Saturday 22 February 2014

فيلا 69 وتواصل الأجيال



فيلا 69 لأيتن أمين
العطاء حتى النفس الأخير 

اعتاد مدير التصوير والناشط السينمائى الكبير محمود عبد السميع على العناية بالمهرجان السنوى لجمعية الفيلم بادئا باستفتاء النقاد والسينمائيين ليختاروا سبعة أفلام من بين الأفلام التى عرضت العام المنتهى، هذا العام وخلافا على سنوات سابقة لم أجد صعوبة فى اختيار العدد المطلوب ويزيد  مما أسعدنى وأراحنى على حال السينما المصرية فى العام 2013 . باللإضافة إلى ظهور مخرجات تتنوعت أفلامهم واختلفت فى مدارسها الفنية حتى نسينا البحث عن انتمائها لسينما المرأة أم لا ، فالمهم أن الساحة السينمائية قد كسبت نادين خان وماجى مرجان وأيتن أمين  بأفلام جديدة وجيدة.
لا يمكن تصنيف فيلم " فيلا 69" على أنه ينتمى إلى سينما المرأة كون من أخرجته امرأة بالسيناريو كتبه شابان واعدان، والبطولة لحسين المهندس المعمارى الذى شارف على الموت، والخط الأهم فى الفيلم يربط بينه وبين حفيد أخته- لبلبة- الشاب المراهق الذى دخل حياته متأخرا وشهدنا حوارات وسجالات بينهما اتسمت باخلاف أحيانا والحميمية أحيانا أخرى، تصل إلى نهايتها مع مصاحبة الحفيد لحسين فى جولة بالقاهرة وكأنها رحلة وداع حسين للقاهرة، للوطن للحياة، وتسليم الراية للحفيد الشاب القادر على التعلم واكتساب الخبرات. يتسم الفيلم ببساطة آثرة مفتوحة على كل التأويلات، بالنسبة لى أجده إعلانا عن موت طبقة محافظة وميلاد طبقة جديدة منفتحة على العالم أكثر، بالنسبة لمتلقى آخر قد يقرأه كمرثية لزمن جميل مضى، ولا يهم هنا ما الذى كانت تقصده المخرجة، المهم ما نجده نحن فى الشخصيات وفى حواديتها الكبيرة أو الصغيرة، وتواصلنا مع الفيلم أو انصرافنا عنه هو العامل الذى يحدد نجاح العمل أو فشله. شاهدت الفيلم للمرة الأولى فى إطار بانوراما السينما المصرية والأوربية، ومرة ثانية فى إطار مهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوربية، ومع كل مشاهدة كانت تضاف أبعادا جديدة لاهتمامى ومنها – رغما عنى- تأثرى باستجابة نوع مختلف من المشاهدين فى العرضين. وهو أمر لا يمكن إغفاله حيث صممت السينما على أساس هذا الطقس الجمعى للمشاهدة، وهو أمر يختلف كثيرا عن مشاهدة الفيلم بمفردك على جهازك الشخصى بنسخة – معقولة- وليس عرضا على شاشة كبيرة بنسخة جيدة ونظام صوت عالى الجودة. المعنى هنا أننى أنتصر للمشاهدة فى صالة عرض كبيرة وحولى جمهور من المختصين ومن عموم الناس، فعندها يكون الحكم على العمل الفنى مبنيا على مراعاة مدى نجاحه فى إيصال رسالته إلى جمهوره المستهدف. فيلم " فيلا 69" جمهوره كل أفراد الأسرة المصرية المعاصرة التى يتبادل أفرادها المزاح، ويتحملون بعضهم البعض وخاصة حين يعانى أحدهم من مشكلة صحية تؤثر على أعصابه فتجعله منفلت اللسان، سريع الغضب، لا يجامل، مثلما ظهرت شخصية حسين التى أداها خالد أبو النجا بنجاح متخطيا هو ومن شاركه البطولة مأزق الميلودراما التى اعتدنا عليها عند تناول قصة من هذا النوع لمريض بالسرطان- لم يحدده الفيلم ولكن يمكن استنتاج ذلك من بعض التفاصيل- يدرك القريبين منه أن موته وشيك. وبدلا من الاستغراق فى مشاعر العطف على المريض، نجد أننا إزاء شخص يعطى بسخاء كل من حوله ما يحتاجه، طاقم صينى للممرضة المقبلة على الزواج، وعمل للخطيب لكى يتمكن من إتمامه، نصيحة وقدوة للحفيد الذكر الذى يحتاج أبا متفهما فى حياته، وصدرا حنونا متفهما أيضا لابنة الصديق التى لا تحبه كما تحب المرأة الرجل، ولكنها تحبه كإنسان مختلف تستريح فى التحدث معه. رغم ما يبدو على السطح من دفاع أيتن أمين عن الطبقة البرجوازية العليا والأصيلة من المجتمع، إلا أن خيال المريض الذى يجعله يستدعى شخصيات شعبية من زمن السبعينيات، نشعر بأنهم بلسما لروحه يؤكد المستويات العدة للفيلم والتى نكتشفها مع كل مشاهدة له. الأفلام متعة دائمة يزداد حبنا أو رفضنا لها مع تكرار المشاهدة، ويختلف تأثرنا بها تبعا للمزاج الوقتى الذى نمر به. قد يكون القارئ قد تابع ضجة حول اتهام كاتبة شابة للفيلم بأنه مسروق من سيناريو لها وأندهش من هذا الاتهام فمن المعروف أن الأفكار تتوارد، ولكن المهم تفاصيلها الصغيرة وكلها تنتمى لعالم المخرجة أيتن أمين الذى كشفت عنه فى فيلمها القصير" ربيع 89 " من إنتاج المركز القومى للسينما عام 2009.
نشر بجريدة الجمهورية الأربعاء 19 فبراير 2014  
ملحوظة: هذا قد يكون أسرع مقال كتبته على الإطلاق حيث كنت اتفقت مع حسام حافظ مشرف صفحة السينما بجريدة الجمهورية على إرساله ثم نسيت لانشغالى وعندمااتصل ليطلبه بدأت الكتابة على الفور وتداعت أفكارى بين عرض الفيلم فى إطار مهرجان جمعية الفيلم 40 وبين ما يثيره الفيلم من أفكار من داخله وحوله.        

No comments:

Post a Comment