Tuesday 30 March 2021

مصر عبد الناصر في مسلسل التاج The Crown

 أزمة السويس نجاح لمصر وإذلال لبريطانيا 

في المسلسل الأجنبي الذي عرض مؤخرا على المنصات أبلغ رد على المشككين في فترة حكم عبد الناصر وانجازاته من تأميم القناة وكسبه السياسي الذي تحقق بعد العدوان الذي بدأته اسرائيل عام 1956 . المسلسل كتب بالدقة التي تميز الأعمال التاريخية الكبيرة ظهر فيه عبد الناصر زعيما وطنيا في مقابل ايدن المهزوز والمريض الذي فشل في إدارة الأزمة وظهر كذب ادعائه بعدم علمه بنوايا اسرائيل في الهجوم على مصر . شنت عليه الصحافة البريطانية هجوما كبيرا وكانت نهايته بسبب السويس، وحل محله ماكميلان وكان مريضا بدوره ، ومن اللافت أن رؤساء وزارات التاج البريطاني جميعهم تشرشل وايدن وماكميلان ظهروا في العمل مرضى ومسنين، وحين انتخب زعيم حزب العمال ونستون لم يكمل فترته الثانية بعد انتخابه لاصابته بمرض الزهايمر. وجاءت بعده مارجريت تاتشر التي وصفت بأنها المرأة الحديدية ، نجحت في انقاذ انجلترا من الإفلاس وأعادت جزر الفوكلاند لتنضوي تحت لواء بريطانيا العظمى، ولكن ارتفاع معدلات البطالة أجبر رجال حزبها على سحب الثقة منها فلم تكمل ولايتها الثالثة ولم تنقذها الملكة .

معركة السويس اذلال لبريطانيا ونصر لعبد الناصر

عبر 40 حلقة من المسلسل تم التوقف فقط عند أزمة السويس، هكذا سميت المعركة  في المسلسل، دون ربطها برغبة مصر في بناء سد عالي، رغم التوقف عند سد فولتا بغانا والرئيس نكروما الذي غيرت الملكة اليزابيث من تحوله نحو الاشتراكية بزيارتها للبلاد ورقصها معه، هكذا صور المسلسل علاقة التاج بدولة كانت تابعة لبريطانيا وشاهدنا تنزيل صورة الملكة ووضع صورة الزعيم لينين مكانها، ولكن قرارا فجائيا للملكة بعد تأثرها بشخصية جاكلين كنيدي بالذهاب لعرين الأسد ورقصتها مع الزعيم الافريقي أكسبها ثقته ونجحت في إعادته لصف الغرب، ودعمت أمريكا وبريطانيا بناء سد فولتا.  لم يتناول المسلسل بناء السد العالي واكتفى بتناول " أزمة السويس" كحرب أذلت بريطانيا انتصرت فيها مصر عبد الناصر.

في الحلقة السادسة من بين 40 حلقة من مسلسل التاج ( ذا كراون 2016 ) عرض أحد أفراد نادي الخميس السري للرجال في لندن زيارته الى شوارع القاهرة على حد وصفه وتحدث عن الملك فاروق الذي يمتلك أسطول سيارات كلها باللون الأحمر، يتجول في شوارع القاهرة ويطلق النار من مسدسه على أي شخص بشكل عشوائي، وكيف قام انقلاب ضده قاده بكباشي اسمه عبد الناصر يتوقع أن يوحد العالم العربي كله، وبات اسمه عل كل لسان ، كان يتحدث وهو يعرض صورا فوتوغرافية من جهاز عرض فشاهدنا صورة بديلة لعبد الناصر وصورة حقيقية للراقصة سامية جمال التي تهلل لرؤيتها رواد النادي الأرستقراطي الانجليزي . كان رئيس وزراء الانجليز هو ونستون تشرشل السياسي العظيم، كان مسنا يتآمرعلى ازاحته أنتوني ايدن الذي تولى الرئاسة بعد تنحي تشرشل وكان مريضا أيضا، ايدن زار مصر وقابل عبد الناصر ولم يتوافقا بل نشأت بينهما كراهية متبادلة كانت سببا في تأميم القناة ومعركة 1956 كما قيل صراحة عل لسان شخصيات العمل .كراهية شخصية أدت كما يظهر في المسلسل إلى مؤامرة أجراها ايدن مع اسرائيل وفرنسا فقامت اسرائيل بشن هجوم على مصر ثم انضمت لها انجلترا وفرنسا . أزمة السويس صورت كأخطر أزمة واجهت الانجليز بعد الحرب العالمية الثانية.. لم يلجأ المخرج إلى الصوت الأصلي لخطاب تأميم قناة السويس الذي يعتز به كل مصري حين يسمعه. المسلسل كله لم يستخدم أي وثائق حقيقية لا مع الملكة اليزابيث وأفراد العائلة المالكة ولا مع الوزراء. على طريقة السرد في المسلسل الذي يبدأ وينتهي بالملكة ممثلة التاج البريطاني يُعرض الحدث بالتوازي بين حكي ايدن للملكة وبعض لقطات مما جرى، وبعض لقطات مصورة سينمائيا. قال ايدن عن التأميم أن عبد الناصر يدعي أنه يفعل هذا باسم الشعب المصري، وأنهم سحبوا مرشدي القناة، واستدرك أن المصريين ليسوا شعبا بحريا ولايملكون المهارات اللازمة لإدارة القناة، وحتما سيفشلون ويعود عبد الناصر نادما مذلولا. لم يفشل المصريون وتمكنوا من إعادة السيطرة على الملاحة في قناة السويس، فكانت مؤامرة ما أسميناه نحن العدوان الثلاثي وما أسماه الانجليز أزمة السويس وفسرت الصحافة الانجليزية أنها محاولة من ايدن لتحقيق نصر شخصي والخروج من عباءة تشرشل ، خرجت مظاهرات ضد الحرب وصفتها بأنها حرب غير شرعية تحت ذرائع كاذبة منها أن عبد الناصر سيغلق القناة في وجه السفن ويهدد التجارة العالمية. دراما المسلسل بنيت على التركيز على ما يجري في قصر بيكنجهام في خطين أساسيين، الأحداث العائلية الحب والزواح والانفصال، وتقاطعها مع الخط الثاني لمشاكل الحكم وردود فعل الصحافة والشعب، واللافت أنها ظهرت كملكية ديمقراطية تؤثر عليها الصحافة وأصوات الشعب في صناديق الانتخاب ومنها رأي الشعب في كون حرب السويس حربا غير شرعية وكارثة على البلاد.

صفاء الليثي

نشر بجريدة القاهرة الثلاثاء 9 مارس 2021  رئيس التحرير عماد الغزالي




No comments:

Post a Comment