خيري بشارة في السينما الأمريكية المستقلة
موندوج : فيلم خارج التصنيف
" نبح أبي في
وجهي : لا تنبح في وجه الطبيعة أم الكائنات أيها الغبي. وتركني أبي مع أمي، ونط
فوق سور البستان ".
( من حكاية على لسان كلب .. يحي الطاهر عبد
الله ) يجري فيها حوارا
مع أبيه وهم في أسرة من الكلاب البلدية، هل تأثر خيري بالجنوبي الذي أخذ عنه
سيناريو فيلمه الهام " الطوق والأسورة " أم أننا إزاء كلب آخر مخلط
اختاره بشارة أسودا ، هرب من هيئة البشر إليه حبا في الإخلاص وطاقة الحب التي
يتميز بها الكلب. الحكاية الرئيس في فيلم " كلب القمر" عن اختفاء الأب
وهربه في هيئة كلب ، مختلطة مع الفيلم الذي يصوره خيري بأمريكا، ومع حكايات الابن
والابنة والزوجة وحكاياته التي يمكن اعتبارها سردا وثائقيا بصوت كل منهم، في
الفيلم أيضا زوج الأخت يحكي قصة هجرته مع الأخت وكيف طلبوا الجدة لتبقى مع الحفيد
ترعام، نحن إذن بصدد عمل مركب من مشاهد تمثيلية وأخرى تسجيلية أقرب إلى عمل من
أعمال السينما المستقلة التي تصلنا من أمريكا، سينما قليلة التكاليف، مصورة
بكاميرا ديجيتال، لا تهدف إلى العرض في سوق داخلي ولا بالسوق العالمي، فيلم حققه
صاحبه كمبدع يفضل حريته وقدرته على التجريب ، يصور الفيلم على مراحل طبقا لحالته
المزاجية، يقوم بالمونتاج بنفسه، إنه عمل خاص به وبأسرته سينتهي منه عام 2012، هل
حققه لمتعته الشخصية؟
الفيلم لم يكن متعة شخصية ولكن رحلة عبر ١٢ سنة (بداية التصوير عام
٢٠٠٠ وإنجازه عام ٢٠١٢) فيه أوجاعي وآالامي الخاصة، ولذلك هو بمثابة التطهير، ومعه
تحررت من الماضي وتوازنت.
فقط في العام الحالي وبعد مرور خمس سنوات
يضعه على موقع "فيمو" كشريط خاص ويرسله لأصدقاء ينتقيهم ، تصله ردود
أفعال إيجابية ويكون السؤال ، لماذا أجل عرضه خمس سنوات طوال، ولماذا لا يدفع به
ليوزع ويشاهد على نطاق واسع، لماذا لم يعرضه عرضا عاما حتى الآن؟
أنا صنعته وأحسست
بجهد الرحلة ولَم أبالي بتوزيعه لأنني لم أاصنع فيلما لأحقق مكاسب مالية، ولكن من
دفعني إلى خطوة Vimeo هم الآخرون.
عام 2007 أجرينا حوارا مع خيري للعدد الثالث
من مطبوعة النقاد (عالم السينما) أجرى الحوار معه الناقد أحمد يوسف وأنا معه، في
الحوار حدثنا خيري عن عمله هذا وكان فكرة لم تختمر، وتلى علينا جزءا من التعليق
كان منتشيا كامرأة حبلى بوليد انتظرته طويلا، قرأ : هذا ليس صوتي، وتلك ليست لغتي، وهذا ليس أنا، أنا
مصري قبطي) عشق
قلبه آذان المساجد الذي يأتي من بعيد كرقة النسيم، لقد عشت كل حياتي الماضية أعشق بلدي، أعشق رائحة بلدي وناسها، ثم استيقظت ذات يوم على
" أنا آخر " لم أعرفه ولم أكن أرغب أن أعرفه، من أنتم؟. خيري في مواجهة الكاميرا يخاطبنا من شرفة منزله في "
موندوج" بهذا التقديم كافتتاحية للفيلم. أنا كنت منزعجا لأنني
استيقظت يوما ما لأكتشف أنني مسيحي، في العوامة ٧٠ كان اسمي أحمد، وهذا هو مغزي
كلامي في بداية الفيلم قبل التترات.
وتكتب العناوين روبرت ابني،
مونيكا زوجتي، ميرندا ابنتي، عايدة أمي وهكذا، صور فوتوغرافية خاصة لأسرته الوالد
والوالدة.
، وأثناء العمل منها خيري مع أبطال فيلمه الهام "عبد العاطي صائد
الدبابات" الفيلم لخيري ولكن روبرت
الابن هو من يحكي، سبب هذا لي اعتقادا بأنه عمل مشترك بين الابن والأب، الابن يحكي
عن حب أبيه للمرأة النحيفة بشعر مقصوص كما الصبيان (الآجرسون) وصور من فيلم جودار
" اللاهث" الذي يعشقه خيري. نعرف أن خيري اقتنى كاميرا ديجيتال صغيرة
ليصور أول فيلم في أمريكا، وبها نشاهد مونيكا وروبرت في شارع أمريكي حيث الغناء
والعزف. يترك خيري لقطة لزوجته وهي تتكعبل في رصيف، كان من الممكن أن يحذفها،
الحركة وابتسامة مونيكا الخجلى تعطي انطباعا بارتباكها في بلد غريب. ومنه إلى مشهد
لزواج الابنة في حفل نهاري بكنيسة وزفاف بسيط. ثم بورتريه عن الأم البولندية ،
روبرت هو من يحكي وصور فوتوغرافية تقربنا لصورة العلاقة بين الأب العاشق ومعشوقته
التي تشبه بطلات جودار ينقلها لنا الصور بالأبيض والأسود، لقطة ملونة لروبرت طفلا
يحمله عزت العلايلي ومعه شريهان، بطلي فيلمه التحفة " الطوق والأسورة "،
ميرندا الابنة تحكي بفخر كونها نصف بولندية، ثم عيد ميلاد الحفيد، حتى الآن نحن
نشاهد بورتريه عائلي تسجيلي، خيري ومونيكا في المنزل، الابنة المتمردة كأبيها تصرح
للأم برغبتها في الخروج من شرنقتها عبر خطابات متبادلة مقروءة بصوت ميرندا.
ومن لقطة لبجع أبيض مرفرف في ثلوج أمريكا سيعود إليها خيري أكثر من مرة لتصبح موتيفة عن
الرغبة في التحررمنها ندخل تدريجيا في السرد الروائي ، تصاب الأم بفيروس
نادر، مونيكا في أداء تمثيلي مع روبرت
تمسح دموعها وتخبره أنها لا تريد السفر إلى أمريكا فكيف ستترك فريسكا كلبتها
العجوز الحبيبة. تستطرد في البوح وينقلنا
خيري مع لقطات (هوم فيديو) تصوير منزلي وتقاطع مع لقطة البجع، روبرت 16 عاما ولكنه
يبدو لمونيكا أكبر من عمره، ينبهها أن السنوات مرت وأنهم الآن عام 2008 ، تنتهي
الوحدة المشهدية التمثيلية بطلاها روبرت بشارة ومونيكا كوفالتشيك بقولها ( إننا
نحلم ولكنه حلم من ؟). أنا غبي فيما يتعلق
الأمر بالبزنس والمال، وكنت أعامله ك home video لأنه كان صادما للكثيرين
حين عرض في مهرجان دبي ٢٠١٢ وعاقبته لانه في ذلك الوقت كان”
underrated” وكأني أقول طز، كأنني لم أصنعه، للأسف تلك هي عادة ردود أافعالي أمام
الصدمات
زواج خيري ومونيكا.
ينتقل خيري إلى عائلة فهمي زوج الأخت، رجل مسن على عكاز، يحكي عن
هجرته كمسيحي ويتحدث عن خيري الذي اختفى، ثم الأم عايدة في عدة لقطات صامتة، ثم
كريم زوجة الابنة ينتقد تغير الطبقات وخطابها في أمريكا، ميرندا تغير الحديث لتحكي
عن مطعم (الوردة المعفنة) وأن والدها (خيري بشارة) سيحبه، إنه الغائب الحاضر في أحاديث
الأسرة وخاصة بعد اختفائه، ونعرف من روبرت راوينا الأساس أنهم تركوا نيوجيرسي إلى
نيويورك للبحث عن الأب المختفي. أنا لم أوافقه عن
هجرته بسبب كونه مسيحي ولكنني عرضت وجهة النظر السائدة عند الأقباط،عن نفسي أرى أن
المضطهدين حقيقة هم المسلمين لأنهم الأغلبية التي تعاني من التهميش الاقتصادي
والسياسي، ومشكلات الأقباط مهما كانت تافهة، هي مشكلة وطن ومواطنة وليست أديان.
ومع أغنية مصرية ومناظر من
مصر، موتيفة أخرى ستتكرر عربة كارو تحمل تلاميذ مدارس في طريق زراعي بمصر، ونعرف
وجهة نظر مونيكا التي بنت جذورا بمصر ولم تكن ترغب في الحضور إلى أمريكا، روبرت
يتلتقي بسائق مصري يثرثر بالمصري ، لا مهرب من مصر ولا من المصريين، السائق يتطوع
ليشرح كخبير في نيويورك مرشدا سياحيا لروبرت. كل هذا الغنى بين الخاص والعام في
فيلم خيري بشارة ولم تمض نصف ساعة بعدها سيظهر الكلب الأسود ونسمع تعليق الرجل الذي
يمثل صوت المخرج وخيري وتساؤل، هل هناك كلب فنان، مثل كلب حرب وكلب سيرك؟ ومنها
إلى تساؤلات مشروعة لروبرت ، لماذا أبحث عن أبي، لم لا أعيش حياتي وأترك المستقبل
يعتني به.
مشاهد الانبهار بأمريكا
كناطحات السحاب تظهر فقط مع شرح السائق المصري،
من وجهة نظر خيري مع الغناء نشاهد مناظر عادية جدا وليس بها ما يبهر، غناء
روبرت ( أنظر حولي أرى الحرب ) ثم مشهد تمثيلي حيث يلتقي روبرت بممثلة صورها أبوه
، وهي من تخبره أن المخرج خيري بشارة تحول إلى كلب، هي مصدقة وغير مندهشة، الكلب
الأسود يغازل كلبة بيضاء صغيرة، تركز اللقطات على هومليس ( رجل يفترش الشارع) ومشهد
لشاب مع رسام يشتري الكلب من المتسول ، وككل عمل درامي لابد من ظهور الأشرار،
مروجي الهيروين وصاحبة الكلبة البيضاء التي يغازلها الكلب الأسود –بطلنا خيري –
وتشتريه ولكنه سيهرب منها . نشاهد بحرا هائجا وروبرت وقد فشل في الوصول إلى والده في
هيئة الكلب الأسود، وعودة للقطة البجع الأبيض ، تعليق روبرت بالإنجليزية وحواره مع
أمه بالعربية، الكلب الأسود وقد عرفنا أنه خيري المتحول يراقب المشهد ويعبر عن رفض
المثلية الجنسية بين الفتى والرسام ومتعاطفا مع أم الفتى المسيحية المتدينة. المونتاج يربطنا دائما بماضي الشخصيات في لمحات
سريعة، ونشاهد مشهد لخيري يصور بائع المخدرات الروسي، يصور بكاميرا الديجيتال ومعه
روبرت، فيلم مستقل يصوره خيري ونصبح مع فيلم داخل الفيلم عن عالم الجريمة في أمريكا
التي تحفل بجنسيات مختلفة، وصعاليك وأشرار وطيبون، الآن الكلب مع تيتو وعشيقه
الرسام وهما نباتيان مما يدفعه إلى الهروب، الكلب طليقا الآن يصل إلى المتسول الذي
يعزف ويغني أو لنسميه (فنان شوارع) وهو أستاذ جامعي اختاره خيري للقيام بالدور
وبدا لي وكأنه شخصية حقيقية قبلت أن تصور واندمجت مع مخرجنا في أداء الدور. يلتصق
الكلب بفنان الشارع الذي يسميه مووندوج ونكون قد وصلنا إلى منتصف الفيلم، وانتقال
بين الديلر مع السيدة صاجبة الكلب الأبيض، بينما فنان الشارع سعيد بأن يضيف الكلب
إلى ممتلكاته السابقة، الجيتار وأغنيته والآن كلبه مونندوج. ونسمع أغنية جميلة منه
مع عزفه على الجيتار ونسمع المعلق بلسان الكلب ( أحب هذا السكير العجوز كريه
الرائحة) وهنا أشعر بنفس خيري وضحكته التي كانت ترن كلما سمع منادي القرية في
فيلمه "طبيب في الأرياف" أشعر بروح خيري مسيطرة على المشاهد، يؤكده استخدامه
لأغنية الوداع يا جميلة ( بيلا تشاو بيلا تشاو) أغنية المقاومة الإيطالية التي
تعلق بها كل الثوار في العالم ونحن منهم. الممثلة الشابة تتعرف على الكلب ونسمع
تعليق( كيف سأقبل ابني وهو ليس له ذيل) الأشرار يستردون الكلب . ننتقل إلى وحدة
مشهدية مع ابن الأخت شاب ثائر يحطم أشياء العائلة منفثا عن غضب ما، زوج الأخت يحكي
كيف ترك مصر وكيف تغيرت حياته في مونولوج
حزين، الجدة تسير صامتة حزينة وجهها يعبر عن روح كلامه، هي جاءت لترعى أحفادها.
اختلاط الوثائقي بالروائي في ذروته مع ظهور فنان الشارع الذي وظفه خيري في الفيلم وكأنه يرى أمريكا فيه وليس في المناظر الخلابة
ولا في الكوبري الفخيم. روبرت يلقي شعرا، ملامح معدلة للأب واضحة على الابن ، نظارة
خيري ولكن خلفها عينان ملونتان، يموت فهمي ويستعرض خيري صوره على الحائط وتفاصيل
من حياة الأسرة ، زيارة إلى المقبرة وشاهد ( أمين كمال فهمي 1939/2004) أغنية جميلة وهم يعيشون حياتهم. ونعود إلى
الأشرار والكلبة ترفض مونندوج وتقول ( تفوح منك رائحة كرائحة البشر) . أثناء الفيلم مات زوج أختي فذهبت ثانية لأصور نفسي ككلب حزينا عند
مقبرته وكان يومها إعصار كبير في نيويورك واتسخت تماما في الأوحال، ولهذا لم يكن العمل
متعة وإنما تطهير.
فنان الشارع مع روبرت بشارة من الفيلم
مرت ساعة ونصف ، نقترب من
النهاية مويكا تشاهد قناة بولندية، روبرت يغني بطريقة خيري المفضلة (أغنية السمك
المقلي) ولا يتركنا خيري قبل أن نشاهد ونسمع أغنية أيرلندية طريفة تنتهي بعبارة (
لذلك فإن كل مثيري الشغب والبلطجة لابد أنهم كانوا مصريين منذ عهد بعيد ) . الأغنية
صدرت عام 1942.
عودة إلى فنان الشارع،
لقطات لثورة 25 يناير 2011 ، مع فيلسوفة الفيلم الابنة ميرندا (عرفها أصدقاء خيري
باسم لا لا ) والحكاء راوي الفيلم الابن روبرت، والشخصية الدرامية الزوجة
البولندية مونيكا وقصة مرضها المأساوية . في النهاية يصطحب روبرت مووندوج ونعود
إلى لقطات القرية المصرية والعربة الكارو وعليها تلاميذ من الجنسين، الكلب الأسود
مع الزوجة في منزل القاهرة ، تأليف وإخراج خيري بشارة . صور الفيلم بشكل متقطع بين
2000 ، 2009 . قام خيري بعمل المونتاج له وأنهاه عام 2012 ، عرض بمهرجان دبي وكانت
ردود الأفعال صادمة لخيري، فقرر عدم عرضه عرضا عاما، واكتفى بإضافته على موقع ( فيموVIMEO ) وتواصل مع أصدقاء مختارين ونقاد منهم محمد
عبد الشكور وكاتبة هذه السطور المحبة لأعمال خيري والتي تجد أن مووندوج معبر تعبيرا
مزدوجا عن الأسلوب الذي اختاره خيري بكسر الثوابت والقوالب، وعن الشخصية التي ترى
جمالا وسحرا في أشياء غير عادية.
قالوا عن مون دوج
يصنفه صاحبه كفيلم
تجريبي، إنه فيلم عابر للنوعية بين
الروائي والتسجيلي يتسم بقدرة خيري بشارة على التجديد الدائم وولعه بكسر القوالب
الثابتة شكلا وموضوعا. وهذه ردود أفعال الفيلم بعد مشاهدات بسماح خاص من خيري على
فيمو:
الفيلم أكتر من
رائع
يا
أستاذ.(
تامر عيسى)
ياأستاذ خيري، ده فيلم
حلو
جداً
ومعمول
بمزاج
وصبر
وقد
ما
فيه
من
حزن
فيه
كمان
شجن، أنا عجبني
واتسليت
جداً
وضحكت
كما
،
وروبرت
طلع
ممثل
جامد
،
تسلم
ايدك
يا أستاذ ( بهاء غزاوي) .
أعجبنى الفيلم كثيرا
يا
أستاذ،
أحببت
فيه
هذه
الحرية
فى
السرد،
وهذه
التحية
العظيمة
للصورة من خلال
أشكالها
المختلفة،
ولعلها
أيضا
تحية
للعائلة
وأفرادها. ليس
تحولا
هروبيا أبدا، ولكنه تحول
لرؤية
أعمق
وأكثر
اتساعا
للذات
وللآخر،
مع
تعاطف
واضح
مع
الإنسان العادى فى كل
مكان،
رأيت
فى
الفيلم
خروجا
من
الإنسان
للعودة
إليه
،
الفيلم
ليس
أداة لتغيير العالم، ولكنه
بالأساس
للتعبير
عن
الذات
بطريقة
فنية
حرة
وخلاقة
،
وقد
تحقق
ذلك الى حد كبير،
هذه
الحرية
مدهشة،
وفيها
تحريض
ذكى
للمتفرج
بأن
يتلقى
الفيلم
بحرية، ومن دون قوالب
جاهزة .
بالمناسبة ، أحببت أيضا
فيلمك
" ليلة
فى
القمر" ،
شاهدته
عندما
عرض
تجاريا
فى
سينما
كوزموس، وأدهشنى بالذات
اكتشافك
لقدرات
ياسمين
الجيلانى،
أتمنى
أن
يعرض
"موندوج" للجمهور المصرى
أيضا،
على
الأقل
فى
عرض
خاص
بالأوبرا
مثلا.
(محمود عبد الشكور)
-
كنت في حالة جميلة ومبتسمة طوال المشاهدة فوجئت بالتاريخ 2012 ، هل هو تقصيرمني أم أنك لم تعرضه؟ لم أسمع به ولم يأتينا مثلا لنشاهده في لجنة اختيار مهرجان القاهرة؟ عموما رأي مخلصة أنه تجربة مستقلة وبها ملامح من سينماك مع جدة في تناول العالم وأمريكا المتواضعة كما أظهرتها في الفيلم.
عرضت لجوانب خاصة أهمها علاقتك بروبرت ولجوانب عامة لأسرة نازحة مسيحية .ما زلت أجدك مخرجي المفضل في السينما المصرية،اختيارك
للممثلين أحببت –عفوا – الكلب الأسود و روبرت، ومن قام بدور المتسول رائع. (صفاء الليثي)
- شاهدت الفيلم المدهش "موندوج" لخيري بشارة، فيلم مؤثر جدا، وشريط صوت رائع لروبرت بشارة ، مسحور بالحرية والابتكار لهذا الفيلم (يسري نصر الله ).
- الطوق و الأسورة - ايس كريم في جليم - يوم مر .. يوم حلو - العوامة رقم 70
أمريكا شيكا بيكا، و غيرها أعمال تانية مهمة و مختلفة ، مخرج مكانش شبه حد ومختلف ساحر وجرئ وعمل كل الأنواع بروح و عين مختلفة وجميلة ، القاهرة بتاعته حلوة و مجنونة.
النهاردة عيد ميلاد الاستاذ خيري بشارة ، أحد أهم مخرجي السينما المصريه على مدار تاريخها، كل سنة وحضرتك طيب يا أستاذ خيري ( محمد العدل ) .
إيه الجمال والعظمه دي..فيلم روعه
ياصديقي...عالمي بالفعل..الف مبروك.
بشير الديك ويكمل :
بشير الديك ويكمل :
كلب القمر أو "موون دوج" هو اسم
لفيلم روائي طويل لا يمكن أن يصنعه سواه.. فيلم يليق به وحده كلب القمر هو آخر
أفلام المخرج الفذ خيري بشارة الذي تعرفت
عليه في نهاية السبعينات وكان يخرج أفلاماً تسجيلية مهمة أذكر منها "صائد
الدبابات" وعندما عرض له فيلمه الروائي الأول "العوامة رقم 70" كان
فيلماً مختلفاً وتبعه بعد سنوات قليلة فيلمه الثاني "الطوق والأسورة" عن
رائعة المبدع يحيى الطاهر عبد الله فتأكد الاختلاف وبعمق... وقد كتب السيناريو
والحوار للفيلمين الموهوب "فايز غالي" رحمه الله...
خلال هذه الفترة صرنا أصدقاء ومعنا محمد خان وداوود عبد السيد
وآخرين.. فكرنا كثيراً أن نعمل معاً ولكن ذلك لم يحدث طوال ثلاثين عاماً... كانت
هناك مشروعات لم يكتب لها الاستمرار..
وصادفته بعد ذلك ظروف صعبة فاختفى ولم أعرف عنه شيئاً إلى أن التقينا منذ عدة
سنوات... ومن أيام أرسل لي رسالة "sms" عليها
رابط فيلمه الجديد التجريبي والذي أسماه "موون دوج" أو كلب القمر وقد
توقعت أن يكون فيلماً تسجيلياً قصيراً ولكنه كسر توقعي كما هي عادته وشاهدت الفيلم
وخرجت بالنتيجة المؤكدة أنه فيلم يليق فقط بخيري بشارة المجنون الجميل.
الفيلم روائي طويل ساعة ونصف تقريباً.. من إخراج وكتابة وتصوير
ومونتاج خيري بشارة نفسه وهو يحكي عن رحلة حياة خيري المختلفة وليس به ولا ممثل
محترف بل كل أبطاله من أقاربه أو أصدقائه وكل منهم يلعب دوره في الحياة على رأسهم
خيري نفسه الذي يلعب دور خيري بشارة المخرج السينمائي و"مونيكا" زوجته
وابنته ميراندا أو "لالا" كما كنا نناديها وابنه "روبرت" وزوج
ابنته "عبد كريم" وأخت خيري وزوجها وأقاربهم وأصدقائهم.
الفيلم يحكي عن الحياة الحقيقية والرحلة الحقيقية لكل هؤلاء والعمود
الفقري للقصة هو ما حدث لمونيكا حيث هاجمها فيروس غريب ونادر جداً أثر عليها
تأثيراً كبيراً وقد أثر مرضها هذا على زوجها حبيبها ورفيق عمرها تأثيراً بالغاً،
كما أثر على "لالا" ابنتها و"روبرت" ابنها
تأثيراً قاسياً ولكن بدون ميلودراما، الفيلم
يحكي عن رحلة الأسرة وعن غربتها وذلك التناقض الحاد بين رغبتهم العارمة في الحياة
وبين الخوف الرهيب من الموت بفعل ذلك الفايروس الذي ا صار ينهش الأسرة كلها، إنها
حقاً رحلة قاسية وخاصة جداً، قد نتصور أنه فيلم ميلودرامي بدائي أو على الأكثر
فيلم هواه ولكن هذا ليس صحيحاً بالمرة. إنه فيلم
أكثر حقيقية من الحياة ذاتها، لا أذكر أنني شاهدت فيلماً عربياً بهذا العمق ولا
بتلك الرؤية الفلسفية والاجتماعية والإنسانية المستقطرة من تجربة خاصة، أنا أعرف
مونيكا منذ عرفت خيري ولم أعرف أبداً أنها ممثلة، وفي الفيلم اكتشفت أنها عبقرية
تمثيل، ويبدو أن مخزون الألم كان هائلاً فظهر على وجهها الصامت المعبر في صمته عن
أعمق درجات الحزن الوجودي، وعن أصفى لحظات السعادة والفرح النادرين،
لا أعرف من أين جاءت مونيكا بهذه القدرة.. إنه خيري هو الذي استطاع أن
يفعل ذلك حتماً.. قام خيري بتصوير الفيلم خلال ثماني سنوات
كما أخبرني، أظنها سنوات مرض مونيكا، ويدهشك أنه صور أفراد الأسرة خلال مراحل
العمر المختلفة بتقنية عالية جداً سواء في الإخراج أو التصوير أو المونتاج وفي
المقدمة من ذلك التمثيل الطبيعي بلا أي افتعال أو مبالغة، حرفية عالية في عناصر
الفيلم كلها، يذكرك هذا الفيلم بأفلام مخرجين عظام أمثال فيلليني وأنطونيوني وودي
الن وبرتولوتشي وآخرين. يصل
الجنون إلى أقصاه عندما يستيقظون ذات صباح ليجدوا أن الأب خيري قد تحول إلى كلب، نعم
كلب أسود شديد القدرة على التعبير والأداء حتى لحظات الحزن التي تصل إلى حد البكاء
بالدموع ولحظات الفرح عندما رأى روبرت ابنه أو مونيكا زوجته، لم أرَ على كثرة ما
رأيت مثيلاً لهذا الكلب في سنيمانا العربية، الإخراج والتصوير والموسيقى واختيار
أماكن التصوير وحركة الكاميرا بين الناس في الشارع، السيناريو
والحوار والانتقال بين الأزمنة والقدرة التعبيرية العالية لكل عناصر الفيلم مستوى
عالمي محترم، وقد قام بكل ذلك خيري يساعده ولده الجميل "روبرت" صانع
الموسيقى ومؤلف بعض الأغاني التي تُجَنِّح على أحداث الفيلم وتصنع له هامشاً
شاعرياً وتعبر في شجن جميل عن المغزى العميق للفيلم وشاركه خيري في كتابة الأغاني
كما تذكر العناوين، نحن بصدد فيلم أوغل كثيراً في الاختلاف والتميز، لقد فوجئت
حقاً بمستوى الفيلم، وقد طالبته أن يعرضه على الجماهير ولكنه يرفض ذلك حتى الآن،
إلا أنني لن أزهق أو أمل، بل سأطارده وألح عليه أن يعرض الفيلم جماهيرياً، إنها
تجربة فريدة لرجل فريد ومتفرد هو الآخر. (بشير الديك) أما داوود : "من المهم
مقاربة الفيلم من منظوره لأنه يعصف بالتقاليد تماما، لا يمكن رؤيته عبر منظور
أكاديمي أو واقعي..) داوود عبد السيد ) التمثيل
في الفيلم عموما خارج المألوف في السينما المصرية، الناس الحقيقية في قصصهم
الحقيقية كانوا شديدي الطبيعية، والناس في القصص المتخيلة خارجين من عوالم الأفلام،
الفيلم أسلوبي وانطباعي ولا يمكن قياسه بالسينما الواقعية أنه دَاوُدَ عبد السيد المفتون
جدا بالفيلم ويري أن اُسلوب أداء روبرت في الفيلم لا يوجد نظير له في السينما
المصرية .
صفاء الليثي
نشر بمجلة الثقافة الجديدة فبراير 2018 ضمن ملف " علامات في تاريخ السينما
المصرية.
No comments:
Post a Comment