مربع برمودا والنحت بلا خجل
بدأت أجازة منتصف العام في مصر ومعها موسم
لأفمربع برمودا والنحت بلا خجللام تناسب العائلة، تقبل الأسر غالبا على الأفلام الكوميدية، في سينما الحي
القريبة من منزلي دار عرض بأربع شاشات، لم أتمكن من اختيار الفيلم الذي أردته،
فالفيلم الذي سيعرض في حفل ما بعد الظهيرة فيلم قطع له تذكرة الدخول زوج وزوجته
وطفليهما الصغيرين، يتسامح المسئولين رغم وجود لافتة زائد 16 على الأفيش، قال موظف
السينما، هذا هو الفيلم الذي سيعرض الآن، " مربع برموا " بداية من الاسم
المحرف لمثلث برمودا وتصدر نجم مسرح مصر الممثل الكوميدي مصطفى خاطر، أدركت ما
ينتظرني في هذا المربع الذي يكمله المخضرم
عمرو عبد الجليل وفاتنتين، مزتين بالعامية المصرية، روجينا وهنا شيحة. لا يوجد
بالفيلم مشاهد ساخنة ولا حتى قبلات، فقط ألفاظ موحية بمعاني جنسية لا يدركها
الأطفال، يكتم الأب ضحكاته والزوجة معه، ولكنها تجلجل حين يتلاعب عمرو عبد الجليل
بالألفاظ يبدل الشائع في الأمثال والحكم
الشعبية، وهذه تكاد تكون حيلته الوحيدة لإثارة الضحك، يقول مثلا، انت كده في حتة
تاسعة، بدلا من حتة تانية، أتصور أنه من يقوم بتأليف هذه اللزمات على طريقة
الارتجال في المسرح التجاري. هو البطل الحقيقي للعمل ولكن ضرورات التوزيع فرضت وجود
الشاب الأكثر وسامة وأن يفتتح الفيلم به، وجيه رسام كوميكس لبرنامج لطيف يشرح اسمه،
أحمد وظريف، على نفس أسلوب التلاعب اللفظي لعبد الجليل، المعلم حبشي الذي تدلله
زوجته وتناديه، بألفاظ زعامة، وحبشتينو، تلاعب آخر على لسان نوال التي اختارت أن
تكون زوجته بعقد عرفي، يكتب الذكور الأفلام ساخرين من النساء وتحولاتهم التي يرصدونها،
الوضع المقلوب عن الشائع، هو يريد أن يعقد عليها رسميا وهي تفضل وضع الزواج
العرفي. باستثناء هذا الحفل سيحضر جمهور لا بأس به عروض منتشرة في أغغلب المدن المصرية، وسيخرجون
بحصيلة من اللزمات، وتنتشر كلمة زعامة، وحبشتينو، ويتجدد الجدل حول أيهما أسبق؟
الألفاظ الغريبة من حوار الأفلام، أم أن
العامية المتجددة في الشارع هي المصدر الذي يستقي منه كاتب الحوار كلماته ولزماته
.
مصطفى خاطر يناسبه دور الشاب الظريف المرتبك الذي يتورط دائما في المشاكل، يستعين المؤلف بلفظ برمودا المرتبط بالمثلث الذي يوحي بالخطر لصياغة نوع فيلم الحركة الكوميدي المفضل لدى الجماهير، يجري تعديلا ليصبح مربعا يناسب بطولة رباعية لرجلين وامرأتين ويتم الحديث عن مربع عند ولادة الطفل وجيه الذي ارتبط مصيره بحبشي والفتاتين تيتي وشيري ليكونوا مربعا تجمعه فكرة التخاطرعن بعد، التلباثي . الفكرة العلمية يتم العبث بها على طريقتنا وترتبط بالشعوذة من خلال العمل السفلي. فكرة الأعمال راسخة في الوجدان الشعبي يؤمن بها قطاع عريض من الناس تستخدم في أفلامنا كأحد مثيرات الضحك منذ اسماعيل يس ومن قبله، وها هي ممتدة في فيلم لمجموعة من الشباب يؤسفني أن أعترف أنني أسمع عنهم كصانعي أفلام للمرة الأولى. المخرج طارق رفعت، والمؤلف هشام هلال والمنتج عاطف كامل.
أثناء العرض تصرخ الزوجة خلفي، العمل اتفك،
وأشكرها على شرحها الذي أفادني في معرفة سر تحول شيري من الإعجاب المهووس بحبشي
إلى تجاهله التام وتركها المكان بعد أن اصطدمت به أمام دورات المياه ، كمن يبدو
أنها لا تعرفه، تكمل سيرها وتترك المجموعة. في مشهد منفذ بشكل جيد ويشرح الموقف
كله. يجد حبشي نفسه مع نوال التي تحبه وتدلله فيقرر أن يتزوجها رسميا الليلة.
يبدأ الفيلم عصريا وجادا، في بريزنتيشن،
اجتماع عمل لعرض فكرة فنية، من مصمم أفكار الإعلانات الناجحة مصطفى خاطر، كمشهد
يقدم الشخصية الرئيس وقد اختاروا له اسم
وجيه، وجعلوا شعره ينسدل على جبهته وألبسوه نظارة. حتى يمكن اعتباره فتى
الشاشة الأول، يقاسمه البطولة عمرو عبد الجليل في مشهد آخر لتقديم حبشي مع العصابة
وزعيمها اللبناني، البطولة جماعية كحل لتحقيق ايرادات ترضي المنتج فلا يوجد
بالفيلم نجم شباك يتحمل وحده مسئولية فيلم، لا يوجد كوميديان كبير ولا فاتنة، لا
فؤاد المهندس وشويكار، لا حسن يوسف وسعاد حسني، ولا ثلاثي أضواء المسرح. هناك محمد
ثروت، ومحمد جمعة والوجه الجديد يوسف الفنجري، وهم مع الأبطال الأربعة تتوزع عليهم
البطولة في عمل منحوت من عدة أفلام قديمة أو حديثة، إفلاس الكتابة واضح مع اقتباس
فكرة فيلم أوشن ثمانية لنجمات السينما الأمريكية ساندرابولوك ، وكيت بلانشيت ، وسارة بولسون ، وريهانا
، وأوكوافينا، وتكون حادثة سرقة التاج الملكي واستبداله بنسخ مزورة هي
عصب النصف الثاني من الفيلم. في أوساط الصناعة يتحدثون عن الريفرنس، المرجعية، يفضل
المنتج والمخرج وجودها ضمانا للنجاح، ولا يضيرهما أن يكتشف المشاهد العادي قبل
الناقد سرقة الفكرة بل تزداد الضحكات ويتأكد أن السينما المصرية المعاصرة نحت من
أفلام مصرية وأمريكية، أحيانا من أفلام الأبيض وأسود وحتى من الأفلام الهندية. نحت
بلا خجل بعيد تماما عن تعريف السينما الحقيقية التي هي نحت في الزمن.
صفاء الليثي
نشر بصفحة
السينما في جريدة الصباح ، الاثنين 10 يناير2022 مشرف الصفحة علي حمود الحسن.
الصباح جريدة العراق الرسمية الاولي وتصدر عن شبكة
الاعلام العراقي.. وهي ضمن الهيئات المستقلة.
No comments:
Post a Comment