Monday 13 January 2020

تحية إلى الناقد عدنان مدنات


عدنان مدنات وجماليات الوقائع

عام 2001 كنت ما زلت أحبو بعالم النقد بعد تجارب في مونتاج الأفلام، في الإسماعيلية أراهم مقبلون علينا كبار النقاد العرب يجمعهم علي أبو شادي في القرية الأوليمبية حيث إقامة المشاركين بمهرجان الإسماعيلية للسينما التسجيلية والقصيرة، سمير فريد وكمال رمزي وقيس الزبيدي وعدنان مدنات. يشدنى الاسم الذي لم أسمع به لأحد غيره، ناقد أردني كيف؟ وهل بالأردن سينما وأفلام ليكون منها ناقد مهم كهذا؟ سأعرف أنه بعد تخرجه من جامعة موسكو عام 1970 ، وإنجازه لعدد من الأفلام التسجيلية انتقل للعيش ببيروت، حيث ترجم وألف كتبا عن السينما، السينما فن أممي ، يدمع الناس من أجناس مختلفة ويوحدهم في عشقها ، تناديهم كنداهة معاصرة فيرتحلون معها أينما تكون، في مصر أو إيطاليا، في روسيا أو أمريكا وفارس النقد العربي يترجم كتابا عن دافيد لينش، ويجري حوارا مع ميشيل خليفي وذاكرته الخصبة، يترجم كتاب ميخائيل روم" أحاديث حول الإخراج السينمائي" ويؤلف كتابه حول السينما التسجيلية بعنوان الدراما والشعر، على ظهر غلافه مقتطف يتبناه فيكتب .. وبعد، قرأت ذات يوم لكاتب فرنسي يقول ما معناه: " لا تكون السينما فنا إلا عندما تكون الكاميرا في عين الشاعر" ويبدو لي أن هذا الرأي ينطبق بقوة على السينما التسجيلية. أجده يعتمد مصطلح السينما التسجيلية المعتمد لدى السينمائيين المصري بديلا عن الوثائقية الذي يعتمده غيرهم من كتاب العربية. يقدم قيس الزبيدي الكتاب ويكرر ما اكتشفه أن عدنان مدنات في أغلب ما ألفه وترجمه حول السينما لم يكن يرى في الفيلم مادة فنية للمشاهدة الممتعة وللتسلية فقط، بل يراه مادة للتفكير أيضا. حين كتب عن " صور من ذكريات خصبة" الوثائقي المصنوع بأسلوبية الفيلم الروائي لميشيل خليفي يوضح:" إن وضوح الهدف عندالمخرج هو ما جعله ينظم مادته أثناء المونتاج على نحو مقلق أحيانا بالنسبة للمتفرج، متقصدا نقل المتفرج من حالة إلى أخرى، بحيث يبقى وعيه مستنفرا، فما إن ينفعل المتفرج أمام مشكلة وطنية تثيرها السيدة فرح حاطوم مثلا، حتى ينتقل الفيلم إلى مشهد لسحر خليفة تتحدث عن مشكلة شخصية جدا ، وهذا البناء يساعده على تقديم الأفكار والأجواء المتعددة.." يحدد مدنات تميز التسجيلي السينمائي بقوة التركيز على الموضوع الرئيسي وبناء وإخراج الفيلم على قاعدة ما قل ودل.

حين كتب عن فيلم " يعيشون بيننا" للمخرج محمود سليمان ذكر أنه واحد من الأفلام التسجيلية القصيرة الذي وجد فيه تجسيدا حقيقيا لما يصفه بالبطل الروائي في الأفلام التسجيلية، واستحق منحه وبحماس شديد الجائزة الأولى في مسابقة قناة الجزيرة للأفلام التسجيلية علم 2005 وكان مشاركا بلجنة التحكيم وقتها.
التداخل بين التسجيلي والروائي محل إعجاب منه كما وضح مع فيلم " الشاطر حسن"(2000) للمخرج الأردني المقيم بهولندا محمود مساد. فمن خلال مادة تسجيلية تتابع وقائع يومية من متشرد يعيش في شوارع المدينة يدعى حسن رأي فيه المخرج أنموذجا واقعيا لشخصية الشاطر حسن الأسطورية. ويذكر رأي المخرج أن الشخصية معادل موضوعي له شخصيا عن هجرته إلى أوربا.
رغم بداياته كمخرج إلا أنه يطلب تقديمه مجرد ناقد سينمائي ، بتواضع جم يقول إن الأفلام القليلة التي أتيحت له فرصة إخراجها لم توفر له الخبرة الكافية التي تجعل منه مخرجا متمكنا من حرفته.
سيتفرغ للكتابة عن الأفلام وعن السينما بوجه عام بعقلية ناقد وباحث حول دور الناقد وعلاقته بالمجتمع، ظل تركيزه حول إقامة جسر ثقافي بين الفيلم والجهور. 

صفاء الليثي
نشر بالعدد الثالث  من كراست الفيلم القصير 

No comments:

Post a Comment