Wednesday 27 May 2015

عن كتاب مترجم " كتابة سيناريو الأفلام القصيرة "

رواية القصص بالصور
لقطة من فيلم كلب أندلسي
" كتابة سيناريوهات الأفلام القصيرة " من الكتب المترجمة الهامة التى يحتاجها صناع الفيلم القصير، ترجمه الناقد أحمد يوسف صاحب الدراسات والمقالات المؤلفة الهامة. 
يبدأ الكتاب بمقدمة المترجم التى تحدد أن السيناريو هو العمود الفقرى لأى عمل سينمائي ، والكتاب رغم أنه يحمل عنوان كتابة سيناريو الأفلام القصيرة إلا أنه يبدأ بالخطوط العريضة التى تشترك فيها كل الأفلام. ومن هذه الزاوية أرى أهمية الكتاب لكل مهتم بفن السينما سواء كان سيتخصص فى كتابة السيناريو أو سيخرج أفلاما قصيرة أو طويلة، وأجده مهما للناقد أيضا لكى يتمكن من فهم عملية بناء الفيلم قبل تحليله وتفكيكه. أما مقدمة المؤلفان فتبدأ بذكر أن الكتاب موجه أساسا إلى طلبة السينما والفيديو ، أو صناع الأفلام المستقلين بالسينما والفيديو. ومن هنا أرى أهميته الكبرى فى ظل تزايد عدد الراغبين من الشباب المصرى والعربى فى طرح أنفسهم كصناع سينما مستقلة ، مع ملاحظة أن مشاكل السيناريو تبرز كأهم مشكلة واضحة فيما ينتج من أفلام سواء كانت مشروعات للطلبة أم أفلاما مستقلة يهدف صانعها إلى طرح نفسه كصانع أفلام قادر على تقديم أفكاره عبر الصورة السينمائية.
كتاب شامل يصعب تلخيصه فكل فقرة فيه على درجة من الأهمية مع البدء بعرض تاريخى عن تطور الفيلم القصير وكيف أن السينما كفن بدأت بأفلام قصيرة قدر استيعاب خزانة الكاميرا وفى عصر السينما الصامتة. وبالطبع هناك عنوان هام عن علاقة الفيلم الطويل بالقصير ويطرح سؤال هل الفيلم القصير تنويعات على سمات الفيلم الطويل؟ لينتهى إلى استنتاج عام بأن الفيلم القصير أكثر بساطة وحرية. وبشكل عام ينجح سيناريو الفيلم القصير مثله مثل القصة القصيرة عندما تكون الحبكة غير معقدة ، ومعتمدا على الصورة بشكل رئيس. فسيناريو الفيلم القصير هو رواية القصص بالصور. إن كتابة السيناريو تعنى الكتابة لوسيط يستخدم الصور المتحركة لكى يوحى بالمعنى، وهذه الصور والطريقة التى تجتمع بها معا ، هى لغة السينما ".
يحفل الكتاب بتدريبات على الكتابة كما يقدم نماذج لسيناريوهات لعدد من الأفلام القصيرة الناجحة ومنها ما عرفناه فى بداية السينما " كلب أندلسي" ذلك الفيلم الذى اشترك فيه لوى بانويل وسفادور دالى وهو الفيلم الذى يدرسه الطلاب لأهميته التاريخية حيث ينجح فى إحداث صدمة للمشاهد . وكيف أن" كلب أندلسي" يبقى بسبب تحطيمه للتقاليد الروائية المرتبطة عادة بالسينما، تجربة فى الشكل أكثر من كونه دراسة حالة لكتابة سيناريو ناجح لفيلم قصير. وكيف أنه خلق علاقة متماسكة بين السينما والفنون البصرية والاهتمام المتزايد بالعلاج النفسي فيها ، وكيف أصبح مصدرا مستمرا للأفلام القصيرة. 
طوال قراءتى للكتاب كان خطا موازيا للمعلومات الواردة فيه رجوعا لتاريخ كبار مخرجينا الذين بدأوا بأفلام قصيرة قبل إخراج أعمالهم الطويلة وخاصة أجيال خريجى معهد السينما الأوائل مثل أشرف فهمى وحتى المخرجين الجدد وآخرهم على الساحة هالة لطفى . وكيف أننى أهتم بهذا النوع الفيلمى وأنوى التفرغ لكتاب خاص به مرتبطا بتاريخ السينما فى مصر.
الكتاب مفيد فى إعادة تعريف المصطلحات السائدة مع فن السينما وأتوقف لأعرض شرحا لمصطلح الميلودراما  والمعنون بفقرة " أناس واقعيون فى مواقف واقعية" وينتهى إلى أنها أشكال مضخمة للواقع وهى فى جوهرها مرتبطة تماما بمفهوم القابلية للوجود والقابلية للتصديق ، أكاد أسمع جمهورنا وهو يردد " كل ده فعلا بيحصل كده وأكثرمن كده كمان ". فى الميلودرامت الشخصيات مرسومة جيدا وانسانية تماما ويكم جوهر اندماجنا معها كمتفرجين إلى معرفتنا بهؤلاء الناس، إنهم أنت وأنا . أتذكر الآن مثالا تحليليا لوليد الخشاب فى مديح الميلودراما التى ينظر إليها بعض السينمائيين باحتقار باعتبارها سائدة فى الأفلام الشعبية التى تنجح مع الناس ، ويخلو منها أفلام أخرى نسميها أفلام المهرجانات. كتاب " سيناريو الفيلم القصير" يصالحك على الميلودراما المرتبطة بصفة الواقعية وأفلام عن وقائع حدثت بالفعل.
وتحت عنوان تعريفات أساسية هناك شرح لبعض المصطلحات المهمة والتى ستستخدم فى الكتاب مثل البطل " بروتاجونيست" والبطل الضد " انتاجونيست" والذى يدور بينهما الصراع، وأيضا مصطلح المشهد والحدث الدرامى والذروة ويعرج إلى أنه ومنذ بداية صناعة السينما فالرواية والمسرحية مصدرا مشروعا وناجحا للقصة السينمائبة. ويلجأ المؤلفات إلى اقتباس جمل من مشاهير تؤسس لأفكار الكتاب وتنجح فى إقناع القاريء بمحتوياته. إذ يبدآن كل فصل بكلمة كحكمة  أورسون ويلز " أنت تحكم على الأفلام فى المقام الأول من خلال تأثيرها البصري وليس من خلال البحث عن المضمون " .

فى نهاية الكتاب قائمة بالمصطلحات السينمائية الأساسية أردف المترجم لمزيد من الدراسة والمترجم هو الناقد أحمد يوسف الحاصل على دبلوم الدراسات العليا من المعهد العالى للنقد الفنى بأكاديمية الفنون بالقاهرة عام 1975 وله العديد من الدراسات النقدية والمقالات فى السينما ومن ترجماته " تاريخ للسينما الروائية" عام 1999 ، وعدد كبير من الترجمات عن المركز القومى للترجمة بعضها نشر" فكرة الإخراج السينمائي" وبعضها قيد الترجمة. وله مؤلفات عن مخرجين مصريين عطيات الأبنودى وتوفيق صالح ومحمد خان. 

كتب مترجمة
كتابة سيناريوهات الأفلام القصيرة
تأليف بات كوبر وكين دانسايجر ، ترجمة أحمد يوسف

الهيئة المصرية العامة للكتاب  2011 . 
نشر المقال بجريدة القاهرة الثلاثاء 26 مايو 2015

No comments:

Post a Comment