أفلام نهاية العالم تقدم 2 انترستيللر بين النجوم

انتر ستيلر الطبيعة الهائلة والمخيفة

يلخص المشهد الافتتاحي لفيلم انترستيلر عناصر الفيلم الممتد على مدى ثلاث ساعات إلا ربع الساعة ، مسنة في شاشة تحكي عن والدها الذي كان مزارعا مثل الآخرين، ثم مركبة فضاء ومشهد كابوسي يستيقظ منه البطل ماثيو ماكونهي/ كوبر الأب على نداء ابنته مورفي، هل شاهدت الشبح ، هل كنت تحلم بحادث التحطم؟. تلعب الموسيقى دورا دراميا تساند الحكي المتواصل، وباء تمثل في عواصف ترابية كثيفة كأنها ضباب ، نسمع ، الأمر رهيب لنلبس الكمامات يا رفاق ، كأنهم يعيشون في خماسين دائم ، وباء واضح وليس فيروسا لا يرى بالعين المجردة كما الكورونا في 2020.

لم يحدد المخرج كريستوفر نولان العام الذي تدور فيه أحداث فيلمه "Interstellar 2014" ولكننا نفهم أنه في مستقبل بعيد والعالم على وشك الانتهاء، وتصبح الحاجة الوحيدة لمزارعين لتعويض نقص الطعام، لا مهندسين ولا طيارين، ويصبح من يفكر أو يربي أولاده على علوم فضاء متهما أو عدو للمجتمع. هكذا يصور صناع الفيلم مستقبلا مظلما، في البيت نقاش في الأسرة، الطفلة مورفي تتحدث عن الشبح وكوبر الأب يحدس أنها الجاذبية وينصح ابنته بالملاحظة والتحليل ثم الخروج باستنتاج. يشهد معها سقوط كتب من المكتبة، تقوده حركة الكتب بالجاذبية إلى نوع من النداهة ولكنها نداهة العلم.  

يعد نفسه وكأنه ذاهب في رحلة، تختبئ مورفي في السيارة ، يقود ومعه خريطة يصل إلى مكان مقفر ولافتة" قيادة دفاع الفضاء الجوي الأمريكية الشمالية" يحاكمه روبوت ومجموعة تعمل سرا يقودهم البروفسور براند/ مايكل كين، ونعرف أنه لا محصول سوى الذرة بعد انقراض القمح وغيره من المحاصيل هناك نقص في الأكسجين سيؤدي إلى فناء البشر. يطلب من كوبر قيادة سفينة فضائية لايجاد وطن بديل في مجرة أخرى. وكأنه المختار ليس كنبي ولكن طيار يمكنه قيادة حكيمة لمكوك فضائي . يقتنع لينقذ طفليه من موت محقق حسب تنبؤات العلم. الدافع الشخصي أحد عوالم الجذب في السينما الجماهيرية الشعبية، وهذا الفيلم رغم انتقادات النقاد لثقل المعلومات والشروح به، إلا أنه حقق ايرادات كبيرة ونجح جماهيريا.

سينجح كوبر ومجموعته في اجتياز ثقب دودي يقود إلى مجرة أخرى  ويصلون إلى مستكشفين سابقين كانوا قد دخلوا في مرحلة سبات حتى تأتي قوة وتنقذهم ، ويعودون باستنتاج أنه يجب التعامل مع مشاكل الأرض لعدم وجود البديل الصالح لمعيشة البشر الا على الأرض. على مدى الفيلم الصراع مع الطبيعة ولا يوجد شرير حتى قرب نهاية الفيلم حتى يظهر د. مان/ مات ديمون مستمرا في حلم وطن بديل حتى لو فني البشر على الأرض. يجد مشاهد الفيلم وكذا ناقده نفسه مستغرقا في التفكير في حقائق علمية ونقاشات مستفيضة ولكن جوناثان نولان كاتب هذا السيناريورسم شخصيات أحدها ايمليا/ آن هاثاوي ابنة البروفيسور مدفوعة بالحب كشيء قوي تراه الشيء الوحيد الحقيقي ، الكاتب لديه أيضا معرفة علمية صحيحة، ولا يتخبط في الميثولوجيا الدينية ويخلطها بقشور العلم ، بل يسوق حقائق علمية عن الزمن واختلاف حساباته بين المجرات، الساعة في مجرات الوصول تعادل سبع سنوات على الأرض ، وهو ما سيؤدي إلى مفارقة  وصول كوبر شابا ( رغم أن عمره 124 عاما) ليجد ابنته مورفي عالمة مسنة على فراش الموت وحولها عائلة لا يعرفه منهم أحدا. الكاتب وهو شقيق المخرج لديه حس إنساني عالي وموهبة أدبية تتجلى في قصيدة الشعر التي يرددها العالم ويرسلها مع رسائل التواصل بين مجموعة علماء ناسا وفريق المستكشفين ( لا تكن مسالما في ليلة موتك/ اغضب اغضب ولا تستسلم للموت) هناك توضيح مستمر من صناع الفيلم فلا يتركوننا في ألغاز بل مع حقائق علينا استيعابها. واعتماد كبير على المونتاج المتوازي والإنقاذ على آخر لحظة بين جهود كوبر للعودة وجهود مورفي لانقاذ أسرتها والبشر بمعادلة  حلها الأب حيث غريزة البقاء أكبر مصدر للإلهام، يعتصر ذهنه وينجح في العودة ويبقى معلقا في زمكان ثلاثي الأبعاد ومشهد فائق يجمعهم مكتشف الفضاء ومورفي طفلة تشعر بالشبح، وامرأة ناضجة عالمة ذكية تعرف أن الشبح هو الوالد الذي عاد لإنقاذهم بحل يعيد الأمل في بقاء البشر على الأرض. وصراخ أوريكا وجدتها وجدتها. وعودة للمسنة مورفي تحكي عن والدها المزارع كوبر في شاشات منتشرة في المستقبل.

صفاء الليثي

نشر بمجلة روزاليوسف باب للفن فقط اشراف شيماء سليم

العدد 4800