Thursday 23 April 2015

فيلم أثر الفراشة لأمل رمسيس

أثر الفراشة  والتحليق فى سماء الحلم
 
قلبت أمل رمسيس علينا المواجع وهى تستعرض محطات مرت على الثورة المصرية التى بدأت فى 25 يناير 2011 من خلال تناولها لشخصية ماري دانيال الأخت الكبرى للشهيد مينا دانيال . فى البداية احترت فى الطريقة التى تروى بها الفيلم هل تحكى عن مينا دانيال الملقب بجيفارا الثورة المصرية أم عن مارى دانيال الصعيدية المسيحية التى انفصلت بعد زواج تم دون رغبتها استمر 15 عاما ثم عادت لبيت الأب حيث الأخ والثورة والاندماج فى العمل الوطنى. وانتهيت إلى قناعة أن المخرجة اختارت أن تروى عن الثورة والأحداث التى تلت استشهاد مينا من خلال مارى التى تغيرت حياتها بانحيازها إلى الطريق الذى اختاره الأخ الذى تقول عنه أنه ملاكها . ابنها وحبيبها. بين مشاهد للقاءات مدبرة بين المخرجة وبين مارى ومشاهد لمحطات فى أحداث الثورة، يربطها داخل الفيلم  تعليقات أمل من خارج الصورة، أحيانا كنت أفضل اختفاءها والاكتفاء بحكى الشخصية الرئيس، حكيها الحميم والتلقائى والأكثر دفئا من تعبيرات أدبية صاغتها أمل على الأرجح أثناء المونتاج لتنتهى بالحديث عن أثر الفراشة الذى اتخذته عنوانا لفيلمها فى محاولة لإضفاء صبغة شعرية على وثائق مرت على المهتمين وأصبحت جزءا من ذاكرتنا عن أحداث ماسبيرو ، ومحمد محمود ولوحات الجرافيتى وأشهرها لوحة لمينا دانيال والشهيد عماد عفت التى تعبر عن وحدة نسيج المصريين مسيحيين ومسلمين. ينتهى الفيلم بمشهد الشموع فى البالونات ترتفع فى سماء التحرير تتابعها كاميرا نجاتى سومنيز الذى شارك أمل رمسيس فى تصوير الفيلم، المشهد جمالى  بديع يحدث أثرا قويا فى نفوس المشاهدين ويسمح لهم بالتحليق فى معانى مركبة حول فكرة الثورة والعيش على حلم التغيير والاستشهاد من أجل قيم الحرية والعدالة والحلم بحياة أفضل.
الصياغة الجمالية التى انتهى إليها الفيلم دعمه غناء عفوى فى مشهد للاحتفال بعيد ميلاد مينا دانيال على شكل افطار جماعى فى رمضان ظهر فيه الحسينى أبو ضيف الذى سيلحق مينا شهيدا فى الاتحادية برصاص الإخوان. ودعمه أغنيه فى الختام مع مشهد الشموع مؤكدا على رومانسية الثورة والثوار.
شاهدت الفيلم ضمن برنامج رؤى الذى نظمه قسم الفنون بالجامعة الأمريكية بالقاهرة تحت عنوان تجارب مصرية فى اللغة السينمائية ضم أفلاما من كل الأنواع قصيرة وطويلة، روائية وتسجيلية اختارها بعناية فريق القسم مالك خورى وعرب لطفى وعدد من الشباب، ودارت نقاشات فى حضور لأغلب صناع الأفلام. وهى فى مجموعها تسمح بتكوين رؤية عن السينما المصرية الجديدة فى الأعوام الأخيرة وتدعم من خلال التفاعل بين المشاهدين وأصحاب الأعمال التواصل بين الطرفين، المبدع والمتلقى نحو سينما مصرية جديدة .
دعا مالك خورى الحضور للاهتمام باللغة السينمائية وعدم التركيز فقط على تحليل المضمون وهى دعوة كانت تحتاج فى رأى إلى ندوة تعريفية بكيفية قراءة الأفلام وكيفية تحليلها على أن تسبق الندوة العروض لكى يكون الحضور مستعدين للتعامل مع الأفلام كعمل فنى له تركيبته وصياغته التى تحتاج درجة من الوعى تتجاوز حدود المضمون إلى طريقة التعبير عنه. لاحظت فى الندوات القليلة التى أتيح لى حضورها افتقاد الوعى لدى غالبية المشاهدين وضح فى تعاملهم مع الفيلم وشخوصه وكأنهم يتعاملون مع واقع يفترضون تغييره إلى صورة فى أذهانهم. ومتلقين يحكمون على شخصيات العمل أحكاما أخلاقيا ويستنكرون أن تقول كذا أو تفعل كذا. وهو خطأ شائع يقوم به من ينتقد عملا فنيا من خارجه دون محاوله تفكيكه ومحاولة قراءة ما انتهى إليه وليس تمنى لو كان على شاكلة تصوره عنه. أحيانا يلجأ المختصون فى النقد للتدخل لإبداء رأى يعود بالنقاش إلى مسار صحيح ومنهم عرب لطفى المخرجة والناقدة التى كانت تركز فى نقاشها مع المخرج فى طريقة عرضه لفكرته وكيفية تنفيذها.
جهدا كبيرا أجده فى اختيار الأعمال وهى فى أغلبها أفلام حصلت على جوائز فى الداخل أو الخارج، تعبر فى مجموعها عن أفكار صانعيها بأساليب فنية متعددة ، وتسهم مثل هذه البرامج فى التعريف بها  ومحاولة فهمها ، كما تعطى أملا فى إزاحة أو مزاحمة سينما سائدة ما زالت تسيطر على أذهان المشاهدين وتعوق استقبالهم لأعمال راقية تجمع بين المتعة والمعرفة. 


 نشر بجريدة البوابة الأربعاء 22 ابريل 2015 تحرير عصام زكريا 
تحت عنوان /  أثر الفراشة: ثورة الشموع والبلالين 
http://www.albawabhnews.com/1247363

No comments:

Post a Comment