Saturday 8 August 2020

القيم الاجتماعية كما تعكسها أفلامنا 4 رسالة من امرأة مجهولة

رسالة من امرأة مجهولة

رؤية مغايرة لعلاقة الحب المحرمة

أمل تلميذة في ثانوي، يسكن قصادهم المطرب المشهور أحمد سامح، تنجذب إليه، تصادق خادمه الأمين، هو محاط بشلة منتفعين ونساء طامعتن في الزواج منه، يرغب فيمن تحبه بصدق ، تحبه أمل دون أي أطماع وتمضي قصتهما حتى يحدث لقاء ينتج عنه حمل . رسالة تصل للنجم تشرح له ولنا كل شيء.

على خلاف أفلام كثيرة لم تقدم قصة الحمل خارج الزواج كنتيجة لخداع رجل وتغريره لفتاة بريئة، بل كمسئولية مشتركة بين فتاة أحبت وأصرت على تتبع خطوات حبيبها وتجاوبت معه حتى حدث لقاء كامل حملت بعده ثم سافر الحبيب، لم يعرف ولم يهرب بل هي طبيعة عمله.  وجدت أمل سندا في عمتها التي صارحتها بحملها ودافعت عن الحبيب، هوه مالوش دعوة ، دي غلطتي أنا ، أنا اللي رحت له برجلية، وحين تقاطعها العمة، يعني تصعبي مستقبلك وتسكتي ، مش عاوزاه يحس إنه غلط وضميره يأنبه، قد كده بتحبيه !، هوه مسافر كل اللي عاوزاه منك انك تستري عليا ، فترد العمة بجملة مورال الفيلم  بالمفهوم المصري ، ربنا حليم... ستار يا بنتي. بطريقة أداء أمينة رزق وبتوجيه صلاح أبو سيف دون صراخ ولا انهيار. تخلع دبلتها وتلبسها يد أمل،   سترت العمة ابنة أخيها وساعدتها على مواجهة المجتمع الذي لا يرحم. هل الالتزام بالأصل الأجنبي كان السبب لهذه النظرة المغايرة للعلاقة المحرمة؟، سار الفيلم في طريق الرحمة فلم يمت الطفل ثمرة الخطيئة ، بل تم إنقاذه بعدما أوصلت أمل رسالتها الى الحبيب ، تستنجد به لينقذ ابنهما بعد حادث أفقده دماء، سيعوضها له الأب في مشهد تشويق يحبس الأنفاس ، يتم إنقاذ الطفل والأب يطلب السماح ، سامحيني .
الفيلم أحد الأعمال التي نجح صناعها في تمصيرها عن أصل أجنبي، اقتباس لم يخل بأساس الأصل وبالطبع تم تغيير ما يلزم ليشعر المشاهد بأنه مستمد من واقعنا بكل تحابيشه، الأم ماري منيب وحقها في الزواج بعد ترملها، انتقال البطلة للعيش لدى عمتها وليس في بنسيون، والعمل في شركة تأمين، أحد مظاهر ستينيات مصر في عصر عبد الناصر، قامت أمل بجهد أجبر الزملاء ورئيس العمل على احترامها، نجاحها بمساعدة العمة في تربية ابنها بمال تكسبه من عمل شريف، لم تضطر الى العمل في ملهى ليلى أو أن تبيع جسدها، بل عزمت ونجحت في الارتقاء بحياتها ومنحت ابنها حنانا وظروفا معيشية لا ينقصه فيها إلا الأب ، برسالتها ستعيده إليه فتعوض الغياب وتحقق للأب النجم حلمه بحب بلا أطماع. حب حقيقي كحب أمل له.
 أضفى حوار السيد بدير واقعية مصرية على القصة الأجنبية، ومع رؤية صلاح أبو سيف التقدمية، وضعت نهاية ممكنة ورحيمة لعلاقة حب سبقت زواجا شرعيا يمكن أن يحدث حتى بعد ولادة الطفل. المقارنة مع فيلم أنا وبناتي الذي سبق إنتاجه بعام واحد يوضح دور المخرج في طرح مفاهيم محافظة أو رجعية، تقدمية وطليعية، أو أن يبدو حائرا فيتقدم خطوة ويتراجع خطوات تحت ضغوط شباك التذاكر، والخوف من الاتهام بالإساءة إلى قيم المجتمع ، يتميز الفيلم أيضا بتضمينه لمعلومات عن مصر دون مباشرة ، المنصورة ومدارسها، المنشئات الجديدة من المصانع ورجال الرأسمالية الوطنية، أهمية العمل للمرأة لتتكفل بمعيشتها ، ولا تلقي ببلاءها على أحد. لماذا نشعر بالأسف لتراجع مفاهيمنا وقيمنا الاجتماعية كشعب وكصناع فن.
في فيلمنا هذا امتلكت البطلة شجاعة الاعتراف بمسئوليتها عما حدث لها، لم تنهار ولم تطلب من الرجل أن يصلح خطأه، بل اختارت أن تعمل جاهدة لتوفر لابنها سامح حياة كريمة تليق بكونه ابنا للنجم أحمد سامح .
أدهشني هذا الفيلم لاختلافه عن أغلب أفلام فريد الأطرش وأفلام صلاح أبو سيف أيضا، ظننت أن الاختلاف مرجعه أن القصة مأخوذة عن الكاتب النمساوي توماس سفايج. ولكن بمشاهدة النسخة المصرية التي صدرت عام 1962 والنسخة الأمريكية  في عام 1948 شعرت بأن التغيير مصدره الأساس لبنى عبد العزيز و المنتج رمسيس نجيب الذي اكتشفها وقدمها في أدوار مختلفة  كفتاة متمردة تسعى إلى الحرية.
صفاء الليثي
نشر بمجلة روز اليوسف العدد 4808 للفن فقط اشراف شيماء سليم





نشر بمجلة روز اليوسف العدد 4808 للفن فقط اشراف شيماء سليم

No comments:

Post a Comment