Saturday, 1 April 2017

متى نتخلص من عقدة مهرجان كان؟



متى نتخلص من عقدة مهرجان كان؟
تقام فى منتصف مايو الدورة السبعين لمهرجان كان السينمائى الدولي الذى مثل نموذجا يتم تقليده واتخاذه الشكل الوحيد لأي تظاهرة ممكنة أو محتملة فى بلدنا، السجادة الحمراء، والنجوم والتغطية الإعلامية الضخمة، برنامج أفلام روائية طويلة ثم تدخل معها التسجيلي ومسابقات موازية كثيرة يسمح بها كون كان ككل سوق سينمائي عريض لأفضل ما ينتج على مستوى العالم، يحضره الموزعون والمنتجون أصحاب وكالات الإعلان، مندوبي النجوم ، ويضم أيضا سوقا للفيلم القصير ونصف شهر المخرجين، عروض للصحافة وأخرى لصناع الفيلم من مختلف المهن، أكثر من مسابقة وأكثر من لجنة تحكيم، أركان لعرض وتوزيع منتجات الدول ، كل ذلك تحقق على مدى سنوات طوال في بلدة صغيرة أصبحت قبلة العالم في الربيع. ولكن مالنا نحن في مصر وهذا النموذج، هل لدينا سوق للفيلم فى مهرجاني القاهرة أو الإسكندرية، الأكبر والأقدم حتى نقلد مهرجان كان بكل تفاصيله؟ والمدهش أننا لم نكتف بهما بل يتكرر النموذج فى الأقصر وأسوان وشرم الشيخ، يبقى فقط مهرجان الإسماعيلية للفيلم التسجيلي والقصير النموذج الأقرب لما نحتاجه بدرجة ما، حيث يتم مراعاة أن تتضمن قائمة المشاركين مزيجا من صناع الفيلم التسجيلي ومن دارسي معاهد السينما مع النقاد والصحفيين المعروف عنهم متابعتهم لهذا النوع السينمائي، كما يكون هناك اهتمام بالندوات التي تقام مع صناع الأفلام عقب العروض وبترجمتها ليتم التواصل بين الحضور، وهناك تقليد راسخ أن تكون هناك ندوة عامة يخصص لها نصف يوم كامل تجهز أوراقها قبل انعقاد المهرجان فتكون أقرب إلى ندوة علمية وليس مجرد مكلمة لا طائل من ورائها. وإذا أضفنا إقامة ورشة لصناعة فيلم قصير كما حدث في عدد من السنوات يكون المهرجان قد حقق هدفه القادر على تحقيقه بالتفاعل بين صناع السينما من القدامى أصحاب الخبرة وبين شباب السينمائيين المحتاجين إلى تطوير خبرتهم عبر الورش المتخصصة. 
 نحتاج مؤتمرات للسينما وليس موالد بسجادة حمراء
نحتاج مؤتمرا سينمائيا يجتمع فيه صناع السينما، فيه يتناقشون ويتحاورون فى قضاياهم الفنية والإنتاجية، نحتاج ورش عمل متعددة فى كل فروع السينما صناعة ونقدا، ورش عمل ودورات تدريبية موسعة لشعبنا فى أسوان والأقصر وبورسعيد، في طنطا والبحيرة، نحتاج برنامجا يجذب الراغبين فى احتراف فنون الصورة ديجتال وسينما ليقبلوا ويتعلموا بدلا من جهودهم الذاتية التي يسفر عنها أعمال شديدة التواضع بالكاد يمكن أن تحتسب فيلما أو تدريبا مصورا. نحتاج حلقات بحث تنظم على غرار مؤتمرات ناجحة للآداب أقيمت على مدى سنوات وما زالت تقام فى فن الرواية والشعر . كتب الناقد أمير العمري مستهجنا أن يقام مهرجان بمدينة ليس بها سكان – كما قال – يقصد مدينة شرم الشيخ، فهل يحضر سكان الأقصر والإسماعيلية وأسوان المهرجانات التي تقام بها !، هل استطاع حين تولى المسئولية أن يجذب أهل الإسماعيلية ليحضروا عروض مهرجانها؟ ليست عروض شرم وحدها التي تخلوا من الجماهير بل كل مهرجانتنا لا يحضرها إلا الضيوف المدعوين، وحتى بعضهم لا يحضر بحجة أو بأخرى، منها الادعاء بأنهم شاهدوا الأفلام من قبل ، أو عدم ترجمتها إلى العربية كسبب يخجل الكثيرون من ذكره رغم جديته ومشروعيته أيضا .
إن صيغة المهرجان بالطريقة التي تكررت في عمومها لا تصلح مع جمهور لا يقبل إلا على الفيلم التجاري الناطق بلغته أو التجاري المترجم إلى لغته. بالإضافة إلى تحولات حدثت في الشخصية المصرية فرقتنا وجعلتنا شيعا ثقافية حتى بين الطائفة الواحدة، مجتمع زاوية له مريدوه، مجتمع الجيزويت له مريدون آخرون، كل مركز ثقافي له رواده ومتابعوه ، وكل مهرجان له قائمة تكاد تكون ثابته بضيوفه والمشاركين المدعوين من صناع الأفلام أو من الصحفيين . يحاول مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية المقامة حاليا دورته السادسة أن يجذب شباب الأقصر عبر ورش تعلم السينما، ولكن القاعات تبقى خالية ولا يتم التواصل مع المركز الثقافي بالأقصر لجلب رواده – إذا كان لهم رواد؟- والبديل أن يتم دعوة دارسي السينما من المعهد العالي للسينما التابع لأكاديمية الفنون، وأن تتعاون نقابة المهن السينمائية لتنظيم ما يشبه الرحلة العلمية للمشاهدة والبحث، مشكلتنا أننا في مصر نعمل دون تنسيق بين جهات مفترض أن لها مصلحة واحدة في رفع وعي الجماهير وتهيئتهم لتلقي أفلام مختلفة، ورفع درجة كفاءة وخبرة صناع الفيلم بإقامة ندوات يتم فيها العصف الذهني الذي يؤجج المشاعر ويدفع إلى حلول إنتاجية وأفكار فنية مبتكرة. كل تظاهرة ثقافية لها عدة أغراض ثقافية وعلمية وسياحية أيضا، الحركة بركة كما يقول أهلنا الطيبون، ولو كان مهرجان الشيخ أقيم فقط لغرض تنشيط السياحة لقلنا أي سياح هؤلاء القادمين فى رحلة مكثفة سيكون لديهم الوقت لمتابعة عروض تبعد عن أماكن تواجدهم، بدون تعاون من المحافظة ومن هيئة تنشيط السياحة ومن رجال الأعمال أنفسهم، ومع ذلك نجح جمال زايدة في التعاون مع بعضهم ممن قدموا دعما للمهرجان الوليد بشرم الشيخ الذى أرجوه أن يتحول إلى مؤتمر علمي موسع لصناع السينما ودارسيها والمتابعين لها ، فالسينما لا تقل عن الطب أو الهندسة، وقد آن الأوان كي ندرك أن صيغة السجادة الحمراء بنجومها وفساتينهم ليست الشكل المناسب لبلد به فن متعثر بعد أن كان يحقق الدخل القومي الثاني بعد القطن المصري دخلنا الأول.    
صفاء الليثي الهلال عدد ابريل 2017 رئيس التحرير سعد القرش

No comments:

Post a Comment