الصعلوك الذي أصبح زعيما
تطور حجم وجوده في الكادر من دسوقي إلى أبو المجد
في المشهد الافتتاحي وبعد قرار ايقاف حمدي عطية
عن العمل يتم القطع على دسوقي أفندي يستئذن رئيسه في الدخول ويعرض عليه ملف
القضايا، يصرخ فيه انا موقوف روح اعملي فنجان قهوة، عادل إمام بألاطة وعزة نفس انا
وكيل المكتب مش الفراش. يوبخه حمدي يا شيخ اتنيل روح. الإمام متلبس الشخصية تماما
في أداء مختلف تماما عن غيره من السنيد لا النابلسي ولا استفان روستي. لا يظهر سوى
في لقطات عامة، بينما الكلوز أب للنجم الأول وشريكه في المكتب فقط. في الدقيقة 44
يكون دسوقي أفندي جالسا على المكتب واضعا ساقا على ساق ويدخل الزوج الغيور الشرس
عبد التواب النمساوي فيدعي انشغاله عنهما، حضرتك أ. حمدي قطع الى لقطة متوسطة لا
يا أفندم أنا أ. دسوقي حجة في الشئون القانونية، ضليع في الجنح، أرشيف في
الجنايات، وحين يتبين أنه وكيل المكتب فقط، يأمره امش يا واد هات لي كباية ماية.
هذا المشهد كتبه عبد الحي أديب وأخرجه فطين عبد الوهاب كتمهيد للقاء المرتقب بين
المحامي زير النساء والزوج الغيور. يتحرك خائفا ويقولها بتردد " بلد بتاعت
شهادات صحيح" يعود بكوب الماء وينهره النمساوي يسقط ويعيدها "بلد بتاعت
شهادات صحيح". قبل الفيلم اختاره عبد المنعم مدبولي ليناسب شخصية السنكوح، هو
الوحيد الذي يشعر بأهميته وبأحقيته عن رئيسه، وبأداء مسرحي يحرك جسده بشكل
كاريكاتوري ويردد لزمات يؤلفها مدبولي صاحب المدبوليزم، في الفيلم يعتمد فطين عبد
الوهاب على التقطيع المناسب لكل ممثل ولدوره، وحين يتجاوز الإمام الأداء المسرحي
ويتفهم فن السينما يكون قد وصل مع فطين إلى فيلم " مراتي مدير عام" ، وتسكن
حركات جسده ويعبر بوجهه تعبيرا قويا استحق عنه لقطة كلوز أب مقربة، يتكرر ظهوره في
لقطات متوسطة تجمعه مع شادية التي نجح في كسب ثقتها وهو الموظف الصغير على الآلة
الكاتبة أبو المجد، في هذا الدور كان الإمام ممثلا دراميا أجاد الكوميديا
والتراجيديا، وتحول في الفيلم من أدوار يمكن أن توصف بالتهريج إلى أداء لشخصية
جادة، احترم المرأة الجميلة التي أصبحت مديرة وأظهرت الموظف الكفء داخله، لم يعد
المهرج لزملائه بل زميل مهنة اكتسب احترام رئيسته، وضعه المخرج الذكي في موقع بارز
في الكادر ومنحه الفرصة للتعبير بوجهه عن تطور الشخصية فمنحه لقطته المكبرة
الأولى، كممثل ينتظره مستقبل في أفلام يتحمل بطولتها منفردا.
ومن الدور اللامع لعادل إمام دسوقي
أفندي ولزمته الفارقة " بلد بتاعت شهادات صحيح". وهو نفس الفيلم المليء
باللزمات " رقاصة محترمة جدا، من البيت للكباريه ومن الكباريه للبيت" الحوار
لعبد المنعم مدبولي منقول عن المسرحية بنفس العنوان والأبطال والحكاية، ولزمة أخرى
لفؤاد المهندس " القانون ما فهوش زينب ". المخرج يقوم بتقطيع المشاهد إلى
لقطات قريبة حتى مع الضابط الذي أتى بناء على تليفون دسوقي أفندي الذي لا يمنحه
المخرج أي لقطة مقربة، ويعيد لزمته "بلد بتاعت شهادات صحيح" في لقطة
عامة متوسطة، حيث أن لغة الجسد كانت أدواته التمثيلية التي يجيد التعبير بها. وات
أبوت يور فريست كلوز أب.؟ هل فرح الإمام بلقطته المقربة وانتبه إلى ضرورة التعبير
بقسمات وجهه؟ هناك الضيف أحمد ولزمته " أنا لازم أضع حد للإهانات دي " في
لقطة قريبة وحيدة. لم يبق عادل إمام طويلا
فنانا لا تلتفت إليه الكاميرا بل تغير موقعه ليكون في مركز الاهتمام في "مراتي
مدير عام" وقبله في كرامة زوجتي ويصبح اسمه بارزا على أفيش الفيلم أيضا. كان تطوره في المسرح والسينما يتصاعد بشكل
متوازي، صفف شعره على طريقة محمود يس وأصبج بطلا يجمع بين الوسامة والقدرة على
الإضحاك بجسده ووجهه متسلحا بلزمات الحوار التي تصبح شائعة ترددها الجماهير التي
رفعته على قمة الكوميديا ومنحته أعلى الأيرادات في السينما والمسرح والمسلسلات
التلفزيونية أخيرا.
نشر بجريدة القاهرة الثلاثاء 17 مايو 2022 رئيس
التحرير زين العابدين خيري
مدير التحرير رامي المتولي مشرف صفحات الفن
ومحررة ملف عادل إمام إيمان كمال
No comments:
Post a Comment