Thursday 6 March 2014

تقليب فى أوراق قديمة (1)



أحلى بالشنب
سمعت صوت الكلب ينبح فعرفت أنهما قد وصلا. خرجت وتطلعت من شرفة سلم البيت حيث الحديقة خارجه وتأملتها، فتاة ريفية بعينين مذعورتين تحدق النظر في أنا التي أرتجف من رد فعلها وخوفي من أن تكرهني، تكره ابنة العم القاهرية التي تحتاجها لكي تخدمها والطفل .
انشغلت كل منهما بالأخرى ونسيتا الرجل والد القاهرية وعم الريفية، نسيتاه تماما في الوقت الذي استكان فيه الكلب وكف عن النباح مستريحا للطفلة الفتاة، يتشممها ويهز لها ذيله .
في المنزل أخذت أخدمهما، قدمت طعاما بالغت في العناية به احتفاء بأبي. كانت تأكل بأناة ونظرها لأسفل. تركنا أبي وأوصى كلا منا بالأخرى .. كان الطفل نائما وعندما صحا حملته بين ذراعيها، فبادرتها بتركه في سريره " حتى لا يتعود على الشيل " تضايقت لعدم لباقتي وحاولت تبرير منعها من حمله. استمر المنع واستمرت اعتذاراتي وتبريراتي واستمر ندمي طوال فترة تواجدها حتى أصابني إحباط شديد فتركت لها حرية التصرف كاملة، منشغلة بهمي الأكبر بالغائب الذي لا أجده جانبي عندما أحتاجه .
ذات مرة وأنا بالشرفة الداخلية أتأمل المنظر الطبيعي المقابل لبيتي ضحكت قائلة " أنت بشنب .. ليكي شنب زي الرجالة " تركتها تضحك بشدة ودخلت .. تأملت نفسي في المرآة – ونادرا ما أفعل – كانت شعيرات رفيعة سوداء فوق فمي، وشعيرات أخرى أكثر سمكا ظاهرة بوضوح فوق ذقني  .. فكرت هل هذا سبب ابتعاده عني، عدت إليها " بتعرفي تعملي حلاوة ؟ " كانت قد أحضرت بكرة الخيط ودفعتني على مقعد وأخذت تعمل بهمة في إزالة الشعر، تتوقف لحظة تريني الشعيرات التي تعلق بالخيط مستنكرة وموبخة . كنت أتأوه وأطلب منها الكف وهي تعدل رأسي وتعمل بهمة.
ظل وجهي يؤلمني واحمرت بشرتي، وضعت عليها قليلا من الكريم ، أما هي فقد غرزت إصبعها وأخرجت قطعة كبيرة أخذت تدلك بها يديها ووجهها ثم أكملت بتدليك ساقيها.
في الليل انتظرت أن يلحظ شيئا، ولكنه سأل وهو يلوي شفتيه: " أنت عاملة حاجة في وشك ! منظرك غريب جدا "  لم أرد .. وحمدت الله لاستيقاظ الطفل لأنشغل به، بينما هي تشاهد فيلما في التلفزيون بتركيز عال جدا وتضحك وهو يتبرم لضحكها ثم ينام.
في الصباح والطفل نائم تأملتني ونحن في الشرفة وقالت وهي تكتم ضحكها أن شكلي أحلى بالشنب . أصبحنا صديقتين. سألتني يوما لم لا أرتدي الفستان الذي استقبلتها به أول يوم، قالت إن شكلي كان جميلا به .
حتى الآن لا أزيل شعيرات وجهي إلا نادرا ، وأهتم دائما بوضع الروج ، و لاتهمني نظرات الاندهاش، وهم يتأملون سيدة تضع طبقة خفيفة من الروج فوق شفاه فوقها شعيرات خفيفة سوداء تعطي الوجه انطباعا صبيانيا. أبتسم وأنا أرى وجهي يشبه وجهها، حمدية ابنة عمي الريفية . 
صفاء الليثي  - القاهرة 4/3/1998  

No comments:

Post a Comment