Monday 21 June 2010

إضاءة على جيل الديجيتال . تامر عزت

إضاءة تامر عزت
مكان اسمه الوطن
الوطن الذى يمكن للمرء العيش فيه

" مكان اسمه الوطن" تسجيلى طويل للمخرج تامر عزت من إنتاج الأسطورة للإنتاج والتوزيع بالتعاون مع منظمة اليونسكو، يصحبنا تعليق تامر منذ البداية، وألعابه مع الصورة في تقسيم الكادر في محاولة لجذب الشباب لمشاهدة الفيلم التسجيلي- الممل عادة كما قال - ، لا يبالغ في ألعابه حتى لا يفقد جمهوره الأوسع من كبار السن والناضجين الذين تجذبهم دراما الحياة، وينحازون لسينما الحقيقة. يدخل في الموضوع مباشرة بتعلقه الموفق " مكان اسمه الوطن " . عشاق تامر عزت وسينماه من جيل الستينيات،وأجيال لاحقة ومن جيل الرواد أيضا، معجبوه كثيرون لأنه يعيد للفيلم التسجيلي دوره في الكشف عن الحقيقة بصبر وبحث دءوب .
ولأنه يختار موضوعات تؤرقه، يمضي باحثا عن إجابات، طارحا تساؤلات تقض مضجعه.
يضع نفسه في قلب الأماكن وسط أقران له ليس لديهم يقين تام ، بل تأتي إجاباتهم التي وضعها في نهاية فيلمه وكأن شخصا يقول" أعتقد " دون أن يذكرها (حلم حياتي،مكان بيحسسني إني عايشة وليه فيه ذكريات، مكان أمشي فيه براحتى، دولة حد بيحترمني فيها " ) يصور خمسين ساعة، بعد بحث على شبكة المعلومات،يصور نفسه وهو يعمل على الكومبيوتر ويشرح لنا ما يفعله، يبحث عن نماذجه ويُجري معهم ما يشبه البحث النفسي، يختار من بينهم أربعة نماذج بالاتفاق مع السيناريست "نادين شمس"، كل نموذج يختاراه يعبر عن عشرات بل مئات غيره، باستثناء" ماريا" التي لم يصادفا نموذجا يشبهها ،

مسيحية أحبت مسلما والأهل من الطرفين يرفضون هذه الزيجة، وهي تستسلم ، تفكر في الهجرة من وطن لا تسمح علاقاته الاجتماعية لها بحرية الاختيار، بينما تجد " همس" التي تهوى الترحال، في مصر وطنا تحب العيش فيه، وإن كانت ستتركه مؤقتا لترحال جديد. تتنوع النماذج وتختلف استجابات المتلقين، محمد سباعي –الأكثر جاذبية- سلم نفسه لتامر عزت وكاميراتيه- صور تامر مشاهده بكاميرتين- وكأنه يؤدي دورا على مسرح الحياة، تدفعه إحباطاته للبحث عن وطن آخر يحقق فيه أحلامه، تبدو طلباته مستفزة لبعض المشاهدين، لديه شقة باتساع سبع حجرات، ويناقش مع والدته أمورا حياتية- رفاهية بالنسبة للكثيرين- ولكن ما يتضح من المشاهد أنها كلها أعذار لمداراة المشكلة الحقيقية عن عدم الثقة في تحقيق الأحلام. سبعاوي مضطر للبقاء في مصر بعد تمثيلية مثلها عليه والديه- فيلم ميلودرامي منا يقول- يعود ولكنه يفكر في الهجرة ثانية، معنى الوطن بالنسبة له المكان الذي يمكنه من تحقيق أحلامه.
يكشف الفيلم عن حقيقة تثبت الأيام صحتها، " السعادة في الرضا" فالنموذج الرابع معتز عبد الوهاب لديه طموحات بسيطة، ويعمل على تحقيقها في بلده، متأسيا بدفء العلاقات الاجتماعية التي يؤكد على وجودها بنفسه حين يصطحبه تامر لسكنه القديم فُيقبل عليه –أهل الحتة- ويحيونه ويذكرون والده رحمة الله عليه. أثناء البحث عن معنى الوطن ، يكشف تامر عن إحباطات الشباب وتنوع مشاكلهم ، واختلاف درجات رضاهم.
الطريقة التي يعمل بها تامر لم تكن ممكنة قبل ظهور الديجيتال، فهو واحد ممن أجاب على سؤال د. صبحي شفيق في مقاله " السينما الآن " في عالم السينما العدد الأول حين تساءل: " من يقدر على تحقيق سينما الغد الرقمية؟ " مستوعبا خصائصها في التصوير والمونتاج ومحققا صورة جيدة، تختلف عن الصورة السينمائية ولا يشغله التشبه بها، كان السينمائي القديم يصور في الغالب نسبة 3-1 ليحصل على شريط فيلمه التسجيلي المصور سينمائيا، ولهذا كانت مراحل التحضير والمعاينة أهم من التصوير نفسه، لم يكن لديه ترف اختيار ساعة من خمسين ساعة، ولم تكن لديه أيضا نفس الصعوبة، فتصفية ساعات بهذا الطول للوصول لفيلم تجمعه وحدة مضمون أمر في غاية الصعوبة، وغالبا يمكن أن يبنى الفيلم بتوافيق وتباديل لا حصر لها قبل اتخاذ القرار النهائي والثبات على البناء الأخير للفيلم . تامر عزت كون خبرته في المونتاج بعمله مع عطيات الأبنودي في القاهرة 1000 القانرة 2000، ومع يسري نصر الله في الروائى المدينة و التسجيلى "صبيان وبنات". في فيلمية "كل شيء هيبقى تمام " و" مكان اسمه الوطن " شكل السيناريو في مرحلة المونتاج بمفرده أو مع زميل. ورغم تمكنه التقني من التصوير والمونتاج إلا أنه استعان بزملاء وشكل معهم فريقا يكونون جيلا جديدا بما يمكن تسميته " الموجة الجديدة الثانية في السينما المصرية " وإن كانت قوتها ظهرت في السينما التسجيلية بشكل أقوى، إلا أنها تشمل أعمالا روائية قصيرة تتنوع في أساليبها ولكنها كلها تتعامل مع وسيط الديجتال بحب وتفهم وليس باضطراركالذى لجأت إليه أجيال سابقة حاولت أن تصل منه لمستوى السينما ولم تنجح .
جمهور أفلام الديجتال مختلف أيضا كصناعه، تجده في ساقية الصاوي، أو قاعات التاون هاوس جاليري. يتجمعون أحيانا في منزل أحدهم ويشاهدون العمل في مراحله المختلفة، قبل الانتهاء من نسخة العرض النهائية، جمهور لديه حد معقول من المستوى المعيشي، قليل منهم يشبهون معتز عبد الوهاب مدير الإنتاج أحد نماذج فيلم " مكان اسمه الوطن " الذي يسكن حيا متوسطا في منطقة الهرم، حيث يظهر في الصورة كحارات شعبية، منازلها غير مكتملة الطلاء بالطوب الأحمر- .وكثيرون من هذا الجمهور يعيشون في مناطق راقية أو متوسطة – وليست شعبية- سؤال الطبقة مستفز للطرفين، صناع الفيلم ومتلقيه، لا يشعر تامر عزت وفريقه بأن هذه النماذج من المترفين، ويؤكدون أنهم كأي بشر لآخرون لهم معاناتهم أيضا. بعض المشاهدين لا يتعاطفون مع شخص يحتار في فرش أرض شقته المتسعة بالسيراميك أم باركيه، أو هل ينجح في إنتاج شريطه الغنائي أم يعمل في مهنة والده. ولأن تامر لا تشغله الحسابات ولا ردود الأفعال فإنه لا يراعي الطبقات المختلفة وهو يتناول موضوعاته، ولا يختصر فيلمه ليناسب شروط العرض في المحطات التلفزيونية، وإن كان يعد نسخة للعرض التلفزيوني أقصر عادة من أفلامه التي تتخطى الساعة متناولا فيها ما يعرفه بكل الإخلاص الممكن .
برغم حصيلة جوائزه فإنه يشعر بالخجل الشديد، ويبتسم في تواضع ويحني قامته المديدة، عندما يذكر ناقد أنه صاحب أسلوب خاص ، أو أن تسمي أفلامه " سينما تامر عزت". ويطلب بدماثة أن نوجه التحية لغيره من المبدعين حوله : " في إسلام ونادين و..... " نعم هناك الكثيرون ولكننا اخترنا أن تكون إضاءة العدد على " تامر عزت "أحد صناع سينما الغد الرقمية.
صفاء الليثي


نشر بالعدد الثانى من مطبوعة النقاد "عالم السينما " والتى صدر منها خمسة أعداد حتى الآن.
تحت عنوان " سينما الحقيقة على مسرح الحياة" .

Sunday 20 June 2010

حنان راضى وأفلامها التسجيلية




التكيف مع القالب الإعلامى للفيلم التسجيلى

حنان راضى من فاطمة إلى أهل الرضا


عرفت حنان راضى شابة بالكاد غادرت أعتاب الطفولة، وقد أتى بها والدها المخرج الكبير محمد راضى وطلب منها نسخ كراسة الموسيقى حيث نكتب قياسات موسيقى الفيلم، وأماكن تواجدها، وذلك نظرا لسوء خطى وكنت أعمل معه للمرة الأولى فى مونتاج فيلمه " الحجر الداير". كان الوالد قد قصد من اصطحاب طفلته أن يجعلها تقف على حجم المعاناة التى تسبق خروج العمل الفنى قبل جنى ثماره الأدبية والمادية. سنوات والتقيتها صدفة وتواصلنا على صفحات الفيس بوك، وفوجئت ليس فقط أنها أصبحت مخرجة تسجيلية ولكن أن لها رصيدا من خمسة أفلام وعددا من الجوائز الهامة.
فى عملها الأخير "أهل الرضا" تقدم حنان راضى أربعة نماذج من بسطاء المصريين، وإن كان الفيلم فى القالب السائد لأفلام ينتجها التلفزيون فى إطار منظوره الإعلامى، إلا أن حنان أضفت قدرا من روحها المحبة وحنانها الطفولى وتركت شخوص فيلمها يقدمون أنفسهم دون تداخلات متعالية منها- كحال كثير من أفلام التلفزيون- ورغم تكرارأبطال فيلمها لفظ "الرضا" إلا أنهم يمثلون نماذج تجمع بين الرضا بالمقسوم والتمرد عليه، أو على الأقل محاولة تغييره. وخاصة مع "فاطمة" طفلة فيلمها الأول التى لم تستسلم لرغبة أبيها فى عدم تعليم البنات، ولم يمنعها رضاها بالمقسوم بالعمل فى الزراعة الشاقة مع والدها وأعمال البيت مع والدتها لم يمنعها من الانضمام لفصول محو الأمية بقريتها رغبة فى التعلم والترقى, وهاهى بالبنطلون الجينز والتى شيرت سائرة فى طريق طويل لتحضر دروسها مع زميلات لها فاتهن اللحاق بالمدرسة الابتدائية. ولأن تجربة العمل أنضجتها قررت وهى فى العاشرة محاولة اللحاق بقطار التعلم الذى فاتها، حالمة بأن تكون محامية تدافع عن المظلومين. لم تزيف حنان راضى شخصية الطفلة بل قدمتها وهى تفشل جزئيا نتيجة تعبها الذى تبذله فى عملها المبكر. ونسمعها تصر على التوفيق بين رغبتها أن تكون محامية وبين مساعدة الوالدين فى شئون العمل.

حصل فيلمها "فاطمة على جائزة أوسكار أفلام الأطفال International Prixjeunesse بريجينيس انترناسيونال بميونيخ بألمانيا 2006، وجائزة اليونيسيف 2006، والجائزة الأولي لمؤتمر حقوق الإنسان 2007. كما يعرض الفيلم فى 17 دولة أوروبية ضمن برنامج تبادل الأفلام مع الاتحاد الأوروبي EBU- UER والذي عقد فى البرتغال 2005. 17 دولة أوربية ليس من بينها مصر ولولا صدفة التقائى بالمخرجة لظل عملها مجهولا لنا . وكذلك أفلامها "المنسيون " و"الساحر " عن طفل يتدرب فى لعبة كرة القدم ويطلب ممنا انتظاره عام 2014. قدمت أيضا فيلم "فيلم الكوميديا الانسانية" المعتمد بدرجة كبيرة على وثائق عن الصراع العربى الإسرائيلى ومشكلة ناس فلسطين، تم تناوله بشكل إنسانى يميز أعمال حنان راضى، حاصل على جائزه افضل فيلم يحكي قصص انسانية من مهرجان غزه الدولي للافلام التسجيليه2009، كما اختير للاشتراك في المسابقه النهائيه لمهرجان الجزيره الدولي للافلام التسجيليه 2009. ونتمنى لها التوفيق فى عملها الأخير " أهل الرضا" الذى تقدمت به للحصول على جائزة الدولة التشجيعية. وفيه تعبر عن سمة تخص المصريين بالرضا بالحال دون فقدان السعى لتغييره. 

تقدم حنان فى الحكاية الأولى صياد يعيش وأسرته فى مركب صغير، يمثل مكان العمل والبيت والدفء، فى منطقة مصر القديمة أتى نازحا من المنوفية، يسرد حكايته ويتطرق بعفوية لجهد حكومى أحضر زريعة من نوع من أسماك (بقت خراب للبحر بتاكل كل السمك اللى بناكله)، وينتهى (أنا راضى باللى ربنا يقسمه) يذكر مصاعب حياته ثم يعود (حياتى صعبة،بس أنا حامد ربنا).كما تذكر بائعة الخضر التى تحمل بضاعتها من الخضر سابقة التجهيز من قريتها منيا القمح إلى القاهرة، حتى تعاون زوجها كى لا يشعر أولادها بفارق اقتصادى مع الغير. تعرض حنان لنا طيورها تربيها فوق سطح المنزل غير متكمل البناء بالطوب الأحمر كأغلب بيوت فقراء مصر. تسألها حنان ألم تسمع عن انفلونزا الطيور فترد السيدة القروية أنها تسمعه ولكنها لا تفهم حديثهم. وتعود لتقول "ما عندناش هنا الكلام ده، احنا زى الفل". بشكل غير مباشر تقف حنان عند مشكلة انعدام التواصل بين مثقفى العاصمة وحوار الطرشان بين الإعلام الحكومى وبسطاء الناس. حكاية ثالثة ورابعة تلخص كثيرا من مشاكل الناس فى بلادنا "أهل الرضا" كما ترصدهم المخرجة الشابة مركزة على همهم الأكبر(طول الواحد منا ما عياله مبسوطين،هوه مبسوط). وتأتى حكايتها الرابعة مع ماسح الأحذية واسمه على مسمى"مرضى تمام" اختار حى مصر الجديدة الراقى ليجمع قروشا قليلة يعود بها كل عدة أشهر لزوجته وأولاده فى سوهاج من صعيد مصر. اعتمدت حنان فى فيلمها على بحث وإعداد محمد على الدين غطت فيه نماذج تعبر عن النازحين من مناطق فى بحرى والصعيد حيث يمكنهم العيش برضا فى القاهرة .
تحتاج حنان جهدا أكبر للتخلص من قيود العمل الإعلامى، تاركة الاعتماد على الموسيقى واستخدامها بكثرة لملئ ما تعتقد أنه فراغ يؤرقها صمته. تحتاج أن تستخدم صوتيات الأماكن الطبيعية لتكتمل رسالة سينما الحقيقة الصادقة التى تقدمها، والتى تميزت بتوحدها مع شخصياتها وتبنى أحلامهم المشروعة كمحبة لبلدها ولناسة من البسطاء. بأعمالها القصيرة فى حدود ثلث الساعة تنضم حنان راضى إلى عقد المخرجات الملتزمات بقضايا بلادهن وناسها الطيبين. عطيات الأبنودى وتغريد العصفورى صاحبات الأعمال الهامة فى السينما التسجيلية. وهن ومعهن حنان اختارت سينما الحقيقة بسلاح الكاميرا وفن الصورة مع سبق الإصرار والترصد بنية المساهمة فى خدمة مجتمعهن وناسه الطيبين.


صفاء الليثى القاهرة يونيو 2010

Tuesday 15 June 2010

جماليات السينما التسجيليه المصرية "1" *



الطريق الى "سينما مختلفة"بدأ بأفلام
"صائد الدبابات" "حديث الحجر" 
و"طبيب فى الأرياف"

خيرى بشارة 
تطهير الأفلام من آفة " البروباجندا "

- ولد خيرى بشارة عام 1947 . هل يمكن أن نقول أنه من جيل الثورة ؟ تربى فى أحضان التجربة الناصرية حيث الحلم بمجتمع جديد ، تخرج مع النكسة فى 1967 عمل مساعدا للإخراج مع المخرج عباس كامل عام 1968 في فيلم " أنا الدكتور " و مع توفيق صالح فى " يوميات نائب فى الأرياف " عام 1969 .
قضى عاما و نصف فى بولندا عام 1968، و هناك عمل مخرجا مساعدا فى الجزء الأول من الفيلم البولندى الروائى " فى الصحراء و الأحراش " للمخرج شليشتكى .
" صائد الدبابات " 17 ق ، و " طبيب فى الأرياف " 23 ق ، و " طائر النورس " 17 ق
و الفيلم التسجيلى الطويل " تنوير " 65 ق من إنتاج التلفزيون , ثم " حديث الحجر " 18 ق ، ثم آخر أفلامه التسجيلية " حديث القرية " 30 ق عام 1979 ، أحد أوائل أفلام التنمية السائدة الآن .
فى عام 1982 يقدم أول أعماله الروائية " الأقدر الدامية " و في 1986 قدم رائعته
" الطوق و الأسورة " تتوالى أعمال خيرى بشارة الروائية و يحصل على العديد من الجوائز ، ترفعه بعض الأقلام النقدية مصاف النجوم ، و تهاجمه بضراوة أقلام أخرى ، هنا محاولة للبحث فى الجذور أفلامه التسجيلية الأولى ، البدايات . 


( صائد الدبابات )
تظلم القاعة و تدور آلة العرض فنرى بلا مقدمات :
- لقطة متوسطة لجنود يمرحون أحدهم يشير بيده ثم يخبط كفه بكف زميل له .
- لقطه قريبة لجندى يقفل عينه بحاجز وينظر فى التلسكوب .
- مياه ثم حركة لأعلى فنرى القناة و البر الآخر ، ثم بان من اليسار لليمين ونسمع أحدهم يحكى حتى نصل الى مجموعة الجنود ، وبينهم الجندى الذى يحكى : " كان يوم عيد ميلادى ، كنا قاعدين أنا وعبد العاطى والخولى ، كنا قاعدين نتكلم ونقول ياريتنا نعبر النهاردة ، وبعد كده فوجئنا الساعة اتنين جانا أوامر بالعبور .. عبد العاطى قاللى حنعمل لك عيد ميلادك فى البر الشرقى فى قناة السويس .... وإن شاء الله حنشعل لك عشرين دبابة بدل 20 شمعة ، والحمد لله إنه اشعلي 23 .. دبابة أكتر من سنى بثلاث سنوات ".
- موسيقى مع صورة جدار بيت فى قرية ، وطفلة تجلس خلف حديد الشباك الذى يحتل يمين الكار ويظهر التتر الأول مكتوبا بخط بدائى علي الحائط يسار الكادر : هيئة السينما والمسرح والموسيقى – المركز القومى للسينما التسجيلية يقدم .
- لقطة شعاع الشمس ثم الجندى بالتلسكوب ثم جسم دبابة وتتر أسم الفيلم : صائد الدبابات .
- تتوالى التترات مكتوبة على لقطات متنوعة القرية مثل باب خشبي لمنزل ريفى ، وعلى المعدات من دبابات ومدرعات ، والموسيقى مستمرة يقطعها صوت المخرج :" كاميرا ".
- الجنود فى الموقع ، ويظهر بينهم مسجل الصوت وكاميرا محمود عبد السميع المتحركة يدويا تلتف حول الجنود ، وعبد العاطى يحكى :" يوم 8 اكتوبر ، كان أول المعارك بالنسبة لى ، كنا على بعد خمسة كيلو من القناة ، تحركنا لعمل كمين صد هجمات العدو المدرعة المضادة ، المكان ده كان أول مكان دمرت فيه أول دبابة من الثلاثة وعشرين اللي دمرتهم ..
( يشير بيده والكاميرا تتبع اشارته لاظهار موقع الحدث ) - فى المكان ده ضرب بيومى اتنين ، وأنا ضربت اتنين ، واستمرينا في الضرب ، وكان معايا المقاتل الخولى كمساعد - يضع يده على كتف زميله الذى يلتقط منه خيط الحديث ويكمل فيقول :" بعد التسع دبابات اللى دمرهم عبد العاطى ظهر لنا فوج مشاة ، أخذت الرشاش وتقدمت ناحيتهم وهاجمتهم ، فى اليوم ده دمر المقاتل بيومى 8 دبابات من اللى دمرهم على طول مدة القتال ".
وهكذا رغم التركيز على عبد العاطى بطل الفيلم .. إلا أنه يؤكد على بطولات زميليه بيومى والخولى ،لا يوهم خيرى فى أسلوبه بالواقع ، بل يؤكد أنهم يسجلون ، ويؤكد ذلك بصوته الذى يعلن بدء التصوير :" كاميرا "، وبوجود مسجل الصوت بمعدات التسجيل والميكروفون مع الجنود ، وبهذا يجيب عن السؤال الذي يرد على ذهن متفرج نهاية القرن : كيف يتم تصوير هذه المشاهد ؟
الفيلم تقرير فنى عن عمل عسكرى ناجح قام به أفراد بعينهم ، وها هم يقدمون أنفسهم مع التركيز على أحدهم كنموذج ، فبعد الفاصل الموسيقي المتكرر ، فبعد الفاصل الموسيقى المتكرر ، الدال و البسيط فى نفس الوقت ، لقطة الشمس ووجه عبد العاطى القريب بالتلسكوب يقدم لنا نفسه بعد أن شاهدناه يحكى عن عمله :
" أنا اسمى بالكامل محمد عبد العاطي عطية شرف ، أتعرفت فى حرب أكتوبر باسم عبد العاطى، أتولدت سنة خمسين فى شهر 11 من قرية اسمها شيبة قش مركز مينا القمح محافظة الشرقية ...".
يصطاد خيرى الجمال فى تلك القرية الصغيرة التي يقدمها بكل رهافة الفنان المحب لتفاصيل الحياة الصغيرة ، فمن بدلة عبد العاطى الرسمية والنيشان الذى حصل عليه مشبوكا فيها ، الى داير السرير من القماش الأبيض وعليه زخارف مطرزة لأوانى زهور وورود ، حتى جلسة الفلاحين – أهل عبد العاطى – يتناقشون فى السياسة ، عبر إضاءة طبيعية هادئة من مصدر طبيعى : شباك صغير ينفذ منه ضوء شمس العصارى ، وهو أسلوب يميز المصور محمود عبد السميع الذى برع فى تصوير الأفلام التسجيلية بالإمكانات المتاحة .
تصطاد الكاميرا من القرية أجمل ما فيها ، سيدات يفتلن الشعرية ، طفل على أرجوحة بسيطة بالحبال ، رسومات على الحوائط لكل من الكعبة والجمل ، وكف اليد على واجهات المنازل ، قبل أن يعود للجبهة ولأبطاله ، يقدم المخرج شخصياته بادئا بحركة طبيعية ، يوجههم ويخرج أفضل ما عندهم ، حتى تحتار وأنت تشاهد الفيلم وتندهش أنك امام أشخاص حقيقين ، فهم يحكون ، بطلاقة وإيقاع متدفق دون أن تربكهم الكاميرا .
عبد العاطى فى القهوة بملابسه الميرى ، وصوت أم كلثوم فى الخلفية ، ثم يأتينا صوته :" يوم تسعة أكتوبر .." دون تزيد يقدم خيرى ثلاث لقطات فقط لخسائر العدو : أسرى ،أسير يرفع يده فوق رأسه مستسلما ، بقايا سجائرهم الأجنبية وزجاجات المياه الغازية ، دبابة مدمرة .
سلم معوج امام واجهة منزل فى لقطة تبدو مثل لوحة لفان جوخ ، ثم حركة مع فتاة تفتح شباك البيت ، وصوت عبد العاطى يحكى عن خطيبته محاسن ، وعند هذا المشهد يشرح المخرج علاقته بالمصور ، ويجمع الإثنان بين التلقائية والقدرة على التحكم وترجمة ما يدور فى ذهن خيرى بشارة عبر عدسة محمود عبد السميع :
"محاسن – خطيبة عبد العاطى ، تبدأ بكادر مظلم ثم تفتح شباكا ، ثم آخر والكاميرا محمولة على اليد تتابعها وهى تخرج من الحجرة ، ثم تلف من وراء السلم وتصل الى رشفة السطح وتنظر الى حارة القرية ، الكاميرا ما زالت وراءها كل ذلك فى لقطة واحدة ، بالاتفاق بالطبع مع محاسن الحركة التي اخترتها من واقعها اليومى " .
هذا الشرح يوضح كيف يتعامل خيرى مع شخوصه الحقيقية إذ يجعلهم يعيدون تمثيل دورهم فى الحياة ونخرج بنتيجة رائعه لا نشعر معها بأى افتعال لأنه ببساطة : عاين
و درس وطلب منهم ما سبق أن رآه بالفعل ، و تصبح كتابة كلمة سيناريو على عناوين الفيلم أمرا واجبا ليس فيه أية تجاوزات .
قدم خيرى موقعين فقط فى الفيلم : الجبهة بجوار القناة ، و عندما يقدم البطولة التى قام بها عبد العاطى وزملاؤه ، و قرية بمنازلها و شخوصها ، و عندها نعرف كل ما يتعلق بعبد العاطى الإنسان ، و يمزج خيرى طوال الفيلم بين الحكى عن موضوعه الأساسى – تدمير دبابات العدو ، و بين الحياة البسيطة لعبد العاطة وسط أهل القرية . و ينهى فيلمه بالبطل فى شقته التى سيتزوج فيها .. و هو يركب لمبة الكهرباء ثم يتجه للبلكونه يتأمل حقول بلاده .
يتوحد خيرى مع أبطال أفلامه ، وعن هذا المشهد قال : كنت أعبر فى هذا المشهد و بطريقة غير مباشرة عن رغبتة فى أن يكون لدى شقة .. ودا كان حلم جيلى ".
إن المخرج الذى عرفناه فى السينما الروائية منحازا للمهمشين يركز فة اختياراته لأبطال أفلامه التسجيلية على شخصيات متفوقة مؤثرة فى مجالها ، بسيطة نعم .. لكنها تظهر كبطل خرافي متفرد :
الجندي " محمد عبد العاطي " يحقق أعلى رقم فى تدمير الدبابات ( صائد الدبابات ) ، و" عبد البديع عبد الحى " المثال البسيط يحوله حادثة أعتبرها قهرا إلى فنان ينطق الحجر " حديث الحجر " ، و " خليل فاضل " طبيب القرية يقدم كل ما يمكنه ليسعد أهل قرية نائية على تحسين صحتهم " طبيب في الأرياف "، أبطال أفلام خيرى التسجيلية غير عاديين فاعلون ، يمتلكون عزيمة تقهر الظروف و قوة على التغيير و الفعل .
" حديث الحجر "
تترات مكتوبة بخط بدائى بالطباشير تتخلل عمل المثال فى الحجر موسيقى منا غنيم / مونتاج أحمد متولى / تصوير سعيد شيمى / سيناريو وإخراج خيرى بشاره .
صوت الشخصية تحكى و الكاميرا تقدم حركة عرضية للحقول ، يحكى المثال عن التحاقه بالجندية و رفض قبوله لأنه أحول . شعر برفض الضابط مثل الكرباج وتحول غضبه إلى طاقة فنية أخرجت أول عمل في حياته ، عبد البديع يحكي فى الفيلم – إنتاج 79 – تمر السنوات وما زال يحكيها – عام 99– كما وردت فى الفيلم بالحرف : " كانت مشكلتى إنى مش قادر أحدد .. نفسى أبقى عسكرى سوارى ولا عسكرى بياده ولا طبجى و لا حرس ملكى ، و مكدبتش خبر و رحت للمركز و قابلت الضابط و قال لي ما تنفعش .. أنت أحول ، اتضايقت و زعقت فيه بقى أنا أحول أنا ؟
ضربنى بالكرباج ضربة لسه مأثرة فى دراعى .. روحت البيت و أنا متضايق ، لقيت قرن مواشى قعدت أنحت فيه و عملت منه تمثال للضابط و أنا باضربه بالسكينة .. حبيت أعبر عن رغبتى فى قتل الضابط بالتمثال .. بعد كده قريت فى الجرنال إعلان عن مسابقة محمود مختار عملت تمثال لست الحسن : واحدة ست جميلة بتمشط شعرها ، ووقعت على التمثال : " صانع طباخ " .
يستعرض خيرى منزل عبد البديع ، ونرى الزوجة فى حركتها اليومية تمسك بفرخة و صوت عبد البديع يحكى عنها ، ثم نرى الأبن شريف خريج فنون جميلة يساعد أباه فى نقل ووضع قطعة الرخام علىعربة بدائية إلى الورشة ، يعلق عبد البديع بصوته عن مسابقة هدى شعراوى :" مسابقة ست الحسن , أجمل حاجة عند كل واحد , عملت التمثال بأدوات بدائية , ثم أصبحت طباخ هدى شعراوى ".
يقطع خيرى استرسال عبد البديع و يقدم مشهدا حياتيا مع ابنته ، ينتقل بعدها للقرية و القمح يذروه فلاح بآلة بدائية بجوار تمثالى ممنون , و يعلق عبد البديع :" الأقصر أكاديمية بتاعة العالم ، الفرعونى ده الجامعة بتاعتى " . من حكى عبد لبديع نعرف أنه حصل على عدة جوائز. تستعرض الكاميرا مجموعة تماثيل فى أتيليه منزله ، وجوه فلاحين ، طفل يعزف الناى ، ثم مشهد خارجى ، القلعة فى الخلفية ثم حركة عرضية بالكاميرا . أسم الفيلم مكتوب بالطباشير على الحائط : حديث الحجر – إنتاج المركز القومى للأفلام التسجيلية – 1979


" طبيب في الأرياف "
قبلها- تحديدا عام 1975 – قدم خيرى بشارة " طبيب فى الأرياف " عن الطبيب خليل فاضل فى الوحدة الريفية بقرية المعمارية الشرقية محافظة المنيا .
الطبيب المفكر يشرح رأية .. تظهر التترات ثم يثبت الكادر على منظر جانبى مكبر للطبيب خليل فاضل .
خليل يناقش موظفة الوحدة ، يطلب زيادة طلبية الدواء ، و بعد مراجعته يعبئونه فى جوال من الخيش ، ثم ينقل الدواء على حنتور و نسمع :" كل شهرين أذهب لصرف طلبية الدواء مع فتحي و عاشور - عامل طبى بالوحدة - يصلون قرب شاطئ ، يشربون من الزير، يمرحون أثناء إنتظار المعدية ، يمصون القصب ونسمع موالا عن المرض و الطبيب .
يوظف خيرى الموال على المشاهد التي تعبر عنه دون وجود مصدر الغناء الذى وضعه فى المونتاج ، و هو هنا لا يسجل وافعا بكامل محتوياته من صوت و صورة .. بل ينتقى عناصره ويجمعها أثناء المونتاج .
الطبيب يصل ، فتحي وعاشور يحملانه وفوقه الشمسية ، حيث توجد منطقة لن يعبرها إلا إذا ابتلت ملابسه ، وهو ما يريانه غير مناسب للطبيب ، يؤكد خيرى على هذه التفصيلة و يعود إليها فى نهاية الفيلم .
شوارع القرية ، مناد عجوزا بلا أسنان يعلن عن ضياع عنزة ، الطبيب يسلم رجل من القرية ونسمع صوته شارحا : " تقع قرية المعمارية الشرقية بالقرب من آثار تل العمارنة ، محافظة المنيا .. وتخدم الوحدة قريتين او ثلاث .." التعليق يربط المشاهد المتنوعة للشوارع والسيدات منتظرات مع الأطفال فى الوحدة ، بكاء طفل صغير ينقل ينقل الصوت من التعليق الى لغة الحياة ، بينما الطبيب يفحص عيون عجوز ، ثم كشف باطنى ، فطبيب الوحدة يقوم بكل أنواع العلاج ولا مجال هنا للتخصص ، ننتقل للتحاليل التى يقوم بها فنى يشرف عليه الدكتور خليل فاضل .
الطبيب يتناول غداؤه فى الاستراحة مع مساعده ، يشرب شايه متاملا الحقول ثم ساهرا ليلا يراجع الدفاتر ، بعدها نرى مشاهد متتابعة لحياته ، حيث يقوم بزيارة شخصية لبيت عامل الوحدة ، فنستعرض وابور الجاز وأوانى المطبخ ولمبة الجاز وقد علقت الى جوارها أرفف مفروشة بأوراق الجرائد بعد قصها بشكل مزخرف ، وتعريف بفتحى يقدمه الطبيب بصوته : " اشتراك فى حرب أكتوبر ويتمنى لاينته أن تكون ممرضة " – لم يسرف فى حلمه فيتمناها طبيبة مثلا . ينتهى المشهد بالزوجة والابنة معا فى تصوير رائع باستخدام إضاءة المكان مع موسيقى شجية للدكتور يوسف شوقى .
يستمر الدكتور خليل فى تعريفنا برجال القرية بصوته بينما يتحركون ، حركتهم العادية فى شوارع القرية ، خلاف الصحة – حيث لا توجد خصومة بينه وبين الطبيب كما عودتنا للسينما الروائية ، خطيب المسجد وخادمه ، حفار القبور ، شيخ الخفر ، ثم يتمهل المخرج مع حمدى رضوان فلاح و صانع طوب . يعشق خيرى الصناع المهرة ، يقرب الكاميرا منهم يحب يصل الى حد العشق ولا ينسى غفير الوحدة ومأذون القرية والبقال مسئول البريد ، مشهد شامل لكل رجال القرية ورموز أنشطتها .
بعد ذلك فى اليل ، نسمع حديثا دافئا عن قرصة الحنش ، أثناء مراجعة الطبيب لدفاتره ليلا ، يعمل على ضوء "الكلوب" ، وهو مصدر الإضاءة الطبيعى فى قرى مصر قبل أن تدخل الكهرباء كل قرية .
عن هذا المشهد قال خيرى: " مشهد يصور يوم عمل عادى مراجعة دفاتر الوحدة الصحية بين خليل وفتحى ، شرحت الموقف لهما على أساس أن يكونا بعيدين عن أى تكلف .. وأن يراعيا الوقت ، ثم وجهت حديثى لخليل بالذات ... أنت شخص ذكى ومثقف ومتذوق سينما جيد ، يعنى مسائل الوقت على الشاشة مهمة جدا ، الحديث يتم بدون سرحان ، فيه تلقائية ، طبيعى ومركز قدر الامكان ، لم يكن لدينا " مايك " بل ميكروفون قديم وضعته أمام راديو فى مواجهة الدكتور خليل على مكتبه ، وبدأت أسمع حوارهما واخترت الجزء المناسب فى حدود الواقع فعلا ، بخلاف ذلك .. اتفقت مع محمود عبد السميع على الإحساس المطلوب .. فأحضر مجموعة من الكلويات علشان يادوب تنور شوية وتظهر عامل الوحدة فتحى .. و اتفقنا على أن تكون حركة الكاميرا بسيطة وأعطى الكلوب واقعية الإضاءة فى قرية ليس فيها كهرباء ، كانت بداية الحركة مع خليل ولا يظهر الكلوب ، ثم " بان " بطئ للعامل ، ثم حركة عودة بالكاميرا إلى خليل و يظهر الكلوب .. "
إن حركة الكاميرا المدروسة و المتفق عليها بين كل من المخرج و المصور وأخرجت مشهدا جماليا زاده إخفاء مصدر الإضاءه أولا إظهاره بعد ذلك ، و حافظ على إيقاع المشهد قيادة خيرى لبطل فيلمه ، ومن ثم لم تكن هناك صعوبة فى ضبط الإيقاع بعد ذلك فى المونتاج ، خاصة فى حالة اللقطة المشهدية ، و هو الأسلوب الذى اختاره خيرى لتقطيع مشاهده ، حيث لم يلجأ لأستخدام لقطات اعتراضيه ولقطات تغطية يلجأ إليها البعض لإنقاذ الإيقاع ، و ساعده أداء الطبيب خليل فاضل الذى استفز فيه كل طاقته الإنسانية و المعرفية ليعيد أداء دوره فى الحياة
و يصل إلى هذا المستوى من الأداء الطبيعى غير المتكلف و المقنع والجمالى فى نفس الوقت .
هل كان خيري يجرب شكلا جديدا للفيلم يعتمد على قيام بطل فعلى بإعادة أداء دوره فى الحياة أمام الكاميرا ، مازجا بين تلقائية الحدث الواقعى و الأداء الدرامى المعد سلفا من قبل السينارست المخرج ؟
يقول خيري : " قيام شخص ما بأداء مشاهد متفق عليها من حياته الخاصة ليس شكلا جديدا ، و أنا أتعلم ممن سبقونى : فلاهرتى و جريرسون ".
يستمر خيرى فى نسج فيلمه " طبيب فى الأرياف " الفيلم التسجيلى فى أبلغ صورة مليئا بالمعلومة و الدفء الإنسانى و الكمال الفنى ، صوتا و صورة ، فشريط الصوت غني بتعليق الشخصية ، و حوارات الناس ، وأصوات الحياة اليومية ، الموال الشعبى و الموسيقى المؤلفة ، و تصل كل هذه العناصر إلى قمتها مع مشهد الصباح و المنادى العجوز يعلن عن التطعيم ، هنا يصبح المنادى أداة فى يد المخرج يمهد بها لمشاهده التالية حيث نرى تلاميذ المدرسة فى الفناء والطبيب معهم ، و المنادى عجوز بلا أسنان يبدو كشخصية كرتونية فى واقع قرية فى صعيد مصر , ينهى إعلانه دائما بجملة خارج السياق كلازمة شخصية : " يا حلاوة عليك يادا الوقت " تجلجل ضحكة خيرى كلما سمع المنادى يقولها أثناء المراحل الأولى من المونتاج عند اختيار الصوت , و أثناء المونتاج , و فى كل مرة يعرض فيه الفيلم ينقطع ضحكة خيرى , كما لا تتغير ابتسامة كل من يشاهد الفيلم مهما تعدد مرات المشاهدة .
نعود لمشهد المدرسة و الطبيب يقدم إحصائيات عن أمراض التلاميذ : 25 % بلهارسيا ، 20% أمراض متوطنة ، و 12 % دودة إكسيروس , و قراع , و 2% تلف في صمام القلب , و لا يوجد دواء .
يقطع المخرج مشهده قبل أن يوجع قلوبنا ، و يقدم فرحا فى القرية ، رجل و امرأة عجوزان يرقصان بالعصا على نغم شعبى , الطبيب يشاهد الفرح – حفل الزواج – ثم طلق ناري ونرى زفة العروسين فى شوارع القرية نعود للوحدة واتصال عن حالة حرجة , لا توجد سيارة إسعاف رحلة ، رحلة وعرة من الشط الغربى إلى الشط الشرقي لضفتى النيل العريض فى صعيد مصر , و تكون السيدة قد انتهت بعد هذه الرحله و لم يتم انقاذها . نعود لتعليق الطبيب : " توفيت سيدة بعد حمى نفاس نتجة عدم لجوئهم للعلاج فى وقته .. شوية هوا وبعد الولاده حتروق " – هكذا يبررون عدم اللجوء للطبيب . يأتى ذكر الداية و دورها من فض البكارة إلى التوليد .
الطبيب يقدم تقريره الفني مع المرضي و الأطفال ، لا يدخر خيرى معلومة يمكن إعلانها ، ليتم تغطية الوافع من كافة جوانبه , دون أن يصيبنا الملل .
فالحياه جميلة ورغم مشاكلها , و نحن الأن مع شمس الغروب وموال و الطبيب يغادر مع حقيبة سفر يحملها مساعده بينما يحمل هو السامسونيت و شمسية ونسمع صوته لنعرف أنه ذاهب لعقد قرانه على صفية , ثم نرى مشهدا لأحتفال الفلاحين به . تسيطر على خيرى روح الدعابه فيختار موسيقى عسكرية لمشهد الطبيب محمولا ليعبر المركب حتي لا تبتل ملابسه. و تنزل تترات النهاية : المركز القومى للأفلام التسجيلية , إشراف سعد نديم .
وعن " طبيب فى الأرياف" قال خيرى بشارة :".. كنت أرى فيه الجزء الذى أحب أن أكونه و يكونه الجيل الذى أنتمى إليه . مثل طيور النورس – كنت أشاهد نفسى وأيضا كل أبناء جيلى ، إنهم نوارس فى رحلة بحثهم القلق عن الأفضل " .. " كانت المشكلة المطروحة أمامى من أجل عمل فيلم تسجيلى – ومنذ صائد الدبابات – هى كيفية تخليص الفيلم من البروباجندا .. وتطوير محاولات زملائى السابقة فى التعبير عن الواقع المصرى .. ثم كيف أجعل الفيلم التسجيلى مثيرا للإهتمام " .
أخيرا .. فإن أفلام خيرى و أرائه حولها تعكس درجة و عية بما يقدمه ، فهذا الشكل الذى يهتم أساسا بالإنسان و تفرده وسط أماكن طبيعة و الذى قدمة عبر أفلامه التي استعرضنا ثلاثة منها .. ليس وليد صدفة .
هوامش
1- أراء خيرى بشارة " المذكورة فى المقال .. مقتطفة من حديث أجراه إبراهيم الدسوقى في " سينما الفن السابع " – و هي كراسة تهتم بشؤن و قضايا الفيلم عدد يناير 81 – صادر من الإسكندرية
2- حكت لي الصديقة عرب لطفى كيف بكى خيرى بشارة أثناء عرض فيلم د. محمد كامل القليوبى " محمد بيومى " عندما ذكرت زوجة بيومى الأجنبية كيف أنه كان يصنع كل شئ بنفسه حتى حذاءه .
3- شكر خاص لعامل العرض محمد شعبان و الزميل رجب عبد الظاهر بالمركز القومى للسينما لما قدماه من عون لمشاهدة الأفلام التى تناولها الموضوع .
*نشر بمجلة الفن السابع


Thursday 10 June 2010

The Roots of Cinema Graduated Creativity

Graduates of the Egyptian Film Institute

and the Roots of Creativity

By: Safaa haggag

Translator: Seham Abd el Salam

The Egyptian Film Institute was established in 1959. It was proposed by some cineastes who studied filmmaking abroad. Dr. Sarwat Ukasha, a previous minister of culture, adopted the idea till it was realized. The first dean was the director Mohammed Karim, followed by: Ahmed Badrakhan; Gamal Madkour; Hassan Fahmy; Abd el Salam Moussa,Ahmed el Hadary; Mohammed Basyouny; Moussa Haqqie Mahlmoud el Shereif; Dr. Ahmed el Mettiny; Dr. Mustafa Mohammed Ali; Dr. Shawkie Ali Mohammed; Dr. Dr. Moukhtar Abdel-Gawwad,Dr. Nagwa Mahrous and the current dean, Dr. Rashida Abd el Raouf.

A class of students graduate annually from the Film Institute, starting 1963 till now, except in the period 1972-1974, when the institute stopped admission of undergraduate students for three years, consequently, three graduate student classes graduated in 1972-1974. However, the previous system of undergraduate student admission was restored after those three years. About 60 students graduate annually from the institute. The institute comprises eight departments, each provides theoretical and practical studies. The graduation projects are considered as a major gain, and are important documents that reflect the result of the provided curricula, as well as the thoughts and concerns of the students since their earliest creativity experiences. Moreover, these film projects are the roots that grew out of the students’ seeds of creativity, that continued to emerge since the very first class who graduated in 1963 and up till now.

Upon the graduation of the earlier classes, the Egyptian filmmaking industry was blooming, either with self-educated intellectual directors or graduates of foreign film schools. The earliest film institute graduates experienced a number of difficulties, such as ridicule by the existent filmmakers. The graduates of the earlier classes recall many anecdotes of such ridicule, nevertheless, they confess that they were just jokes by older brothers, but it never escalated to a cross-generation conflict. The newly graduate filmmakers soon mingled with their senior tutors of great filmmakers and cineastes, in contrast to the earlier experiences of exclusive work with their junior colleagues, such as the experience of making the movie “Forbidden Images/Sowar Mamnou’a”, which is comprised of three stories, each directed as a film in its own right by a separate young filmmaker. After that, some institute graduates were mainstreamed in the filmmaking market, and films were made by a combination of crew members from different generations. Gradually, the differences between filmmakers with academic background (film institute graduates) and self-trained filmmakers dissolved.

With an almost individual effort, a great number of graduation film projects could be preserved. Initially, they were black and white movies (up to the mid 1980s- early 1990s). Afterwards, all projects are produced in color. Most graduation movies represent their filmmakers’ style, that would persist in their future movies. A lesser number represent wide discrepancy from the filmmaker’s professional productions. A prominent example is Sandra Nasha’at’s graduation project “The Last Winter/Akher Sheta”, which is antithetical to her commercial productions. In contrast, the late filmmaker Radwan el Kashef’s graduation project “The Upper Egyptian Woman/Al-Ganoubeyya” was almost a training draft of his reputable long feature “Date Wine/Araq el Balah”. Sa’d Hindawie is an intermediate example between Nash’at’s and el kashef’s cases. His graduation projects are excellent and promising of an outstanding future filmmaker, which was expected to produce films different from the commercial mainstream cinema. However, his market productions proved to be mid way between the mainstream and the different cinema. Hindawie’s market movies are based on ideas of other authors: his first movie “Love Case/Halet Hobb” was an idea of the star Tamer Husny; his second movie “Rainbow of the Seventh Sky/Alwaan el Sama el Sab’a” is based on an idea of the script writer Zeinab Aziz. This latter movie was delayed for several years before it could be recently released in a version that seem to be flirting with the currently dominant religious thoughts.

The Egyptian Film Institute owns a huge fortune of graduation projects. Some officials consider them as exam papers, that should not be released, neither nationally or internationally. Others consider them as independent films that deserve to be released and represent their filmmakers and the institute on the national and international arenas, as a type of Egyptian art that reveals the seeds of creativity of its promising talented makers.

One of the earliest graduation projects is the movie “The Hiding Place/Al-Makhba’”, by the –then student- Majeed Tubia. It is an expressionist movie about children’s games, that were used by the filmmaker to express his anti-war attitude. The children play on the roof of a house, then, the realistic play turns into a dream of a girl child singing innocently. Then, the filmmaker cuts on archive shots that depict war horrors, with parallel cuts with beauty and innocence that should prevail. Through the girl child imagination, Tubia reviews the details of Egyptian civilization: Cairo University Dome; Nahdet Misr (Egypt’s Awakening) statue and the Nile. “The Hiding Place/Al-Makhba” contrasts war with life, which is sure to triumph. Majeed Tubia is the script writer of the movie “Children of Silence /Abnaa’ Al-Samt”, that tells the story of the exhaustion war (Harb al Istinzaaf), through a group of soldiers who are eager to avenge the 1967 defeat. The movie ends with the 1973 victory. The most beautiful aspect of this movie is its character formulation. The characters range between dreamy, romantic and sarcastic personalities, all of whom share love of their country and desire to compensate for its defeat and bring about victory. Tubia wrote the script of this commercially produced film, but Mohammed Rady (a graduate of the second class group in 1964) directed it. Filmmakers who graduated in this 1964 class are still participating with their works in the filmmaking market.

Another film institute outstanding production is the movie “Winter/Sheta” (1971) by the director Ali Al-Shubashy (who wrote the script as well). This movie addressed the intellectuals’ crisis in a country that denies freedom. Salah Al-Sa’dany performed the film, while the director of photography was Magdy Abd El-Rahmaan, who is now well known with his concern about film heritage, and who is often seen in tears under the influence of his care about our neglected and mostly lost film heritage. He always calls to treat it as we treat our Ancient Egyptian, Coptic and Islamic archeological antiquities. “Winter/Sheta” is a black and white movie. The hero moves around interior and exterior locations in his escape from the authorities. The artistic tools were so ultimately used as to make us exclaim: where is Ali El-Shubashy? Why did not Magdy Abd El-Rahmaan complete his director of photography career? Such questions and many others reflect the fact that there are conditions, which are not always available, for continuing to exist in the filmmaking market. Some of such conditions are related to the public environment and the market terms, while some others has to do with the individual filmmakers capacity to adapt to the circumstances.

Mohammed Kamel Al-Qalyoubi made a stylistic movie as his graduate diploma project in 1974, which is “What Happened in Yes City/Hekayat maa Gara Fi Madinat Na’am”. He depicted a huge hand as a symbol of authority, in a scene where “The Hand” gives a public speech in front of those who call for freedom, democracy and equality, with parallel cuts on archival scenes depicting demonstrations, strikes and clashes with the authorities carried out by different peoples. The peoples disappear gradually, and what remains on the screen is the word (YES) written in big letters, as well as the authoritarian figure who shakes with sarcastic laughter, while he soils everything with the flag symbol: a hand surrounded by two lines. I see this symbol as one of an enemy’s flag. Yehia Al-Fakharany played the role of the authoritarian figure, while Ahmed Rateb played the role of the oppressed citizen, the painter who is obliged to paint this flag. Both undergraduate and graduate students played the other roles, either on or behind the screen. One of the performer in this movie is Mukhtaar Houssein Youssef, a graduate of editing department, 1975. He is also a script writer, and some of his scripts were implemented, such as “The Most Handsome Guy in Roxy/Ashyak Waad Fi Roxy”. He worked also as an assitant director with Sayyed Sa’eed in his outstanding movie “the Captain/Al-Qubtaan). It is worth mentioning that Sayyed Sa’eed chaired EFCA board for about ten years. The editor of his film is The Syrian woman editor Antoinette Azareya , who studied filmmaking in Egypt and graduated in 1975, after which she went back to Syria, where she edited a lot of Syrian films, specially those of the director Abd el Latif Abd el Hamid.

Al-Qalyoubi opted to make his graduate diploma project in an experimental style. However, in his market practice he started with making documentaries. His outstanding feature-length documentary “Chronicles of a Lost Time/Waqaee’ Al Zaman Al Da’ee” (120 minutes) is about the pioneer Egyptian filmmaker Mohammed Bayoumy. Al-Qalyoubi discovered and dug out Bayoumy’s movies, so he made this film. Consequently, the Egyptian film history was re-written, and many erratic information were corrected. Afterwards, Al-Qalyoubi made his feature films. His last feature is “Adam’s Fall/Khareef Adam”, that won many awards.

The above mentioned three graduate diploma projects: Majeed Tubia’s “The Hiding Place/Al Makhbaa’”, Ali Al-Shubasy’s “winter/Sheta” and Al-Qalyoubi’s “What Happened in Yes City/Hekayat maa Gara Fi Madinat Na’am” are all shot in black and white. All of the three directors joined the Film Institute after they graduated in other university faculties, all of them have public concerns and they selected to represent great issues, shared by many others.

Other outstanding projects were adaptation of simple ideas, nonetheless, their makers succeeded to create short fictions with complete artistic features, as if they were convinced of their professors’ opinions, who prefer that a film student should deal with a project to examine his/her artistic capacities and make sure that they could master the film language to express their messages to the audiences. Mohammed Mustafa’s “I love You/Bakebik” represents this attitude. It is his graduate diploma project (1994) rather than his graduation project (which is “the Dirty Hands/Al Aydi Al qazira”, 1979), because by that time, graduation projects were judged on basis of a work copy, and no standard copies were produced from the student graduation projects. “I love You/Bakebik” is about a love moment between a man and a woman, after they made love. We do not see the love making scene, but we feel it. The movie starts with a man and a woman in bed. The woman is asleep, and the man is regarding her. Then, he brings a camera to shoot her, half naked and half covered by a bed cover. He makes himself a coffee, writes the phrase “I love You” on the window glass, addressed to her, and leaves with light steps, so as not to disturb her. She wakes up, looks at him from the window, while he is outside, writes the phrase “I love you” in her turn. Her written phrase is impossible to be seen by him. She re-writes it the other way round from the inside aspect of the window glass, so he could read it clearly. All of this event takes place through the window glass that is covered with water vapor. The image is marvelous, artistically cinematographed by Mohsen Ahmed. The art director is Onsy Abu seif and the beautiful music is by Rageh Daoud. Mohammed Mustafa wrote the script by himself as a screen adaptation of the story “I and You/Ana wa Anta” by Mustafa Zikri. Ghada played the role of the woman.

Afterwards, Mohammed Mustafa selected to work for a long period as an assistant of outstanding filmmakers, such as Daoud Abd el Sayyed and Khairy Bishara. All cineastes love Mohammed Mustafa, and they call him “Tarazan”, because of his big body contour. The film producer Houssein Al Qalla felt enthusiastic to produce both of his important first feature “Leisure Times/Awqaat Faraagh” and his second feature “The Magic/Al magic”. Mohammed Mustafa’s graduate diploma project “I love You/Bakebik” represents his view of the production of a highly artistic film with a simple idea. However, in his two market productions he was ambitious to present a combination of a sophisticated idea and fine artistic standard.

Mohammed Mustafa’s “I love You/Bakebik” (1994) had no chance to be screened in any of the national or international film festivals. Nevertheless, we still have it preserved in a copy that is a witness of the importance of preservation of all movies, as documents that may be discovered afterwards. As for Mustaf Zikri, he is well known as an established script writer of two great films, directed by Hany Fawzy: “Pavement Devils/Afareet Al Asfalt” and “Devils’ Paradise”/Gannat Al shayateen”. The latter was produced and starred by Mahmoud Hemida, as an expression of his conviction with the talent of both of the script writer and the director, even though they do not conform to the mainstream terms of the film market and industry in Egypt.

1991 witnesses the production of an extremely outstanding movie “Birth of Yesterday/Meelaad Al Ams”, which was written and directed by Ahmed Maher. It is about Youssef, a writer who was assigned to host “3 young men in their way to change”, according to a statement of a representative of the official authorities. The writer is supposed to convince the 3 young men to return to the city, which he himself has abandoned. The authorities do not intend to punish them, but rather to teach them how to adapt with the society. The writer agrees to take the task, because he needs the young men in order to approach Nadra, a pen friend (we will know that his letters were never received by her). The three young men are: Omar, a poet that refuses to be released from prison as an expression of his objection to the public conditions, Nahr, the recruited soldier, who is a child from inside, and who refuses to forget his late chicken (the director himself plays this role) and the third is Sheikh Al-Wakeel, who runs a Quran school (Kuttab) (The role is played bu Alaa Mursi). The cast includes a child, and Sandra Nash’aat, the colleague of the director’s class, and the outstanding many market film director by now. The poet was played by Amr Abd el Galeel, whose dormant talent is recently recognized in the movie “When Time Allows/Heena Maysara” by Khalid Youssef. Abd el Galeel played the second male role in this film, and won many awards for his performance, including a mention by the film critics. In the “Birth of Yesterday/Meelaad Al Ams”, the outstanding actor Salah Qabeel played the role of Youssef, the writer. All of the film scenes, whether interior or exterior scenes, are brightly illuminated, which it seems as an intended style of a filmmaker who wants to reveal the truth to our eyes. Ahmed Maher explains every thing before the front titles, then he leaves us with a house by the shore, with his heroes who utter monologues. Every character is addressing himself, except the child, who addresses them all, and takes clear stances, such as breaking the letter box and throwing it to the see, as the postman never visits it. The child discusses the lessons with the Sheikh, and makes statues (one of them is completed as an enchanting beautiful woman that seems like a real person who digs out everyone ‘s secrets). Then, everyone depart, save the writer, who stays to continue building his sand castle. Ahmed Maher introduced the film by a phrase written on the screen: (My far away city .. you abandon their dreams … while you settle in my past). This phrase is comprehended only after the end of the film. The assistant director was Ahmed Rashwan, who will graduate a little while after Maher, and both are struggling now to find a place on the filmmaking arena, either as directors or producers. Ahmed Maher’s name on the titles was not accompanied by his credit as a script writer and a filmmaker. He just put his signature on the screen. This director, Ahmed Maher, is now the maker of the movie “The Passenger/Al Musafer”, which is a big production of the ministry of Culture and is almost done, waiting to be soon released.

In the movie “The Salt Valley/ Wadi Al Malh”, we recognize the voice of Khaled el Sawy as a narrator that accompanies other intertwined film elements to depict scenes representing the well known Ancient Egyptian story “The Eloquent Peasnt/ Al Fallah Al Faseeh”. The narrator tells us that this story had taken place 2000 B.C. We see also contemporary expressive choreographies, and the narrator tells us that they take place in Dahshur, about 2000 A.D. The music themes are inspired by folk music (Sayyed Darwish’s Tel’et ya Mahla Nourha, the folk song Ya Azeez Einy, and Ya Tali’ El Shagara (performed by the well recognized voice of Ali Al Haggaar). Khaled el Sawy himself, the then graduating student director, is the creator of the music vision. Afterwards, Khaled al Sawi will prove his talent in stage production, with his own theater company “The Movement /Al Haraka”, which he mentions in the titles of his graduation film “The Salt Valley/ Wadi Al Malh”. We can see him performing a dance with his colleague Nora Amin, who will work afterwards as an expressive dancer in the modern Egyptian theatre, while Khaled El Sawy will work as an actor in TV and screen films. He is an outstanding actor who won many awards, such as the award for his performance in the movie “Jaqubian Building/Imaret Ya’qubiaan”.

Generations after generations graduate from the institute and studies, as the film institute is no more the only school of film by now. There are now many departments in the private Media Arts University that provide film studies. This university started by caring to teach TV arts, then, it established a film studies department, and recruited outstanding film professors as faculty, such as: the directors Sa’eed Marzouq (a great creative filmmaker who did not study filmmaking) and Ali Badrakhaan, the director of photography Maher Rady and the editor Youssef Al Mallakh. These filmmaking figures supervised the production of outstanding projects, which were screened in the 14th National Film Festival in April 2008. Some of these projects are: “The Maistro” by Maii Al Hadidi; “Wat are you Looking at!?” by Samar Hindawi. Both are promising women filmmakers, and we wish that they and their blossoming colleagues find a place for themselves as new Egyptian filmmakers. Egyptians posses a great creativity potential that needs support of the state and other individual sponsors in order to be realized as vivid film tapes, that are considered by some scholars as vital historical records of the nation’s and the humans memory.
Cairo, May 2008