Tuesday 24 March 2020

الدورة التاسعة للأقصر الإفريقي في زمن الكورونا


كيف تخطي الأقصر الإفريقي جائحة كورونا ؟
وسط صعوبات دورية من ضعف الميزانية الذي تواجه الأنشطة الثقافية بذل فريق مهرجان الأقصر أقصى جهدهم لتخرج الدورة التاسعة محققة طموحا متزايدا في نشر ثقافة السينما الإفريقية ودعم راغبي التعلم في ورشه الناجحة عاما بعد عام، نجاح نتشارك فيه نحن محبي السينما وكانت كورونا الصين قد أقلقت العالم ووصلت إلى أوربا، ونحن واثقين بأن حلاوة شمسنا وخاصة في الأقصر سوف تهزم الفيروس كما سيهزمها المصري آكل البصل والفسيخ  ، سافرنا إذن للمشاركة بالمهرجان عارفين بالخطر ومستهينين به، كانت أنباء وصول النجم المكرم جيمي جون لوي وصور استقباله بالمطار  قد وصلتنا، لم نشهد اعتذارات كان من الممكن حدوثها من أوربيين أو أمريكيين، فأهل إفريقيا السمراء أقوياء مثلنا في مواجهة الطبيعة وكوارثها، لم يتغيب أحد، أفارقة وعربا وأوربيون أيضا، صديقتي الناقدة من السويد إيفا كانت سعيدة أنها ستشارك لجنة تحكيم الفيبريسي بالأقصر الإفريقي، وتواعدنا على اللقاء، في حفل الافتتاح كانت متعبة، استقلت أربعة طائرات لتصل إلى الأقصر، هي مسنة ولكنها بصحة جيدة، أحضرت لها طبق شوربة وامتنت كثيرا لذلك، مثل هذه اللمسات المعتادة لدينا يقابلها الأجانب بامتنان كبير، حين بدأت أخبار الكورونا تتداول بيننا كانت ترى أنها ( يلا حسن الختام) كما نقول نحن ولم تنزعج أو تحمل هما، كانت تحضر أفلام القسم الذي ستشارك في تحكيمه وأقسام أخرى أيضا، وصلت أخبار عن فندق عائم ، سفينة قادمة من أسوان إلى الأقصر متوسطة الحجم بها عزل لاشتباه إصابة  بفيروس كورونا، علمنا أن وزيرة الصحة المصرية وصلت على الفور وتم منعننا من مغادرة الفنادق قبل الكشف للتأكد من سلامتنا، في حديقة الفندق ابتسمت لي ألمانية، قالت ما كل هذا التوتر، وهذا الفزع العالمي، قلت لها اطمئني شمسنا تقتل كل شيء، كانت وصديقة جالستين في الشمس التي نجدها نحن حامية، وهي سعيدة بها وجالسة في هدوء في انتظار الكشف الذي تم على عينة عشوائية ولم يسفر عن أي حالات، استئنفنا الفعاليات ولكن مع نهاية اليوم وصلنا قرار رئيس الوزراء بوقف الأنشطة الجماهيرية، أصدرت إدارة المهرجان بيانا يفيد باستمرار لجان التحكيم في عملها بعروض خاصة والغاء العروض العامة، وجدناه قرارا صائبا احتراما لصناع الأفلام ومشاركتهم ، ونجحت الإدارة أيضا في تنظيم حفل توقيع للكتاب المترجم عن السينما الأفريقية المعاصرة لكاتبته أنجالي برابو ومترجمته سهام عبد السلام، في شرفة مفتوجة بمكان إقامتنا، قرارا صائبا من عزة الحسيني مديرة المهرجان ومن سيد فؤاد رئيسه ليسجل الأقصر الإفريقي أنه تخطى بدورته التاسعة مصير الإلغاء الكامل الذي نال كل مهرجانات الدنيا.     
صفاء الليثي   
نشر بجريدة القاهرة الصغحة الأولى بتاريخ 4 مارس 2020 رئيس التحرير عماد الغزالي  
 



Tuesday 17 March 2020

مقال من أرشيفي الخاص عن فيلم "مواطن ومخبر وحرامي" :كتب عام 2001


مواطن ومخبر وحرامي : تصالح أم تواطؤ واستسلام ؟
 في حديقة قصر " أو فيللا كبيرة " نشاهد عائلة كبيرة العدد  ، الأطفال فيها يلعبون معا في سعادة ، والكبار منهم يعيشون في وئام ، والرجلان  " المواطن والحرامي " تبادلا السيدات وتزوج كل منهما بحبيبة الآخر ، وهما مع المخبر يمثلون عائلة لا تقل سعادة عن عائلة الحاج متولي التي طبقت شهرتها الآفاق .
في فيلم " مواطن ومخبر وحرامي " يقدم المخرج المؤلف " داوود عبد السيد " تصالحا بين فئات المجتمع طالما حلم به الرئيس السادات ، ولو كان السادات حيا لقلد داوود وأبطاله الثلاثة : الحرامي " شعبان عبد الرحيم " والمخبر " صلاح عبد الله " والمواطن " خالد أبو النجا " أرفع الأوسمة وشرفهم باللقاء مربتاً على أكتافهم " كده تمام  ، وكفاية بقى حقد طبقي ، وأيدولوجيا وكلام فارغ " 
 هل هناك تصالحا ووئاما ناجحا للطبقات في فيلم داوود عبد السيد الأخير ؟ هذا ما يبدو للوهلة الأولى ، ولكن المتأمل لما يحدث سيتأكد أنه لا تصالح يمكنه أن يحدث بين مواطن يكتب أدبا وبين مخبر يتلصص عليه ويتابعه خطوة خطوة ، وبين حرامي يستفزه فكر المواطن فيظل يطارده ويقوم بسرقة مخطوط روايته ويحرقه في النار الذي يعد الشاي على ناره ، حتى يستسلم ، مقهورا ومهددا ولا يكتب بعد ذلك إلا ما يوافق عليه الحرامي الذي أصبح ناشرا للكتب بجانب أعماله الأخرى .
هذا التواطؤ الذي يبدو للبعض تصالحا هو ما يحذر منه داوود ، كما يدين استسلام بعض المواطنين المثقفين لقانون السوق الجديد حيث " الشمال زي الجنوب ، وغرب جوة شرق " وكل تلك اللخبطة واختلاط المفاهيم .
أوراق الرواية التي وصلت عن طريق الخادمة " هند صبري " لحبيبها " الحرامي "  بعد خروجه من السجن وبعد وصول المخبر للحرامي ، يناولها له وهو ينصحه بأن يكتب في كراسة بدلا من هذا الورق المفرط ، ولن تكون هذه آخر تعاليم الحكيم " شريف المرغوشي " بل ستتوالى النصائح ويتعالم عليه لكي يكتب كما يتصور كما سيعرف بعد ذلك بالكتابة المعقمة النظيفة الخالية من الخروج عما يدعيه المجتمع من ثوابت .
يوم 14 ديسمبر 1999 كان داوود عبد السيد يكتب كلمة النهاية على أوراق السيناريو " المفرطة " قبل أن يتعلم مواطنه " سليم سيف الدين " الكتابة الرشيدة من الحرامي " شريف المرغوشي / شعبان عبد الرحيم " وقبل أن تحدث أزمة وليمة أعشاب البحر وقبل ارتفاع موجة تكفير الفن وكأن الفنان " داوود عبد السيد " صاحب البحث عن سيد مرزوق والكيت كات كان يتنبأ في فيلمه بما سيحدث من توابع لزلزال أزمة رواية سورية طبعت في مصر ، لم يكتف داوود بهذا بل نجح في بناء فيلمه بحيث نشاهد التواطؤ الذي يحدث تدريجيا والتسليم من قبل مواطن مثقف مدفوعا بضغوط من حرامي ووساطة مخبر ليصبح إنسانا مهجنا يكتب روايات يوافقه عليها الحرامي .
فرافير داوود عبد السيد المقطقطة
عالج داوود حمى تكفير الفن بخفة ظل متناهية جعلت رسالته تصل للجمهور العريض من الشباب الذي انفجر ضاحكا متجاوبا مع مشاهد عديدة وكمثال على ذلك ما حدث في مشهد يُحضر فيه " الحرامي " تمثالا من الأبنوس لامرأة جميلة وقد ألبسه فستانا من قماش شعبي قبيح للغاية ، المواطن وقد انتابته حالة من الغضب الشديد أخذ ينزع قطع القماش – بعد أن وبخ الحرامي وطرده – ونفاجأ بوجود قطعة من ملابس داخلية من الساتان الأصفر على الذوق الشعبي لإخفاء ملامح التمثال ، فتنفجر الصالة بالضحكات .
هذا المشهد جسد تصورا لأفكار تكفير الفن ولم يسقط داوود في تقديم خطابة مباشرة عن الفن الحقيقي بل وضع الناس أمام الصورة البديلة – القبيحة جدا – التي يريدها من هم على شاكلة الحرامي الذي أصبح رجل أعمال ثري وناشرا للكتب .
بداية الفيلم الحقيقية مع " خالد أبو النجا " وهو شاب ميسور الحال ويعمل بالتأليف ، يحكي لنا الراوي السينمائي ، من خلال التعليق والصورة ، حكاية المواطن سليم سيف الدين  ، قبله بداية وكأنها استفتاح للجمهور مع صوت " شعبان عبد الرحيم " الحرامي خلف القضبان وهي مقدمة يمكن حذفها دون أن يتأثر الفيلم ، ثم يدخل المخبر " صلاح عبد الله " ويقدم للمواطن الخادمة حياة " هند صبري " التي تكون على علاقة غير شرعية مع الحرامي .
قرب نهاية الفيلم نسمع التعليق " قطع المواطن رحلته من الشك إلى الإيمان ، ومن الخطيئة إلى الفضيلة " المشاهد المتعجل لن يفهم السخرية في جمل التعليق التي اختارها داوود من الكلمات المستخدمة على نطاق واسع في الإعلام المقروء والمسموع ، داوود  يستخدم التعليق كما فعل في فيلمه القصير " وصية رجل حكيم في شئون القرية والتعليم " بشكل يتناقض مع الصورة ويخالف المعنى الحقيقي لما أراده داوود ، والتعليق في فيلم " مواطن ومخبر وحرامي " يكمل الصورة دون أن يشرحها ، يسخر من الفكرة بعكس معانيها ، وهو أسلوب يلجأ إليه الناس في حياتهم اليومية مُضفين روحا من السخرية المرة على ما يضايقهم ، داوود جعل مذيعا قديرا " طارق .. " يقرأ التعليق فكان أداؤه جذابا حتى أن الجمهور العادي لم تخرجه جمل التعليق عن متابعة العمل والتجاوب معه .
المواطن شقي ومحب للنساء ومعه يقدم داوود مشاهد ممارسة الحب بوفرة مع صديقته مديحة " رولا محمود " ومع الخادمة حياة " هند صبري " ، الفيلم يتحدث بلغة ذكورية تختلف فقط في التفاصيل والذوق عن أعمال فنية أقل قيمة ، وأيضا لا يفوته التأكيد على العجز الجنسي عند المخبر رغم اعتماده على منشطات طبيعية عبارة عن طعام خاص من الجزار ، صلاح عبد الله وهو كوميديان من نوع خاص ، يلعن الجزار الذي خدعه وأعطاه كلاوي بدلا من المخاصي بعد فشله في الفراش " الجمهور يضج بالضحك وهم غالبية من الذكور وقلة قليلة جدا من السيدات ، عمق الموضوع وجماليات كل تفاصيل الفيلم لا تنفي كون داوود يقدم عالما ذكوريا تحتل المرأة فيه دورا هامشيا ، فهي العشيقة " مديحة " ولم نر لها دورا آخر في الأحداث غير ذلك ، والخادمة " حياة " عشيقة أيضا وتابعة للرجل – الحرامي – وتشعر بأنه النصيب الذي سلمت له عذريتها ، تقولها في الفيلم بلغة خاصة تفجر ضحكات الصالة ، ويبدو داوود مصمما على جذب جمهوره والتأثير عليه .
لم يتعمق داوود في أزمة الخادمة " حياة " ولم نفهم بشكل واضح سبب نوباتها العصابية مرة في المطبخ وهي تشعر بدقات على الباب تصم أذنيها ،في مشهد منفذ بفنية عالية وتصوير رائع لكابوس . ومرة أخرى بعدما أصبحت سيدة وزوجة للمواطن ترتدي الموضة وتوشك على الانتحار . مثلما كانت الممثلة " فرح " مجرد ديكور جميل حرص " أحمد زكي " على اقتنائه في أرض الخوف كذلك " هند صبري " و" رولا محمود " ليستا أكثر من متاع متبادل بين الرجلين .
منذ ما يزيد على ربع قرن كانت دور العرض في الأقاليم منتشرة في مراكز – المدن الصغرى – الأقاليم ، الفلاحون وصغار المزارعين كانوا يتوافدون من القرى والنجوع والكفور لمشاهدة الأفلام في دور العرض الصيفية غالبا في المركز / وسرعان ما يتشكل فريقان يشجع أحدهما محمود المليجي ويشجع الآخر فريد شوقي ثم يتقاتلان بالعصي في " الترسو " حيث كانت التذكرة بقرشين وأحيانا بعشرة مليمات وهي عملات اندثرت الآن ، واليوم في دور العرض بوسط العاصمة – القاهرة – تبادل الشباب التعليقات حول " مواطن ومخبر وحرامي "  بصوت مرتفع عن البطل الذي يتوحدون معه ، في البداية اختاروا المواطن الشقي لفتوحاته مع النساء وسرعان ما تخلوا عنه عندما ظهر ضعفه وإحساسه بالقهر وبعدما انتصر عليه الحرامي الذي ظهر عالما بالأمور و" جدع " ولكنهم بالطبع لم يستطيعوا أن يتوحدوا معه ، كذلك لم يتجابوا  مع المخبر وإن لم يكرهوه .
وهذا هو الفارق بين نوع السينما التي يقدمها المخرج المؤلف داوود عبد السيد وبين نوع سائد من السينما .. فلا أبيض وأسود ، وليس هناك شرير وطيب كما عودتنا الدراما التقليدية ، فقط هناك بشر ، ثلاثة أنماط مختلفة من البشر ، الحرامي يستفزه هذا الاختلاف ويظل بإصرار عجيب باذلا جهوده لكي يصبح المواطن مثله ، ودور المخبر أن يتلصص على هذا المختلف راصدا حركاته عارضا خدماته ملوحا بعصاه حتى يستسلم المواطن وينتهي تفرده الذي يباعد بينه وبينهما – الحرامي والمخبر – ويصبح مثلهم ويصبحوا أصدقاء ، المواطن لا يكتب رواية إلا بعد أن يقرأها الحرامي ، يعدلها له ثم يوافق عليها ومن ثم يتشاركان في كل شيء حتى الزوجات ، وهم الثلاثة المخبر والحرامي والمواطن شركاء في تجارة ما ، لا يهم التفاصيل وهاهم يرقصون في الختام في صالة القصر وقد أصبح المواطن سيد الموقف والبطل الحقيقي ورب العائلة .
 الحرامي شريف المرغوشي / شعبان عبد الرحيم ، بين المخبر فتحي عبد الغفور / صلاح عبد الله ، والمواطن سليم سيف الدين / خالد أبو النجا ، وقد أحضر المواطن من إحدى سفرياته للخارج للحرامي عينا صناعية بديلا عن عينه التي فقأها بعدما حرق مخطوط روايته ، يقول شعبان " تصدق أنا شايف بالجديدة أحسن " ولكي يتأكد الأمر يضع له المخبر العصابة على عينه السليمة فيصيب الهدف في لعبة أولاد الذوات " البولنج " الثلاثة الآن وقد توحد مظهرهم بنفس الثياب يعيشون كعائلة واحدة يسودها الوئام ، إنها حقا عائلة الحاج داوود عبد السيد شيخ المخرجين المصريين الآن ولسنوات قادمة .     
ر غم طول زمن الفيلم الذي جاوز الساعتين بثلث ساعة ، فليس هناك أي ملل والفيلم نموذج جيد لسينما الفرجة ، التعبير مقتبس من د. محمد كامل القليوبي المخرج والباحث وأستاذ مادة السيناريو ، وكما أن الأفلام تصنع أفلاما كما يقول المخرج والباحث سيد سعيد صاحب فيلم "القبطان " فإن داوود عبد السيد يقدم بعض المشاهد استفادة وليس اقتباسا من أفلام أخرى فبعد سرقة إطارات سيارة ونشل محفظته ، يسير المواطن متوجسا من كل من يقترب منه ، وعندما يتلفت مبتعدا عن سيدة معتقدا أنها سوف تنشل منه حقيبة يحملها ، لا ينتبه إلى الدراجة التي يسوقها شقيان يخطفان منه الحقيبة ، في استفادة من مشهد شهير من فيلم نجيب الريحاني " سلامة في خير " إحدى روائع المخرج " نيازي مصطفى " ، وواحد من كلاسيكيات السينما المصرية .
لا ارتباط شرطي عند داوود عبد السيد وبين الأجواء الشعبية ونوع معين من الموسيقى ، في فيلم يتحدث عن تسيد قيم القبح شاهدنا مناظر جميلة ، واستمتعنا ببيت المواطن القديم وطرازه الفريد وتزايد جماله بعد تنظيف الخادمة " حياة / هند صبري " له ، أبدع المدير الفني للفيلم " أنسي أبو سيف " في ديكورات الفيلم واكسسوارات المشاهد وملابس الشخصيات وكل عناصر الفيلم الفنية ، سمعنا موسيقى " راجح داوود " التصويرية هذه المرة ، راجح كان يرفض تعبير الموسيقى التصويرية سائلا عن معناه ، وفي فيلم " مواطن ومخبر وحرامي " المليء بموسيقى وألحان " شعبان عبد الرحيم " قدم مؤلف الموسيقى الأكاديمي الدارس " راجح داوود " شريطا صوتيا من موسيقى وأغنيات مختارة بعناية من الأعمال العالمية والمصرية التي يسمعها المواطن ، عبرت الموسيقى ، أو صورت ما يدور في عقل المواطن فها نحن نسمع غناء  الحرامي " شريف المرغوشي / شعبان عبد الرحيم " على مشهد اكتشاف المواطن لسرقة إطارات سيارته وكأنه أدرك كنه السارق ، سبق الصوت الصورة واكتمل بمشهد شريف المرغوشي يغني مع مجموعة من الراقصات بأزياء وأعمار مختلفة ، المشهد متتابع تجمعه فكرة واحدة وأغنية ، وينتقل في أمكنة وأزمنة مختلفة ، وهو ما يسميه أهل المهنة  " فوتومونتاج " رائع تتبدل فيه الصور مع الأغنية التي يتوعد فيها الحرامي المواطن بأنه لن يتركه في حاله وكانت الانتقالات بين الأماكن المختلفة عن طريق الاختفاء التدريجي السريع نسبيا نحو الأبيض مما أكسب المشهد روحا مرحة برعت في ضبط إيقاعه المونتيرة " منى ربيع " التي يعمل معها المخرج داوود عبد السيد للمرة الأولى والتي أثبتت مهارة جديرة بالعمل مع مخرج قدير ، ونجحت على مدار الفيلم في جعله متدفقا .
وفق داوود في اختيار طاقم الممثلين جميعا الأبطال الثلاثة وظفهم المخرج في مكانهم تماما ، المذيع الوسيم – اكتشاف سلمى الشماع رئيسة قناة المنوعات من قنوات النيل المتخصصة – خالد أبو النجا أدى دوره بإجادة وكان مقنعا ووفق تماما في اندهاشه وزهقه وارتيابه والأهم مشهد إحساسه بالقهر بعدما عذب المخبر الخادمة لينتزع منها الاعتراف وهو المشهد الذي كشف عن عبقرية الأداء عند صلاح عبد الله . كان داوود مثل الموسيقار الذي يقدم لكل عازف منفرد مشهدا ليبدع فيه " سولو " فيحمسه ذلك لإجادة كل المشاهد الأخرى وكان مشهد محاولة فرض وجهة نظر " شريف المرغوشي " الحرامي على المواطن قمة أداء شعبان عبد الرحيم الذي خفف داوود من غرابة ملابسه وشكله وبدا طبيعيا تلقائيا مقنعا للغاية . اخلاصا من داوود لبطل فيلمه " البحث عن سيد مرزوق "  أحمد كمال وهوممثل ينساه الناس ، واقتناعا من داوود واصرار على كسر نمط ضابط الشرطة فقدمه مثقف يستمع للموسيقى الكلاسيكية ، محبطا وهو يتفلسف مع زميل الطفولة الذي جاءه مواطنا يشكو همه .
الممثلة التونسية هند صبري أدت دورا جيدا وإن كان ينقصها بعض التفاصيل الخاصة بالشخصية جعلتها تبدو أحيانا خادمة أرستقراطية وقد ظهرت موهبتها في مشهد تلاعب فيه المواطن " الكوتشينة " الذي كسرت فيه الحاجز الطبقي بينه وبينها ، أما " رولا محمود " فلا يمكن التوقف عندها وكانت نمطا يقترب من العادي عن امرأة تعيش بلا مشاعر حقيقية ، وأيضا لم يقترب منها المخرج بدرجة كافية .
زواج القط والفأر في عائلة الحاج داوود عبد السيد
قد يرى البعض أن المشاهد التي تلت حرق الرواية نوعا من التزيد " أنتي كلايماكس " ولكن داوود  يرى أنه كان لابد أن يقدم هذه المشاهد بعد الذروة لكي يكتمل المعنى الذي أراده ، وهو لا يرى ضرورة أن ينتهي الفيلم بمشهد " ذروة " وكان الحق معه فالمشاهدين لم يتحرك منهم أحد بالنهوض بعد حرق الرواية كما يحدث أحيانا مع بعض الأفلام حينما يضع المشاهدون نهاية الفيلم بوقوفهم لمغادرة العرض ، وهم لم يتحركوا للمغادرة إلا مع الأغنية الجامعة " اسمع وافهم كلامي / مواطن ومخبر وحرامي " النهاية التي قدمها المخرج في حفل تنكري – وهو مشهد كلاسيكي في السينما المصرية والعالمية – يرتدي فيه الأبطال الثلاثة ملابس ليست تنكرية في الحقيقة ، بل ملابس تعبر عن هويتهم الحقيقية ، فها هي " حياة " ترقص بحزام على الردفين على غناء " شريف المرغوشي " الذي يلبس فانلة اللصوص المقلمة والمواطن بشارب تقليدي وقد أصبح سيدا مهذبا ، يردد الغناء ببلاهة مع صديقيه المخبر بمعطفه وعصاه والحرامي بفانلته المخططة ، وسط زحام من بشر وقد اختلط الحابل بالنابل  ، وبعد أن تزوج الفأر من القطة وأنجبوا فرافير مقطقطة .  
صفاء الليثي
كتب عام 2001 ونشر في جريدة العربي



Monday 16 March 2020

الأقصر الإفريقي... فيلم مهم ودورة استثنائية


جامع الزمن الذي أصبح متحفا
يصدر المخرج فيلمه بكتابة على الشاشة " هذا الفيلم يشبهني" وتبدأ الصورة بمجموعة لقطات بها مكونات عشواية تشكل لوحات كنوع من الفن المعاصر الذي يحتفي بتشظي الأشياء وفوضاهل الفنية. " يحكى أنه كان هناك رجل أصبح متحفا" خيوط العنكبوت وكأنه مكان مهجور ثم وجه رجل مسن في إطار وسط كركبة من تفاصيل مقتنيات حياتية مثل موبيل قديم، شريط كاسيت، مضرب بلاستكيكي لصيد الحشرات، ونسمع صوت الرجل متحدثا بالفرنسية، أنا جامع للزمن، ألتقط أشيائكم المكسورة ، المهملة والمنسية ... تتابع الصور فنشاهد كاميرا فوتوغرافية عتيقة وجرابها الجلدي، براد شاي من الفخار محاط بخيوط العنكبوت وسط أشياء متنوعة. ويستكمل التعليق ، ألتقط أشيائكم المهملة وأمنحها الحياة ، أتحدث إليها وتكلمني. في مملكتي حيث يتم اصطياد الرجال. أحاول أن أنقل إليكم عبر الجمل الإيقاع المتمهل والمتأمل لعالم الرجل العائش في متحف من مقتنياته. يصوره المخرج من ظهره وسط عالمه المزدحم بمقتنيات تكون لوحة بصرية شديدة التفرد، كراكيب وضعت بعشوائية فنية. ونسمع حديث الرجل، أنا بمفردي ولكني بصحبة جيدة، أنا شاعر وفنان، أنا الكل ولا أحد ، علي عيسى، يجعله المخرج يقدم نفسه بنفسه بجمل نثرية أقرب إلى الشعر، لندخل مشهدا جديدا وهو يخلط ألوانه ويرسم، لقطة قريبة له يصورها المخرج العاشق لشخصيته. صوت ماكينة عرض سينمائي وشعاع الضوء وعرض لمادة صورها ، لقطات من سفريات داخل تونس وخارجها لبلاد عديدة. فيلم صور في باريس 1980 . تعليق بالفرنسية معه تيمة موسيقية لمسلسل مصري. 

سنعرف من ندوة مع المخرج بعد عرض الفيلم في إطار الدورة التاسعة لمهرجان السينما الإفريقية أن المخرج مروان الطرابلسي قابل الرجل في أحد المعارض الفنية التي جرت من عشر سنوات، تحدثا ودعاه إلى منزله، على مدى خمس سنوات صور مروان الرجل ، بيته ولوحاته ونجح أن ينقل لنا روح المكان الفريد الذي يبدو للوهلة الأولى مخبأ لنفايات ، ولكن مع حكي الشخص ومع مشاهد إعداده طعامه لنفسه، ما يرويه عن سفره إلى لبنان ، قصة حبه وزواجه، نلتقط روح فنان مستقل لم يسعى لمال أو شهرة، فقط يعش الحياة متفاعلا مع مقتنياته. في مشهد النهاية نشاهده يكتب على آلة كاتبة عتيقة وصيته ، تبرع بمقتنياته ولوحاته إلى وزارة الثقافة التونسية، وبأعضاء جسده السليمة لمن يحتاجها، وكتب أنه يريد أن تدفن بقايا جسده في المدخل تحت النخلة. بعد العرض قابلت فتيات أقصريات ، عرفت أنهن طالبات في الثانوي، تابعن الفيلم وأعجبتهم الشخصية، وفضلوه عن فيلم روائي من نوع الأكشن. نجاح نوع الفيلم التسجيلي عن شخصية يبدأ من إحساس المخرج بتفرد الشخص مرورا بقدرته على نقل ملامحها وانتهاء بتوصيل رسالته إلينا. احترم المخرج شخصيته وقدرها، ونقل لنا وصيته ، قدم لوحات جميلة من عينه الفنانة التي صورت هذه الأشياء القديمة المتهالكة في تجاورها العشوائي ولم يقحم صوتا خارجيا ليشرح أسلوب الفنان مثلا. استخدم صوت الرجل ، كلماته شعرا أو فضفضة، صوره مع قططه المستكينة لوحدة صاحبها والمتمتعة برعايته. يتمهل وهو يقدم تفاصيل إعداده لطعام مركب كطبخة تشبه لوحاته. مروان طرابلسي فنان محب لبطله، لم يسقط في فخ تقديمه كأعجوبة، بل كشخص اختار وحدته وحياته المتقشفة ، عاشها حرا كما أراد. الثبات والقطع الهاديء أسلوبا للمخرج مع خلفية موسيقية واحدة تسمح بسماع قصائد الرجل ولا تطغى عليها. علي عيسى هو الأول والمنتهى، فنان شاعر بقيمته دون زهو و خيلاء.  
عرض الفيلم بمهرجان قرطاج في بلده تونس قبل مشاركته الأقصر الإفريقي بمصر منافسا في قسم التسجيلي الطويل ، بلغ زمن عرض 61 ق . أنتج عام 2019 ، المخرج مروان طرابلسي بدأ اهتمامه بالتصوير الفوتوغرافي ثم اندمج مع الصورة المتحركة عبر السينما، عنايته بالصورة وتأملها واضح في فيلمه الذي أبهرنا متخصصين وجمهور عام. هو صانع فيلمه كتابة وإخراجا ومونتاجا، لم يكن خروجه من سباق الجوائز حكما عليه، فدائما الأفلام الجيدة أكثر من عدد الجوائز وخاصة حين يتم انتقائها من لجنة من نقاد لديهم خبرة في الحكم على مستوى الأفلام ضمت الناقد أسامة عبد الفتاح والناقدة أمل الجمل.  
منحت لجنة التحكيم الدولية في قسم اأفلام التسجيلية التي ضمت المخرج أمجد أبو العلاء صاحب أن تموت في العشرين، ومن الناقد عصام زكريا رئيس مهرجان الإسماعيلة للسينما التسجيلية والقصيرة الجائزة الذهبية لفيلم " الوقت في صالحنا " للمخرجة كاتي لينا نداي من السنغال. وجائزة لجنة التحكيم الخاصة لفيلم " أمي إني أختنق" من لوسوتو.
أقيمت الدورة التاسعة لمهرجان الأقصر للسينما الإفريقية في ظرف استثنائي مع ظهور وباء كورونا بدايتها كانت قوية وتأثرت بقرار رئيس وزراء مصر بمنع التجمعات الجماهيرية وارتأت الإدارة، السيناريست سيد فؤاد والمخرجة عزة الحسيني وفريقهما أن تستمر لجان التحكيم في أداء دورها احتراما للمشاركين الأفارقة بأفلامهم وكان قرارا صائبا نتج عنه الإعلان عن الجوائز وإن كانت بعض الأفلام لم تشاهد إلا من لجان التحكيم وفلتت ندوتي توقيع كتاب فريد شوقي وكتاب السينما الإفريقية المعاصرة من المنع حيث أقيمت في موعدها وتم التوقيع وسط الاحتفاء بهما ولهما حديث آخر يوضح أهمية دو المهرجانات في تغطية نقص النشر للكتب السينمائية تأليفا وترجمة.  
                                                                                                      صفاء الليثي
نشر بجريدة القاهرة الثلاثاء 17 مارس 2020 رئيس التحرير عماد الغزالي


Sunday 15 March 2020

محمود سعيد من أعلام الفنون بجريدة الفنون عدد ابريل

محمود سعيد 
"إن محمود سعيد  فنان وإنسان شغلته مشاكل الإنسان ومظاهر الحياة، وأبرزها في صوره وارتفع بها عن البيئة المحلية لتخاطب المعاني الإنسانية في كل زمان ومكان." 
الذي لم يدركه الموت

مقال قي الفنون عدد ابريل 2020 كتب قبل جانحة الكورونا فهل سيتأجل نشره. ؟؟؟

Thursday 5 March 2020

أربعة أفلام قصيرة قمت بعمل المونتاج لها


أربعة أفلام قصيرة قمت بعمل المونتاج لها
" تصبيرة " وجبة خفيفية قبل العشاء
"الزيارة" 10 ق 1980 سيناريو وإخراج عواد شكري
الفكرة والسيناريو كانا جيدان ولكن التنفيذ كان بدائيا مشوب بعيوب تقنية وخاصة في تسجيل الصوت مما أثر على المونتاج، وعند عرض الفيلم كان الإعجاب بالفكرة ونقد شديد للصوت والمونتاج . كتب الراحل يعقوب وهبي تهنئة للفيلم في نشرة جمعية الفيلم نوفمبر 1980 ذكر فيها:
سيواصل عواد إنجاز أفلامه متجها للسينما الوثائقية التي قدم فيها أعمالا هاما حصلت على جوائز من مهرجانات عدة قبل أن يضر للسفر للعمل في الخارج وعند عودته يكون الإنتاج شحيحا ولا يتمكن من تحقيق المزيد حتى تولى منصب الإدارة العامة للإنتاج وساند زملاء من أجيال أصغر ليحققوا أعمالهم.
" جوه البشر " 16 دقيقة | (1998) سيناريو وإخراج أحمد رشوان
المخرج أحمد رشوان تمكن من تحميل فيلمه " جوه البشر" على موقع " فيميو" بنسخة جيدة متاحة للمشاهدة . قمت بعمل المونتاج له وحين أستعيد مشاهدته أصنفه كفيلم دوكيو دراما يحمل قيمة توثيقية لجهود راهبة مسيحية مع أطفال قرية من صعيد مصر، دون قصد نجد توثيقالكوبري علوي تم ازالته من ميدان رمسيس ، كما تم نقل تمثال رمسيس وسمي الميدان الشهير بميدان الشهداء بعد ثورة 5 يناير 2011 . " جوه البشر" فيلم بسيط يحتفي بفقراء مصر من مسيحيين ومسلمين لديهم موهبة الغناء التي رعتها راهبة مسيحية. ينتهي الفيلم بمشهد فوتومونتاج مع أغنية الفيلم الرئيس متنقلة بين العرض على مسرح بالقاهرة، ولقطات من تفاصيل الحياة حيث الشوارع والبشر ، في العاصمة حيث محطة القطار الرئيس ، وبشر في حواري القرية وحماسة الراهبة تقود الغناء لطفل وطفلة موهوبان ومعهم كورال الأطفال، لقطات لمعدات حربية وحراس في قرية شهدت احتقانا طائفيا، لا يقدم المخرج المعلومة بشكل مباشر بل يترك الستنتاج للمشاهد عن هذا الجو من الحماية العسكرية لقرية بها خليط من البشر الممثلين لنسيج مصر الاجتماعي من مسيحيين ومسلمين.
جوه البشر  16 دقيقة | (1998) وثائقي قصير | 5 يوليو 1998 (مصر) 
ملخص : عادت الراهبة سيليست خياط مرة أخرى إلى صعيد مصر - مدينة المنيا ، حيث أسست مجموعة كورالية قبل 10 سنوات. والآن ، يكافح الأطفال والشباب الموهوبون ويواجهون الإرهاب بأغاني جميلة.
سيناريو وإخراج:  احمد رشوان
النجوم: صليب فوزي ، سيليست خياط ، ماجد سليمان ،  باسم وديع
من إنتاج :حسام علي ، مدير إنتاج حسام فكري، مدير تصوير سمير جبر، وممدوح قطب
مونتاج: صفاء االليثي، صوت : مجدي كامل
مخرج الوحدة الثانية للتصوير : أمير رمسيس، مساعد مخرج : نجلاء يونس
العرض مستمر 25ق ( 2000 ) سيناريو وائل قنصوة إخراج يوسف عبد الخالق
في مشهد رئيس للفيلم يدور حوار بين سيد عامل العرض وصاحب دار سينما الدرجة الثالثة:
.. سيد عامل العرض الذي يعيش وحيدا بالكاد يكفي راتبه معيشة على القد، يحلم بالحب ويعيش في الأوهام قد يكون المقصود تأثره بما يشاهده من أفلام.
حركة الكاميرا بالميزانسين الذي صممه المخرج  والتصوير هما أهم ما يميز الفيلم. بقوم سيد بتجهيز الفيلم بلفه على البكرات ، يركبها في الماكينة، الجمهور متزاحم ومستمتع بالعرض ، يتوقف فجأة لعطل الماكينة فيعترضون بعنف، صاحب دار العرض يصعد غاضبا الى سيد،" انت عارف ان المكنتين دول كان لازم يتغيروا من عشرين سنة ما عادوش يستحملوا العرض المستمر يوماتي، ...) ما كله على ايديك والشغلانة ما بقتش تجيب همها . صمم المخرج حركة كاميرا في لقطة واحدة تصحبه لحظة صعوده تمسح حائط حجرة العرض وتصل حيث داخل الحجرة والرجل يعاتب سيد الذي يرد بأن الماكينات قديمة ولا تتحمل العرض المستمر. هذه الحركة لمشهد من لقطة واحدة تعاملت مع المكان الحقيقي بشكل فني لا يجد فيه المونتير فرصة ليمارس عمله بصياغة إيقاع من لقطات متتابعة، ولكن يبدو أنني امتلكت حسا نقديا يجعلني أفرح بملمح فني قد لا يظهر كميزة مونتاجية بل ينسب للمخرج أولا ثم للمصور ثانية الذي نجح في تنفيذ ميزانسين المخرج مع الحفاظ على الإضاءة واضحة والإيقاع منضبطا وصورة غير مهتزة. باقي عناصر الفيلم متوسطة القيمة، تمثيل متواضع لمجدي كامل وعناصر مقبولة في موسيقى والمونتاج . إخراج تقليدي وإيقاع منضبط . أهمية الفيلم تكمن في توثيق عروض السينما 35 مللي ، الماكينات القديمة والبكرات وشريط السليولويد وكابينة العرض في سينما من سينمات الدرجة الثالثة، حتى الفيلم الروائي يحمل قيمة وثائقية حقيقية.
لاستعادة الذاكرة حول الفيلم وجدت نسخة سيئة على ( يوتيوب) منقولة غالبا من شريط ( VHS ) قد يكون المخرج قد أضافها بنفسه، لايوجد موقع للمركز القومي للسينما ولم تنفذ خطة لنقل نسخ الأفلام المصورة 35 مللي على ديجيتال ، والأمر متروك لجهود فردية من كل مخرج .
فيلم : العرض مستمر  25 ق انتاج المركز القومي للسينما 2000
رئيس المركز د. محمد كامل القليوبي
سيناريو وائل قنصوه
إخراج يوسف عبد الخالق
تصوير ممدوح قطب
مونتاج صفاء الليثي  / موسيفى ايمان صلاح الدين

" جنازة أم حسن " قصير 16 ق (2006)  تأليف الممثل لطفي لبيب  للمخرج ياسر زايد
تشغل العلاقة بين المسلمين والمسيحيين جانبا من الاهتمام الرسمي والشعبي في مصر، عن فكرة للممثل لطفي لبيب يقدم المخرج ياسر زايد فيلم " جنازة أم حسن" ببساطة هي سيدة مسلمة تعيش وحيدة، تمرض وتموت ويقوم جارها المسيحي بكل إجراءات الدفن وكأنها أمه أو أخته. الفيلم أخرجه ياسر زايد وفي ذهنه التقدم به كتجربة ليتمكن من إخراج أعمال تلفزيونية في شكل حلقات، بايلوت بلغة أهل المهنة وساعده على تحقيق غرضه الناقد علي أبو شادي الذي رأس المركز القومي للسينما وقت إنتاج الفيلم. قمت بعمل المونتاج مع ياسر زائد رحمه الله باعتباري أشغل وظيفة مونتيرة بالمركز القومي للسينما جهة إنتاج الفيلم. كانت لدي خبرة في مونتاج الأفلام مع فيلمين روائيين طويلين، " الحجر الداير " لمحمد راضي ، و"ثلاثة على الطريق " لمحمد كامل القليوبي . مونتير له خبرة مع مخرج في بدايات عمله تركيبة متكررة في صناعة السينما المصرية وكنت تقدمت بفكرة تنظيم أسبوع عنونته " مخرج ومونتير" إلى الناقد الكبير سمير فريد وكان رئيسا للجنة السينما بالمجلس الأعلى للثقافة، في ذهني عمل أول لمخرج مع مونتير صاحب خبرة، في عام 2003 ، والبداية كانت مع "بابا أمين" للمخرج يوسف شاهين مع المونتير كمال أبو العلا في بحث قدمه المونتيرة نيرفانا حسن . وبحثي الذي قدمته في ختام الأسبوع كان لفيلم " عفاريت الأسفلت " العمل الأول للمخرج أسامة فوزي مع المونتير أحمد متولي.
أعود لنقطة البداية حول الأفلام القصيرة التي تعد بمثالة " تصبيرة" وجبة خفيفة " سناك" في منتصف فترة العمل يلجأ إليها المخرج قبل أن يحصل على وجبته الرئيس ، فيلما روائيا طويلا يعرف به في سوق صناعة الفيلم أو يشارك به في المهرجانت الدولية، عواد شكري وجد نفسه مع الفيلم التسجيلي  المحمل بهموم المواطنين والعارض لمشاكلهم، يوسف عبد الخالق لم ينجح رغم فيلمه الجيد من تحقيق رغبته في التواجد بالسوق، أحمد رشوان قدم فيلم الروائي " بصرة" شارك مهرجانات عدة وحصل على عدد من الجوائز، ياسر زايد قدم مسلسلا في سوق الدراما التلفزيونية " الضاهر" مات صغيرا قبل أن يكمل ما بدأه. صفاء الليثي بعد تجربتي المونتاج لفيلمين روائيين طويلين وعدة أفلام قصيرة وتسجيلية وجدت نفسها مع الكتابة للسينما وتفضل لقب مونتيرة وناقدة ليسبق كونها تعلمت فن المونتاج ومارسته وأثر هذا على نقدها للأفلام.
صفاء الليثي
نشر بالعدد الخامس من مجلة شورت/ابراهيم عمر وصلاح سرميني