Wednesday 30 October 2019

عن الأفلام التسجيلية في بانوراما الفيلم الأوربي 11



دراما الواقع تتجاوز سينما الخيال

لم تعد السينما التسجيلية هي تلك الأفلام المملة التي نحول القناة عنها إلى فيلم خيالي ممتع، بل أصبحنا نشاهد أفلاما وثائقية تكون بها الدراما أقوى من كل الأعمال المتخيلة، تم دمج الأفلام التسجيلية في أغلب مهرجانات العالم لتنافسها في مسابقة واحدة يجمعها طول زمن عرض الفيلم. في البانوراما الأوربية 11 التي تنتهي في السابغ عشر من الشهر الجاري يشاهد الجمهور في مصر عددا من هذه الأفلام التي لا تقل في تأثيرها العاطفي على المشاهد عن أقوى الأفلام الخيالية . في فيلم " الكلاب تنبح من بعيد" معايشة يومية مع الطفل أولج وجدته ألكسندرا وحيدان في قرية حدودية، حيث قنابل الحرب وأصوات الرصاص آتية من بعيد. على مدى زمن الفيلم يغلب على الصورة إحساس رمادي، فلا شمس قوية ولا إضاءة ساطعة. بدون ميلودراما ولا صريخ تظهر قسوة الحرب على شخوص العمل، الحرب التي يسمع أصواتها عن بعد ويشببها المخرج بنباح الكلاب. عمل آخر يحفل بمتعة متابعة شخصية استثنائية عن مصمم الأزياء الإنجليزي ألكسندر " ماكوين" بالرجوع إلى شرائط مسجلة من بداياته في التسعينات ولقاءات مع من عملوا معه كمساعدين في عمله، ولقاءات مع كبار مصممي أزياء يحكون جوانب عنه. رحلة الفنان من الفقر وتلقي إعانة بطالة من الحكومة إلى الشهرة والغنى بعد أن لاحقة بيت الأزياء الفرنسي الشهير جوفنشي، هو يحول تصميماته إلى نماذج يمكن تطبيقها وهم يحدثون انقلابا وتغييرا مطلوبا في تصميماتهم. الفارق بين هذا البوهيمي بمظهر بائس بالجينز وقميص متسع وبين الأرستقراطية في بيت الأزياء الراقي،"ألكسندر ماكوين" أو لي كما يناديه أصدقاؤه، يسخر ونحن معه من هذه المفارقات، الفيلم مقسم إلى عناوين باسم كل شريط تسجيل قديم، مبني بإيقاع يجعلنا مشدودين حتى النهاية، ينقلنا من حالة الدهشة إلى الانبهار إلى الحزن على مصيره بعد انتحاره عقب وفاة أمه التي ساعدته على أن يكون نفسه، عقب وفاتها بيوم واحد يخرج من بيته في كيس للموتى بعد أن ملأ الدنيا صخبا وبزغت موهبته منذ كان مراهقا في 17 من عمره ووصل حد الشهرة وهو تحت الثلاثين، بحجمه الضخم وفقره ثم التحول إلى شخص يخسر وزنه ليكون شكله لائقا لمليونير شاب مبدع يدهش العالم بأفكاره وإبداعاته. تحفر بانوراما الفيلم الأوربي أنفاقا في تلقينا ونصبح على استعداد للتفاعل مع أعمال وثائقية بنفس حماسنا للأعمال المؤلفة ، ونكتشف أن بعض الأعمال يتفوق في تأثيره النفسي على أقوى الأعمال المتخيلة.
أيضا فيلم " شكرا على الأمطار" نموذج من الأفلام التي تقدم مثالا على تحدي ظروف المناخ في منطقة صعبة بكينيا، نشاط حقوقي قام به البطل بالعمل مع عائلته وأهل قريته ، ويوصل مطالبهم عبر ما صوره على مدى أربع سنوات إلى المجتمعين بالأمم المتحدة في إطار محادثات المناخ. مشاهد كثيرة تحقق تأثير الدراما حين نشاهده يختار حلة رسمية ليظهر بها في الاجتماع ومعه زوجته المحبة والمساندة. نتوحد مع الشخصية التي لا تقل سيرتها عن أي بطل درامي ، ونتمنى له النجاح في مهمته في عرض أفكاره على كبار المجتمعين في كل بلاد العالم. المادة المصورة الغنية والصياغة الفنية جذبت المشاهدين إلى عمل وثائقي تم ترشيجه لعدة جوائز في مهرجانات متخصصة للسينما التسجيلية ومنها مهرجان الإسماعيلية.
صفاء الليثي
نشر بجريدة القاهرة الثلاثاء 13 من نوفمبر 2018 رئيس التحرير عماد الغزالي.



Tuesday 29 October 2019

بين بحرين نموذج جيد للسينما المباشرة



"بين بحرين" .. بين العلم والجهل

ينتمي " بين بحرين" للسينما المباشرة التي تتوجه للجماهير العريضة بهدف التوعية، نوع السينما المباشرة معروف على مستوى العالم وتحتاجه الأمم التي تنتشر فيها الأمية على درجة واسعة. في مصر يستقبل الجمهور العريض هذه الأفلام باهتمام ويشعرون أنه قريب منهم ويعبر عن واقعهم المعيش، بينما يختلف حوله نقاد السينما المحترفون كل حسب ما يره مناسبا في وقته. وجدت فيلم " بين بحرين" عملا مصريا خالصا نجح فيه مخرجه في التخفيف من ثقل الحوار المباشر والقضية الساخنة المطروحة، بداية بتوفيقه في مواقع التصوير المعبرة عن بيئة الطبقة الوسطى النازحة من الريف إلى القاهرة وطنطا وغيرها من المدن الكبرى، وثانيا بنجاحه في اختيار ممثلين كل الأدوار بداية من فاطمة عادل "زهرة" مرورا بالطفلة شهد وثناء جبيل، ويارا جبران والسيدتين عارفة عبد الرسول ولبنى ونس، والممثلين محمود فارس  ومحمد يوسف ومحمد الحمامصى ، حين ينجح المخرج في عمل الكاستنج لفيلمه بتسكين الممثل المناسب فى الدور الذي يلائمه تكون مهمته أسهل ويصدق المشاهدون ما يعرض عليهم ويتواصلون معه. ، وتأثره بقضية الفيلم الرئيسية عن الصراع بين العلم والجهل جتى لو تبث ثوبا من حماية ما تم الاستقرار عليه. السيناريو الذي كتبته أماني التونسي وشاركها كريم من خلال ورشة كتابه أشرفت عليها مريم نعوم تناول قضايا العنف ضد المرأة، وتطرق إلى ضرورة عمل المرأة لتستقل اقتصاديا ولا تركن إلى الاعتماد على زوج غير مسئول أو أخ مشغول بتطلعاته ناسيا أمه وأخته.  من مشاهد الفيلم الجيدة والتي تشهد على قدرة المخرج في التعبير السينمائي الوحدة المشهدية التي تبدأ بتظاهر الجدة بالتعب وإبعادها الأم فاطمة عادل لتحضر لها دواء من البر الثاني، ويحضر حلاق الصحة وتجرى عملية جراحية بوجود الأب في لقطات معبرة عن مأساة احتمال موت طفلة في عملية يقوم بها شخص غير مؤهل لذلك. مشهد موجع ومؤثر أوصل الرسالة عن الاحتمال الكبير لموت البنات الصغيرات في عملية من موروثات الجهل والفهم الخاطيء عن حماية النساء والحفاظ على عفتهن. المشهد الآخر حين صور الأم وابنتها الباقية بإضاءة سيلويت مع موسيقى حزينة في مشهد جمالي مؤثر. لم يتطرق الفيلم إلى مناقشة حقائق علمية بل ركز على المشاعر بتلميح دون تصريح عن الاحتقان لدى  نساء مقموعات تشعرن بالرغبة ولا تتمكن من الراحة منها. عبر فريق العمل بشكل مباشر عن مفاهيم خاطئة يمارسها المجتمع برجاله ونسائه وتكون ضحيته النساء وبدرجة تالية الرجل الذي يتزوج في كثير من الأحيان ليجد من تتجاوب معه ولا تكره العلاقة الزوجية. الأذى النفسي لما يجري مع البنات والذي يمارس فقط في مجتمعات متخلفة مرتبط أيضا بالفقر الذي نجح الفيلم في عرضه من خلال أسرة الأخ الغائب والأم التي تبيع التموين لتتمكن من العيش هي وابنتها وأحفادها.
نجح الفيلم أيضا في عرض نموذج إيجابي لوالد طبيبة الوحدة الصحية المستنير والمستعد للعطاء، ونموذج ضابط البوليس المجد في عمله ولكنه أيضا يفكر كأغلب الرجال الشرقيين في تفضيل بقاء المرأة في بيتها وعدم تعرضها لمشاكل عملها وسط الجهلة. لاشك أن الكتابة اعتمدت على حكايات من الواقع ومنها تعرض الطبيبة للضرب لرفضها عمل ختان لطفلة يصر والدها وأمها على إجرائها اعتقادا منهم أن هذا يحميها من ارتكاب فعل معيب يرفضه المجتمع. عرض الفيلم لجهود الجمعية لدفع النساء للعمل وتعليم من فاتهن التعليم المتعاون فيه خريج الأزهر مع الناشطة المجتمعية مستمد أيضا من جهود المجتمع المدني في مصر الفيلم بلغة أهل المهنة تم تقفيله جيدا، صورة جيدة وشريط صوت ومكساج لفنان الصوت أحمد جابر ومونتاج محكم مع بناء جيد في السيناريو بخبرة مريم نعوم.
فيلم " بين بحرين" لمخرجه الشاب أنس طلبة الذي نجح في عمله الأول في تقديم فيلم واقعي هادف لتوعية الناس وأتصور أن عرض الفيلم على نطاق كبير في كل أنحاء الجمهورية سيحقق الهدف منه في مناقشة تقاليد خاطئة وفي توعية النساء والرجال بدورهم في تنمية مجتمعهم.
الفيلم حاصل على أفضل فيلم مصري بمهرجان أسوان الدولي الثالث لأفلام المرأة الذي عقد بداية هذا العام حسب ما أعلنته الكاتبة الصحفية كريمة كمال ، كما أعلنت عن جائزة للمخرج أنس طلبة مقدمة من نقابة المهن السينمائية وكان الإعلان أمرا مفرحا لفرق عمل الفيلم وكلهم من الشاب فتيات وفتيان أخلصوا في عملهم ونجحوا في توصيل رسالتهم. قدمت الفنانة ليلى علوي الجائزة للمخرج الشاب . شعر كثيرون بالسعادة بأن يتم تقدير هذا النوع من السينما الذى نحتاجه لمناقشة عادات وتقاليد تجر المجتمع الى الخلف.
صفاء الليثي
نشر بجريدة القاهرة الثلاثاء 29 أكتوبر 2019 رئيس التحرير عماد الغزالي




Monday 28 October 2019

الفيلم ألف وواحد في حياة أشهر كومبارس في مصر


        مطاوع عويس لأول مرة نجم أوحد في "عندي صورة "
جميل أن يقدم مخرج شاب فيلماً وثائقياً عن مطاوع عويس أقدم كومبارس فى تاريخ السينما المصرية. وجميل أن تنتجه شركة مستقلة تعمل من الإسكندرية والأجمل أن تعرضه زاوية ليتابع الجمهور المحب للسينما الجديدة والجادة ، أصبحت زاوية منفذا هاما لعرض التجارب المختلفة ونماذج السينما غير السائدة، ومع الوقت تشكل لها جمهور كبير وخاصة من بين الشباب.
بمساعدة كمال الحمصانى أحد أقدم مساعدى الإخراج فى مصر ، وبتجاربه مع بركات وغيره من المخرجين تحمس ليكون الحكاء في فيلم محمد زيدان، في مشاهد سيطر عليها بالكامل شارحا كيفية إخراج مشهد ما وتحضيرات اللقطات، يبدو المخرج مستمتعا بشرحه ومتفهما لحالة تشبه الكومبارس، ضروري في كل فيلم ولكنه ليس الفتى الأول، مثل ضرورة مساعد المخرج وأهميته في فيلم سينسب للمخرج مهما بذل هو من جهد. صورة فريق عمل كل فيلم مصري وخاصة زمن الأبيض والأسود بالكلاكيت أحد أبرز الوثائق التي تثير فينا حنينا لسينما اعتدنا تيميتها بالزمن الجميل. مطاوع عويس يمتلك هذه الصورة وصورا نادرة له في أفلام مهمة منها " الباب المفتوح" لبركات يمد يده إلى فاتن حمامة لتصعد الى عربة قطار متجه إلى بورسعيد حيث المقاومة الشعبية دفاعا عن الوطن. مشاهد في الفرح الشعبي الذي لا يخلو منه فيلم مصري، وبطلنا متصدرا الصورة يسرق الكاميرا من كل من حوله،  يحكي دون ترتيب كيف ظهر في أواخر الخمسينات،مع فيلم طاقية الإخفاء عام 1944 واستمر حتى فيلم الشاويش حسن 1988، تنوعت أدواره ما بين ابن البلد أو تاجر خضار وفاكهة أو فتوة أو رجل صعيدي، عمل في الأدوار الصغيرة وكان أحد القلائل في دور الكومبارس المتكلم الذي يشعر بسعادة المشاركة مع كبار النجوم.
لم يكتف محمد زيدان بوجوده في فيلم انطلق من صور نادرة له ولكنه وجد أنه مشدود أكثر  إلى كمال الحمصاني أشهر مساعد مخرج صاحب الحضور الكبير ، هل سيعد زيدان فيلما منفصلا عنه ؟ أو حول مهنة المخرج المساعد التي يمكنه من خلالها أن يعكس جانبا من تاريخ السينما المصرية. 
محمد زيدان مخرج ومونتير مهتم بتاريخ السينما، ولد في مايو 1983 ، ودرس السينما من خالل ورشة مركز الجيزويت الثقافي بالإسكندرية لصناعة الفيلم، وفي عام ٣١٠٢ انضم إلى ورشة MASS للفن المعاصر في الإسكندرية وشارك كفنان مساعد في بينالي الشارقة التابع لمؤسسة الشارقة للفنون، وعمل كمساعد مخرج في العديد من الأفلام  القصيرة والطويلة. هو أحد مؤسسي شركة روفيز لإنتاج الأفلام  في الإسكندرية لدعم صانعي الأفلام  المستقلين بها والتغلب على سيطرة العاصمة. شارك في إخراج فيلمه "أوضة الفيران"، بالاشتراك مع ستة مخرجين وتم عرضه في المسابقة الرسمية في مهرجان دبي السينمائي ومهرجان ساو باولو السينمائي في البرازيل عام 2013 ومهرجانات أخرى في أنحاء العالم.
الشركة المنتجة " فيج ليف" بدأت عملها عام 2003  في إنتاج أفلام قصيرة روائية وتسجيلية شاركت بأفلامها مختلف المهرجانات المرموقة حول العالم مثل برلين، والمهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بأمستردام، ومهرجان جمعية الفيلم الأمريكي السينمائي، ومهرجان دبي السينمائي الدولي وغيره. وفي مصر شاركت بمهرجان الإسماعيلية السينمائي الدولي وبالطبع في المهرجان القومي للسينما المصرية. أسس فيج ليف المنتج وصانع الأفلام السكندري المصري مارك لطفي . وبعمله الذي نتناوله الآن حصل على جائزة لجنة التحكيم في المهرجان القومي للسينما المصرية عام 2018، رأس اللجنة المخرج هاني خليفة ووجد في الفيلم طرافة وجهدا مستحقان للجائزة مع باقي أعضاء اللجنة ومنهم كاتبة هذه السطور. قبلها حصد جائزة النجمة الذهبية لأفضل وثائقي عربي في مهرجان الجونة السينمائي، وجائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان طرابلس السينمائي الدولي، وجائزة لجنة التحكيم من المهرجان القومي للسينما المصرية. قام المخرج بكتابة الفيلم وشارك في الظهور مؤديا لدوره الحقيقي كمخرج يبحث عما وراء أظرف الشخصيات. مشاركا الأداء مع مساعد المخرج القدير كمال الحمصاني وبطل العمل مطاوع عويس، قام بالتصوير محمد الحديدي والمونتاج لمي زايد، ألف موسيقى الفيلم مايكل فوزي وتولى مسئولية هندسة الصوت ومهمة التوزيع في العالم العربي. داخل مصر توزعه زاوية في إطار سياستها بدعم الأفلام القصيرة والتسجيلية.
عرض " عندي صورة " 75 ق بسينما زاوية عرضا تجريبيا يوم 13 أكتوبر وسيعاد عرضه يوم 29 من نفس الشهر. استجابة لرغبة نوع معين من المشاهدين تهمهم أعمال حقيقية تعبر عن واقعنا.
صفاء الليثي
نشر بجريدة القاهرة القاهرة  22 أكتوبر 2019 رئيس التحرير عماد الغزالي




Sunday 27 October 2019

اكتشاف البرس بوك

أفلام ضاعت وبقيت كتيبات الدعاية
مات شخص كان مهووسا بجمع كتيبات الدعاية لأفلام السينما المصرية، أراد الوريث التخلص منها جميعها، عددين من كل كتيب مغلفة بالسلوفان، أعطى بعضها إلى بائع روبابيكيا تصادف وجوده قريبا من بيت محمود قاسم الناقد والكاتب الكبير مهووس آخر ولكنه يعرف جيدا قيمتها، عرض عليه الرجل شراءها، لم يكن معه المبلغ كله، استدان لكى يقتنيها وبدأ مشروع كبير كمشروع حياة، جمع مقتنيات السينما من أفيشات ومن ملفات صحفية تقع فى 16 صفحة فى المتوسط بتصميمات مميزة، تحتوى كل ما يمكن عن الفيلم، قصته ، فريق العمل، الصور والأغانى مكتوبة بالكامل. توسع محمود قاسم وأحضر مساعدا ليجمع معه الكتيبات ، كتبا أعدت واستثمارمربح  للكتيبات ، جعلت المساعد يطمع وبدأ يعمل لحسابه متوسعا فى اقتناء الأفيشات الأصلية والصور والكتيبيات  الصحفية المعروفة بالبرس بوك.
حين أسند إلى الناقد سمير فريد إعداد معرض بمناسبة مئوية ميلاد المخرج الكبير هنرى بركات، وأثناء البحث وجدتنى مفتونة بالكتيبات الصحفية بشكل خاص، مفتونة بتصميماتها وبالمعلومات التى تحتويها، وبنيت فكرة المعرض على تكوين لوحات منها وقد كان.
تزداد أهمية الكتيب الصحفى حين تكون الأفلام مفقودة فيصبح البرس بوك الوثيقة الوحيدة عن الفيلم ومن هذه الكتيبات كتيب عن فيلم " فتح مصر" الصادر عام 1948 ومن إخراج فؤاد الجزايرلى. الاسم فى ذهنى أنه ممثل وأخته الفنانة إحسان الجزايرلى، ولكن مهلا ها هو مخرج للفيلم الهام " محسن ومرقص وكوهين" عام 1954 الموجودة نسخته والذى يعرض بشكل مستمر بإطار كوميدى عن شركاء  مصريين ثلاثة، يهودى ومسيحى ومسلم. سيحدث تحول للاسم ليصبح حسن ومرقص عام 2007 فيلم عمر الشريف وعادل إمام المعاصر بالألوان.
لدى مركز توثيق السينما العربية  لمؤسسته الباحثة فريدة مرعى وجدت ملفا لفيلم " فتح مصر" شدنى الاسم وبدأت البحث، اكتشاف الملف الصحفى لفيلم " فتح مصر" أعاد بالنسبة لى اكتشاف المخرج فؤاد الجزايرلى .
فؤاد الجزايرلى 1910 ــ 1979، مؤلف و ممثل و مخرج و كاتب سيناريوهات مصرى ، أخرج 14 فيلما، والكثير من المسرحيات الاستعراضية. عمل مع على الكسار و يوسف وهبى و نجيب الريحانى. والده هو الفنان الكبير فوزي الجزايرلي و شقيقته هي الفنانة إحسان الجزايرلي .أخرج 14 فيلما أشهرها فيلمه "حسن ومرقص وكوهين" وقبلها أخرج الشاطر حسن وفتح مصر وبين أيدينا الملف الصحفى الخاص به.*
·        مسح الصور: محمد دياب 
لا يوجد بحث كامل ، وحتى الآن لم أعثر على نسخة من فيلم " فتح مصر" واحد من أوائل الأفلام التى تتحدث عن الفتوحات الإسلامية وما يوجد فى مواقع الأفلام أعمالا تسجيلية تحت نفس العنوان، وما بقى فقط كتيب الدعاية الشامل وثيقة وحيدة على فيلم أنتج عام 1948 ، أحد الأفلام الضائعة والتى قد تظهر نسختها يوما ما .
 صفاء الليثي 
نشر بديوان الأهرام رئيس التحرير ابراهيم داوود 


Sunday 6 October 2019

الفصل الأخير من فيلم أبناء الصمت


عشقت المونتاج بسبب الفصل الأخير 
للفيلم الدرامي الحربي "أبناء الصمت"
كنت طالبة في السنة الثالثة قسم مونتاج، أستاذي المونتير الكبير سعيد الشيخ، حيث كان يعمل في حجرة المونتاج باستديو نحاس(النيل) كنت ككل القرويين أحضر باكرا قبل أن يحضر أغلب العاملين وكان ا.محمد راضي يحضر باكرا أيضا، كنا نتحدث يسألني عما أدرسه ويحكي لي ذكرياته مع المعهد والأساتذة، وفي يوم كان متحمسا وطلب منى الصعود، كانت الحجرة التي يعمل بها فيلمه " أبناء الصمت " في الطابق الثاني وفيها التقيت المونتير أحمد متولي ومساعدته النابهة نفيسة نصر. علمت أن الفيلم كان يقوم على مونتاجه المونتير عادل منير، ولكنه أصيب بمرض الصفراء ولزم الفراش ، فلجأ محمد راضي إلى أحمد متولي الذي كان مونتيره المفضل وكانا اختلفا لأمر ما فأسند " أبناء الصمت إلى عادل منير. كان قد انتهى من مونتاج كل المشاهد الدرامية وبقى المشهد الأخير ، العبور . كان القدر يلعب لعبته فأحمد متولي قام بمونتاج العديد من الأفلام الوثائقية الخاصة بالحرب، ويتميز أسلوبة بقوة الإيقاع وتناغم الانتقالات مع الموسيقى، بدأ العمل وكنت أقوم بدورالمساعد الثاني ، أبحث في الديشيهات عن لقطة مطلوبة ، أحضر لفة صوت مطلوبة ، كانت المادة المصورة غزيرة جدا، حكي محمد راضي أنه استعان بجنود جيش حقيقين كانوا قد حوصروا في الثغرة فقاموا بمشاهد العبور بحماسة من حرم في المشاركة بهذا النصر العظيم، من يشاهد الفصل الأخير الذي أبدعه المونتير أحمد متولي يعتقد أنه تصوير حي للمعركة الحقيقية التي دارت. كانت كنية المخرج الكبير محمد راضي المخرج الحربي فقد أظهر براعة فائقة في تصوير إعادة للمعارك وللتحضيرات التي تسبق طلعات الطيران ، وكانت مشاهد اقتحام خط بارليف ورفع العلم عليها مشاهد قوية أداها الجنود وكلهم حماسة، يصعدون التلال الرملية وهم يصرخون" الله أكبر " كانت العلب الكبيرة من نسخة العمل بحجم 600 متر، مليئة بمختلف أنواع اللقطات علب كاملة يسميها راضي " طلعات الطيران" وأخرى خراطيم المياة وثالثة لإقامة الجسور التي عبرت عليها الدبابات .  يبني متولي المشاهد في تتابع كقائد حربي يدرك معنى وتفاصيل معركة النصر بعد الهزيمة وبعد الاستنزاف. الموسيقار بليغ حمدي كان واضع موسيقى الفيلم، وكان ملحن كل أغاني الحرب وأشهرها " اللله أكبر بسم الله بسم الله" لا أنسى مشهدا جرى حين حضر ووجد أن المونتير أحمد متولي هو من يجلس على كرسي الموفيولا حتى اطمئن على موسيقاه ، ربت على كتفه معبرا عن اعتزازه وتقديره. قام أحمد متولي بتركيب الموسيقى على فصول الفيلم الدرامية التي كان قد قام عادل منير بمونتاجها كاملا، نفيسة تركب المؤثرات مع مساعد عادل منير عزت فهمي، والمتدربة التي مازالت تدرس تتحرك بتشجيع كبير من محمد راضي لمساعدة نفيسة وعزت. أياما لا تنسى قضيتها في حجرتي الموفيولا و التقطيع، في تلك الورشة العملية لتعلم فنون المونتاج وكيفية بناء المشاهد طبقا لتتابع سير المعارك الكبرى.
جاءت مرحلة صياغة المقدمة ( التريلر) تعليق المقدمة، أبناء الصمت، نصآنبي ،الموفيولا إلى الأمام وإلى الخلف وصوت التعليق يشغلني ، حياة المرء منا مكتوبة على قفاه، جملة يلتقطها المونتير ويبني عليهاالمقدمة التي كانت مسئولية فريق المونتاج في ذلك الوقت، وليس كما يحدث الآن من إسنادها لشركة دعاية. الفيلم كان يمنتج صوت وصورة ثم يتم تحديد قياسات الموسيقى وبعد تأليفها تعود ليتم تركيبها مع المشاهد ثم تضاف باقي شرائط الصوت من مؤثرات صوتية وحية. عمل المساعدة نفيسة نصر كان رائعا ومنها تعلمت بشكل عملي كيفية تركيب شرائط الصوت ومن المونتير أحمد متولي فنية علاقات عناصر الصوت بعضها البعض. يصبح الفيلم معدا للعرض بفصوله 11 الدرامية ويختمها الفصل الأخير الذي يمثل العبور والنصر. عمل رائع لأنه صور من مخرج متخصص في أفلام الحركة والمعارك- دون الاستعانة بخبير أجنبي- ومونتير أستاذ في بناء المشاهد، أستاذ في الإيقاع، وفريق مساعدين يقدمون شرائط غنية لكي يصبح شريط الصوت مناسبا لقوة الصورة. صيحات الجنود، جنازير دبابات، انفجارات، طلعات طيران، كانت نفيسة تطلب المزيد وأذهب إلى جليلة بقسم الصوت معي " باند أنفني " أطلب نقله، تتبرم جليلة ادينالك طيارات ودبابات وبروي .. ولكنها تركب اللوب في الماكينة وتقوم بعملية النقل. حين يعرض الفيلم تمضي الدراما كأي فيلم مصري عادي حتى يأتي الفصل الأخير فتحدث النقلة الكبيرة في الإيقاع وتتلاحق اللقطات متنوعة غنية معبرة عن النصر الكبير . طا طا طا الللللله بسم الله، الله أكبر باسم الله. ثلاثة مبدعين ، مخرج ومؤلف موسيقي ومونتير أبدعوا نسخة طبق الأصل من معركة نصر أكتوبر 1973. كانت الأيام قد دارت ليوافق 6 أكتوبر عيد الفطر وتكون دور العرض فاغرة فاها في انتظار وجبتها المنتظرة فيلم يبدأ بإحباط أبطاله من النكسة، مرورا بمعارك الاستنزاف، وصولا إلى العبور العظيم.
لم تصور المعارك واستغل الفصل الأخير من فيلم المخرج محمد راضي " أبناء الصمت" كأنه توثيق للمعارك التي حققت النصر.
بعد تجربتي مع الفصل الأخير من أبناء الصمت التحقت بورشة أحمد متولي في استديو الأهرام ومع نفيسة ساعدناه في أعمال هامة مع علي عبد الخالق ومحمد راضي الذي عاد للعمل معه ولم يفارقه إلا بعد انشغال أحمد متولي مع المخرج عاطف الطيب فاختارني لمونتاج فيلمه" الحجر الداير" وفيلم المخرج محمد كامل القليوبي " ثلاثة على الطريق" الذي قام فيه بدور المنتج الفني.
" أبناء الصوت" فيلم مهم في  مسيرة السينما المصرية، عمل على مونتاجه مونتيران كبيران، ساعدهما المادة المصورة الغزيرة للمخرج محمد راضي الذي كان يتبع أسلوبا أمريكيا في تصوير المشهد مرة واحدة بكامله في لقطة عامة ثم يقوم بتقطيعة لعدة زوايا فيكون لدى المونتير حرية القطع بالاختيار بين الزوايا واللقطات متنوعة الأحجام. محمد راضي الذي قاد جيشا من جنود حقيقيين فحقق معجزة فيلمية تعادل معجزة العبور التي حققت نصر أكتوبر 73.
صفاء الليثي
أكتوبر 2018
نشر بمجلة تلي سينما رئيس التحرير أيمن الحكيم 



Tuesday 1 October 2019

معرض إحسان عبد القدوس بالجونة الثالثGFF3


متحف مصغر وشهادة على عصر
يجدد معرض إحسان عبد القدوس الأمل في إنشاء متحف للسينما المصرية وخاصة أن المعرض   كان أشبه بمتحف مصغر وليس فقط معرضا لصور وأفيشات أفلام.  مع حلول مئوية ملاد إحسان عبد القدوس تحمس انتشال التميمي ليقام ضمن فعاليات الجونة في دورته الثالثة ، ومع ما قدمته أسرة الكاتب الكبير من مقتنيات ثرية لا تغطي فقط ملصقات الأفلام التي قدمت عن قصصه بل شمل المعرض كل أوراقه الخاصة، شهادة الميلاد، والتخرج، البطاقة الشخصية، جوازات الصفر. مكتبه الذي كتب عليه أحلى الروايات، نظارات عينيه والأهم مجلدات روز اليوسف. نسخ من جرائد وثقت لتاريخ مصر، لوحات رسمها له أهم الفنانين التشكيلين، تتصدر بالطبع صورة الوالدة الاستثنائية فاطمة اليوسف المعرض على يمين الداخل الذي سيجد مسحا تاريخيا لمصر في فترة عبد الناصر والسادات. معرض إحسان غبد القدوس متحف لمقتنيات كاتب مصري رفع شعار الحرية في كتاباته  أنا حرة ولا أنام ومن فضلك أعطني هذا الدواء، ساند ثورة يوليو بدوره كاتبا صحفيا ورئيسا لتحرير أهم المطبوعات. إن التوسع في الاحتفال بمئويات  فنانينا العظام فرصة لجمع وحفظ تراثهم الذي يمثل جانبا مهما من تراث الأمة كلها. نخرج من عرض لفيلم هام ونعرج على معرض عبد القدوس نتأمل ونقرأ ونخرج بمعارف عن الصحافة في وقته، عن أهم المعارك والمواجهات، عن لحظات انكسار كحرب 67 ، ولحظات انتصار كحرب 73 من زاوية اهتمام الصحافة بها ، مقتنيات هامة احتفظ بها المهندس أحمد إحسان عبد القدوس أتاحها لمتابعي مهرجان الجونة الذي وضعها في صناديق زجاجية حافظت عليها وجعلتها مرئية بشكل واضح لكل محبي التأمل في تاريخنا عبر تفاصيله.
أحببت وسام عيد العلم أحد أعيادنا الهامة في الفترة الناصرية،
وعدد جريدة أخبار اليوم ترفض تنحي ناصر بعد هزيمة 67 ، أحببت كلماته إلى زوجته وأوراق مكنوبة بخط يده، جمال الخط وسحر الكتابة ، وأهمية الاحتفاظ بمخزون الذكريات من صور وكتابات. كل هذه الوثائق مع بوسترات أصلية من مكتبة جامع الأفيشات الناقد سامح فتحي. هواية ورثها عن والده وأصبحت مهنته وعشقه الذي يبوح به ويعلنه وهو يتابع تواريخ ميلاد السينمائيين من مخرجين ومؤلفين ومهن أخرى. أرشيف خاص عجزت الجهات الرسمية عن تكوين مثيلا له، بل أضاعت بعضها ما كانت تملكه من كتيبات صحفية وملصقات ، إهمالا أو فسادا.
بدون جهود فردية ومطالبات لن يتحقق حلم متحف السينما ، صحيح أن مكتبة الإسكندرية رحبت بإقامة قاعة خصصت للمخرج شادي عبد السلام ضم مقتنياته ، ضم أصول لوحات المومياء الذي صنف واحدا من أفضل عشرة أفلام على مستوى العالم، كما ضم اسكتشات فيلم إخناتون الذي لم ينجز وإن ظل حلما يراود تلامذة شادي ومحبيه. كذلك تعمل السيدتان رندة وجيهان بركات على إقامة معرض دائم لوالدهما المخرج الكبير هنري بركات ، يضم لوحات معرضه الذي أقيم ضمن الدورة 37 لمهرجان القاهرة عام 2014 في الدورة التي رأسها الناقد سمير فريد صاحب تعزيز فكرة إقامة المعارض كفعالية موازية داخل مهرجانات السينما.  بجهود ورثة مبدعينا ، وبحماس محبيهم يمكن أن يتحقق الكثير في هذا المجال، فيكون لدينا متاحف لنجيب محفوظ، وأم كلثوم .. وأفضل أن يكون متحفا واحدا كبيرا يضم الثراث الشخصي والإنجاز الإبداعي لرواد الثقافة والفنون من كتاب ومخرجين، موسيقيين وفنانين تشكيلين.
اهتمت عائلة ساويرس بالحدث، في الافتتاح جاءت الأسرة بكاملها، كبير العائلة المسيحية المصرية الوالد أنسي ساويرس رجل الأعمال الوطني،  وابنيه سميح ساويرس مؤسس مدينة الجونة  ونجيب ساويرس مؤسس مهرجان الجونة  مع عدد من فنانات تواجدن بالمهرجان وشخصيات عامة منهم د. محمد أبو الغار . 
صفاء الليثي
نشر بجريدة القاهرة الثلاثاء أول أكتوبر 2019