عمر الشريف...
المواطن مصرى
فى ذاكرتى عنه أجده فى شخصية حسين الشاب القفل فى فيلم فطين عبد الوهاب
إشاعة حب، ستحبه سعاد حسنى بخديعة من يوسف بيك وهبى فى الفيلم الذى ينتصر للأصالة
المصرية وللشباب الجاد ويسخر من البرجوازية العفنة بنت سلطح ملطح، كما أجده فى
شخصية محسب الصعيدى الغشيم الذى كاد يخسر ثروته على الغازية لولا حماية رئيس عماله رشدى أباظة فى فيلم صراع
فى الميناء لعاطف سالم ومع الفاتنة هند رستم. دورين استثنائيين للنجم المصرى
العالمى عمر الشريف، ليس فتى الشاشة الأول الوسيم مع فاتن حمامة فى نهر الحب عن تولستوى وروايته أنا كارنينا، وليس الطيار الفاتن فى حبي الوحيد
مع نادية لطفى، بالنسبة لى بفكه العريض ووسامته المصرية وعيناه السوداوان أقرب أن يكون هذا العمدة فى
المواطن مصري، أو المناضل فى العمل الكبير في بيتنا رجل. أو عطشجى القطار فى لوعة
الحب مع شادية،
لا أنسي حين كانا معا وهما يقزقزان الترمس، هى تلقى القشور على
الأرض، وهو فى دور عامل راق يضع القشر فى كف يده، فتخجل ويزداد حبها له لأنه
الراقى مقارنة بزوجها الفظ سائق القطار أحمد مظهر الذى يأخذها عنوة فتكره العلاقة
الخاصة وتحن إلى الرومانسية التى يمنحها لها مساعد زوجها عمر الشريف. يناسبه دور
الضابط بالزى الرسمى متخفيا في بيتنا رجل، وطالبا فى بداية ونهاية ، طيارا
باليونيفورم فى حبى الوحيد، فى الطائرة يأتى ليقدم الكعكة للعروس من بين الركاب
فتكون حبيبته نادية لطفى ونحبس الأنفاس، يا
الله ، فى جمال كده. هل هناك ما يفوق هذا الجمال.أول أدواره كان اكتشافا ليوسف شاهين فى صراع فى الوادى مع فاتن حمامة التى
شاركها فى ستة أفلام آخرها نهر الحب الذى أخرجه عز الدين ذو الفقار زوجها الأول
ووالد ابنتها نادية. وآخرها المسافر مع خالد النبوى من إخراج أحمد ماهر. غاب خمسة
عشر عاما وعاد فى دور حسن مع عادل إمام فى حسن ومرقص، حسنا فعل المخرج رامى إمام حين
أسند إليه دور الجار المسلم بينما عادل إمام هو الجارالمسيحي. ويرتفع الأداء بعد
تبادل الأدوار لتأكيد أنهما معا المواطن مصرى مسيحيا كان أم مسلما. حين جاءته فرصة
الانضمام إلى السينما العالمية ، غاب وقدم أدوارا عدة ولكنه عندما عاد صدم الجميع
بصراحته حين قال إنه من ممثلى الدرجة الثانية فى السينما العالمية، وأنه يعتز أكثر
بأدواره فى السينما المصرية.
تحدث عن حبه للأرز أبو شعرية، وتكون الشعرية محمرة
وكثيرة باينة فى الطبق. حين تحدث جرى ريقى من شدة بساطته وصدقه شممت رائحة الأرز
المفلفل والملوخية. لا يعرف الوطن ولا يدرك حقه فعلا إلا من غاب عنه، حتى لو كان غيابه ليقوم بدور هام فى لورنس العرب
مع بيتر أوتول، أو مع الفاتنة الإيطالية صوفيا لورين فى الموعد، أو مع الأسبانى
الشاب أنطونيو باندرياس. يختارونه ليقوم بدور جيفارا ورغم تواضع الفيلم إلا أنه
قبل القيام به كما قبل القيام بأعمال أخرى متوسطة القيمة قبل أن يفكر فى العودة
إلى مصر وإلى السينما المصرية التى ساهم فيها بأهم أعماله .
والده ديمترى شهلوب تاجر الأخشاب
اللبنانى قد استقر به المقام بالإسكندرية
وكانت مدينة مفتوحة ملجأ للكثيرين من شرق وشمال المتوسط، لجأوا إليها وامتزجوا
بأهلها وساهموا فى أنشطتها الصناعية والتجارية والفنية ، ينتمى ميشيل شهلوب الشهير
بعمر الشريف إلى أسرة كاثوليكية لبنانية ، شهدت الاسكندرية مولده فى العاشر من
أبريل عام 1932 ، درس فى مدرسة فيكتوريا التى سبقه إليها توفيق صالح ويوسف شاهين. قد
تكون الشائعة من أعداء له بعد اختياره ممثلا فى السينما العالمية بأنه يهودى الديانة، والمهم أنه مثل يوسف شاهين من أصل لبنانى مسيحى، وأنه وجد فى مصر الحب والأسرة والمهنة، وجد
المحبة والاحترام حتى اختير رئيسا شرفيا لمهرجان القاهرة السينمائي الدولى لعدة
سنوات. قيل إنه لن يعيش طويلا بعد رحيل المرأة الوحيدة التى أحبها حقا، وحدث ذلك
وفارقت روحه من مصر مساء العاشر من يوليو2015، ولم يمت فى غربته بل فى البلد الذى
شهد حبه الوحيد وتقدير مواطنيه.
رغم ارتباط اسمه بفاتن حمامة حبيبته وزوجته وأم ابنه الوحيد طارق، إلا أنه قدم أدوارا لا تُنسى مع شادية ونادية
لطفى، مع هند رستم وسعاد حسنى . ورغم أن يوسف شاهين هو من اكتشفه إلا أنه لمع فى
أدوار مختلفة مع فطين عبد الوهاب، وصلاح أبو سيف وهنرى بركات وعاطف سالم، امتد
مشواره ليعمل مع هانى لاشين فى فيلمى أيوب و الأراجوز، ومع رامى إمام فى حسن ومرقص، و مع أحمد ماهر فى
المسافر. امتد مشواره السينمائي خمسة وخمسين عاما منذ عام 1954 مع صراع فى
الوادى وحتى المسافر عام 2009 . قدم خلالها ما يقرب من خمسة وأربعين فيلما بين
المصري والعالمى، من بين أعماله العالمية أفضل فيلمه د. زيفاجو عن الرواية الروسية
والشخصية الروسية الشهيرة وحصل عنه على جائزة أفضل ممثل درامى عام 1965 ضمن ترشيحات الجولدن
جلوب.
وككل النجوم أثيرت حوله الشائعات والأقاويل،
وفى رأى أنه عاش حياته، يوم مر ويوم حلو مثله مثل كثير من الناس، أصاب وأخطأ،
ابتئس وسعد، ولكنه فى النهاية رحل تاركا ثروة من أفلام مصرية وعالمية نستمتع بها
وتجعله خالدا فى أذهاننا، عمدة نجوم مصر وسفيرها فى العالم، المواطن المصرى عمر
الشريف.
نشر بجريدة القاهرة الثلاثاء 14 يوليو 2014
رئيس التحرير سيد محمود
رئيس التحرير سيد محمود
No comments:
Post a Comment