Friday 25 June 2021

اسماعيلية 22 في ظل تحولات ما بعد الاحتكار

 محاولة سيطرة التوجه الإعلامي على التوجه الثقافي

كنت من المنزعجين من أخبار تواترت حول تكريم نجوم التمثيل في الدورة 22 من المهرجان المعنون اسماعية للأفلام التسجيلية والقصيرة . وظلت أخبار تكريم نجم التمثيل طاغية حتى أنني تساءلت أين مهرجان الاسماعيلية الجاد الذي عرفناه، صحيح أن الممثلين بدأ الإعلان عن تكريمهم مرتبطا بدورهم في المشاركة في الأفلام القصيرة وعلى رأسهم أحمد كمال وسلوى محمد علي ثم أعلن عن أحمد بدير، أحمد وفيق ، صبري فواز وبسمة وصفية العمري. ازدحم البرنامج ولم نعد نجد وقتا للراحة وخاصة مع انتظام البرنامج بشكل مقنع لي بعرض فيلم قصير شارك فيه المكرم قبل الندوة معه، عرض لبسمة فيلمقصير للمخرج أحمد الباسوسي، ثم جرت ندوتها بإدارة حنان أبو الضياء ، وعرض فيلم حبيب لسيد رجب وسلوى محمد علي ، ثم عرض فيلم ربيع شتوي لأحمد كمال وأدارت ندوته ماجدة موريس . بجهد من عصام زكريا تم دمج البرنامج مع عروض الأفلام التي أعلن عنها في جدول العروض المطبوع، وبقي التساؤل عن سر تأخر العروض لتبدأ في الثانية عشر، ثم تبين أن هناك برنامج لمناقشة المطبوعات من الكتب في الحادية عشر قبل العروض . تعطل قاعة الندوات لعدم تشغيل التكييف وتكديس الفعاليات في القاعة الكبرى المكيفة أحدث قدرا من القلق وتأخرت بعض البرامج. تواترت أنباء أن تجديد قصر الثقافة تكلف 52 مليونا ولم ألحظ تطويرا يساوي هذا المبلغ الضخم، فلم تحل مشكلة دورات المياه التي تعاني من عيب في إنشائها تحت مستوى خزانات الفضلات، فبدا التغيير شكليا دون إصلاح هذا العيب الخطير لطفح المياه، قاعة تسمى كبار الزوار بها كراسي جلدية فخمة ولكن التكييف لا يعمل كما أنها لا تفتح سوى لمن يصنف باعتباره شخصية شديدة الأهمية، VIP ، ساحة القصر التي كانت ممتلئة بلوحات وأفيشلت بما يشبه معرض دائم خالية، ولا يوجد حرارة لتزاحم المشاركين، فإذا كان القصر لا يعمل طوال العام فكيف نتوقع وجود متابعين من أهل البلدة للعروض والندوات؟ فكرة الاحتفاء بالنجوم لجذب جمهور اسماعيلية لم تتحقق بالرغم من امتلاء القاعة نسبيا لأن الفعالية لا تماثل توقعات الجمهور ممن اعتادوا على مشاهدة الدراما التلفزيونية ومتابعة برامج المنوعات وليس أفلاما قصيرة وندوات جادة تناقش أعمال المحتفى به. لا أعتقد أن خلخلة طبيعة مهرجان الاسماعيلية الوحيد في المنطقة العربية المتخصص في أفلام تسجيلية وروائية قصيرة وتحريك لتحويله إلى نموذج من كل الأشكال السائدة في الإعلام المصري قد تحقق . مهرجان اسماعيلية له توجه ثقافي يتجاوز الترفيه المعتاد الى الثقيف ويروج للمعرفة ويحتفي بصناع الأفلام وخاصة المخرجين الذين اختارو السينما التسجيلية، يحتفي بشباب المخرجين وخريجي مدارس السينما ممن يقدمون أفلاما قصيرة تتميز بأفكارها البعيدة عن التبسيط، حتى أن أفلام التحريك تناقش قضايا فلسفية ووجودية ولا ترتبط بالأفكار البسيطة التي توجه للأطفال. اسماعيلة للأفلام التسجيلية والقصيرة منذ دورته الأولى التي نظمها كرم مطاوع وهاشم النحاس وعبر دوراته التالية التي رأسها الناقد الكبير علي أبو شادي مرورا بدورة مجدي أحمد علي وكمال عبد العزيز وأخيرا دورات الناقد عصام زكريا قلمت على أساس راسخ يصعب حللته أو تغيير تميزه.

في الحصيلة النهائية وجدتني راضية تماما على المهرجان فمع اعلان الجوائز وضحت رؤيته التي تضع الفيلم التسجيلي الطويل في وضع الأهمية القصوى اذ عبرت لجنة التحكيم ( عباس فاضل، ديان بيتروفيتش، هالة خليل، نجوم الغانم ، رودريجو بروم ) عن تقديرها لبرمجة الأفلام التسجيلية خاصة الطويلة والتي كان المسئول عنها الناقد محمد سيد عبد الرحيم، وهذا القسم كنت حرصت وزميلات لي على متابعته وجاؤت أفلام عروض الثالثة عصرا كلها متميزة وممتعة، ولكننا شعرنا بالإرهاق وعدم القدرة على متابعة الأفلام التي كانت تبدأ في التاسعة والنصف ليلا وأحيانا لا تبدأ قبل العاشرة، بعضها امتد لساعتين مثل فيلم المخرج هلال بادييف " عندما نما البرسيمون" الذي حصل على جائزة لجنة تحكيم نقاد الفيبريسي المكونة من النقاد مروى أبو عيش من مصر، ولما طيارة من سوريا وماسيموليتشي من إيطاليا، لم أتمكن من اكمال مشاهدته رغم توقفي عند عدد من مشاهده الفائقة ومنها مشهد عبور الثيران وتفاديها الأم وابنها وتحملها مشقة صعود التل وكأنها تمتلك  الوعي الفطري بالبعد عن الإنسان الذي يمثل لها خطرا دائما.

أغلب المشاركين من الصحفيين يتابعون ندوات الاحتفاء بالنجوم وآخرين من النقاد يتابعون ندوات مناقشة الكتب والأفلام، وحظيت ندوة تكريم الناقد الكبير كمال رمزي بحضور الجميع من صحفيين ونقاد ومن كبار المخرجين ومنهم عمر عبد العزيز وهاني لاشين ومجدي أحمد علي. ليس مطلوبا من كل مشارك الانتظام في كل الفعاليات فكل يختار حسب أولوياته ، سجل غياب علي الغزولي وهاشم النحاس، منى الصبان ، ورحمة منتصر،  فريال كامل وماجدة خير الله وسهام عبد السلام فقدا شخصيا لي ، فمعهم كان المهرجان عيدا سنويا فيه نلتقي في عروض الأفلام ونشارك في كل الفعاليات ولم يكن مسئول القصر يغلق حجرة الانتظار في وجوهنا فقد كان المسئولين السابقين يدركون حقا حجم هؤلاء وأنهم بالنسبة لمهرجان الاسماعيلة للأفلام التسجيلية والقصيرة هم الأشخاص المهمون حقا هم VIP  هذا النوع السينمائي الهام.

صفاء الليثي

أنشره مباشرة على مدونتي الخاصة " دنيا الفيلم " الجمعة 25 يونيو 2021



No comments:

Post a Comment