Wednesday 4 March 2015

الورشة الدولية السينما الجديدة بجمهورية نيبال


ورشة عمل للسينما الجديدة فى نيبال*
دعيت للمشاركة فى ورشة عمل للسينما الجديدة فى جمهورية نيبال، حدد الداعى وهو رئيس نقابة العاملين فى السينما بنيبال عناوين الكورس الدراسى النظرى فى المونتاج لى بداية من تاريخ السينما وتطور المونتاج فى العالم مرورا بتناول مناخ العولمة وكيفية المحافظة على الهوية الوطنية وانتهاء بشرح جماليات فن المونتاج، ووجدت تناول رؤوس الموضوعات الكبرى هذه سيكون أوقع بتحليل نماذج من أفلام تسجيلية وروائية حققت هذا التوازن بين كونها سينما جديدة وبين تمسكها بالهوية الوطنية، واتفق معى فى المنهج كل من المخرج الهندى من كلكتا السيد شيكر داس والمصور الهندى من كيرلا السيد صنى جوزيف، فتعلم السينما يأتى من مشاهدة الأفلام وفهم وتحليل تركيبتها وتوجهها وطرق بنائها، قبل الموعد بشهرين كانت لدى فسحة للإعداد للكورس باللغة الإنجليزية ، ووجدتنى أعد ورقة عنونتها الوصايا العشر لمونتاج خلاق أنهيت بها ساعات المحاضرات العشر التى خصصتها للدارسين من صناع الأفلام الشباب فى نيبال، اختارهم السيد كيبي باتاك ومجموعة عمله التسع من بين أعضاء النقابة سواء كانت لديهم خبرة سابقة فى صنع الأفلام، أو من الأقل خبرة والذين يثقفون أنفسهم بالقراءة ومتابعة أفلام كبار مخرجى السينما من جميع أنحاء العالم. كنت وصلت قبل بدأ الورشة بيومين صحبنى فيها أحد هؤلاء الشباب لزيارة عدد من الأماكن السياحية فى العاصمة كاتمندو ، ولم أجده منظلقا فى الحديث إلا عندما سألنى عن المخرج وونجكارواى والكورى كيم كي دوك وتناقشنا فى أفلامهما، وهنا أدركت أهمية اللغة المشتركة التى تجمعنا، لغة السينما الرفيعة من أى مكان فى العالم. يجيد أهل نيبال الاحتفال ولهم طقوس خاصة فى تقديم التحية للضيف، بدأوها فى العاصمة مع حفل الافتتاح جرى 3 فبراير 2015 بقاعة بالفندق الذى يقيم فيه ثلاثتنا من الأساتذة. ألبسونا غطاء رأس ووضعوا شالا على كتفنا ومنحنا شهادة ترحيب مبروزة فى إطار أنيق، ضحكت من السعادة وتذكرت التعبير الشعبى " لبسونا العمة" ولم يكن هذا لخداعنا بل لتحيتنا على الطريقة النيبالية. ثم بدأنا رحلة طويلة وشاقة قطعناها فى 16 ستة عشر ساعة للوصول إلى مدينة ليبان بمحافظة رولبا بغرب العاصمة، حيث القرى الصغيرة والفلاحين والعمال الكادحين وسط طبيعة قاسية، ورشة عمل حقيقية الغرض منها أن يلتحم السينمائيون مع الشعب ليقدموا أفلاما تحمل رؤى جديدة بعيدا عن زيف سينما بوليود وهوليود. فى كلمتى الافتتاحية لهم حكيت لهم عن  القاهرة هوليوود العرب التى لايعرفونها وعن السينما المصرية، وعرضت عليهم نماذج لسينما تسجيلية ساندت المشروع الاشتراكى لعبد الناصر كبداية، وجدت مقاومة ورفض من البعض منهم ورغبة فى الإسراع بالحديث عن السينما الجديدة فى مصر، كما وجدت تجاوبا من البعض الآخر ومع استمرار عروض الأفلام تفاهمنا ونجحت معهم بعد عرض فيلم شاهين " عودة الابن الضال" وبعد الشرح التفصيلى لميزانسين المخرج وفن المونتاج الذى يبدأ من السيناريو، كان هناك مترجم يشرح للغالبية ممن لايجيدون الإنجليزية وكانت أعمال الورشة تجرى فى مكان أشبه بمركز ثقافى كانت أعمال التجديد به تجرى على قدم وساق وقبل أن تنتهى المحاضرات النظرية كانت قاعة قد أعدت لإجراء المونتاج لأفلام قصيرة وزعت مجموعات عملها على قرى أصغر، كانت المجموعة التى أشرفت عليها تضم فتاة باحثة ومونتير مصور ومخرج شاب ومسئول سياسي وفكرى، وممثل صغير السن يقود الدراجة البخارية التى تنقلنى بين الأماكن ومخرج شاب والده من مخرجى السينما فى نيبال المتأثرة بالسينما السائدة فى الهند. نجح كيبي باتاك وفريقه المعاون كومار و راميشور ومادهاب وبيسو فى التخطيط للورشة وفى الاستفادة من الأيام المكثفة لها، وخرج نتاج الورشة فى خمسة أفلام اكتملت ومواد فيلم سادس عانى فريق عمله من بعض الصعوبات التقنية وشاهدنا مواد تصويره فقط. بين الدراسة المكثفة وساعات الراحة وشرب الشاى والانتقال فى المكان اقتربت من نماذج رائعة من السينمائيين ومثقفى نيبال الجادين والحالمين بتقديم أعمال فنية تشارك فى المهرجانات الدولية وتنافس على الجوائز.
يجيد أهل نيبال تنظيم الاحتفالات ويهتمون كثيرا بتحية الضيوف بأكاليل الزهور تصنعها سيدات البلدة يحيطون بها رقابنا بعد ختم الجبهة ببودرة حمراء مثل طقوسهم الدينية، أهل نيبال ينتمون لأعراق مختلفة منهم المونجول والعنصر الآرى والتاميل، وأهل التبت، وهم فى دولتهم الموحدة يسعون لتحقيق وحدة وطنية تنسيهم ويلات حرب أهلية قضت على خمسين ألفا منهم فى خلال عشر سنوات انتهت عام 2002 بإزاحة الملك وتحقيق جمهورية نيبال التى تسلم الحكم فيها ائتلاف من سبعة أحزاب أكبرها الحزب الماوتسي الذى حضر سكرتيره العام وقلدنا شهادة التقدير تحية لنا للتطوع لنقل خبرتنا فى تحقيق سينما وطنية تواجه التأثيرات السيئة للسينما الهوليودية أو البوليودية. بالنسبة لى كانت تجربة رائهة اختبرت فيها قدرتى على تعريف شعب لا يعرف عن مصر شيئا، بفنونها ومناحى تقدمها، وتعرفت فيه على تجربة لشعب نجح فى تجاوز أزمات سياسية واقتصادية ومعيشية بقدرته على العمل الجاد وبحلم الحياة الحرة، شعب مارس ديمقراطتيه، وانتخب من يحقق له الرخاء والتقدم. شعب دافيء ابن نكته مثلنا يسعد عندما يسمع الضيوف يلقون عليم التحية بلغتهم ، نامستى مرحبا والحياة حلوة ، زنداجى روماليوبهايو. نعم لتكن الحياة حلوة ومرحبا للتضامن بين الشعوب.      

·        نشر بصفحة السينما بجريدة الجمهورية الأربعاء 4 مارس 2015

No comments:

Post a Comment