The Seed of the Sacred Fig
رسلوف يكسر قيود
البطريريكة
في" بذرة التين
المقدسة"
صفاء الليثي
من المرات القليلة التي تظهر فيها النساء بشكل طبيعي في بيوتهن، بدون حجاب على الرأس كما تفرض الرقابة في البلد الذي يعلن عن نظامه الإسلامي، المخرج ايراني والأحداث في ايران ولكن الإنتاج ألماني مما سمح بالظهور الطبيعي لبطلات الفيلم الثلاث الأم وبنتيها مما أشعرني بالراحة وبالاندماج أيضا مع الأحداث دون شوشرة عن مدى الصدق والواقعية في فيلم يعتمد النوع في تصنيفه كفيلم ضد البطريكرية . الأسرة كنموذج مصغر لأبوية النظام ككل حيث يقهر الذكور الإناث وحيث يقعون هم أيضا تحت قهر ذكور في مرتبة وظيفية أعلى، فقد تملك الرعب القاضي الجليل إيمان حين اختفى سلاحه الرسمى وجعله الخوف من العقاب يظهر قسوة غير عادية على نسائه، زوجته نجمة وبنتيه رضوان بالجامعة وسناء بالثانوي فيهرب بهن ويجري معهن تحقيقا لمعرفة أين خبأن المسدس. المأساة العامة المتجذرة في البلد الذي يطبق فاشية دينية على أفراده ويخص النساء بأقصى درجاته يشهد احتجاجات نتيجة حادث معروف لنا عن مقتل فتاة سافرة نعرف اسمها من خارج الفيلم الذي لم يذكره مهسا أميني، ضمن محمد رسلوف فيلمه مشاهد للاحتجاجات مصورة بكاميرات الموبيل وتظهر بشكل رأسي كفيديوهات الموبيل الشائعة، وهي المشاهد التي تتابعها ابنتي القاضي في المنزل فتصيبهما بالقلق على صديقتهما التي شاركت هذه الاحتجاجات. يشرح رسلوف عنوان الفيلم في بطاقة تعريفية في بدايته بأن التينة المقدسة هي شجرة تنشر بذورها في أغصان الأشجار المجاورة لها بحيث تخنق الحياة فيها فتقتل الأشجار التي كانت معيلة لها فتصبح مقدسة. ويترك لنا تفسير هل يقصد الدولة التي ينضوي الجميع تحت لوائها أم يقصد الأجيال التي تنادي بالتغيير وسيغرسون جذورهم في الأرض. وهكذا الفن الحقيقي يفتح المجال لكل التأويلات وان كنت أميل إلى تفسير الشباب الذين يغرسون جذورهم وسيحققون التغيير. يمضي القسم الأول من الفيلم في عرض التوتر مع السلطة ومساندة الزوجه لزوجها في مسئولياته بعد الترقي، وحين يختفي مسدسه يصبح الصراع داخل الأسرة مؤكدا على فكرة الربط بين العام والخاص ومكثقا لثورة النساء الزوجة والبنتين وتوحدهن معا ضده لينتهي بشكل مأساوي مدفونا تحت رمال منزل انهار وهو يطاردهن، في رمزية واضحة لحتمية انهيار النظام .
نقد السلطات ليست شجاعة المخرج المهاجر خارج
بلده، فمجموع أفلامه يشهد على هذه الشجاعة حتى في أعمال منتجة داخل ايران وسمح لها
بتمثيل البلد في مهرجانات دولية ومنها فيلم " المخطوطات لا تحترق " الذي
حصل على جائزة نقاد الفيبريسي في مهرجان كان عام 2013 وكان لي شرف اللجنة التي
قدمت لرسلوف الجائزة للفيلم الذي شارك في قسم نظرة ما .
فيلم " بذرة التين المقدس" شارك
المسابقة الرسمية لعام 2024 وحصد جائزة لجنة التحكيم الخاصة وجوائز الجمهور من
مهرجان سيدني السينمائي ومن يو بي إس ومرشح لجائزة النقاد العرب التي ستعلن في مهرجان الجونة
7 .
محمد رسلوف المولود في شيراز ايران 1972 هو مخرج وكاتب
ومنتج مستقل، بدأ رسولوف صناعة الأفلام بالأفلام الوثائقية والقصيرة. فاز بجائزة
أفضل فيلم في مهرجان فجر السينمائي في إيران عن فيلمه الأول "جاغومان"
(الشفق، 2002). وبعد فيلمه الثاني "جزيرة الحديد"، 2005)، بدأ يواجه
مشاكل مع نظام الرقابة في إيران وكان في الغالب يستخدم أشكالًا مجازية لسرد القصص
كوسيلة للتعبير في أفلامه. ثم بعد هجرته تحول إلى استخدام أشكال أكثر مباشرة
للتعبير كما يتضح في " بذرة التين المقدسة".
الصورة مع رسلوف بعد استلام جائزة الفيبريسي عن فيلمه بمهرجان كان 2013 وكنت بلجنة التحكيم مع زميلة كورية وأخرى فرنسية ألمانية.