Sunday, 22 November 2020

علي عبد الخالق مخرج سينما وجندي في جيش الوطن

 علي عبد الخالق  بين نبض الوطن ونبض الجماهير

كانوا اثني عشر مخرجا ، كل بمصور وفريق تنفيذ، تمرتسوا في اثني عشر موقعا من مكان خروج النعش حتى مثواه الأخير، انها جنازة الزعيم الذي احترمه حتى أعداؤه، أكبر جنازة في التاريخ، جنازة ناصر الذي غنى له الشعب مرثية " أنشودة وداع" لم تكن فقرة اخبارية تذاع وتنسى، بل فيلما وثق للحدث وأظهر محبة الشعب ورموز الأنظمة عربية و عالمية ، كلف أصغر المخرجين علي عبد الخالق بالسفر مع الفيلم لمهرجان ليبزج  فاستلم الجائزة ، جائزة لمصر في عمل بلغ 30 ق زاخرة بالمعلومة ومعبرة عن روح الزعيم. بعدها صور فيلم السويس مدينتي أثناء حرب الاستنزاف بدعم من الشئون المعنوية التي دربت المخرج الشاب وقتها على تتبع الاشتباكات على القناة فكان مخزونا استغله في عمله الطويل الأول، كانت المعايشة ومسرحية علي سالم أساسا بنى عليه فيلمه " أغنية على الممر " الإنتاج الأول لجماعة السينما الجديدة، محمد راضي وأحمد متولي وباقي المجموعة ، كان من الممكن أن يطوي النسيان العمل  ولكن بمقارنته بأعمال معاصرة تفوق عليها رغم اختلاف الزمن، الجيش أنفق على الفيلم 19 ألف جنيه، وحضر عرضه في المعمل، الفريق صادق، ورئيس مجلس الشعب سيد مرعي، أعجبهم الفيلم واشتروا 30 نسخة بمقاس 16 مللي دعما إضافيا وتحية للفيلم، خلافا لشراء حفلات لعرض الفيلم في سينما ديانا واستمر العرض ثلاثة أسابيع ، نجاح كبير وقتها . تضمن الفيلم أغنية كتب كلماتها عبد الرحمن الأبنودي ولحنها حسن نشأت تبقى كلماتها حية في قلوبنا ، أبكى.. أنزف.. أموت، وتعيشي يا ضحكة مصر، وتعيش يا نيل يا طيب ، وتعيش يا نسيم العصر، وتعيش يا قمر المغرب ، وتعيش يا شجر التو ، أبكى.. أنزف.. أموت ، وتعيشي يا ضحكة مصر.

وهكذا قدم المثقف الفنان حبه للوطن عبر مساهماته القصيرة والطويلة،  مر بمرحلة وسطى بين الدراما المشبعة بقضايا الوطن، ثم وصل لمرحلة أفلامه الجماهيرية مع العار، والكيف مجموعة أفلامه التي كتبها محمود أبوزيد وحققت نجاحا جماهيريا ونقديا.  

ومن أعماله الأولى مسلسل في 15 حلقة " بعد الضياع" صور بشريط السينما 35 مللي ، شرفت فيه بالعمل في أعمال المونتاج مع نفيسة نصر والمونتير أحمد متولي، تصور الحلقة ويصل الخام المصور ويحمض في الحال ، تطبع نسخة عمل يقوم عليها المونتاج بوزيتيف ثم نيجاتيف، ويعود لطبع نسخة العرض، كلها في ساعات ثم تبث الحلقة في التلفزيون ، يتجمع الجمهور حوله وقت ما كانت هناك ثلاث قنوات فقط. اقترح المنتج رياض العريان على علي عبد الخالق أن يتم تصوير فيلم بنفس الأماكن والديكورات، فكان فيلم " مسافر بلا طريق" تمثيل محمود يس وماجدة الخطيب وصلاح السعدني، وقصته تحكي عن أسامة الفنان التشكيلي الذي  يقرر السفر إلى الأقصر للبحث عن أسرار الرسوم واللوحات التي خلفها الفراعنة، وهنا يتعرض لعصابة أنطوان المتخصصة في سرقة الآثار، ويفقد أسامة ذاكرته ويلتقي بإحدى القبائل البدوية. يعيش معهم، تعتنى به أسرار إحدى فتيات القبيلة وتشعر بالحب نحوه.  ثم يموت . ولكن المنتج طلب تغيير النهاية فلا يموت البطل كما المسلسل، عند عرض الفيلم واحد من الجمهور صرخ رافضا النهاية وأعلن أنه شاهد القصة في المسلسل أثناء عرضه بالخليج وكان البطل يموت في النهاية ، تأثر المخرج برأي جمهوالمشاهد وأعاد النهاية التي تتسق مع الحكاية وتتوافق مع ما تعود عليه الجمهور، تجربة أثرت عليه وأصبح يضع الجمهور في حساباته عند صنع أفلامه وكان النجاح الكبير حين تعاون مع محمود أبوزيد في العار والكيف. خلال (العار) 1982، (الكيف) 1985، (جري الوحوش) 1987، (البيضة والحجر) 1990.   حققا فيها معا نجاحا تجاوبت معه الجماهير وأخذت تردد جملا من الحوار المعبر عن نبض الناس، وكان لاختيار النجوم وتعاونهم في بطولة جماعية عاملا للجذب واستمرارا لأسلوب المخرج في الانحياز للأفكار القوية دون الاكتقاء بجاذبية النجم الأوحد.

صفاء الليثي

نشر بجريدة القاهرة الثلاثاء 17 نوفمبر 2020 رئيس التحرير عماد الغزالي



 

No comments:

Post a Comment