Thursday 17 February 2022

عن كتاب فارس يواقيم بمعرض الكتاب يناير 2021

 شوام في السماء المصرية

عن دار ميريت للنشر صدر كتاب "الأسراب الشامية في السماء المصرية" يتناول فيه مؤلفه فارس يواكيم المجال الثقافي والإعلامي في مصر، منذ الثلث الأخير للقرن التاسع عشر حتى منتصف القرن العشرين، والدور الذي لعبه الشوام في هذا الإطار، في الصحافة والمسرح والسينما ودور النشر. ومؤلفه فارس يواكيم من شوام مصر، تخرج في المعهد العالي للسينما سنة 1966 في دفعة ضمّت علي عبد الخالق ومحمود أبو زيد ومحسن زايد، أكد يواكيم "على حضانة مصر لهذه الشخصيات، ولولاها، لما تمكّن هؤلاء من أداء الأدوار التي قاموا بها، كلٌّ في مجاله، وقد أصبح إبداعهم مصريًا يُؤَرَّخ في سجل الثقافة المصرية".  

عرض المؤلف الفصل الذي تناول موضوع السينما عن بدايات السينما في مصر، أي في العالم العربي، إذ ظل الإنتاج السينمائي العربي، لعقود من الزمن، محصورا في السينما المصرية وحدها، توازيه بعض التجارب الفردية الخجول في بعض الدول العربية التي تأسست فيها صناعة السينما في ستينات القرن الماضي. والفنانون العرب الذين امتهنوا السينما مارسوا أعمالهم من خلال السينما المصرية. واصل الأخوان لاما إنتاج الأفلام التي يخرجها إبراهيم ويقوم بدر ببطولتها، فيلم "فاجعة فوق الهرم" وفيه قامت النجمة المسرحية الصاعدة فاطمة رشدي بدور البطلة. وفي سنة 1931 أخرج "وخز الضمير" وفيه البطلة هي آسيا داغر. وكانت آسيا قد أسست من قبل، سنة 1928، شركة "لوتس فيلم" التي ستصبح من أعرق شركات الإنتاج السينمائي في مصر. وفي إنتاجها الأول كانت هي بطلة فيلم "غادة الصحراء" من تأليف وإخراج وتمثيل وداد عرفي. وفي هذا الفيلم ظهرت ممثلة جديدة هي إبنة اختها ماري كويني، التي ستؤدي دورا بارزا في السينما المصرية، ممثلة ومنتجة.

 

وعندما يتحدث المؤلف عن فناني بلاد الشام، فهو يخصص اللبنانيين والسوريين والفلسطينين، ولا يتوسع إلى الهلال الخصيب، وعلى هذا الأساس استثنى ذوي الأصول العراقية واكتفى بذكرهم، مثل نجيب الريحاني والمونتير ألبير نجيب والأخوة بهنا أصحاب شركة الإنتاج والتوزيع.

وإذا كان قد ذكر الفنانين الشوام الأكثر شهرة مثل المخرجين يوسف شاهين وبركات وأنور وجدي، والمنتجتين آسيا وماري كويني، والممثلتين ماري منيب وعلوية جميل، فهو لم ينسَ الآخرين الذين احتشدت أسماءهم في "تيترات" الأفلام. ومنهم على سبيل المثال: يوسف معلوف، عيسى كرامة، ريمون نصور، المخرج شفيق شامية وكاتب السيناريو يوسف عيسى وأفلامه، في بيتنا رجل، ونهر الحب، والباب المفتوح، والمونتير إميل بحري الذي فام بعمل المونتاج لإثني عشر فيلما من إخراج صلاح أبو سيف، والمنتجان جان خوري وصبحي فرحات ، وورهما في إنتاج وتوزيع الأفلام المصرية، وروفائيل جبور وأديب جابر في إنتاج وإدارة الإنتاج، ونجيب خوري في تنسيق المناظر والإكسسوار، والسيدة مارسيل صالح ، صاحبة الرقم القياسي في عمل مونتاج النيجاتيف.  

كما استعرض الكتاب دور نجوم الغناء الشوام في السينما المصرية، أسمهان، وفريد الأطرش، ونور الهدى، وصباح، ونجاح سلام، ومحمد سلمان، ومحمد البكار، وفايزة أحمد، خصوصا في المرحلة التي كانت الأفلام الغنائية رائجة في الإنتاج والتوزيع، ومجدية من حيث إقبال الجمهور.

ولم يفت المؤلف فارس يواكيم أن يجعل البعض يكتشف والبعض الآخر يتذكر بعض التفاصيل المنسية، مثل كون استفان روستي هو مخرج أول فيلم مصري! هو ذاته الذي اشتهر بالتمثيل،صاحب اللازمات الباقية في أذهان محبي السينما المصرية، مثل لازمة، نشّنت يا فالح؟، وأروح أتحم وأجيلك. وسيعرف القاريء أنه أخرج 11 فيلما، آخرها "جمال ودلال" بطولة فريد الأطرش (1945)، ومنها فيلم "عنتر أفندي" وكان من إنتاج بركات، وهو الفيلم الذي دشّن دخول المخرج الكبير مجال السينما. سيعرف القاريء أيضا كون عبد السلام النابلسي عمل في الأربعينات مساعدًا للمخرج في خمسة أفلام، أربعة منها من إخراج يوسف وهبي، ومعلومة هامة عن بشارة واكيم الذي اشتهر بأداء الأدوار الكوميدية، خصوصا بشخصية الشامي، هو كاتب حوار فيلم "الحب المورستاني". ومثل هؤلاء الممثل والمخرج المسرحي فتوح نشاطي الذي كتب قصة فيلم "إبن النيل" أول أفلام يوسف شاهين، والقصة مقتبسة من مسرحية "إبن النهر" لجرانت مارشال، وهو كاتب قصة "الشريد" أول أفلام المخرج بركات وفيلم "المتهمة" من إخراج بركات أيضا، وهو كاتب سيناريو وحوار فيلم "عايدة" بالاشتراك مع عباس يونس، عن قصة أعدّها الممثل عبد الوارث عسر ،والفيلم من إخراج أحمد بدرخان وبطولة سيدة الغناء أم كلثوم، وفيه كان المونتير صلاح أبو سيف والماكيير حلمي رفلة.

كتاب "الأسراب الشامية في السماء المصرية" الذي صمم غلافه الفنان أحمد اللباد ممتع بتفاصيله وغني بمعلوماته، ويعرض حاليا في جناح دار ميريت في معرض القاهرة الدولي للكتاب.

صفاء الليثي

نشر المقال بجريدة القاهرة الثلاثاء أول فبراير 2022 رئيس التحرير عماد الغزالي



 

No comments:

Post a Comment