تستضيف المدونة مقدمة دراسة كتبتها ه. سهام عبد السلام نشرت في كتيب اصدار قصر النيل للثقافة 1989
محاولة للاقتراب من
أبجديات اللغة
السينمائية عند شادي عبد السلام
في ضوء الخصائص العامة
لأسلوب الفن المصري القديم
سهام عبد السلام
" حكمتي المفضلة هي من تعاليم أمنوبي
"
-
إذا كانت قشرة الذهب توضع فوق السبيكة، لتظهرها ذهبا
خالصا، فإنها في الفجر تكون من قصدير.. رددها يا بني كثيرا، وكن ذهبا حقيقيا،
واصنع سينما للحياة"
عن عرض فيلم
المومياء للمرة الأولى في مصر على النقاد والصحفيين ثم في الخارج ، لفتت لغته
السينمائية غير المعتادة نظر الجميع، وهوجم بشدة من بعض الصحفيين الذين لم يكلفوا
أنفسهم عناء محاولة قراءته، ولن أعنى بعرض وجهات نظرهم هنا، لكن هناك من بذلوا
جهودا صادقة لفهم الفيلم وإن ظل أبرز ما يستخص من مقالاتهم هو شعور الدهشة
والمفاجأة.
فنجد مثلا
محمود علي يعنون مقاله المنشور في مجلة الإذاعة والتلفزيون في ديسمبر 1969 "
المومساء تنظق بلغة جديدة لا يفهمها كل الناس ". كما يقرر علي شلش في مقال له
في نفس العدد لأن الفيلم تجريبي وليس جماهيريا. ثم نقرأ للناقد الانجليزي جون رسل
تايلور في مجلة سايت آند ساوند 1971: " لقد عثر شادي عبد السلام وهو يبعث
الحياة في الروح المصرية القديمة على لغة جديدة مدهشة عجيبة وخاصة به، وربما نحتاج
إلى حجر جديد من رشيد لكي نحل شفرة هذه اللغة بالكامل" وللمخرج الإيطالي
روسيليني : هذا أول فيلم مصري " المومياء " أراه وفيه طعم مصر فعلا، إني
أكاد أشم رائحة طين بلادكم في الفيلم . لقد كانت أفلامكم شيئا فاقد الشخصية..
تقليدا ممسوخا للفيلم الأوربي".
وبعد استعراض هذه الآراء المؤيدة لكون " المومياء " يحمل لغة سينمائية جديدة تكتب الباحثة :
إن ما يجعلنا نعتبر شادي عبد السلام فنانا جديدا ليس تناول موضوع
التاريخ الفرعوني، أو بالأحرى إعادة اكتشاف التاريخ الفرعوني ، وإلا لكان كل مخرج
سفيه من الغرب يصنع تلك الأفلام الرخيصة عن الفراعنة إضافة إلى السينما المصرية
الجديدة، وانما الجديد في سينما شادي عبد السلام محاولة الإمساك بإيقاع الحياة في
الصعيد وليله وقراه وجباله. ثم هذه الطريقة في السرد التي تجعل الصور أقرب إلى
رسومات جدران المعابد القديمة. وتلك الرؤية الناقدة للإنسان المصري وهو يحاول
إعادة اكتشاف ذاته في القرن التاسع عشر بعد عصور الظلام الطويلة".
وإذا كانت
كلمة روسيليني تشير إشارة سريعة إلى أبجدية اللغة التي استخدمها شادي ، إلا أن
دهشة الجميع تجاه أفلامه تظل مبررة، وتظل أعماله بعيدا عن الجماهيرية ما لم نتعرف
على تلك الأبجدية ، وهو أمر لا يستدعي اكتشاف أحجار رشيد جديدة . إن شادي يضئ لنا
بنفسه الشمعة التي تقودنا إلى اكتشاف لغته إذ يقول في النشرة التي أعدها سمير فريد
للاحتفال بشادي في جماعة السينما الجديدة 1970 : " أريد أن أعبر عن نفسي وعن
مصر ، إنني أسعى إلى شكل سينمائي مصري بالعودة ‘لى أصول الفنون التشكيلية
الفرعونية ." .
وفي الصفحات
التالية أتلمس الطريق لقراءة أعمال شادي عبد السلام على ضوء أصول فنونا المصرية
القديمة، قأتناول خصائص تلك الفنون ثم أورد مثالا على تجلي كل خاصية أسلوبية منها
في سينما شادي عبد السلام.
سأكمل جمع الدراسة ونشرها هنا في مدونة " دنيا الفيلم" الخاصة بصفاء الليثي