Saturday, 11 September 2021

كودا الفيلم الحاصل على أفضل إخراج درامي في ساندانس 2021

              التنمر والسخرية من الاختلاف في فيلم كودا

 

تعبير كودا اختصار الحروف الأولى بالإنجليزية لطفل من عائلة صماء، وهو موضوع فيلم مخرجة أمريكية تعمل في إطار مستقل شاركت فيلمها بمهرجان صاندانس للسينما المستقلة. الفيلم أجده مشوقا شديد الرقة ينضح بجمال موقع الأحداث وجمال وغنى رسم الشخصيات، كما يمنحنا دروسا في معاملة الآخر المختلف الذي ولد بإعاقة تجعله مختلفا عن الجموع. روبي ابنة هذه الأسرة الوحيدة التي ولدت بصحة كاملة ولم ترث عن أبويها عاهة الخرس، لتكون الوحيدة في أسرة مكونة من أم وأب وأخ يعانون من الصمم وبالتالي عدم القدرة على الكلام.

تقوم بالدور إميليا جونز الاستثنائية فهي فتاة موهوبة ، تتنقل في تعقيدات هويتها وعواطفها وتوقعاتها العائلية ، وتحاول التوفيق بينها دون الإضرار بمشاعر أي شخص.

الأب صياد ورث المهنة عن والده وجده ، تزوج من صماء، دعت الأم أن تكون ابنتها صماء أيضا حتى يمكنهم التفاهم معها ولكنها لأسباب قدرية تولد بقدرة كاملة على السمع بل وتحب الغناء ولديها صوت جميل وقدرة فنية على ترديد الألحان. الفتاة تساعد أسرتها في الصيد على مركبهم الخاص، تسرع بعد العمل لتلحق مدرستها ورائحة زفارة السمك تفوح من ملابسها، يمكن أن نعتبرها فتاة مثالية محبة لأسرتها تتحمل وحدها سماع سخرية الآخرين من أسرتها، وبعد اختيارها للغناء كنشاط مدرسي يكتشف معلم الموسيقى فيها موهبة ويشجعها لتلتحق بكلية في بوسطن وتصبح أسرتها مهددة بفقد المترجمة المجانية لهم والتي لا يمكنهم العمل دونها، أخاها يرفض تضحيتها ساخرا من دور القديسة الذي تلعبه، قام بالدور دانيال ديورانت. وفي النهاية تقرر الأسرة التصرف في أزمتهم وتشجيعها على الالتحاق بكلية الموسيقى وتكون قد ارتبطت بزميلها في ثنائي المغنى عاطفيا، يتحديان معا بالقفز من صخور عالية الى بحيرة بالبلدة. مواقع التصوير البعيدة عن العاصمة وعن المدن الكبيرة سببا إضافيا لتميز الفيلم بعيدا عن أفلام هوليوود بأفكارها النمطية . دون اعتماد على نجوم معروفين، وبميزانية محدودة خرج الفيلم حاملا طاقة إنسانية شديدة الإيجابية بإيقاع مناسب لأجواء بلدة صيادين صغار نتعرف على معاناتهم مع المستغلين الأكبر وتقود العائلة الصماء تمردهم على من يستغلونهم.

المخرجة سيان هيدر ولدت في 23 يونيو 1977 في كامبريدج ، ماساتشوستس ، الولايات المتحدة الأمريكية. هي كاتبة ومنتجة ، اشتهرت بـمسلسل برتقالة سوداء جدبدة "  وفيلم أم في2006 فيلم  كودا آخر أعمالها في 2021 . فازت بجائزة الإخراج من مهرجان ساندانس الذي أقيم افتراضيا  بسبب جائحة كورونا  في 28 يناير 2021.

قامت بدور الأم الممثلة مارلي ماتلين الجائزة على الأوسكار تقول إنها تعلمت أداء دور الصماء من ممثلة صماء حقيقية شاهدتها على التلفزيون، دور الأب قام به بحساسية مدهشة تروي كوتسور، منج له السيناريو مشاهد كوميدية أداها بلطف شديد، وموقفا رافضا للأستغلال  فعبر بنجاح عن معاناة الطبقة العاملة،  وبالفيلم عدة مشاهد قائقة تجمعه مع روبي منها حين طلب منها الغناء وتابع تعبيرات وجهها بتركيز مضن وهو لا يسمع شيئا، كما أدت المجموعة مشهدا فائقا وهم يحضرون حفل المدرسة وابنتهم تؤدي أغنيتها الدويتو مع زميلها، تابعوا ردود أفعال من يسمعون وانتقل إليهم شعور بالسعادة لنجاح ابنتهم المتميزة عنهم بقدرتها السمعية وقدرتها على الغناء. المخرجة المؤلفة في نصها لم تتعامل بشكل فج مع الإعاقة كما بعدت عن الميلودراما وأدخلتنا في حكاية تتعلق بمدرس الموسيقى المهووس بتعليم الآخرين ، وفي حكاية عن أسرة رفيق روبي في الغناء الذي يفتقدون الحب وهم بكامل صحتهم.

من الخطأ تصور أن مهرجانات كان وبرلين وفينيسا فقط هي التي تحوي أفلاما هامة، مهرجان ساندانس يحتفي بسينما مستقلة جميلة ورائعة وعلى مهرجاناتنا أن تحذو حذوه فتهتم بالأفلام الجميلة من كل أنحاء الدنيا حتى لو لم يضمها المهرجانات الثلاث الكبرى، أتمنى على القاهرة أن تكون لديه اختياراته التي تناسب جمهورا أتصور أن فيلما مثل " كودا " سينجح في نيل إعجابه ولن يخرج محبطا من العرض متسائلا هل هذا فيلم كبير حقا أم أن لدي مشكلة في التفاعل مع ما ترضي عنه لجان كان وبرلين وفينيسا.

صفاء الليثي

أنشره مباشرة على مدونتي الخاصة " دنيا الفيلم "  



 

 

No comments:

Post a Comment