Monday 11 April 2011

الوثيقة التسجيلية من الثورة إلى الثورة 3




فى انتظار الطبقة العاملة (3-3)
فوزى صالح 
جائزة العمل الأول من تطوان عن جلد حى

شارك المخرج فوزى صالح بفيلمه التسجيلى "جلد حى" فى تطوان بالمغرب الدورة 17 من 26 مارس إلى 3 أبريل ، فوزى منحاز للطبقة العاملة، وعنها يعد فيلما من وحى ثورة 25 يناير بعنوان مؤقت " فى انتظار الطبقة العاملة" يطرح فيه فكرته عن الجماهير الذين قاموا بالثورة، ولكن أناسا آخرين بدأوا فى التفاوض والحصول على المكاسب، بينما يتم تجاهل مطالب الجماهير وتسفيهها بوصفها "فئوية" ، وبدعاوى " الأمن والاستقرار، وعودة عجلة الإنتاج" ، ينوى فوزى صالح تحليل ما حدث فى فيلمه منتظرا "جودوه" الخاص، طبقته العاملة، الطبقة الثورية التى تمتلك مقومات الثورة الدائمة. "فى انتظار الطبقة العاملة" يُبنى على ما صور من مواد فى سياق يعبر عن فكر المخرج الذى رقص مع الراقصين على جثة النظام المخلوع، هذا ما رأيته ولكن فوزى بروايته فاجأنى بشهادة مختلفة :" ما كنتش نازل أصلا، كنت دائما أسخر من فكرة تحريك المظاهرات بالإنترنت، ومع ذلك قررت الخروج، وصلت ميدان التحرير الساعة الثانية بعد الظهر ،كانت هناك مجموعات صغيرة، والتقيت سينمائيين ومثقفين، ضربونا بقنابل مسيلة للدموع، ونويت التحرك مع مجموعة تنوى التحرك تجاه وزارة الداخلية- على بعد أمتار من ميدان التحرير- شاهدت الشاب الذى تعارك مع أمين الشرطة الذى كان يفرق الناس رشاش المياه، شاهدتهما يسقطان معا، المتظاهرون اختطفوا زميلهم وتركوا العسكرى، بقيت حتى الثامنة مساء ثم عدت إلى بيتى عندما ازداد تجمع النُخب، التى أرفض مظاهراتهم عادة. بيتى فى حى مدينة نصر يبعد عن التحرير. وحتى منتصف الليل انشغلت بأمور حياتية ثم تابعت أخبار القبض على عدد من المحتجين، أسماء غريبة على، فكرت إنها فقط ضربة وقائية، اليوم التالى تواجدت التاسعة مساء فى بولاق أبو العلا- حى شعبى قريب من الزمالك ومن ماسبيرو- وسط اشتباكات البوليس قررت الهرب فذهبت إلى مركز هشام مبارك لحقوق الإنسان، شاركت فى توزيع الإعاشة على المتواجدين بالنيابات المختلفة، كانت هناك صدامات مع البوليس وتم الإفراج عن الناشطين، اعتقدت أن الأمر انتهى عند هذا الحد ولم أخرج يوم الخميس ، يوم الجمعة نزلت مع زوجتى وعائلتها، كنت الرجل الحامى لعدد من النساء فى الطريق، بعد صلاة الجمعة فى مسجد رابعة العدوية قطع شاب الطريق وزعق( مش هأمشى اللى لما يشغلوا خط التليفون،) بكيت ووجدتنى أهتف بسقوط حسنى مبارك، رددت البنات الهتاف خلفى، ثم تجمع حوالى 200 شخص سرنا نهتف،أحاطنا كردون أمنى ولكننا كنا وصلنا 3000 متظاهر، انقطاع الاتصال جعلنا نسير بقوة الدفع الذاتى مع الجموع بإدراك أننا حتما متجهون إلى ميدان التحرير، ولكننا وصلنا على مشارف ميدان رمسيس حوالى الخامسة مساء، قطعنا حوالى 12 كيلومتر سيرا على الأقدام نهتف، معنا عجائز بعصيهم، شاهدت علاقة غرامية تنتهى، حين وقف صبى فى الخامسة عشر قائلا لفتاته،أنا تعبت مش قادر أكمل، البنت قالت بحزم أنا مكملة، وسارت، من كل الاتجاهات من الوايلى والزاوية الحمراء والشرابية انضمت جموع من الناس ، لم نستطع الدخول إلى ميدان رمسيس الذى كان غاصا بالبشر، كنا أصبحنا حوالى 20000محاصرين فتفرقنا،عدت إلى البيت،كانت هذه جمعة نزول الجيش وما سمى بانسحاب الشرطة، فى البيت أخذت أتابع الأخبار على التلفزيون الرسمى، اخترته لكى أضحك على الأكاذيب وترويع الناس ، القتلة فى الشوارع.. كنت مقيدا مع سيدات الأسرة لغياب حماى خارج البلاد، أعمل على مشروع فيلمى الروائى الأول حول المدابغ كفيلمى الوثائقى، صباح السبت فى الثامنة نزلت مع زوجتى ميدان التحرير، وعدنا مع حظر التجوال، كان اليوم الوحيد الذى التزمت فيه بموعد الحظر،ككل المصريين أصبح اتجاهنا كل صباح للتحرير، وحتى هذه اللحظة لم أكن أشعر أن هذه ثورتى، فأنا أراهن فقط على الجماهير، ولكن عندما بدأت الملايين تملأ الميدان أدركت أن النظام قد سقط. شاركت فى ترويج نكته أطلقها أحد السينمائيين( يا جماعة النظام سقط، مروان حامد فى الميدان)، مروان حامد هو الابن الوحيد لكاتب السلطة السيناريست وحيد حامد- مؤلف "اللعب مع الكبار" ومسلسل "الجماعة" ، كنت أتحرك مع (شباب العدالة والحرية) وهم مجموعة طلبة ينتظمون فى حركة ذات نوازع يسارية،أتحرك كمواطن عادى لا يشغله عمله الخاص الآن كسينمائى، كنت غير قادر على فهم اللحظة التى تجاوزتنى، وعندما طلب منى كتابة موضوع عن الثورة لمطبوعة عربية ،كتبت العنوان فقط " فى انتظار الطبقة العاملة" ثم توقفت. 
مازلت بيقينى من أن هذه الثورة لن تنجح إلا إذا انضم العمال إليها، مشبعا بمخاوف اليسارى . كنا وصلنا ليوم الثلاثاء ليلة خطاب الرئيس حيث تدافع الملايين بإحساس النصر، النظام بدأ فى التساقط وتقديم التنازلات، ولكن البرجوازى الجبان داخلى منعنى من النزول، ويوم الأربعاء 2 فبراير بقيت بالبيت ثم انهرت ونزلت ، وليتنى ما نزلت،شاهدت ما لا يرغب الكثيرون فى سماعه، شاهدت اندفاع ناس عاديين حاملين أعلام مصر مؤيدين للنظام السابق، سائق التاكسى بادرنى حين طلبت منه الاتجاه لميدان التحرير " خربتوا البلد" غيرت التاكسى لآخر. وعلى كوبرى أكتوبر كانت أسر فى سياراتهم يهتفون للاستقرار، السائق قاللى اتحاصرت يا معلم، وقرب نهاية الكوبرى فوق جريدة الأهرام كانوا يوزعون بالإكراه منشورات صغيرة "نعم لمبارك" انهرت باكيا وأدركت أننى لم أقدر على العودة إلى البيت، قرب ماسبيروا آلاف يقودهم ضباط شرطة يهتفون لمبارك "انتو اللى هتمشوا " ردا على هتاف "هوه يمشى..." بعض الضباط محمولون على الأعناق، وكمائن لإرجاع الرافضين، آلاف تتدافع من سيارات نصف نقل. علمت بعد ذلك أن السيارات كانت محملة بكسر رخام من منطقة "شق التعبان" لضرب متظاهرى التحرير، أدركت أن من بالميدان سيموتون قلت لنفسى "الناس دى ماتت خلاص" وتمكنت من العودة لبيتى، ولكن الثورى فىّ عاد يوم الخميس الذى سبق تنحى الرئيس وكنا فى مقهى نستمع إلى الخطاب الذى اعتقدنا أنه سيكون خطاب التنحى، وعندما لم يحدث هتفنا إلى التلفزيون،لا أعرف السبب ،البعض اعتصم أمامه وأنا عدت بيتى، كنت بدأت أكره الثورة المخالفة للثورة التى أريدها. يوم الجمعة ذهبنا لقصر العروبة ، وتزايدت الجموع، أغلب من حولى من سكان مصر الجديدة، عدائى الطبقى لهم قلل من فرحتى، ليست هذه ثورتى ،ثورة كل الشعب، ثورة الكل فى الكل ليست ثورتى، أؤمن بثورة شعب ضد شعب ، عندما تقوم الجماهير الكادحة ستكنس كل هؤلاء من الإخوان والرأسماليين والبرجوازيين الكبار، مصالحه هى نفس مصالح الطبقة الحاكمة، كنت مكتئبا منذ يوم التنحى- أو التخلى – أى ثورة هذه التى يحميها جيش –جيش الدولة- ونما القلق وعدت لفكرة " فى انتظار الطبقة العاملة " أكتبها فيلما أخلط فيه العام بالخاص، أرد فيه على استخدام كلمات مثل فئوية، كيف إنها حقوق الناس، لحظات سعادتى تكون عندما أشاهد رعب البرجوازيين الكبار من اللصوص والقتلة والعامة ،أهلى وناسى، بعد الموافقة على تعديلات الدستور تيقنت من صحة فكرتى ، تعديلات أى كلام ويقمع أصحاب الحق الأصيل، تيقنت أننا جميعا فى انتظار الطبقة العاملة التى ستقيم ميزان العدل وستظل عطايا النخب الحاكمة محدودة ، من يقولون للجماهير "خلاص شكرا كده، احنا عارفين مصالحكم" وقضايا الفساد التى تفتح حسب المزاج، تقوم الجموع بالثورة ويحصد مكاسبها أصحاب النظام الاقتصادى القائم ، خيارى هو الثورة الدائمة، خيارى مع الثورة العمالية التى أنتظرها". أجريت مع فوزى صالح لقاء فى القاهرة قبل سفرنا للمشاركة بمهرجان تطوان،

حصل فيلمه جلد حى على جائزة العمل الأول فى مسابقة الفيلم التسجيلى من لجنة تحكيم رأسها الكاتب والناقد المغربى مصطفى المسناوى المعروف لدينا فى مصر وشاركت فى اللجنة المنتجة المصرية منى أسعد وكانت شاركت الدورة السابقة كمسئولة الإنتاج لفيلم "جيران" للمخرجة تهانى راشد . جائزة فوزى صالح كانت هى الجائزة الرسمية الوحيدة لنا فى تطوان، واكبتها جوائز شعبية للممثل محمد لطفى قابيل فى رسائل البحر لداوود عبد السيد الذى كان مكرما فى المهرجان. التف الجمهور المغربى على محمد لطفى وطاردوه حبا، كما التف الكثيرين منهم حول المخرج داوود عبد السيد وطلبوا التصوير معه. وبدرجة مماثلة رحب المغاربة بالممثل أحمد وفيق والمخرج محمد أمين حيث شارك فيلمهما بنتين من مصر فى مسابقة الفيلم الطويل. شهدت الندوة التى دارت مع المخرج والممثلة زينة اقبالا من الشباب المغربى وتطرق الأمر لمناقشة علاقة الفيلم بما دار فى مصر . كثيرا ما تبدأ التعليقات والأسئلة بتهنئة الشعب المصرى على ثورته، فى حفل ختام المهرجان حين طلب من فوزى صالح إلقاء كلمة بعد استلامه الجائزة قال إنه يهديها للشعب التونسى الذى ألهم المصريين ثورتهم، وتمنى لكل الشعوب العربية فى المغرب وسوريا وليبيا والبحرين أن يحصلوا على حريتهم . بعد خروجه تحدث معه مسئول أمنى بزى مدنى قائلا أنهم يتمتعون بالحرية فى المغرب، كانت مجموعة من المعترضين على إدارة المهرجان وعلى مديره أحمد الحسنى تقف فى الخارج قبل الحفل، وبقيت حتى انتهائه ، ورجال الأمن لا يعترضونهم، فقط هناك حواجز تنظم وقوفهم، قبل الختام بيوم واحد كانت هناك مظاهرة لشباب 20 يناير بشارع محمد الخامس القريب من دار عرض أفينيدا التى نشاهد بها عروض المسابقة الرسمية ،المتظاهرين كانوا يطالبون بالإفراج عن المعتقلين ويرددون شعارات تطالب بالحرية. كنا بالمغرب نستمتع بكرم الضيافة ونستمتع بأفلام مميزة فى مجموعها، نحاول أن نؤجل القلق على ثورتنا المستمرة فى مصر، البعض منا لم يستطع أن يكمل الرحلة فعاد كما فعل داوود عبد السيد وكانت أفلامه الأربعة التى عرضت بمناسبة تكريمه قد انتهت عروضها فرجع لمصر ليكون فى قلب أحداث الثورة التى ما تزال معاركها مستمرة للقضاء على النظام الفاسد وذيوله الباقية. أما تفاصيل ما حدث بالمغرب ومهرجان تطوان فسيكون له مقال لاحق.

1 comment:

  1. *
    لطفى البلقينى طبعا السينما لازم تواكب الحدث .. وتكون طرف فاعل .. مش بس كده .. انما تشارك فى صناعة الحدث ..
    52 minutes ago · Like نقلا عن فيس بوك الاثنين 11 أبريل 2011

    ReplyDelete