Wednesday 22 February 2012

المجتمعات الدينية : مسلسل وثائقى شامل (1)



الحقيقة واحدة
 لكن كل حكيم يمنحها اسما مختلفا
كنت أردد  تعبير " الديانات السماوية" توصيفا لليهودية والمسيحية والإسلام دون أن أعرف المعنى الدقيق لذلك حتى شاهدت المسلسل الوثائقى " المجتمعات الدينية" بداية من حلقة البوذيون حتى عرفت السبب عبر شرح المعلق عن الديانة البوذية :" خلافا لغيرها من الأديان، لا تركز البوذية على العلاقة بين الإنسان وربه، بل على التطور الروحى للإنسان نفسه".  ومن الراهب مدير مركز الثقافة البوذية فى تايلاند أن بوذا ليس الله، ولا ابن الله ولا رسول ولا نبى، هو نفسه قال أنا إنسان أقف على قدمى محاولا أن أحقق هدفى الأخير وهو الاستنارة. وعبر 52 ق يمكن للمشاهد أن يتعرف على إحدى الديانات غير السماوية فلسفتها، تاريخ نشأتها وتغلغلها فى الحياة الاجتماعية المعاصرة لمن يعتقدون بها. وفرة المعلومات وتلاحقها تصلنا من خلال تعليق من خارج الصورة محملة  بوجهة نظر صناع الفيلم  يستكمل بالمتحدثين إحداهما مديرة مسرح ألفت عملا مسرحيا يعتمد على الفلسفة البوذية التى تشرحها وهى تواجه الكاميرا ثم يقطع المخرج على مشاهد لتطبيق فنى لهذه الفلسفة، لاعبة رياضية تشرح كيف تستفيد من تمارين التركيز البوذية لتحقق تفوقها فى اللعبة. بداية المسلسل نموذج شديد النجاح لتناول الحياة الاجتماعية لمجموعة ترتبط بعقيدة ما، فى حلقة " البوذيون" نشاهد كيف تغلغل الدين فى الفن والرياضة والعلاقات الإنسانية.
رغم الجهد الذى يبذله المشاهد كى لا تفوته معلومة من هذه المعلومات الغزيرة فإنه يتشوق ليكمل الحلقات فيتابع " اليهود الشرقيون" ، " الموارنة" ، "البروتسانت" ، "الشيعة" " الهندوس" ، "الأرثوذكس" ، "الزرادشتيون"، "الدروز"،"السيخ "، "السريان"، و"الأقباط" . 12 حلقة تغطى المجتمعات الدينية فى الشرق الأقصى والأوسط، مستفيضة فى الشرح غالبا وشحيحة فى تناول جوانب ما. وحتى لاتحتار مثلى أيها القارئ فسوف أختار عرض ما يتعلق بالمجتمعات الدينية فى الشرق الأقصى ودياناتهم الأرضية. "الهندوس"، قبل أن أمضى فى مشاهدة الحلقة تذكرت زيارة عمل للهند فى بداية عام 2005 وسألت مرافق فى الزيارة كان اسمه آميت عن ديانته أجاب بفخر شديد " هندو" وهويضم الواو فى نهاية الكلمة. تبدأ حلقة الهندوس بالتعليق يقول :" نجد فى الهندوسية ألف إله وإله، وكلها وسيلة للوصول إلى براهمان الإله الواحد. وهى ديانة تعكس شعبها وتختزل تنوعه. لكى نستوعب الهندوسية نتابع لقاءات مع عازفة تقول إنها تصلى للموسيقى ( رقصة الاله شيفا الكونية) ولقاء مع أستاذ لاهوت الذى يشرح أن الهندوسية تؤمن بالإله الواحد أما الآلهة الأخرى فهى تجلى لهذا الإله. ونقابل مجموعة من الدراويش يحدثنا أحدهم لنستكمل الصورة. تصل الكاميرا بنا لمدينة فارفاس أوبيناريس حيث مكان الحج عند الهندوس. ونقابل " السادو" وهم النساك  المعروفين بالفلاسفة العراة الذين يعيشون فى تقشف شديد متحررين من كل الممتلكات والمسئوليات. الرحلة إلى الصفاء الداخلى تجعل النور يشع فى داخلهم. 52 ق زمن الحلقة يصحبنا فيها فريق العمل لرحلة عبر الأماكن والبشر نفهم ماهى الكارما ونعرف من هم الجورو (المعلمون) وكتب الفيدا التى تعطى فكرة عن المجتمع الهندى قبل أربعة آلاف عام. 
وتعرج الحلقة أيضا على المهاتما غاندى من خلال لقاء مع حفيده الذى يقول إن غاندى قديس سياسى جعلته التنشئة الروحية للهندوسية يبحث عن الله فى كل إنسان. لا يفوت صانع الفيلم الإشارة إلى أحد الانتقادات التى توجه للهندوسية عن التمييز الطبقى وطبقة المنبوذين التى بسببها ظهر " السيخ" حيث تختصر مبادئهم فى خدمة الآخرين وكيف أن معلمهم حارب اللامساواة الناجمة عن النظام الطبقى الهندوسى وهو المعلم (باجات أوران سينج) المنحدر من أسرة ثرية فى البنجاب. ونقابل رئيسة مؤسسة بينجالورا التى تحدثنا عن مجزرة للسيخ فلجأوا إلى الهند عند تقسيم باكستان والهند. وبنفس المنهج فالصورة كاملة تصلنا عبر اللقاءات مع شخصيات عديدة وبالتنقل بين أماكن دارت فيها الأحداث، وبالاستعانة بالمننمات والصور التراثية نعرف عن معلمى الجورو العشرة، وعن كتابهم (جورو جرانت صاحب) الذى يعد الجورو الأخير، أى الجورو الحادى عشر لمجتمع السيخ. ومن شرح واف على خريطة تظهر إقليم البنجاب مهد الحضارة الهندية القديمة وفيه تطورت الهندوسية المتحجرة فى كتب الفيدا. وينظر البعض للسيخ على أنها مزيج من الهندوسية والإسلام ، بعض طقوس العبادة كما هى فى الإسلام حيث الصلوات الخمس والإيمان بالإله الواحد الأحد. ولكن أستاذ اللاهوت ينفى أن تكون السيخية مزجا من ديانات أخرى بل يؤكد أنها ديانة قائمة بذاتها. بدأ الجورو الأول "ناناك" بفكرة أن كل الناس متساوون أمام الله وأن السيخ يعتمد على وحدانية الله وإخوة البشر ..
تتخطى حلقة السيخ زمن 52 ق بدقيقتين على الأقل نتعرف خلالها على واحدة من أحدث الديانات التى تؤمن بالتوحيد ملتزمة بنظام صارم وإلغاء للطبقية . يحاول السيخ الانخراط فى حياة الهند المعاصرة وحاليا نجد أول رئيس وزراء للهند من طائفة السيخ. أفهم الآن ما لهذه المجتمعات الدينية من جاذبية لدى السائح الغربى بشكل خاص حيث يهرب لأيام من حضارة مادية تضغط عليه إلى عالم روحانيات لا تشغله فيها صراعات المادة ولتفكير فى الحفاظ على ممتلكاته، وينسى فكرة الثواب والعقاب بل يسعى إلى الوصول لحالة من الصفاء الروحى تقرب الإنسان إلى صورة الله الواحد وحين ينشد المتعبد التسابيح ينسى نفسه وتحد بالله, مجتمعات دينية تذكر الواحد بنا بفكرة الصوفية فى الإسلام. وتجعلنا نصل إلى حقيقة أن الله واحد تصل تجلياته لكل مجموعة من البشر حسب مجتمعاتهم بقدر من الاختلاف فى الطقس وتبقى حقيقة الوجود واحده ،إله واحد محبوب ومعبود من بشر يحاولون الاقتراب من صورته الكاملة.

فيلم " كريم" : عندما يغنى اطفال الشوارع


 فيلم " كريم "
  عندما يغنى أطفال الشوارع
عندما تم اختيار كمال الجنزورى ليكون رئيسا للوزراء فى مصر خلفا لعصام شرف عارض القرار ثوار التحرير بشدة، واعتصم عدد من النشطاء لمنعه من القيام بعمله فى مقر الوزارة الذى يجاور مقر مجلس الشعب المصرى فى شوارع ممتدة من ميدان التحرير بالقاهرة. رفض الثوار أن يكون أحد رموز النظام السابق على رأس وزارة بعد ثورتهم. وفى تعليقه على أحداث مجلس الوزراء وشارع محمد محمود وبينما كانت بعض الصور تُبث فى مؤتمر صحفى له قال الجنزورى كيف يكون هناك أطفال فى الاعتصام، ولماذا لايبقون فى منازلهم!. سخر ناشط سياسى من تعليق الجنزورى قائلا ألا يعلم رئيس وزراء مصر أن القاهرة وحدها بها نصف مليون طفل شوارع؟ وأردف أن هؤلاء الأطفال شاركوا الثورة منذ أيامها الأولى بحكم تواجدهم فى الشارع، فى البداية كانوا مشاغبين يضايقون الثوار، ثم عندما وجدوا معاملة إنسانية من الثوار انضموا إليهم وشاركوهم اعتصاماتهم واحتجاجاتهم.
طبقا لميثاق الأمم المتحدة فالطفل يحسب حتى سن الثامنة عشر ولكن من نسميهم نحن بأطفال الشوارع يرفضون أن يحسبوا "عيالا" ويغضبون من هذه التسمية فمنهم من يعول أمه وأخواته الأصغر، وهم يعتركون الحياة ويتنقلون فى أعمال مختلفة حيث ترتبط ظاهرة عمالة الأطفال غالبا بهؤلاء الأطفال من اليتامى، ومصر بها أكثر من 2 مليون طفل شوارع –ذكورا وأناثا- ترعى بعضهم جمعيات أهلية ومنظمات حقوقية تقوم بتسكينهم ليلا وأحيانا طوال اليوم  فى بيوت مخصصة لذلك. كما تدربهم على بعض الحرف ليتمكنوا من ممارسة عمل شريف.الجنزورى الذى عمل بحكومات ورأس أخرى فى عهد الرئيس السابق لم يدرى بوجودهم، ولم يدرك أن سياسات النظام الذى شارك فيه هو السبب فى مأساة وجود هذا العدد منهم .
 المخرج عمر الشامى اختار طفل الشارع  المراهق "كريم" الذى يبدو أنه على أعتاب الرجولة، أسنانه متكسرة، والحزن بادى على وجهه رغم محاولته التفكه وممازحة المخرج وصديقه نادر، اختاره ليقدم عنه فيلما ضمن مجموعة أفلام عن تأثير الثورة على أفراد من المجتمع ، يصوره فى مكانه بالشارع بجوار مطعم شهير للأغذية السريعة، بكاميرا حرة تركه ينطلق بعد أن سأله عن مشاركته بالثورة فيجيب كريم: " لا ما نزلتش، كنت أموت حرامى مش شهيد " لم أتعلم من الشارع إلا هذا.  حاوره ما بين لحظات قليلة للعمل الذى هو نوع من البلطجة بفرض نفسه فى الإشارة والسماح للسيارات بالمرور بعد التسول منهم، زميله  نادر يأخد النقود ويعطيها له لأن كريم مشغول مع المخرج الذى يدير لقاء معه . لم يخض المخرج فى أسباب شكل الحياة التى يعيشها كريم ولم يشغل باله بذكر إحصائيات أو استضافة محللين يشرحون لنا عن طفل الشارع، بل قدمه كصديق وحرص على أن يسمى الفيلم باسمه، وأن يستمع إليه تاركا له حرية التصرف بعفوية أمام الكاميرا دون أن يوجهه أو يقاطعه بموسيقى تثير التعاطف أو بتعليق يرثى له.
لا رثاء ولكن تعاطف وتفهم.  فى 12دقيقة فقط تجاوز  فيلم "كريم" تجارب قدمت سابقا مثل فيلم " الطفل الشقيان" للمخرجة ناديا سالم عام 1982 الذى حاز جائزة لجنة التحكيم بمهرجان لايبزج أعرق مهرجانات السينما التسجيلية عام 1983، وحصل على جائزة "دون كيشوت" لاتحاد الجمعيات السينمائية العالمية FICC ، كان الطفل الشقيان أحد الأفلام الأولى التى تناولت طفل الشوارع. وبعدها بربع قرن قدمت تهانى راشد فيلمها " البنات دول "عن بنات الشوارع ، هوجمت فى مصر بسبب ما رآه البعض تزييفا لواقع هاته الفتيات حيث ظهرن قويات وكأنهن لا تعانين أى مشاكل، كما يقال " عايشة حياتها" هكذا رأتهن المخرجة المصرية المهاجرة لكندا والبعيدة عن الاحتكاك المباشر بالشعب . عُرض "البنات دول" فى  مهرجان كان وحصل على عدد من الجوائز منها جائزة مهرجان الإسماعيلية للسينما التسجيلية والقصيرة عام 2007.  
 نعود إلى " كريم " الذى يغنى أغنية شعبية اشتهرت عن " الخاطية التى تخطت الخمسين، وتُغرى الشباب لتحصل على متعتها منهم مستغلة حاجتهم". والأغنية نوع يعرف بمصر بأغانى الميكروباس لصاحبها المطرب الشعبى محمد رجب غير المعتمد من الإذاعة المصرية وانتشرت على مواقع الشبكات الاجتماعية وحظيت باهتمام طبقات متنوعة من شباب مصر. فى فيلم " كريم" وبدون ثرثرة يُظهر المخرج أن الثورة لم تحل مشاكل كريم ورفاقه بعد. فهم تربوا ليكونوا سارقين ونصابين صغار، يحتاجون جهدا أكبر من مجرد منحهم قميصا أبيض عليه شعار " إيد فى إيد/ نبنى مصر من جديد"  على ظهره، وشعار اليونيسف على صدره. القميص كان متسخا على صديق لكريم لم يتوقف عنده المخرج، وناصع البياض على كريم الذى ردد بصعوبة اسم " اليونيسيف" منظمة الأطفال التى تتبع الأمم المتحدة ومن المفترض أن تقوم بدور ما ليعيش "كريم " طفولته " كأى طفل آخر . يردد كريم أغنيته الوحيدة بحرقة مجرب :" اوعى تكون فاكر انك قادر على كيد النساء ، ولا شقاوتك تقدر على كيد النساء " فالابن الذى غالبا بدون أب شرعى يضع جُل غضبه على النساء ويكمل غنائه " كيدهن عظيم ومذكورة فى القرآن ". يبتسم كريم للمخرج  ابتسامة حزينة وكأنه يريد أن يشاركه حلمه  ويقول: بطلت السجاير علشان أعرف أغنى.
الفيلم من إخراج ومونتاج عمر الشامى، إشراف منى ربيع جون نويل كريستيانى ، ديفيد ترتياكوف ومن إنتاج سمات  ضمن تسعة أفلام تتحدث عن تأثير الثورة المصرية 25 يناير 2011 على أفراد من شرائح عدة بالمجتمع المصرى.       

Monday 20 February 2012

"مولود فى 25 يناير" التوريث جائز فى الفن فقط


" مولود فى 25 يناير "
التوريث جائز..  فى الفن فقط
المتتبع لأعمال المخرج أحمد رشوان يمكنه  أن يتوقع شكل فيلمه عن الثورة المصرية التى بدأت فى الخامس والعشرين من يناير 2011 ومستمرة فى تحقيق أهدافها بعد 60 عاما من الحكم العسكرى لمصر. كما فى بصرة فيلمه الروائى الطويل  الأول حيث نجد المخرج حاضرا ومن خلال المخرج المصور بطل فيلم بصرة. يقدم رؤيته الذاتية للأحداث الكبرى وخاصة اجتياح العراق عام 1991  ومدى تأثره بها هووأصدقائه والمجتمع الذى يتحرك فى فضائه،كما يحكى حكاية قريبة جدا من أزمته الحقيقية مع النساء، مع طليقته المرأة الوحيدة التى أحبها، وفى فيلمه الأخير " مولود فى 25 يناير " يستكمل ما بدأه ونشاهده يحكى عن مشواره مع الأولاد " عديت عليهم فى البيت .." إلى التحرير وحضورهم معه ثورة التحرير.
فى الفيلم أكثر من مشهد له مع  صديق عمره وزميل الدراسة المخرج سعد هنداوى وتجربتهمت مع اللجان الشعبية التى كانت تمارس الحماية بمراهقة المبتدئين فى الغالب الأعم. يجعلنا رشوان نشهد  حضوره وسط عالمه الخاص الحميم جدا مع الأصدقاء، زملاء العمل وكذا ولديه بهاء وفارس، وفسحته معهما فى التحرير، والساعات التى يقضيها معهما فى المنزل أمام التلفزيون يتابعون معا أخبار الثورة ويهللون معا عند سماع خبر التخلى. الصديق المهاجر يحى ابراهيم معه على التليفون ينتظر حضوره ويصحبه إلى التحرير. بناء الفيلم الوثائقى عن الثورة. البناء  فى الفيلم روائى يمتزج فيه الخاص بالعام ليحدد رؤيته ليس بالبقاء خلف الكاميرا ولكن بالتحرك بها وأمامها مستعينا بأصدقاء هم أيضا جزء من ثوار التحرير وشباب مصر الحالم بالتغيير، الذى تابعه المخرج منذ حركة كفاية، وحتى جمعة الدستور فى 27 مايو التى ينهى بها فيلمه فنصل معه للعقدة الكبرى فى الثورة المصرية ، وهى الخلاف حول الدستور أولا أم الانتخابات والبرلمان ، الخلاف الرئيس بين القوى الليبرالية التى ينتمى لها أحمد رشوان وبين قوى الإسلام السياسى من إخوان وسلفيين وجماعات جهادية. نهاية "مولود فى 25 يناير" مع جمعة 27 مايو حيث اختفى الإخوان من الميدان وركزوا فى إعداد أنفسهم لتسلم الحكم. فى مشهد فى بدايات الفيلم عبر رشوان عن عدم تخوفه من الإخوان ورفضه أن يظلوا فزاعة لمن يخالفهم الرأى.هذه الروح المحبة المستعدة للوفاق هى السمة الرئيس لشخصية المخرج غزير العمل، الذى لم توقفه ما سمى بأزمة السينما المصرية، ولجا إلى الطريق البديل لينجز فيلمه "بصرة" مستخدما تقنيات الديجتال، وعندما تحمس المخرج والمنتج السورى هيثم حقى للفيلم أمكن تحويله إلى شريط سينمائى لكى يصبح جاهزا للعروض العامة. وبعد عمل قصير بالمركز القومى للسينما " جوه البشر" الذى شرفت بعمل المونتاج له، لم يوقفه عدم الحصول على دعم وزارة الثقافة لفيلمه وجاهد للحصول على بدائل متتبعا خطى أستاذه محمد خان وصديقه الذى يظهر معه فى " مولود فى 25 يناير ".
لا يحلم رشوان فقط بتغيير الأوضاع الضاغطة عليه بل يجاهد ليحفرطريق التغيير محاطا بأساتذة وأصدقاء، لا يضع يده على خده منتظرا الفرج بل يتحرك بمشاريعه السينمائية باحثا عن دعم هنا أو هناك، وقد نجح فى الحصول على جائزة إنجازمن مهرجان دبى التى تُمنح للأعمال غير المكتملة للمساعدة فى استكمالها وخروجها إلى النور. قبل ذلك كان اكتسب خبرة فى حقل الفيلم الوثائقى بعمله مع "الجزيرة الوثائقية " وتحقيقه عددا من الأفلام لحسابها.
عرض " مولود فى 25 يناير " ليلة 17 يناير فى مركزالإبداع بالقاهرة فى افتتاح عروض لأفلام عن ثورة 25 يناير، ورغم طول مدة عرض الفيلم الذى تجاوز 80 ق إلا ان الحضور المصرى – الذى لم يعتاد الأفلام التسجيلية الطويلة- لم يشعر بأى زهق وتجاوبوا مع الفيلم وظهر التفاعل فى تعليقاتهم وأسئلتهم فى الندوة التى حضرها المخرج وأدارها الناقد عصام زكريا. ظهر كثير من الحضور فى الفيلم كمتظاهرين فى التحرير ومعتصمين على مدى الأيام الأولى التى انتهت بتحقيق المطلب الرئيس من مطالب الثوار ألا وهو رحيل رأس النظام . عدد قليل من الحضور كانوا من كبار السن، وكان الشباب هم الغالبية سواء داخل الفيلم أو عند مشاهدته، حوى الفيلم مشهدا لسيدة متوسطة العمر تعبر عن سعادتها بالثورة ثم تغنى مع رفيقات لها أغنية معروفة " مصر هى أمى، نيلها هوه دمى" فقد كسرت الثورة حاجز الخوف والخجل من الظهور أمام الكاميرات، وكما أدى المخرج وعائلته وأصدقائه أدوارا فى الفيلم المصور لحظة بلحظة مع أحداث التحرير، كان العاديون من الناس يؤدون أيضا فى مواجهة الكاميرا بتلقائية وبراعة يفتقدها أحيانا أكثر المؤدين خبرة. قابل رشوان عددا ممن يسمون النخبة فى فيلمه لا بصفتهم النخبوية ولكن بصفتهم أصدقائه، فعلى سبيل المثال التقى الممثل خالد الصاوى الذى حدثه بانفعال " فاكر يا رشوان كنا بنقول إيه، أخيرا حصل، الثورة أهه، والثوار أهم من كل طواف الشعب". مشهد يظهرجسارة المخرج الشاب فى تواجده وسط لحظات ضرب المتظاهرين بالأعيرة النارية، إنقاذهم من قبل المشاركين فى التظاهرات.
قامت بمونتاج الفيلم المونتيرة نادية حسن التى عملت مع أحمد رشوان فى أغلب أفلامه، ونجحت فى خلق توازى بين مشاهد  الحياة اليومية للمخرج وبين وثائق الصورة الحديثة والقديمة لتصيغ رؤية شاملة للفيلم عن ثورة متوقع حدوثها، وتحيات تواجهها، وحلم للمصريين جميعا بالتركيز على شريحة منهم تعمل فى حقل السينما والأدب، هى بينهم، مشاركة فعل الثورة وفعل الفن، مشاركة فى استمرار الثورة حتى تحقق أهدافها.  وضع موسيقى الفيلم ابراهيم شامل وهو بحق طفل معجزة فهو بالكاد أكمل عامه الواحد والعشرين ، يقوم بتأليف الموسيقى الكلاسيكية، ووضع الموسيقى التصويرية للأفلام. وهو يعمل على حداثة سنة فى سلك التدريس بمعهد الكونسيرفتوار ضمن أكاديمية الفنون بالقاهرة التى يتخرج منها كل عام مواهب مصرية وعربية تغذى الحقل الفنى بالمواهب الدارسة  للفنون بشكل أكاديمى. تم تركيب الموسيقى بحيث لا زاعقة فى بداية الفيلم ثم يتزايد الإحساس بها مع الاقتراب من النهاية.
قام قام بتصوير الفيلم المصور زكى عارف الذى صور لرشوان عددا من أفلامه الوثائقية للجزيرة ، وقدم له شريف المغازى وثائق مصورة وخاصة من الصور الثابتة، أكملت نسيج الفيلم الوثائقى المقدم بمسحة روائية تناسب أسلوبا ينمو مع الفيلم التسجيلى بدأه فى مصر المبدع سمير عوف، وهو ما يمكن تسميته أفلام السيرة الذاتية الوثائقية  كما فى عمله " أيام الراديو"، ورثه عنه رشوان ويتضح تأثيره على مريده أحمد رشوان فى "مولود فى 25 يناير" وجدير بالذكر أن رشوان هو صاحب كتاب تكريم سمير عوف ضمن المكرمين بالمهرجان القومى للسينما المصرية . وبقى أن يرث بهاء وفارس توجه والدهما فى النضال بالكاميرا والعمل على تحقيق الحلم المستمر بالتغيير إلى الأفضل.