحته لهم ، يعرضون الأوراق عليها قبل التحبير ثانية بثانية. مارجان هنا فى فرنسا امرأة حرة تجلس وجانب من ساقيها عاريان تقود فريقا من الرجال الغربيين وهى مكتنزة الصدر نصف العارى فى بلوزتها المحبوكة على جسدها ونصف ذراعيها عاريان، لا يشغلها الرجال الذين قد يثارون من عريها وهم لا يبحلقون فى جسدها بل كلهم آذان صاغية .لتنفيذ تعليماتها عاملين تحت قيادتها ومتجاوبون مع توجيهاتها تماما دون هذا النوع من المشاعر الذى قد ينتاب مواطن من وطنها . هنا فى فرنسا وعن طريق تقدير فنها نالت حريتها وحققت وصيتها للجد وللخال أنوش الذى شنق لأنه اختار الانحياز إلى مبادئه.
قدمت مارجى أسرتها فى إطار الفن الذى تعرفه وهو نفس ما فعلته المخرجة ناهد فى أعمالها التسجيلية مع اختلاف طفيف بينهما، لأن ناهد أضافت اسم زوجها السويدى كما هو متبع فى الغرب مع الاحتفاظ بلقبها الإيرانى ليصبح اسما ثلاثيا يختلط فيه الغربى مع الشرقى. أما مارجان فبقيت محافظة على اسمها ثنائيا باسمها الأول واسم جدها لتبقى مارجان سترابى كما فى إيران وفى أى بلد تذهب إليه. مارجان تبدو قوية متسلطة فى حواراتها، مستعدة لخوض مغامرات جديدة دائما، موهبة متقدة تقتحم العالم والناس وعوالم فنية جديدة عليها، بينما ناهد دمثة هادئة تطلب من الآخرين المساندة كما سنعرف من حوارها مع مقدمة برنامج بمهرجان السينما المستقلة بلوس أنجلوس بأمريكا. ولكن المخرجتان تتشابهان فى نجاحهما فى تسويق أعمالهن وتتقدمان عملا بعد آخر. يتم تسويق فيلم برسبوليس فى أغلب دول العالم ويدبلج بلغات عديدة ويطرح فى الأسواق وينجح تجاريا كما يحصد نجاحا فنيا بحصول مخرجته على جائزة لجنة التحكيم مناصفة من مهرجان كان 2007 مع فيلم تحريك لمخرج آخر.
تتابع فيلم برسبوليس
- لافتة توزيع النسخة المعروضة: سونى بيكتشرز
- التترات على رسوم للطبيعة مع موسيقى عالمية
- المشهد الأول فى المطار سيدة تحكم الحجاب على رأسها وأخرى سافرة تلوى شفتيها امتعاضا، يطلب من المحجبة التذكرة والباسبور ، تجلس تدخن دون أن تسافر ثم طفلة تجرى بمرح تحتضن سيدة والأم مع الوالد يناديان الطفلة مارجى مارجى.
- فى منزل العائلة بطهران الأم والأب والطفلة مع الجدة وصوت تعليق أن مارجو الصغيرة لديها أمنيتان أن تلتقى بروس لى وأن تكون آخر نبى فى العالم. الأم تحكى عن اعتقال الجد ، الطفلة تبكى والأب يهدئها، ثم نشاهدها تقرأ على جدتها أمانيها الخمس آخرها أن تخفف عن الجدة آلامها والأ تسبب لها أى إزعاج. نسمع صوت مظاهرة، الأب يفتح النافذة ويحمل الطفلة ( هذه لحظة يجب ألا تفوتك) .
- لقطات للتظاهرات وهتاف يسقط الشاه وصوت طلقات. الابنة تردد ما يقوله معلم المدرسة أن الشاه مرسل من عند الله. الأب يصحح لها المعلومة ويحكى كيف وضع الإنجليز تاج الامبراطورية على رأسه على أن يعطيهم البترول، ثم كيف استولى الشاه الابن على الحكم وأخبر الشعب بأنه سيبنى لهم دولة عصرية . ويعود ليذكر جدها وأنه كان أميرا وشيوعيا .
- عودة إلى مشهد المتظاهرين وقمع بوليس الشاه لهم، يقتل متظاهر ويحمل على الأعناق. الأسرة فى حديث غاضب والطفلة تتلصص ويطلب منها الذهاب إلى الفراش، فى التلفاز الشاه يخطب ويقول إننا نبنى الديمقراطية ونسعى إلى المستقبل. نشاهد تزايدا للتظاهرات ويسقطون تمثال الشاه، ثم يأتى إلى المنزل الخال البطل الذى كان فى السجن ، تركز المخرجة على رد فعل الطفلة الممتلئة حيوية فى المنزل ثم مع أصدقاء لها يلعبون لعبة إسقاط النظام ( كما لعبة الحرب الذى يلعبها أطفال دولهم بها حروب) تقودهم لمهاجمة ابن رجل موال للنظام يقولون عنه أنه قاتل. ويرد الطفل على دراجته أبى يقتل الشيوعيين الأشرار. تستهدف المخرجة جمهورا من الأطفال بجعل بطلتها هى الطفلة والجدة وترسم شخصياتها بوضوح وبساطة لكى تصل إلى فئتها المستهدفة. وخاصة حين يظهرملاك وهى شبه نائمة يخبرها أن تصرفها غير لائق بمن ترغب أن تكون نبية للعالمين. وينصحها بأن من واجبها أن تعفوا وتنسى.
- فى المدرسة تطلب المعلمة أن يمزقوا صورة الشاه من الكتاب، ثم يظهر الخال أنوش وتسمعه يقول لأسرتها ( لا أحد يمكنه الوقوف أمام رغبات الشعب، يمكننا بناء مجتمع قائم على العدالة والحرية) تسع سنوات قضاها فى السجن.. الفضول يتملك الطفلة وتسأل فيرد الخال ارتدى بيجامتك وسأحكى لك. يواصل الكبار فيقول أنهم سيجرون انتخابات حرة ولكن الأم تقول أن النتيجة ستكون أسوأ من الشاه ، سيأتى الإسلاميون.
- الطفلة فى سريرها مستعدة لسماع الخال وتكون الثورة هى حدوتة قبل النوم لها.
الفيلم يمضى ساردا الوقائع لحظة بلحظة من وجهة نظر مارجى طفلة ثم فتاة ثم امرأة ناضجة معتمدا اللون الأبيض والأسود، من وجهة نظر نسوية تركز على الحرس الثورى وما يفعلونه بالبلد وتسمى فيلمها البوليس الفارسى فهو البطل الضد وسبب هجرتها خارج بلادها. هذه الثقافة الذكورية التى سادت المجتمع الإيرانى بعد أن سرق الإسلاميون ثورة شعب شاركت فيها كل الطوائف ومنهم أسرتها اليسارية .
- العراق ضرب إيران مستغلا حالة ضعف النظام الوليد ثم لافتة طهران 1982، ونشهد تحولات المدارس درس عن الحجاب ، العنف ضد المرأة وقد تأسلم المجتمع، غارات الحرب والنزول إلى الأنفاق، ثلاث فتيات بالشادور وأمريكا عزرائيل على الحائط. بيع كاسيتات الموسيقى فى السوق السوداء، ظهور سيدات عجوز شمطاء يقمن بتفتيشها وانتقاد ملابسها الرياضية التى تحمل علامة شهيرة دوليا، ومع كل ذلك قطع على دانات المدافع، الجارة تظهر لأمها مفتاح يوزعونه على الشباب بادعاء أنه مفتاح فى الجنة حيث حور العين ليشجعوهم على التطوع للحرب. فرق فى الشوارع تشتم الوالد وتتهمه باحتساء الخمر، وتقدم المخرجة مشهدا ساخرا لإسراع الجدة والأم للتخلص من زجاجات الخمر بالبيت. وحدة مشهدية تجمع فيه المخرجة كل مظاهر القمع وستعود إليه مرة أخرى وكأنها تقدم كشكولا من الانتقادات دفعة واحدة بتفاصيل كثيرة طالما سمعنا وقرأنا عنها، كلها من وجهة نظرها ولأحداث عاشتها أسرتها ثم ستعيشها هى تجعل كل هذه الحياة كابوسا متصلا يضاف إليه ثلاث سنوات عاشتها فى النمسا فى كابوس آخر مع ثقافة مختلفة ترفضها أيضا ولن نجدها على راحتها إلا فى فرنسا حيث تقيم الآن تمارس عملها كمخرجة سينمائية لأفلام تحريك تعكس هويتها المركبة من احترام أصولها مع الاستفادة من عادات وثقافات تمكنها من تحقيق بعض مما حلمت به.
بطاقة الفيلم :
تحريك 2007 زمن الفيلم: 1.36 ق
إخراج: مارجان ساترابى وفينسنت بارونود
رسوم: مارجان ساترابى ، سيناريو: فينسنت بارونود
عن قصة مرسومة بنفس العنوان تأليف مارجان ساترابى
جائزة لجنة التحكيم الخاصة مهرجان كان 2007 مناصفة مع فيلم آخر.
رشح لأوسكار أفضل فيلم أجنبى عام 2008
تلقت ناهد العديد من الجوائز عن أفلامها. إذ حصل فيلمها " الأيام الأخيرة من حياة " على جائزة الصحفي للمؤسسة السويدية للسرطان في عام 2002. ونالت جائزة عن فيلمها " الدعارة وراء الحجاب "، ذلك الفيلم المثير للجدل الذى يكشف بشكل مؤلم عن حياة اثنين من العاهرات في طهران، حصل على ترشيح إيمي الدولية، فضلا عن التنين الذهبي في مهرجان كراكوف السينمائي، أفضل جائزة دولية فى قسم أخبار الوثائقي في التلفزيون مونتي كارلو مهرجان 2005 ، وكذلك جائزة كريستال من تلفزيون الدولة السويدية، وجائزة الجعل الذهبى من معهد الفيلم السويدي عام 2005. وآخر ما وصلنا من أفلامها فيلم " ثورتى المسروقة" 2013 تحكى فيه جانبا من سيرتها الذاتية وسيرة عائلتها وأخيها الذى توفى فى سجون طهران . ويعكس وجهة نظر الكثير من الماركسيين الذين شاركوا الثورة ضد الخمينى ثم استولى عليها الإسلاميون ( هذا ما خشية الثوار فى مصر ولهذا وقفوا بشدة ضد الإخوان حين حصلوا على السلطة بعد 25 يناير 2011 وشاركوا 30 يونيو وفى أذهانهم ما حدث للثورة الإيرانية ).
سبقت ناهد مارجان فى العمل ببضع سنوات واختارت السينما التسجيلية لتعبر فيها عن توجهها السياسى ونضالها اليسارى، أما مارجان فتبدو أقرب إلى كونها ناشطة نسوية ليبرالية رغم الأصول اليسارية لعائلة أمها.
بعد أن نشاهد مقطعا من لقاء بالفيلم أجرته المخرجة مع شاهدة تحكى عن تلقيهم مكالمة باسم زوجة أخيها فى الثامنة مساء فتوقعوا أخبارا سيئة، وبعد فترة جاءت تخبط رأسها وتصرخ بأنهم سيقتلونه. حاولت تهدئتها فأكملت أنهم أدخلوها مكتب وأعطوها التليفون وسمعت صوت زوجها – أخى- يودعها قائلا إنهم سيعدمونه الليلة..... ثم بدأنا نسمع أصوات الطلقات وكنا نقوم بعدها سمعنا 86 طلقة ، كان أخى واحدا ممن تلقوا هذه الطلقات. نمنا فى النهاية وهكذا الوضع كان كل ليلة. ثم تظهر لهم صورة أخيها الذى تم إعدامه .
وهنا تفريغ اللقاء التلفزيونى الذى تم مع ناهد بيرسون سافاتينى :
- مقدمة البرنامج: كل من يتابع دورة مهرجان لوس انجلوس فى 2013 يتابعون الكثير وعن نفسى أشعر بشوق للجلوس مع ناهيد سرفنتانى صانعة الأفلام التى قدمت عملا عميقا عن حياتها الشخصية عنوانه "ثورتى المسروقة" ، أهلا بك فى الاستعراض .ما لذى أتى بك هنا، حدثينا عن فيلمك.؟
- فيلمى عن أصدقاء لى بينهم أخى المعتقل السياسى، فيلمى عنهم وعن إحساسى بالذنب لأننى هربت خارج إيران وتركتهم. ورغب المهرجان فى عرض فيلمى ولهذا أنا هنا.
- وهل عرض الفيلم ؟
- نعم وكان الاستقبال جيدا وكان عرضه الأول بأمريكا
- وهل هذه هى مشاركتك الأولى بالمهرجان ؟
- لا هذه المرة الثالثة عرضت فيلمى الأول، ثم "الملكة وأنا" ثم هذه المرة مع "ثورتى المسروقة".
- مالذى دفعك لعمل هذا الفيلم أتصور أنه سؤال وجودك وأنه عملك الأول.؟
- .. وكان يجب على أن أنجز الفيلم قبل عشر سنوات، والفيلم عن عائلتى وأصدقائى المقربين جدا، وعنى، هربت إلى السويد وأردت أن أعيش حياة طبيعية بينما هم اعتقلوا ، ولمدة عشرين عاما لم أفعل شيئا لهم وأنا بالسويد.
- هل تقولين أنك لم تستطيعى فعل شيء ما فى ذلك الوقت؟
- حين كنت بإيران كنت نشطة، كنت شيوعية ولم أستطع أن أكمل نضالى شاركت بثورة سرقت منا .
- وهل أردت أن تحى ذكرى أخيك بهذا العمل؟
- أخى كان صغيرا جدا وقتها فقط 17 عاما وكان رجلا قويا ولطيفا وقتلوه، لا يمكنك فهم السبب، أخذ منى 28 عاما لأفهم سبب مافعلوه ، ولأتقبل وأسأل عما حصل من رفيقه،ولكن منذ أربع سنوات فى الانتخابات بإيران حين شاهدت الشباب يتظاهرون بالشوارع يريدون الحرية والجيش يطلق عليهم الرصاص ويعتقلهم، وكأن كل شيء يعاد مرة أخرى ويشبه زمنى الثورى عام 1979، لم أستطع أن أتجاهل ذلك مرة ثانية، كانوا كأنهم أطفالى .
- وهل يعنى الربيع العربى شيئا مماثلا لك.
- نعم ولكن إيران هى بلدى وأشعر بما يحدث بها أكثر مما يحدث بالبلاد العربية.
- إذن ما الذى اكتشفتيه عن أخيك ولم تكونى تعرفينه؟
- لم أكن أعرف، ولم أرغب فى أن أعرف أنه تم تعذيبه قبل إعدامه، فى الفيلم أصدقائى حكوا لى كيف كان الإعدام يتم خارج الزنزانة وكيف أنهم كانوا يبدأون بالتعذيب سواء ليعرفوا إن كان المعتقل ناشط ا سياسيا أم لا ثم يعدمونه بعد التعذيب. التقيت برفيق روحه فى لوس أنجلوس وحكى لى كيف كان قويا، وكيف كان سعيدا لأن له هدفا.
- والهدف كان ..؟
- الهدف كان تغيير إيران ، وكانوا يثقون أنهم لو ناضلوا داخل المعتقل فسوف ينتصرون. رغم معرفتهم بأن النظام ليس سهلا للتعامل معه.
- إذن كان لديهم أمل ..؟
- نعم ..
- وهل لديك أنت أيضا أمل ؟
- نعم أمتلك الأمل لأنى أجد أن الإيرانيين مازالوا يناضلون من أجل حريتهم، ولكن الوضع أصعب نتيجة الظروف الاقتصادية، والأوضاع تغيرت...
- إلى الأسوأ.؟ إلى الأسوأ ( كانت تقاطعها لأنها كانت تتكلم ببطء لعدم تمكنها من اللغة)
وأضافت إذا لم يساعد الآخرون إيران، وإذا انصرف كل شخص إلى حياته فلن يتغير شيء.
- هل تأملين أن يغير الفيلم من ردود أفعال الناس تجاه ما يحدث بإيران؟
- أتمنى ذلك ... آمل أن يفعلوا شيئا.
- كيف ستوزغين الفيلم.؟
- تم توزيعه بالفعل فى السويد وسيعرض فى دور العرض هناك وآمل أن يوزع بأمريكا ، وفى المحطات تلفزيونية ونطبع DVD .
- مالذى يعنيه العنوان " ثورتى المسروقة" .
- قمنا بالثورة ضد حكم الشاه وجاءت حكومة إسلامية لأنهم الأكثر تنظيما فسرقوا ثورتنا رغم وعدهم بأنهم سيمنحوننا الحرية والديمقراطية ولكنه كان هباء.
- سؤالين أخيرين ، الأول هل أقدمت على هذا الفيلم لأنه يعبر عن جانب من قصتك ؟
- لا قررت عمل الفيلم وحين بدأت الحكى وجدتها قصتى مثل فيلم "الملكة وأنا" وضعت نفسى بالفيلم لأن القصة كانت عن عائلتى وعن حياتى وحين أقول "ثورتى المسروقة" يشعر كثير من الإيرانيين بذلك لأنها سرقت منهم أيضا.
- هذا الفيلم لم تقومى بتصويره ولكن أعمالك السابقة قمت بالتصوير والمونتاج .
- نعم فى فيلم " الدعارة فى هينبال" قمت بكل شيء . وكان عملا مشهورا.
- نعم الأمر يكون مختلفا أنا أيضا أقوم بعمل الفيلم كله.
- أعتقد أن ذلك أسهل لأنك تفكرين أثناء العمل.
- ما هو عملك القادم؟
- أتمنى أن أقدم عملا روائيا إذا تمكنت من توفير الميزانية للإنتاج. كل ما قدمته سابقا أعمالا تسجيلية وأنا أحب عملها ولكن يجب أن أغامر بتجربة فيلم روائى بعد أن قضيت ثلاث سنوات لأصنع " ثورتى المسروقة".
ثم مقطع آخر من الفيلم بالأبيض والأسود يسرد مشهدا بالصور الفوتوغرافية عن إعدام مايزيد عن خمسة آلاف معتقل والعصابة على أعينهم. المخرجة ناهد تروى بصوتها ماحدث وعن اعتقال أخيها الصبى وتعذيبه ثم قتله بالمعتقل. تستخدم لقطات وثائقية، صورا فوتوغرافية، ورسومات تعبيرية حفر بالأبيض والأسود مع بعض اللقطات التمثيلية المتصورة للربط بين العناصر مثل لقطة من ظهر جندى يسير فى سجون خالية ادعى النظام أنه لا يوجد أحد فى سجونهم وأفرغها من السجناء، وينتهى المقطع بفتاة سافرة جميلة.
بطاقة فيلم ثورتى المسروقة
ثورتى المسروفة 2013 تسجيلى ألوان 75 ق
إنتاج: السويد/النرويج/المملكة المتحدة
إخراج: ناهد بيرسون شارفيستانى
أول عرض بمهرجان روتردام وحصد جائزة الجمهور
العرض الثانى مهرجان أبو ظبى وحاز جائزة شرفية
جائزة مهرجان تمبو للفيلم التسجيلى
أفضل تسجيلى طويل من مهرجان نور الإيرانى
موقع الحوار https://archive.org/details/MyStolenRevolution_454
فيلم برسبوليس http://kisscartoon.me/Cartoon/Persepolis/Movie?id=3541
فى النهاية أنوه أن الأفلام المنتجة عن الثورة الإيرانية تسجيلية فى أغلبها لحساب محطات تلفزيونية غربية والفيلم الذى وجدته من الإنتاج الإيرانى فيلم ملحمى " المبعدون /اخراجى" من عدة أجزاء، ينتمى للسينما الشعبية المجهولة لنا فالذى يصلنا الأفلام الفنية ذات السمعة عالميا، والمخرج اسمه مسعود ده نمكى ، ويركز على الحرب العراقية الإيرانية ويظهر تأثيرها على تغيير قطاعات من المهمشين من الشعب الإيرانى . الفيلم مترجم إلى العربية وينتمى لنوع السينما الوطنية التى نعرفها فى مصر، التى تساند النظام الحاكم وتمزج الدراما بالفكاهة بنقد النماذج السيئة فى المجتمع. وله حديث آخر حين نركز على السينما الإيرانية بكل أنواعها.
صفاء الليثى
القاهرة 2016
نشر بالعدد السابع من فصلية الفيلم أغسطس 2016 رئيس التحرير سامح سامى، رئيس التحرير التنفيذى حسن شعرواى