Wednesday, 8 April 2015

متابعات مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية فى دورته الرابعة


مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية فى دورته الرابعة

عن أفلام مسابقة الأفلام القصيرة
الصغير جميل حتى فى الحمير
للمرة الأولى أحضر مهرجان السينما الإفريقية على أرض مصر، كنت شغوفة بمشاهدة أفلام قارتنا السمراء بشكل مكثف وفى ذهنى التربة الحمراء ووجوه الأفارقة المحببة وملابسهم بألوانها الزاهية، وبالطبع في الذهن أيضا المجاعات والمذابح ومعاناة شعوب إفريقيا فى بلدانها المختلفة ، فى الذهن نجاحات تحققها السينما الإفريقية وآخرها فيلم " تومبوكتو"  الذى عرض بالافتتاح . ركزت مع عروض الأفلام القصيرة التى بدأت فى العاشرة من صباح 17 مارس 2015 بمكتبة الأقصر. المرة الأولى على حد علمى أن تعمل المكتبة بكل طاقتها وأن تستضيف القاعة عروضا للأفلام. المخرج سعد هنداوى وبجواره المصور زكى عارف جالسان فى الصف الأمامى، هما عضوان فى لجنة التحكيم التى تشاهد الأفلام مع الجمهور. الجمهور كلمة غير دقيقة فلا يوجد حضور من أهل الأقصر، وجل الحاضرين من ضيوف المهرجان أصحاب الأفلام وعدد قليل من عشاق السينما منهم الشاعر زين العابدين فؤاد وزوجته جوسلين تالبت والمثقف القدير حلمى شعراوى وزوجته وهما ناشطان فى حقوق الإنسان وغيرها من الفعاليات ، المخرجة إنعام محمد على والسيناريست سناء الشيخ وكاتبة هذه السطور والمخرج أحمد رشوان. المخرج سالم دندو والمخرج جورج كابونوجو، وعدد آخر لا أذكر أسماءهم. مسئول البرنامج القصير ومدير الندوات أحمد حسونة ومعه فريق من المهرجان لتنفيذ العروض. هناك جدية واحترام فى كافة التفاصيل بداية من احترام لجنة التحكيم وتواجدهم فى موعد العرض تماما وانتهاء بالاستجابة إلى طلبنا بتخفيف التكييف البارد فى القاعة الجديدة. فى اليوم السابق حدث تعارف مع عدد من المشاركين بأفلامهم ، يخاطبوننا ، فيلمى فى العاشرة أو الثانية عشرة ، نعم سأشاهد الأفلام كلها، تأكيد يحتاجه أصحاب الأفلام القصيرة التى عادة لا تجد متابعين إذ يفضل الغالبية مشاهدة عروض الأفلام الطويلة التى تجرى فى قاعة المؤتمرات بأعلى درجات الجودة بالوسيلة الأحدث للعروض ، عروض DCP  غير المتوفرة فى مكتبة الأقصر حيث جهاز عرض جيد ولكنه غير مثالي .  تعرض الأفلام روائية وتسجيلية دون فصل وتقوم لجنة التحكيم بمنح الجوائز دون خلط النوعين معا . فتكون هناك جوائز للروائى وأخرى للتسجيلي .
  وقد ضمت المسابقة 13 فيلما روائيا وأربعة تسجيلية .  شهد اليوم الأول أفلاما قوية وهى التى حازت الجوائز، وشهد اليوم الثانى أفلاما مصرية هامة نافست دولا إفريقية منها السودان ونيجيريا وتونس . فيلم الناقد والمخرج محمود الجمنى " ورده " حاز جائزة النيل الكبرى التى استحقها عن جدارة إذ يتناول المخرج شخصية فتاة أصيبت بالمرض ولكنها تواجهه بابتسامة وتمارس عملا فنيا فى تنفيذ لوحات بمطبعة صغيرة ، بدون ميلودراما وبرقة شديدة يضرب لنا المخرج ووردته مثلا فى قوة العزيمة والصبر على الشدائد، يقول المخرج عن فيلمه ليس فيلما عن المر أو عن الفن الذى تقدمه الفتاة بل عن المرأة التونسية القوية والثائرة، وفى كلمته بعد استلام الجائزة يوجه نداء للمسئولين " اصرفوا على الثقافة" .
الجمنى كان يقودنا بين قصر الثقافة وقاعة المؤتمرات وقد درس شوارع الأقصر رغم أنها زيارته الأولى لها، يندمج مع الجميع نقاشا ومداعبة، حضوره محبب كما فيلمه الذى يعكس جمال الحياة.
من نيجيريا فيلم مدهش عن الاحتفال بالميت والرقص له قبل أن يوارى جثمانه التراب ، حاز شهادة تنويه خاص عن عمله المبهج  رغم وحشة الموت، مخرج الفيلم جورج كابونجو مخرج قدير له أعمال هامة شاركت بالمهرجانات وكان من أكثر المشاركين انتظاما فى حضور العروض . الفيلمان التسجيليان الثالث والرابع من مصر والسودان، همهما سياسي وقد تبايت حولهما الآراء، فيلم " ملكية جوبا " لمخرج سودانى شاب فى عمله الأول يعتمد بالكامل على وثائق تروى تاريخ السودان وما حدث به من ثورات بالتوازى مع لقاءات مع  رياضيين يحكون عن تأثير التغيرات السياسية على مهنتهم ، لعب الكرة، ينتصر المخرج لوحدة السودانيين ويعكس بدون قصد سببا من أسباب انفصال الجنوب ونحن نشاهد فتيات بملابس عصرية تشجعن اللعبة بحيوية واقبال على الحياة. مزمل نظام الدين هو نفسه مقبل على الحياة يحمل روح طفل أدهشها الغناء الصعيدى وفنون الرقص والعزف، التفت الى متسائلا هل يمكننى الانضمام إليهم .
وقبل أن أجيب كانت الحلبة قد امتلأت بالشباب يمرحون بعد إعلان الجوائز فى حفل ضم المشاركين وضيوف المهرجان. مع مزمل قابلت غدير وهى فتاة عملت معه فى الفيلم وكانت تصور الندوة ، بوجهها المبتسم يظهر أسنانا بيضاء وحجاب وبنطلون ، يمحى من ذهنى الصورة التى تصلنا عن العقاب والاضطهاد لمن ترتدى البنطلون. سودانية أخرى بلا حجاب يؤكد أن الوضع بالسودان لا يختلف عن الأوضاع فى مصر حيث تتنوع اختيارات الفتيات وتمتلكن حريتهن فى العمل وفى اختيار الزى المناسب لهن. اختلفت الآراء حول الفيلم المصرى " جزيرة التحرير" الذى صاغه صانعيه الكاتبة هبه الحسينى والمخرج حسن صالح من وثائق مصورة بالتحرير بكاميرا هواة ، بالتركيز على فترة حكم المجلس العسكرى وقبل استلام الإخوان للسلطة، بوجهة نظر واضحة تدين " حكم العسكر" تتبنى وجهة نظر ثوار يشعرون أنهم فى جزيرة معزولة عما يجرى خارج ميدان التحرير. أجد من حق هبة وحسن التصريح برأيهما الذى قد يخالف البعض ممن شاهدوا الفيلم ، وان كنت لا أوافق على عدم النجاح فى تلافى ضعف  الصورة فى المونتاج. فى النهاية جودة الصورة وسيط لابد من احترامه لاكتمال العمل الفنى . وهو ما تحقق مع الفيلم الفائز بأفضل فيلم روائى قصير " الأرض الأم " لمخرج أخبرنا أنه فرنسي، رغم أن الفيلم مسجل كمنتج لدولة السنغال، والمخرج أصوله من موريتانيا وتلقى دعما من عبد الرحمن سيساكو صاحب تمبوكتو لتصوير الفيلم، نلمح نفس سيساكو وأسلوبه الفنى الذى تناول بهدوء فكرة تتعلق بالتغيرات التى يصادفها مهاجر عاد لموطنه مع أصدقائه من أصول عربيه وإفريقية ليدفن جثة أخيه فيصعب عليه ذلك نتيجة سيطرة المتطرفين على بلدته، ويضطر لدفنه بعيدا عن مقابر العائلة. وفى الطريق تدور مناقشات بين الأصدقاء الأربعة وخاصة عند توقف نجح المخرج فى تبريره بعطل مفاجيء بالسيارة، يتميز الفيلم بسيناريو محكم وإخراج شديد الاحتراف لمخرج قدم عملا روائيا وآخر تسجيليا ، ليأتى عمله الثالث هذا مكتملا فى عناصره الفنية شكلا وموضوعا. والفيلم كان منافسا قويا لثلاثة أعمال أخرى أحدهما للممثلة التونسية نجمة أقدمت على إخراج عمل قصير أجده عملا جيدا من منظور اجتماعى عن زوجة تقليدية يهملها زوجها السياسي الزائف فتقبل على التهام الشوكولاته تعويضا عن إهماله وخيانته لها. أسهبت نجمة فى شرح دلالات سياسية لعملها وأجد أنها بالغت فى شرح فيلمها ناسية أنه علينا أن نستقبله وأن نقرأه دون الحاجة لمذكرتها التفصيلية عنه. الثرثرة كانت داخل الفيلم المصرى " لحظة" لمخرجه الوليد جمال عن فكرة قُتلت بحثا عن الشخصيات الدرامية وامتلاكها حياة حقيقية رغما عن مؤلفها. الوليد درس فقط فى ورشة لصنع الأفلام ولحظه كان عمله الأول، وقد أدرك بنفسه قدرا كبيرا من أخطائه بعدما شاهد الأفلام الأخرى، وتعلم منها الإيجاز واختصار الحوار ليكون مكثفا دون شوشرة على الصورة التى بذل فيها مجهودا يحترم. الوليد جمال أعاد مشاهدة فيلمه بينه وبين نفسه بعد كل عرض للأفلام الأخرى ليدرس بنفسه مشاكل فيلمه ليتلافاها فى أعماله القادمة. تلقى دعوة للمشاركة بفيلمه فى وهران بالجزائر وفى مهرجان آخر بإفريقيا وهذه إحدى فوائد المهرجانات بالتشبيك والتواصل بين منظمى المهرجانات وبين صناع الأفلام. اقترب الفيلم المصري الآخر " نصبة" من الكمال، وحاز إعجاب الحضور لتعبيره عن لحظات مصرية جدا فى موقف صاغه بتمكن عن الشاب الذى حضر قبل الفجر ليشرب شايا على نصبة بالشارع، إيقاع الثورة التى تجرى على مقربة من النصبة وتفاصيل الحياة خارج الموقع الذى اختاره المخرج، وحوار الشخصيات ، رسمت صورة للقاهرة فى لحظات تبدو ساكنة ولكنها تموج بالصخب وبالتوقعات لحدوث أشياء كبيرة، أفسد الفيلم أداء الممثل القديم عبد العزيز مخيون الذى سبب لي ولعدد من الحضور لبسا حول كونه يعرف الشاب القادم لشرب الشاى أم كونه مجرد عابر سبيل . تكتمل الأعمال الفنية القصيرة التى تمتلك أسلوبا خاصا بأداء غير نمطى لممثلين لم يفسدهم الاحتراف وهو ما تحقق مع أحمد مجدى جزئيا، وما تحقق بشكل كامل مع ممثل لا أعرفه ولم يذكر اسمه فى الكتالوج . وعرفت أنه نبيل نور الدين وأنه ممثل سكندرى وناشط سياسي أخبرنى عنه الشاعر زين العابدين فؤاد الذى كان فعالا ومفيدا فى المناقشات مما جعلنى أبدل رأيا سابقا لى راودنى عن جدوى دعوة غير سينمائيين لحضور فعاليات مهرجان سينمائى، فقد وجدت حضوره والسيده زوجته جوسلين تالبت،  والأستاذ القدير حلمى شعراوى  وزوجته من أجمل ما حدث بمهرجان الأقصر للسينما الإفريقية وكان تفاعلهم فى النقاشات سواء فى الندوات أو فى النقاشات الجانبية  هاما وممتعا لى ولعدد كبير من الحضور خاصة شباب السينمائيين مثل السودانى مزمل والمصرى الوليد والتانزانى أميل وكان له فيلم روائي قصير يعكس كما فيلم " لحظة" عيوب العمل الأول والطموح الذى يفتقد القدرة على تحقيقه بأدواته البدائية.  يحضرنى دائما المثل الشعبى " الصغير جميل حتى فى الحمير" وأجده وصفا مناسبا للفيلم القصير الذى يمضى قبل أن يتورط صانعه في ثرثرة مملة، يمضى عادة دون أخطاء فادحة ، إلا إذا تصور صانعه أن جحشه اللطيف يمكن أن يتحول حمارا ناصحا لو امتلك إنتاجا أكبر. ولكن الحقيقة أن الفيلم القصير عمل قائم بذاته يمتلك من الجماليات وأسس البناء ما يجعلنا نشعر بالامتلاء والتشبع بحيث نضع مع المخرج نقطة النهاية قبل أن يراوغنا أحيانا بنهايات أخرى تفقده روعة السرد الذى بدأه.  " الفيلم القصير فن له طبيعته الخاصة، يشترك فى الكثير من السمات مع القصة القصيرة والصورة الفوتوغرافية " من كتاب كتابة سيناريو الأفلام القصيرة ،تأليف بات كوبر وكين دانسايجر، ترجمة أحمد يوسف. أنصح صناع الفيلم القصير فى مصر بقراءتها قبل الشروع فى إخراج فيلم قصير، وأندهش من انتشار ورش العمل والتهافت عليها باعتبارها وسيلة سريعة لتجميع بعض المعارف لعمل فيلم قصير. ولكن الأهم والمتفق عليه بين جميع آراء من لهم خبرة فى صنع الأفلام أو فى النقد هو مشاهدة الأفلام ومحاولة قراءتها واستيعابها ، تحليلها وتفكيها لدراسة عناصر تكوينها، وطرق سردها وهو ما يمكنك من صنع فيلم قصير تنافس به على الجوائز فى المهرجانات الدولية. وتوقع باسمك فى قائمة صناع الأفلام .
·       نشر بموقع زائد 18 تحرير دعاء سلطان
 

في مسابقة التسجيلى بمهرجان الأقصر الإفريقى

إيقاعات عربية وإفريقية صاخبة

فى إطار الدورة الرابعة بمخرجان الأقصر الإفريقى من 16-21مارس 2015 ، وفى قاعة المؤتمرات بالأقصر وبعروض بالتقنية الحديثة استمتعت بمتابعة عدد من أفلام تتنافس على جوائز أقنعة توت عنخ آمون البرونزية والفضية والذهبية فى مسابقة الفيلم التسجيلي الطويل، ضمت لجنة التحكيم السيدة درة بوشوشة رئيس مهرجان قرطاج العريق بتونس،  والمخرج مجدى أحمد على والكاتب مدحت العدل ومدير التصوير محمد شفيق والمخرج سيدى دياباتيه من مالى. شاهدت اللجنة الأفلام مع المشاركين بالمهرجان، وهذا الالتزام يوفر احتراما لمواعيد العرض وانتظاما لها. تشهد الأفلام الوثائقية تطورا رفيعا ومتواصلا بعدما تزايدت القنوات الإخبارية والقنوات الوثائقية المتخصصة، وأصبحت تحصل على دعم إنتاجى يوازى الدعم الذى تحصل عليه الأفلام الروائية وأكثر، من بين الأفلم التسعة التى شاركت مسابقة التسجيليى تمكنت من اللحاق ببعضها أعجبنى فيلم " أدى جاسي،طريق مدغشقر" من مدغشقر لمخرج درس علم الاجتماع فى فرنسا ثم السينما قبل أن يخرج فيلمه الأول الذى ركز فكرته على طريقة الحياة فى مدغشقر والتى يعيش سكانها على تدوير النفايات ليصنعوا أحذية من إطارات السيارات القديمة، والدواء من عظام الحيوانات والمصابيح من علب الحليب الفارغة. أظهر المخرج الجميع رجالا ونساء يتشاركون فى العمل، أسهب فى ذكر تفاصيله وركز فى النهاية على الاحتفالات والرقص حيث شاهدنا فرقا تعزف ويلتف حولها الناس وخاصة الأطفال يرقصون وكأنهم ولدوا ليرقصوا. الموسيقى والرقص ثقافة مميزة لشعوب إفريقيا ركز عليها فيلم إيقاعات الأنتونوف من جنوب السودان للمخرج حجوج كوكا الذى درس بالجامعة الأمريكية بلبنان، ثم بجامعة فى كاليفورنيا ، حاز فيلمه على القناع الذهبي من لجنة التحكيم الموقرة التى ضمت ثلاثة مصريين وتونسية، لم ينحازوا فى قراراتهم للفيلم المصرى ولا التونسي وجاءت النتائج التى توصلوا إليها مرضية للعدد القليل الذى تمكن من مشاهدة الأفلام حيث تتقاطع المسابقات والندوات بحيث يصعب اللحاق بالبرنامج وبتنويعاته المختلفة من عروض وندوات. قام حجوج كوكا بالتصوير والمونتاج ليخرج عمله الأول الذى استحق الجائزة لتدفق إيقاعه ونجاحه فى عرض مشاكل وصراعات مناطق جنوب السودان والنيل الأزرق وجبال النوبة مازجا بين المعلومة التى تشرح على لسان أصحابها وبين طقوسهم الخاصة فى الرقص والغناء. صور مثقف سودانى جالسا تحت شجرة يعبر بتحليل المثقف عن مفارقة أن يتمضن الاحتفال بالخرطوم كعاصمة للثقافة العربية فنونا إفريقية، الرجل غاضب من تجاهل الهوية الإفريقية فى السودان وككل مثقف لديه موقف ثورى يتفهم الرغبة فى النفصال ويبررها بتجاهلى خصوصة العرق الإفريقى فى منطاق السودان المختلفة، كما قدم المخرج وجهة نظر لفتاة من نوبة السودان تشرح خصوصية ثقافة النوبة وجهود المحافظة على تراثهم الغنى. فقط فى ساعة وخمس دقائق أمكنه التعبير عن كيفية تغلب مواطنيه على المشاكل واحتفاظهم بهويتهم الثقافية رغم التهجير والظروف المناخية الصعبة. الصورة بديعة والصوت فى منتهى النقاء مما يؤكد على أن المخرج أتيجت له إمكانيات إنتاجية كبيرة انعكست على المستوى الرفيع للفيلم الذى جمع بين جمال الصورة وغزارة المعلومات. وحصد "ممرات الحرية " من ناميبيا القناع البرونزى، "المعاناة مدرسة الحكمة" للمخرجة اريان استريد أتودجى من بنين .       


احتلت الموسيقى والغناء جانبا كبيرا من أفلام مسابقة التسجيلي التى شارك فيها الفيلم المصري "جاى الزمان" للمخرجة دينا محمد حمزة متناولة مشوار حياة والدها شاعر الأغانى والصحفى محمد حمزة، بحميمية ودفء عكست دينا أهمية الغناء فى حياة المصريين وتجاوزت الحدديث عن الوالد ليصبح عرا عاما لعبد الحليم حافظ وبليغ حمدى ومحطات سياسية فى حياة المصريين بين مرارة الهزيمة وحرب الاستنزاف ونصر أكتوبر. كما عكست قضايا اجتماعية كالهجرة والاضطرار للغربة التى عبر عنها محمد حمزة فى العديد من الأغانى مع نجاة وووردة وغيرهما، الوداع واللقاء ، الحب والافتراق، بين الخاص فى علاقتها بوالدهم والعام فى تاريخ مصر القريب. فى لقاءات مع التوأم دعاء والأخ الذى يظهر للمرة الأولى قدمت دينا شخصية الأب والفنان وحاولت إيجاد ب\ائل لطريقة تقديم الشخصيات فى الأفلام بالتصوير فى مواقع تناسب معانى الأغانى مثل حديقة الأزهر وشاطيء النيل. ساد الغناء على الفيلم للحظات أنستنى أنه عن الأب وبدا كفيلم عن عبد الحليم حافظ نفسه ورومانسية ارتبطت به جعلت فتاة جميلة تقدم على النتحار بعد موته، أعادت دينا تمثيل مشهد النتحار فى محاولة للتماهى بين الفتاة المنتحرة حزنا على عبد الحليم وبينها هى حزنا على وفاة والدها، ولكنها فى لقطة هامة قرب النهاية تلعب بالبالونات سائرة بخطوات مهتزة- سببها فى الحقيقة إصابة تعرضت لها- محاولة التعبير عن محبة الحياة رغم فقد الأحباب. على المستوى التقنى ظلمت دينا بصورة فيلمها بكاميرا متوسطة الجودة وبتسجيلات صوت غير جيدة مع غيلان من أفلام صورت بكاميرات عالية الجودة تعاون فيها فريق من أكبر المحترفين، كما الفيلم الفائز بالذهبية وأفلام إفريقية أخرى مدعومة إنتاجيا من جهات عدة مما جعل المستوى التقنى لها رفيعا يصعب منافسته مع أفلامنا التى مازالت تعانى معاملتها كأفلام من الدرجة الثانية وينظر لصناعها أنهم ينتظرون لحظة الترقى ليصبحوا سينمائيين من الدرجة الأولى مع فيلم روائى طويل، لللأسف. لم يخرج فيلم " جاى الزمان" خالى الوفاض اذ حصد جائزة مؤسسة الشباب المستقلين التى أعلنها فاروق عبد الخالق، كما حاز إعجاب جمهور الأقصر الذى حضر العرض الثانى للفيلم بمركز ثقافة الأقصر الذى يحتاج تجديدا لأجهزة العرض به ووجدته المكان الأنسب لعروض يلتف حولها جمهور الأقصر الذى يتواجد فى القصر لأنشطة متنوعة منها معرض الفن التشكيلي الذى أقيم على هامش المهرجان وشكلت لوحاته جوا مريحا لكل من يحضر فعاليات المهرجان. تحتاج الأقصر جهودا من أهلها وخاصة شبابها من الفتيات والفتيان لتتواصل الفعاليات الثقافية ولا تكون فقط فعالية تم استيرادها من العاصمة حيث القاهرة مركز الجمعية التى أسست المهرجان وتديره وهى مؤسسة شباب الفنانين المستقلين التى تقدم فعاليات عدة وخاصة فى الأماكن المحرومة والمهمشة. على شباب الأقصر أن يبذلوا الجهد بتنشيط المناخ الثقافى قبل التعجل فى الانضمام إلى صناع السينما، وخاصة عندما يسيئون الفهم ويتصورون أن عددا من المحاضرات فى ورشة للسينما كافية لكي تمكنهم من صنع فيلم. ولهذا أطالب بمراجعة سياسة الورش وترشيدها لكى تحقق هدف الارتقاء بالفيلم وتحقيق نماذج منه تنجح فى المنافسة فى مهرجانات عدة داخل مصر وخارجها.

نشر بموقع  زائد 18 تحرير دعاء سلطان 

مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية
حيث لا أحد يمكنه الملاحقة

مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية ، التخصص مطلوب والتركيز على سينما قارتنا هام جدا،أربع مسابقات فى عروض لأربعة أيام من يمكنه أن يتابع  كل هذا!، بدراسة البرنامج وجدت أننى سأركز على السينما القصيرة، ثم أكمل باقى العروض للروائى الطويل والتسجيلي، سأستبعد نظرية المؤامرة وأتصور أن الأمر محاولة للتجديد وإرضاء أكبر عدد من صناع الأفلام ومريديها . عن نفسي وبترشيح من أصدقاء شاهدت الفيلم  الرائع " المطلوبين 18 " المصنف فى مسابقة الحريات تحت ( فلسطين/ فرنسا/ كندا) ليس هناك أى مشاركة إفريقية به، وكذا فيلمين لم أشاهدهما ( بعد 11 سبتمبر) من كندا ، وسيدات التل (فرنسا) ، ثلاثة أفلام من 11 فيلما عن الحريات كان لابد من استبعادها من المهرجان وضم كل أفلام الحريات مع الأفلام الأخرى مع الروائى والتسجيلي وتصفية الجميع ، أفلام أقل بجودة أعلى وبمعايير واضحة أفضل من التكدس غير المنطقى والذى يهدد خصوصية المهرجان فى مقتل. 

حلم شهرزاد الفائز في أفلام الحريات
 
الفيلم الآخر الذى تمكنت من مشاهدته فيلم " حلم شهرزاد" بدعوة مشددة استجبت لها عندما وجدت أن الفيلم الذى يعرض بالتوازى معه سيعاد وسأتمكن من مشاهدته ، فيلم المخرجة دينا حمزة " جاي الزمان" ، تعرض الأفلام مرة واحدة باستثناءات قليلة وهذه أيضا إحدى المشاكل التى نتجت عن ضغط البرنامج لأربعة أيام بدلا من ستة أيام، وللرغبة فى التفاخر بعدد الدول والأفلام المشاركة. هذا الطنين فى رأسي أنسانى أن أحدثكم عن الأفلام التسجيلية الجميلة والمتنوعة التى نافست فى تأثيرها الأفلام الروائية الأكثر شعبية عند الغالبية. سأترك التساؤلات جانبا الآن وأحدثكم عن فيلم " حلم شهرزاد " للمخرج فرنسوا فيرستر من جنوب إفريقيا ، يقدم فيه المخرج فكرة الحكى بادئا من ألف ليلة وليلة المعبرة عن الثقافة العربية الإسلامية مازجا الحكاية مع سمفونية شهرزاد للمؤلف الموسيقى الروسي النابغة رمسي كورساكوف، يحضر بروفاتها فى تركيا ، وينقل بينها وبين مصر حيث ورشة حسن الجريتلى والحكاءة المعاصرة عارفه عبد الرسول، ومشاهد خاطفة من الثورة المصرية بينها أم شهيد ستتقمص عارفه دورها وتجعل الأم تتطهرمن حزنها على ابنها الشهيد الذى كان يضفى عليها البهجة فى منزلهما بالحوامدية. مدينة فى صعيد مصر القريبة من الجيزة حيث أهرامات مصر وعاصمتها القديمة منف. شملنا الفيلم بحداثته وأجبر المجموعة القليلة التى حضرته على اتباع منهج حداثى أيضا في التلقى، أن نشاهد بنصف وعى بينما نصف وعينا الآخر يحاول إيجاد الروابط بين عناصر الفيلم التى يربطها كورساكوف العظيم بسمفونيته شهرزاد. رغم إعجابي يسيطر على رغبة أن ينجح المخرج فى الخروج من دائرة مثقفى وسط البلد واللجوء للشعب ، يفعلها فى لمحات قليلة ولكنه يعود لحسن وورشته، وللفنان التشكيلى هانى الذى يرسم من وحى ألف ليلة وليلة ويصمم خلفية مشهد الحكى الذى ستعيد فيه عارفة قصة أم الشهيد ووجعها. الفيلم يعتمد بشكل كبير على المونتاج فى صياغته وأتصور أنه أخذ وقتا طويلا لكى لا يفلت منه الإيقاع، ولكى يحقق فكرته عن ثقافة الحكى الممتدة من ألف ليلة وليلة حتى حكاية الثورة والشهداء. فى الندوة سألت فرنسواز فيرستر عن العلاقة بين قائد الأوركسترا السمفونى فى تركيا وميدان تقسيم وبين مصر التى احتلت أغلب مشاهد الفيلم، قال إنه كان يريد أن يصور فى إيران ولكن تعذر ذلك وقابل من يدعوه إلى مصر والتصوير بها. تناقشنا كثيرا بعد انتهاء الندوة، ووعد بأن يحضر لي فيلمه السابق، فى حفل الختام وبعد أن تسلم جائزته كأفضل فيلم فى قسم أفلام الحريات، أعطانى اسطوانتين لفيلمين له . " منزل أمى "  (2006)  و" أيام البحر " ( 2009 ) " ونعود لفيلمه " حلم شهرزاد" فلا أجد سببا لفصله عن مسابقة الروائى والتسجيلي المنتج عام 2014 والذى لم يعرض بعد وتنوى إحدى الشركات المصرية عرضه وتوزيعه فى مصر. المخرج من جنوب إفريقيا سجل نجاحات عدة مع الفيلم التسجيلى ، يطور أسلوبه ويجرب بعين محبة للبشر من مواطنيه أو من أى مكان فى العالم. منحته لجنة تحكيم مسابقة أفلام الحريات الجائزة الذهبية  وتكونت من المنتجة ماريان خورى والسيد بيتر روفليك الذى شغل عدن مناصب فى كيب تاون وآخرها منصب الأمين العام لشبكة آرتييال  المعنية بالنمو الهيكلى للثقافة والفنون فى إفريقيا. والمخرج عبد الله ديالو من بوركينا فاسو، والكاتب سعد القرش رئيس تحرير كتاب الهلال والناقد طارق الشناوى. ولم يشاهدوا الأفلام مع الجمهور كما حدث مع لجان التحكيم الأخرى، سواء التسجيلى أو الروائى الطويل والأفلام القصيرة . ولها مقال آخر.

نشر بجريدة البوابة الأربعاء 25 مارس 2015  مدير عام التحرير عصام زكريا
---------------------

الأفلام الروائية الطويلة بمهرجان الأقصر للسينما الإفريقية

تعدد الأساليب بين تمبكتو والعداء ولومومبا 

 تمبكتو الذى يحمل رسميا اسم موريتانيا البلد العربى الإفريقى ينطبق عليه وصف السهل الممتنع، صاحبه عبد الرحمن سيساكو صاحب الثقافة الفرنسية مع هوية إسلامية إفريقية . كثير مما نشاهده فى الفيلم معلوم لدينا من شرائط الأخبار عما تفعله القاعدة فى مالى . صور سيساكو تمبكتو فى صحراء موريتانيا موطنه الأصلى وأغلب من استعان بهم فى الفيلم من هناك، منهم المخرج والممثل سالم دندو الذى قام بدور أحد حكام مالى الجدد الذين يطبقون ما يعتقدون أنه "الشريعة الإسلامية" يظهرهم الفيلم كعصابة مسلحة بعضهم من تومبكتو وبعضهم إرهابيين عرب، يحكمون العاصمة فنسمع ميكرفونات تعلن أن الغناء ممنوع، وتطالب السكان بالتزام الحجاب والقفاز. يطوفون لتطبيق أحكامهم  وهم راكبين سيارات أو موتوسيكلات، فى أحد المشاهد نشاهد سيدة تبيع السمك وترفض ارتداء القفاز ، وتجده أمرا سخيفا ، فكيف ستمسك بالأسماك الزفرة وتمارس عملها بالقفاز. تشير لهم بيديها ، هذه ذراعاى اقطعوا يدى ولن أرتدى القفاز. بعض ممن شاهدوا الفيلم فى افتتاح الدورة الرابعة لمهرجان الأقصر شعروا بأن الفيلم بهذا المشهد " فيلم تسجيلي" ... وهو وصف يطلقه البعض على  الأفلام التى لا تعجبهم. غالبا هم صحفيون وصناع دراما تعودوا على السينما السائدة بمشاهد تمثيلية زاعقة وميلودراما ومشاهد حركة. بينما يقدم سيساكو بانوراما لأكثر من قضية تفضح هيافة هذا الحكم " الإسلامى" بهدوء نشاهد القاضى يحق مع شاب :ألا تعرف أن الكرة حرام! الكره حرام، ما أسخف تحريمهم، وما أبعده عن المنطق. أفكر بينما أشاهد الفيلم فى أحدث الموبيلات فى أيديهم ، وفى أسلحة الغرب المتطورة يحملونها، وفى السيارات التى يقودها لهم أعرابى، أليس كل هذا حراما، فقط الكرة وعدم ارتداء القفاز وعدم ارتداء الحجاب هى فقط المحرمات!. أجدنى أحدث نفسي بكلمة أمى المأثورة " حُرمت عليهم عيشتهم " . وكهدية من المخرج نستمتع بمشهد لشباب بملابس رياضية يلعبون بدون كره، ويؤدون كل حركات اللعبة فقط مع موسيقى ومشهد بديع يعبر حمار فى وسط اللاعبين بينما يدور مراقبين للنظام على دراجة بخارية (ليست حراما) كى يضبطوا الكرة الحرام غير الموجودة. مشهد ثائر يغير تتابع الواقع الأليم المعروض أمامنا أبدع فى تنفيذه سيساكو ووضحت رؤيته عن الفارق بين جمال الأنشطة الإنسانية وقبح منطق المتطرفين . يعود سيساكو لاستخدام الحمار يسير فى مقدمة المراقبين وهم يبحثون فى الليل عن منزل تنبعث منه الموسيقى، واقعيا الحمار يعرف الطرق ويستخدم فى المناطق الريفية كما يقول الفلاح المصرى" الحمار عارف سكته"  ولكن المخرج يستخدمه ليدل على معنى أنهم مجموعة من المتخلفين يقودهم حمار.
 التأثير الفرنسي واضح فى إيقاع المخرج الذى يفرضه على الجميع، فيبتعد أداؤهم التمثيلى عن أداء "كفار قريش" الذى اعتدنا على مشاهدته فى مسلسلات " دينية" فى التلفزيونات العربية. تأثير فرنسا واضح أيضا فى رسم الشخصيات بحيث تبدو لنا بشرا بهم جوانب إنسانية طبيعية متنوعة. فمنهم من نصدق أنه يصدق ما يقوله معتقدا بأنه يطبق شرع الله، وآخر كاذب يتخذ من الإسلام حجة لكى يصبح زعيما ويستولى على خيرات البلاد، وهو الشخص المهووس بالجنس والمرأة فيطلب منها أن تغطى شعرها – وكانت تغسله بمساعدة ابنتها- فترد عليه ولم لا تشيح أنت بوجههك. لا تنظر إلى، لى رجل مسئول عنى وهو الذى يطلب منى ما يرده فأطيعه. هذه المرأوة وزوجها المحب نموذج جميل لأسرة متحابة يعزف الرجل وتدندن المرأة معه ، تقدم له الشاى وتلعب ابنتهما مع راعى الأبقار. طبيعة البلاد الصحراوية ظاهرة فى الفيلم فهذه الأسرة تعيش فى خيمة منعزلة عن حوارى البلدة التى يعيش فيها آخرون. وكأنه أراد بهذه العزلة أن يركز على نموذج مختلف لا يعيش منصاعا لحكم هؤلاء الإرهابيين. لم يوافق إيقاع الفيلم غالبية الحضور وكان فيلم " رن/ العداء" الأقرب لمزاج من تعود على عرض الأزمنة القوية فى حياة الأفراد، وإغفال الأزمنة التى تعكس إيقاع الحياة اليومية كما نجدها فى الأفلام الفرنسية وفى أفلام سينما المؤلف المبتعدة عادة عن سخونة السينما السائدة الأمريكية أو المصرية. فى مسابقة الروائى الطويل شارك فيلم "رن العداء " وقد شارك قبلا مسابقة "نظرة ما" بمهرجان كان الأخير يروى قصة انتقام شاب إفريقي من رئيس وزراء بعد التحرير استغل شباب البلد وحسهم الوطنى للسيطرة عليهم ومعاملتهم كالعبيد. مثل هذه الأفكار تجد دعما من دوائر غربية تعمل على تشوية صورة الثوار ومن قاوموا المستعمر الغربى وإلقاء اللوم عليهم فى ما تعانيه أفريقيا من مجاعات وانقسام. وهى نفس وجهة النظر فى فيلم "لومومبا " شاهدته  بمهرجان الأقصر خارج المسابقة ، لومومبا من إنتاج فرنسا ورغم تقنياته العالية إلا أنه يقدم وجهة نظر فرنسية استعمارية أظهرت أن الانشقاق الداخلى بين الإثيوبيين هو السبب فى انهيار حلمهم الديمقراطى، وأغفلت دور مصر وجمال عبد الناصر والسيد محمد فائق فى مساندة أسرة لومومبا حيث نجحت جهودهم فى إنقاذ زوجته وطفلته واحتضانهما بالقاهرة بعد الانقلاب على لومومبا المدعوم من أمريكا باستغلال طموح جنرال منافس للثائر الكبير بياتريس لومومبا. انضم المثقف المصرى وخبير الشئون الإفريقة حلمى شعرواى فى نقاش حماسي، وشرح وجهة نظره موضحا تزييف الفيلم للحقائق التاريخية، واستمع إليه باحترام عدد كبيرممن حضروا العرض من المصريين والضيوف الأفارقة.
تعددت الأساليب الفنية فى الأفلام التى تتناول الشأن الإفريقى وتختلف بين كونها تعبر عن وجهة نظر وطنية لصانعها المحلى، وبين الأفلام التى تصور حكايات وأحداث إفريقية منتجة عالميا أو تشارك  فى إنتاجها عدة دول فتتغير توجهاتها وأساليبها الفنية حسب جهات تمويلها. وهو ما يتضح جليا بين تمبكتو بوجهة نظرمخرجه الموريتانى مستفيدا من لغة السينما الفرنسية، وبين العداء بإنتاجه الضخم وأسلوبه القريب من السينما الأمريكية، ولومومبا حيث تم صياغة التاريخ ليخدم وجهة نظر أسيادنا المستعمرين البيض الذى يتهموننا بأننا وحدنا سبب كل مشاكلنا
* نشر بموقع +18 وانت حر تحرير دعاء سلطان الأربعاء 8 ابريل 2015

 
الأقصر للسينما الإفريقية والحفاظ على الهوية  

 مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية  يعتبر المهرجان النوعى الوحيد فى مصر والذى أرجو أن يحافظ على تميزه وسط مهرجانات دولية كما القاهرة والإسماعيلية، وألا يلحق مهرجان الإسكندرية لدول البحر المتوسط الذى لم يعد كذلك. فى الدورة الرابعة أضيفت مسابقة سميت بأفلام الحريات، شاركت فيها أفلام غير افريقية منها فلسطينى كندى، وهولندى .. وأرى ضرورة إلغاء هذا القسم المستحدث وضم الأفلام حسب نوعياتها إلى الأقسام الروائية الطويلة والتسجيلية الطويلة ثم القصيرة دون تفريق بين الروائى والتسجيلي بها بعد أن لاحظنا قلة عدد التسجيلي مقارنة بالروائى وتداخل النوعين فى عدد لا بأس به من الأفلام. ولابد من تخصيص عروض لجمهور الأقصر يراعى فيها ترجمة الأفلام إلى اللغة العربية ، على أن تكون العروض بقصر ثقافة الأقصر لتنشيطه بعد تطوير أجهزة العرض به، ومسئولية هذا التنشيط مشتركة بين المهرجان ومحافظة الأقصر.
الأقصر الإفريقي يكاد يكون الوحيد الذى ينظمه سينمائيون من صناع السينما وليس من النقاد وهذا أيضا ملمح آخر من ملامح تميزه وخاصة مع الورش المقامة ضمن فعالياته، وهذه الورش تحتاج دعما أكبر من نقابة السينما كمؤسسة على ألا تتضمن بالضرورة إنتاجات بأفلام لا يوجد وقت كاف لتنفيذها فتكون دون المستوى . أمر آخر أرى ضرورة مراجعة تقليل دعوة الصحفيين والنقاد بحجة عدم انتظامهم فى حضور عروض الأفلام وخاصة أن عددا من الضيوف من صناع الأفلام لم ينتظموا فى الحضور أيضا. العقاب الجماعى لا يصح ووجدته ضارا بالمهرجان إذ يقلل من حجم المتابعات المصاحبة له والتى عن طريقها يتعرف المهتمين بالمهرجان وفعالياته ، صحيح أن وجود عدد من أصحاب الثقافات العامة يثرى المهرجان ولكن لا يجب أن يكون وجودهم سببا لعدم دعوة الصحفيين ونقاد السينما المتخصصين إلى الحضور . يقام المهرجان بدعم من وزارات عدة من أموال الشعب المصرى، وحضوره حق للسينمائيين صناعا وصحفيين، ويجب أن يعى الجميع هذا فلا يشعر القائمين عليه بأنهم يمنون على أحد، ولا يشعر الضيوف بالحاجة إلى المهادنة حتى تتم دعوتهم لاحقا،  فأى تظاهرة ثقافية لاتكتمل إلا بمشاركين  يحضرون ندواته وعروضه ويكملون صورته. مهرجان الأقصر  للسينما الإفريقية  يؤدى دورا هاما يتخطى فن السينما إلى توطيد علاقة مصر مع البلدان الإفريقية ولهذا فإنه من الضرورى المحافظة على هويته ولابد من تحديد اختصاصات إدارته، ولابد من العمل على تجاوز مشكلته الكبرى المتمثلة فى انصراف جمهور البلد الذى يحمل اسمه ، لابد من الابتعاد عن الشخصنة والاهتمام بنوعية الأفلام المشاركة لا بكمها، لابد من احترام كونه مهرجانا للسينما وليس فرصة لعروض مسرحية وغنائية كان وجودها مزاحما للأفلام ، يجب أن يقتصر وجود الفعاليات الجانبية على حفل واحد يقام بالتعاون مع أجهزة المحافظة  ومع المؤسسات خاصة وعامة لانتقاء فقرات من التراث والتعاون في جذب جمهور الأقصر ليكون جزءا من المهرجان دون الحاجة إلى دفعه إلى المشاركة بتقديم خدمات شكلية كورشة سريعة لصنع الأفلام لا يكفى الوقت لجديتها.ومن الغريب عدم الاستعانة بكلية للفنون الجميلة الموجودة بالأقصرللتعاون  والمشاركة . يجب أيضا ترشيد استخدام وسائل الانتقال فلا يتحرك أتوبيس كبير يسع خمسين شخصا لينقل خمسة أفراد. يجب العمل على تحسين الوجبات المقدمة ولو بالاكتفاء بوجبتين بدلا من ثلاثة مع مراعاة أن يكون هناك وقت كاف لتناولها دون أن نضطر لفقدان فيلم أو فعالية هامة. لابد من مراجعة البرنامج الذى كان مزدحما بحيث لا يمكن لأحد أن يلاحقه ، وتقليل عدد الأفلام والحرص على عرض أفلام الأقسام الرئيسية مرتين بحيث يتمكن الحضور من اللحاق بفيلم فاتهم . فاتنى أن أذكر أن حسن الإدارة تتمثل فى تجاوز المشاكل العارضة مثل ما حدث مع المركز الصحفى حيث توقفت الرسائل اليومية التى كانت هامة لتغطية الفعاليات ولم يحصل المشاركين على مواد صحفية عن الأفلام إلا بجهودهم الخاصة، وعن طريق تشبيك العلاقات مع صناع الأفلام. ملاحظتى الأخيرة خاصة بالمطبوعات التى نفذ بعضها على عجل وكانت من ملامح تميز المهرجان فى دوراته السابقة، والإيجابية تمثلت فى كتب مترجمة من وإلى الفرنسية دعمت التواصل وحققت الغرض منها.
نشر بجريدة الجمهورية الأربعاء 8 أبريل 2015 صفحة السينما إشراف حسام حافظ

No comments:

Post a Comment