Sunday 30 August 2020

القيم الاجتماعية كما تعكسها أفلامنا 7 آدم وحواء 1951


آدم وحواء: طاعة الزوج والأب من طاعة الرب
لو حذفنا المقدمة المقروءة بصوت حسين صدقي ، مؤلف الفيلم ومنتجه ومخرجه، وصاحب التوجه الذكوري المنسوب إلى الدين الإسلامي قرآنا وحديثا ، بدون هذه المقدمة وما بداخل الفيلم من استشهاده بآيات قرآنية لوجدنا أنه فيلم اجتماعي لا يختلف عن أفلام مصرية سبقته وتلته في المفاهيم عن علاقة الرجل بالمرأة ،
 ليلى مراد / فاطمة الزوجة  بلا عمل ولديها شغالة وتجد أن من حقها أن تخرج للتسوق مثلا دون إعلامه، هو يخرج الى عمله ويعلمها بذلك كما تعلم موعد عودته . يقدم الفيلم نموذج آخر لزوجين أختها سميحة توفيق وزوجها اسماعيل يس ، اختار الكاتب اسما غير شائع للزوجة المتسلطة عزات التي تصف علاقة الزواج بأنها تقوم على راكب ومركوب، المركوب هنا زوجها مختار فاشل في عمله كمدير ، بينما الزوج المسيطر سامي ناجح في عمله ، وهو صاحب جريدة ورئيسها، خرج صباحية زواجه ليرعى مصالحه بينما حصل عديله مختار على أسبوعين شهر عسل مما أثر على عمله الخاص أيضا. اختار صدقي نموذجا لصاحب عمل مختلف تماما عن الموظف المسئول في "العزيمة" ، فيلم الواقعية الذي نحترمه، كما اختار ربة بيت لدور ليلى مراد وليست مدرسة في مدرسة نائية بمطروح كفيلمها البديع " شاطيء الغرام" هنا يخاطب كمنتج طبقة رأسمالية ويعطيهم درسا في كيف تعامل زوجتك وتقود بيتك.
يستخدم ورقة الطلاق لتأديبها كرد فعل على طلبها النفقة. غناء ليلى مراد يخفف من ثقل المواعظ ، وهناك مفارقة في شكل الفساتين وموديلات الشعر المرسل في تضاد مع الشعارات الدينية، ويبدو أنه لم يلتفت لهذا الأمر وإلا كان ألبسها خمارا أو عباءة. كما أن اختيار أماكن السهر في كازينو حيث الراقصة كيتي، وعشاء على أنغام موسيقى غربية ناعمة، يتناقض مع البطل وتوجهاته الدينية. ولكنها شروط التوزيع التي تفرض وجود كل توابل السينما المصرية من سهرات وتعاطي خمور وراقصة شرقية، وأيضا حفلة زار ، مما يؤكد أنه لم يكن ملتزما حقيقيا كما أراد أن يرسم صورة لنفسه، وأتفهم حجم كراهية الناقد الكبير سمير فريد للنجم حسين صدقي الذي يتأكد أن تدينه لم يكن أكثر من قشور لتاجر يريد الحصول على دعم لينتج فيلما هو خليط من التركيبة التقليدية للفيلم المصري مع رشة من الحكم والمواعظ الدينية. وبعض النصائح للتجار، منها ألا ينفقون من رأس المال كما يفعل عديله مختار، سامي هو النموذج الوحيد المثالي كما يرى هو، حماه سلم أمره لزوجته، ماري منيب في نمط الحماة التي تخرب على بناتها ، الأب الوالد شريف بيه يصحو من غفلته ويقول لزوج ابنته ، بحبك وبأحترمك، ثم يثأر لرجولته ويطلق زوجته بعد خضوعه لها لسنوات، تعالج نفسها بالزار وتسقط ميتة، ماتت علوية وسامي يخطب، لسه معتقدين في الخرافات!!، والأب نادم، ياريتني ما زعلتها، عزات تفشل في إدارة عمل زوجها وسيعلن إفلاسه، سامي يذكر أن الطلاق أبغض الحلال كمقال يمليه على مساعده عبر تسجيل مفتوح، سعيد أبو بكر في دورجميل الأخ المدلل يحرضه صلاح نظمي الثري الطامع في الزواج من فاطمة على قتل سامي ، فيتم تسجيل محاولة القتل وتثبت الجريمة على جميل. 

يحفظ التحقيق وينتهي الفيلم بموعظة من سامي الى حماه، لازم تفهم فاطمة إن طاعة الزوج والأب من طاعة الرب ، فاطمة كزوجة صالحة ، تعتذر وتعترف بغلطتها، تقول ببلاهة تجيد ليلى مراد التعبير عنها، أنا جايالك علشان أرجع آدم الجنة تاني . حسين صدقي كانت تربطه صداقة بالشيخ محمود شلتوت  الذي وصفه  "بأنه رجل يجسد معاني الفضيلة ويوجه الناس عن طريق السينما إلى الحياة الفاضلة التي تتفق مع الدين". " آدم وحواء" 1951  به كثير من الرقص شرقي وغربي، ورش حكم وآيات قرآنية مجتزأة من سياقها ليقدم حسين صدقي  فيلما برؤيته الكاملة كتابة وتمثيلا وإخراجا ،أما أفلامه التي لم يخرجها فما زلنا نشاهدها ونتحمل سماجته بفضل الإخراج الجيد والغناء الجميل لفنانة لا أعرف أين كان عقلها حين شاركت معه هذا الفيلم بمواعظه المباشرة .
صفاء الليثي
نشر بمجلة روز اليوسف العدد4811 باب للفن فقط إشراف شيماء سليم





No comments:

Post a Comment