Monday, 9 May 2016

عودة الروح لمهرجان الإسماعيلية 18


تشابك العروض والندوات والورش


يظل مهرجان الإسماعيلية بالنسبة لعدد من السينمائيين المصريين المهرجان الأهم والأفضل والأكثر تنظيما من بين كل المهرجانات المصرية لطبيعة تخصصه لأفلام نشتاق إليها وللمدينة الرائعة التى يقام بها ولتنظيمه المباشر من المركز القومى للسينما آخر صروح المؤسسات السينمائية الحكومية فى مصر . أعاد المخرج أحمد عواض للمهرجان روحه وحيويته التى اهتزت قليلا فى السنوات الماضية ما بعد ثورة 25 يناير 2011 ومع تقلب الرؤساء والإدارات.
بدأت عروض اليوم الأول بفيلم تسجيليى طويل " ك 2 الحالمون المهمشون" من إنتاج البرازيل والولايات المتحدة وباكستان ، اختار مخرجه  زاوية جديدة للتعامل مع رياضة تسلق الجبال بالتركيز على الحمالون من أبناء باكستان  الذين اختاروا المهنة الصعبة لكسب العيش والإنفاق على أطفالهم. الصورة البديعة التى سجلت لحظات هامة فى حياة الحالمين وهم يخبزون العيش ويغنون ويصلون ، وسمعنا حكايات عن كيف يتعلمون ويتطورون ليرتقوا فى مهنتهم،  الصورة مبهرة  طالت اللقطات أحيانا فلم نفتقد التكوينات الرائعة للصورة ومحتواها الإنسانى البديع، الفيلم يصلح لمناقشة محور الندوة  التخصصية بالمهرجان حول الفارق بين الفيلم التسجيلى بين الواقع التقريرى والجماليات السينمائية ، وهكذا تتشابك عروض الأفلام مع موضوعات الندوات ومحاورها العامة والخاصة، فيحقق المهرجان هدفه بتحوله إلى مؤتمر علمى تطرح فيه قضايا الفيلم التسجيلى والقصير والتحريك وتدور نقاشات بين المبدعين والصحفيين والنقاد، نختلف ونتفق لصالح فن السينما الهادفة التسجيلية والقصيرة.

ضم قسم الأفلام التسجيلية الطويلة عشرة أفلام عبرت فى مجموعها عن اهتمامات العالم فى السنوات الأخيرة قضية مذابح الأرمن فى تركيا فى طرق حجرية  استحق جائزة لجنة التحكيم الخاصة من اللجنة الرسمية برئاسة المخرجة والممثلة من جورجيا نينو كيرتادزى والتى أعربت عن سعادتها بالتواجد فى بلد امتلك حضارة عريقة وفى مهرجان حفل بثمانين فيلما يتناول قضايا الحرية ويعبر عن مشاعر البشر فى مختلف الأنحاء ، كما رأينا مشاكل المجتمع الفقير فى الدومينيكان فى  الفيلم الساحر خيال كاريبى وهو واحد من أفضل أفلام المهرجان بتعبيره الجمالى باستخدام إمكانيات تصوير محدودة نجح المونتير الشاب الذى صاغ الفيلم فى صياغتها بإيقاع فنى جذب المشاهدين، استمتع المونتير مع زملائه ممن رحبوا بالحضور بزيارة الأهرامات وبالتفاعل مع شباب السينمائيين المصريين والعرب . شاهدنا أيضا فيلما هاما عن اغتصاب النساء فى أفريقيا وخاصة كسلاح بين المتحاربين وجهود الإصلاح التى قام بها طبيب  حاز جائزة دولية هامة عن هذا الجهد . شهادة الزعيم المعارض اللبنانى كمال جنبلاط في فيلم هادى زكاك وحصل على شهادة تقدير، شهادات رجال المقاومة ضد الفاشية والنازية  فى " لن يمروا"، ظاهرة قيادة الصبية لعربات الأجرة المسماة التوكتوك استحق الفيلم جائزة مستحدثة فى هذا المهرجان لأفضل فيلم مصرى شارك بالدورة 18 قدمها المنتج هشام عبد الخالق . من بين المشاركات المصرية أيضا تجربة كوثر يونس الفريدة فى هدية من الماضى ، مشاركتان مصريتان مشرفتان مختلفتا التوجه والأسلوب السينمائى فى السينما التسجيلية التى نوقشت فى الندوة التخصصية  عن الفيلم التسجيلي بين الواقع والجماليات التى أثارت جدلا بين النقاد وبين الحاضرين من صناع الفيلم ورموزه هاشم النحاس محمود عبد السميع سمير عوف وعلى الغزولى، طارق رشاد وعطية عادل خيرى والمخرجة الشابة زينب سمير عوف. وثقت الندوة الصحفية منال بركات وصورتها كاميرا المركز القومى للسينما. وكانت ورشة التصوير للفنان سعيد شيمى فعالية موازية استفاد منها شباب الإسماعيلية الراغبين فى تعلم فنون التصوير . كما عرض فى الختام نتاج ورشة التحريك للأطفال والتى نظمتها الجمعية المصرية لفن السينما برئاسة د. رشيدة الشافعى شارك فيها فنانى التحريك من العاملين بالمركز القومى للسينما ومعهم فنانة التحريك عطية عادل خيرى التى رأست لجنة التحكيم التى أعطت جائزتها  الأولى للفيلم البديع عن بعد وهو درس فى البساطة والعمق وجمال الفن التشكيلى فى آن واحد ، كما حصل فيلم صولو لخريجة معهد السينما الشابة نيرة الصروى على جائزة لجنة التحكيم الخاصة، توج فيلم " حار جاف صيفا" لشريف البندارى جوائز الفيلم القصير بحصوله على أفضل فيلم ، وبهذا تكون حصيلة الأفلام المصرية المشاركة بالمهرجان حصيلة جيدة رغم الشكوى الدائمة من قلة الدعم وبالتالى قلة المنتج السنوى .
لم تكن الدورة 18 لمهرجان الإسماعيلية دورة تقليدية إذ اختلفت عن الدورات السابقة فى اشتمال أيامها على فعاليت موازية احتلت زمنا لا يستهان به من زمن الفعاليات الأساسية ، تمثلت فى عروض ليلية بقصر ثقافة الإسماعيلية لفرق رضا والفنون الشعبية  وغيرها، عروض أثارت الحنين لفنون ازدهرت فى الستينيات والسبعينيات وسببت الحسرة لما آل إليه حال فنوننا الذى نشهده حاليا بالتوازى مع حالة التباعد بين جمهور الإسماعيلية الذى تزاحم  لمشاهدة عروض تجارية بدار العرض الوحيدة فى المدينة بينما قاطع تماما عروض المهرجان ولم يظهر من أهل الإسماعيلية سوى سيدتين ومعهما زميل مثقف تبين أن ثلاثتهم من العاملين بقصر ثقافة الإسماعيلية الذى اكتفى باستقبال حفلى الافتتاح والختام، وتخصيص دار عرض ثانية لإعادة العروض الرسمية فى اليوم التالى لعرضها بدار السينما. لن أكف عن المطالبة بالبحث عن حلول لجذب جمهور المدينة التى تستضيف المهرجان وأهم هذه الحلول عرض الأفلام مترجمة إلى العربية وترتيب منظم لحضور شرائح من المشاهدين ليؤدى المهرجان هدفه من تثقيف شعب القناة ونقل تجارب العالم المختلفة إليهم. 

نشر بجريدة القاهرة الثلاثاء 3 مايو 2016


No comments:

Post a Comment