Saturday, 25 July 2020

القيم الاجتماعية كما تعكسها أفلامنا 1 فيلم أقوى من الحب 1953



كرامة الرجل أقوى من الحب
عام 1953 بعد ثورة 23 يوليو بعام واحد يخلص فيلم " أقوى من الحب" إلى ضرورة اعتماد الأسرة على عمل الرجل ، المخرج عز الدين ذو الفقار والمؤلف محمد كامل حسن المحامي ومن إنتاج بكباشي مهندس حلمي عبده، أي أن الفيلم أنتج بمباركة الضباط الأحرار.
المشهد الأول في القطار لقاء البطل عماد حمدي مع شادية ، مجدي فنان موهوب له يد مقطوعة ، تبدي شادية اهتماما وتعاطفا منذ البداية، صورة المرأة التي يفضلها الرجال. سنعرف أنه تعرض لحادث أفقده عمله ، وسيخبرها " انت جددت الأمل" هي سكرتيرة معرض الفنون وستعجب برسمه لها وتقدمه لصاحب المعرض. هناك سيارة فخمة في استقباله من المحطة  يقدم المخرج الزوجة مشغولة بنفسها يخشاها الجميع الأولاد والخدم تقابله وهي تقول " في أودة المكتب عندي" يتعمد صناع الفيلم إظهار أوضاع مقلوبة للزوجة التي تنفق على البيت ويبقى الزوج مع الأولاد ، ومربية وسفرجي في بيت أنيق سنعرف أنه ملك الزوجة. يرسم مجدي لوحة يسميها طريق الحياة، أجدها لوحة بدائية كرسم الهواة غير المدركين لمستواهم. يعكس شرح اللوحة بالكلمات المفهوم الذي يطرح في الفيلم، دور المرأة في الحياة إنها تنور الطريق بحنانها وأمومتها ، أندهش من سذاجة تفسير لوحة فنية بهذه الكلمات، ويستمر الشرح، منذ بدء الخليقة حتى عصرنا الحديث . وفي موضع آخر سيوبخ مجدي زوجته الطبيبة ويخطب فيها أن الرجل الحقيقي ، لما نكون مع بعض نمشي على قدي أنا . يتمرد على وضعه بعد تعرفه على سناء الحنونة ويمضي يومه خارج البيت من معرض اللوحات إلى السينما إلى الغداء سميط ودقة. المرأة الملاك هي من تشجع الرجل وتتفانى في تقديره والشيطان ممثلا في الطبيبة الناجحة المشغولة بعملها مع التغاضي عن توفيرها عيشة غنية لأسرتها بعد فقد الزوج عمله كضابط بوليس . مديحة يسري وقد نمطها المخرجون في دور المرأة المسترجلة وشادية الرقيقة مدعومة بأغانيها الرائعة، يا سارق من عيني النوم، السخرية من الوضع في البيت مستمرة ومجدي يقول، عيد ميلاد الست وعلشان كده هيه اللي جابت لنا الهدايا. حملها رجل وهو يسأل منزل الدكتورة أمينة؟ سيتغير الوضع بعدما تباع لوحة طريق الحياة بثمانين جنيها، مبلغ كبير وقتها يسترد الزوج كرامته المهدرة ويشتري هدايا للأولاد وهدية للزوجة، طفله يندهش ويقول لللأب خلاص يا بابا اشتغلت دكتورة!!. أداء دكتورة أمينة يتكرر بمبالغة في تصويرها ككائن متسلط تقاطع حديثه معها، لا تستمع إطلاقا بينما هناك موسيقى كورالية كأنها آتية من الجنة مع مشهد لمجدي وسميرة في حديقة الحيوان وشادية تغني " احنا في الدنيا ولا في الجنة ، دي حياة تانية مش على بالنا" هذه النزهات لم يعتبرها صناع الفيلم نوع من الخيانة الزوجية بل حق للرجل لأن الزوجة لم تراعي ظروفه ولم تنتبه لما هو أقوى من الحب بالنسبة للرجل... تتطور العلاقة بين المحبين وتكتب الجرائد عنهما وهنا فقط تفيق الدكتورة لكرامتها وتعيد القول" عاوزاك في المكتب، وهنا المشهد الفائق الذي يرتفع فيه صوت الزوج ، كلميني زي أي ست ما بتكلم راجلها، الحب مش كل شيء في حياة الرجل ، حاجة أقوى من الحب،
أن يكون عندي أمل أعيش علشانه، الوضع الطبيعي أن تعيش الأسرة على قد الرزق اللي بيجيبه راجلها" هذه الخطبة تتناقض مع ما أقره الرجل من أن معاشه لايكفي سجائره. ويستمر التصريح، لا يمكن أعيش مع واحدة تقوم هي بدور الراجل وأقعد أنا في البيت مع الأولاد. ويرتفع صراخه مفيش دين ولا عرف يقر هذا، الأسرة تعيش على قد مكسبه الحلال. كم الأخطاء التربيوية في الفيلم الذي بلغ ساعتين الا عشر دقائق كبيرة جدا، أطفال وخاصة الصبية الكبرى تردد كلمات أكبر من عمرها بميلودرامية فجة. بيعه لوحة واحدة جعله يهددها بأن تعيش معه في الكوخ هي والأولاد ويتركان بيتها الكبير وكأنها حصلت عليه من مهنة غير شريفة وليس من مهنة مفيدة للمجتمع ولأسرتها. يرسل لها خطابا يخيرها بين العيش على قدر استطاعته أو تطليقها، تحرق الخطاب وهي في معمل عملها، أرتاح لرد فعلها ولكن الفيلم سيعود ويجعلها تقرر الانصياع لشروطه، تصل قبل اتمام زفافه على سميرة الملاك الطاهر وصورة المرأة المضحية في سبيل الرجل وكرامته التي هي أقوى من الحب.
مضت سنوات على هذا الوضع ووصلنا إلى نسبة تتخطى 40 بالمائة من الأسر تعيلها النساء، وأصبح عمل المرأة ومشاركتها الزوج أعباء المعيشة ضرورة لتحسين أوضاع الأسرة ولصالح الأبناء، تحقيق المرأة لذاتها أصبح أقوى من الحب ومن الستر ومن إرضاء الزوج، هي أيضا تحتاج لما هو " أقوى من الحب" .
صفاء الليثي
نشر بمجلة روز اليوسف العدد  4804  باب للفن فقط إشراف شيماء سليم


No comments:

Post a Comment