Tuesday 8 September 2020

القيم الاجتماعية كما تعكسها أفلامنا 8 بنات حواء 1954


بنات حواء متحرشات بالرجال
" قصة آدم وحواء في الماضي والحاضر" جملة دعاية على أفيش فيلم بنات حواء للثنائي الناجح محمد فوزي ومديحة يسري ، في توجه لا يختلف عن حسين صدقي ، ولكن هنا في فيلم كوميدي غنائي أنتجه المطرب صاحب شركة الأسطوانات، المحاط دائما بالجميلات في فيلم مع زوجته الأخيرة التي شاركته أفلاما عديدة، تظهر هنا كسيدة عصرية صاحبة محلات ملابس باسم الصبا والجمال، رسم لنا سيناريو أبو السعود الإبياري صورة كاريكاتورية عن امرأة تؤسس جمعية المرأة تساوي الرجل، ويسخر الفيلم من النساء ( ذوات الشنب) يتحدى فوزي بطلته أن تقع في حبه وتعود أنثى كما يرغبها الرجال. 

بدأت يسلسلة المقالات للتعرف عن القيم الجتماعية في أفلامنا بفيلم" أقوى من الحب" لمديحة يسري أيضا مرفوضة كامرأة متسلطة وشادية كانت النموذج الذي يروج له الرجال ومنهم صناع فيلم " بنات حواء" فشادية مخطوبة لأناناس التي ترى السياسة " في الحب والزواج وتنضيف جيوب الرجالة " وبدلع شادية تقول هوه في أحلى من كده. رفض عصمت /مديحة يسري للزواج يعوق سعي حكمت/ شادية في الزواج لأنها الأصغر. نتعرف من الفيلم على التقليد الاجتماعي بعدم زواج الابنة الصغرى قبل الكبرى ، ولأن الفيلم مبني على الكوميديا الساخرة لا نلمح أي قيمة اجتماعية جادة يناقشها الفيلم باستثناء هذا التقليد ، فقط السخرية من النسويات ودعاوى المساواة التي كانت ظاهرة ومتوازية مع ثورة يوليو ورغبتها في تحرير النساء. في أول مشاهد الفيلم عصمت تلبس بنطلون وتضم شعرها وترفض الحب والزواج وتعتبره ضد مباديء الجمعية.
لا يجاهر محمد فوزي بعدائه للمساواة بل يقول، ادخلي البرلمان واطلبي المساواة ، مع الاعتراف بإنك ست..عاوزك تحسي كواحدة ست، عاوز قلبك يتغير.  الفيلم ذكوري بامتياز يظهر النساء متحرشات بالرجال ، حكمت تغازل وحيد وجدي ، يا جماله، وتنجرف للعبته في إغاظة أختها وتكاد تتخلى عن خطيبها، أناناس اسماعيل يس. زينات صدقي أيضا تقع صريعة جمال محمد رضا وتغازله ناسية تعليمات رئيستها حكمت هانم. الغزل الصريح بالكلمات لم يكن مرفوضا ولا يطلق عليه تحرش لفظي، المعاكسات بين الطرفين كانت سائدة وبدونها لا تكتمل علاقة الحب ولا تتحول إلى زيجات. وحيد يغازل عصمت، وهي عندما يستفزها لتشرب خمور كما الرجال ينفلت لسانها، ويقول لها انت قلت كلام حلو قوي.
يصل الفيلم الى قمة سخريته من النساء النسويات عندما يبدل وجدي صفحة من خطاب عصمت فتقول وهي منطلفة بحماس، "خلق الله المرأة للزواج وإنجاب الأطفال، فالرجل هو الرجل ولو كان له ذنب، والمرأة هي المرأة ولو كان لها شنب" تُفصل عصمت من الجمعية وينجح الذكر المتباهي بجماله في إيقاعها في حبه، مشهد منقول غالبا من فيلم أجنبي فيه تأتي الى بيته بحجة انقاذ أختها وتكون هناك عاصفة ورعد خارج البيت ثم مطر ، رغم ندرة حدوثه بمصر، هي بفرو وغطاء أوربي للرأس، تبدو جميلة كنجمة هوليودية، نيازي مصطفى وفريق فيلمه يقدمان الجمال بمساعدة محلات شملا ، حتى أنه هناك عرض أزياء ختامي تلبس فيه عصمت فستانا رائعا للزفاف وينتهي الفيلم نهايته السعيدة بزواج الجميلة من الرجل الوسيم ، وزواج حكمت من أناناس، وزواج كوميديانة الفيلم من موديل الرسامين ، الممثل محمد رضا في ملابس صياد نموذج لجمال ذكوري شعبي. محمد فوزي بطلا ومنتجا لفيلمه يقدم ما يشبه النصيحة للمرأة بألا تتحدث عن المساواة وأن تهتم بأنوثتها وتستسلم للحب، هو هنا رجل محافظ كرأسمالي  متمسك بمكتسبات الرجال عبر العصور منذ " آدم وحواء". يؤكد على صورة المرأة المفضلة لديه وقد غازلها في أغنيته، الورد له في روايحه لغات .. حاكم الزهور زي الستات ، و راقصة تظهر من زجاجة العطر ثم يتسع الكادر لتقدم الأنثى رقصتها ، بما يجيده المخرج نيازي مصطفى من حيل سينمائية سباقة، وصورة رائعة لمدير التصوير الكبير وحيد فريد، عالية الجودة، التفاصيل كلها عاكسة للجمال ، غير معنية بما يروج له نظام ثورة يوليو من مساواة المرأة بالرجل ، محمد فوزي يعلنها صريحة، الإنسان مش ممكن يحارب الطبيعة، الراجل راجل والست ست.
صفاء الليثي
نشر بمجلة روز اليوسف العدد 4812 باب للفن فقط إشراف شيماء سليم



No comments:

Post a Comment