Friday 9 July 2010

" بحلم يادنيا بجد " فيلم روائى قصير


 بساطة الفكرة
وخصوصية الأسرة المصرية

فى إطار نشاط نقابة الصحفيين تقام عروض فيلمية وندوات،  وفيها شاهدت الفيلم القصير " بحلم يا دنيا بجد" للثنائى الكاتب ماهر زهدى والمخرج سامح الشوادى وهو عملهما الثالث بعد البداية القوية بفيلم " هوه النهاردة إيه" الذى تناول علاقة عنصرى الأمة من خلال شخص أقرب للالتزام الدينى الإسلامى، ومسن مسيحى هاجر أبناؤه وعاش وحيدا على كرسيه المتحرك، وعن طريق اتصال تليفونى خاطئ تنشأ علاقة إنسانية بين "كمال أبو رية" وحسن عبد الحميد بطلى العمل القصير الذى ينتهى نهاية حالمة بالشاب المسلم يحقق حلم العجوز بالذهاب للكنيسة كما يصحبه فى جولات بأماكن هامة فى القاهرة . جاء العمل الثانى"نجاملكم فى الأفراح " أقل تألقا وكان أقرب لجو المسلسلات التلفزيونية شكلا وموضوعا.
أما الثالث" بحلم يادنيا بجد" فيرتكز بفكرته الرئيسية على حلم لفتاة مثالية تعول أسرتها وترعى أمها المريضة، ووالدها المتمارض وأشقائها الأصغر، وبعد استعراض لتفاصيل من حياة الأسرة ندخل فى حلم الفتاة بقضاء يوم فى مدينة الإسكندرية مثل بطلات فيلم " أحلى الأوقات " الذى يقدم له الكاتب والمخرج التحية بجعله ملهما للفتاة لتحلم بجد بقضاء عدة ساعات فى المدينة الساحرة. 

تقوم المطربة ميس حمدان بدور الفتاة بأداء تمثيلى جيد ولكن بشكل تقليدى بالطريقة المعروفة فى الميلودراما المصرية، يتوافق مع بناء الشخصية التى رسمها ماهر زهدى والتى تجد قبولا لدى المشاهد الذى تربى على الفن السائد. وشخصية الفتاة المثالية المضحية والمتفانية فى سبيل أسرتها قد تجعلنا نطرح تساؤلا "هوه لسه فى حاجة كده؟" أغلب الظن أن البطل المضاد هو الأقرب للعصر والمعبر عن غالبية الناس وهى النماذج التى يكثر تناولها الآن فى السينما التجارية التى تعرض بدور العرض، ولكن زهدى والشوادى فضلا أن يقدما لنا بطلة نقية نتعاطف مع حلمها المشروع بقضاء يوم مختلف تقابل فيه رجلا يمنحها حبا وحنانا، ولا يسرفان فى الحلم الذى يتبين أنه حلم للفتاة يفيقها منه خبر سار بنهوض الأم المريضة من سرير المرض بما يشى بإمكانية تحسن الظروف وتخفيف قدر من العبء على الفتاة المخلصة. وهذا التناول يناسب عملا ينتجه التلفزيون بغرض العرض على شاشته لكل أفراد الأسرة. تحفل تفاصيل العمل بالكثير من تفاصيل الأسرة المصرية والشخصية اللافتة فى " بحلم يا دنيا بجد" هى شخصية الأب التى قام بها الممثل على حسنين والتى أضفت بعدا قويا على أحد سلبيات الأسر المصرية التى يتخلى فيها ذكور الأسرة عن واجباتهم تاركين تحمل المسئولية للنساء. والرسالة هنا غير مباشرة جعلت من شخصية الرجل المتخيلة الذى ظهر فى حلم الفتاة بالإسكندرية هو النموذج الذى ينحاز إليه صانعا العمل لشخصية الرجل كما يجب أن تكون حنونا وحاميا للمرأة.
أجاد المخرج سامح الشوادى عمله وكذلك كل فريق فيلمه، مما يجعلنا نتساءل أين السهرات الفيلمية التى كانت تصور بخام السينما 35 مللى وقدمت فيها أعمال هامة لابراهيم الشقنقيرى، وعلوية زكى، وإنعام محمد على وأحمد صقر، برع فيها كتاب مثل عاطف بشاى وآخرين، وهى أعمال فنية غير صادمة للقطاع العريض من مشاهدى التلفزيون.  
الفيلم الروائى القصير مجال يتسع لتناول قضايا متنوعة بأساليب فنية شديدة التباين، فبينما يغلب على مشروعات التخرج من معهد السينما قيمة التكثيف الذى يجعلها تضاهى القصص القصيرة لمبدعيها وعلى رأسهم يوسف إدريس ومحمد المخزنجى، يغلب الشكل الغنائى والملحمى على الأفلام القصيرة المنتجة فى التلفزيون. والشكل الغنائى لا يعنى بالضرورة وجود أغانى بالأفلام، ولكن أقصد به القيمة التعبيرية والأسلوبية التى تجعلها فى منطقة أقرب للقصص الشعبى والتراثى، مثل أعمال عز الدين سعيد، وأعمال للكاتب عطية الدرديرى، ومثل عملنا هذا " بحلم يا دنيا بجد " الذى تضمن أغنية واحدة تؤكد تناوله الرومانسى ورغبة صانعيه فى تخطى الواقع ومحاولة تغييره ولو فى الحلم.
صفاء الليثى

No comments:

Post a Comment