
الحقيقة واحدة
لكن كل حكيم يمنحها اسما مختلفا

رغم الجهد الذى يبذله المشاهد كى لا تفوته معلومة من هذه المعلومات الغزيرة فإنه يتشوق ليكمل الحلقات فيتابع " اليهود الشرقيون" ، " الموارنة" ، "البروتسانت" ، "الشيعة" " الهندوس" ، "الأرثوذكس" ، "الزرادشتيون"، "الدروز"،"السيخ "، "السريان"، و"الأقباط" . 12 حلقة تغطى المجتمعات الدينية فى الشرق الأقصى والأوسط، مستفيضة فى الشرح غالبا وشحيحة فى تناول جوانب ما. وحتى لاتحتار مثلى أيها القارئ فسوف أختار عرض ما يتعلق بالمجتمعات الدينية فى الشرق الأقصى ودياناتهم الأرضية. " الهندوس"، قبل أن أمضى فى مشاهدة الحلقة تذكرت زيارة عمل للهند فى بداية عام 2005 وسألت مرافق فى الزيارة كان اسمه آميت عن ديانته أجاب بفخر شديد " هندو" وهويضم الواو فى نهاية الكلمة. تبدأ حلقة الهندوس بالتعليق يقول :" نجد فى الهندوسية ألف إله وإله، وكلها وسيلة للوصول إلى براهمان الإله الواحد. وهى ديانة تعكس شعبها وتختزل تنوعه. لكى نستوعب الهندوسية نتابع لقاءات مع عازفة تقول إنها تصلى للموسيقى ( رقصة الاله شيفا الكونية) ولقاء مع أستاذ لاهوت الذى يشرح أن الهندوسية تؤمن بالإله الواحد أما الآلهة الأخرى فهى تجلى لهذا الإله. ونقابل مجموعة من الدراويش يحدثنا أحدهم لنستكمل الصورة. تصل الكاميرا بنا لمدينة فارفاس أوبيناريس حيث مكان الحج عند الهندوس. ونقابل " السادو" وهم النساك المعروفين بالفلاسفة العراة الذين يعيشون فى تقشف شديد متحررين من كل الممتلكات والمسئوليات. الرحلة إلى الصفاء الداخلى تجعل النور يشع فى داخلهم. 52 ق زمن الحلقة يصحبنا فيها فريق العمل لرحلة عبر الأماكن والبشر نفهم ماهى الكارما ونعرف من هم الجورو (المعلمون) وكتب الفيدا التى تعطى فكرة عن المجتمع الهندى قبل أربعة آلاف عام.
وتعرج الحلقة أيضا على المهاتما غاندى من خلال لقاء مع حفيده الذى يقول إن غاندى قديس سياسى جعلته التنشئة الروحية للهندوسية يبحث عن الله فى كل إنسان. لا يفوت صانع الفيلم الإشارة إلى أحد الانتقادات التى توجه للهندوسية عن التمييز الطبقى وطبقة المنبوذين التى بسببها ظهر " السيخ" حيث تختصر مبادئهم فى خدمة الآخرين وكيف أن معلمهم حارب اللامساواة الناجمة عن النظام الطبقى الهندوسى وهو المعلم (باجات أوران سينج) المنحدر من أسرة ثرية فى البنجاب. ونقابل رئيسة مؤسسة بينجالورا التى تحدثنا عن مجزرة للسيخ فلجأوا إلى الهند عند تقسيم باكستان والهند. وبنفس المنهج فالصورة كاملة تصلنا عبر اللقاءات مع شخصيات عديدة وبالتنقل بين أماكن دارت فيها الأحداث، وبالاستعانة بالمننمات والصور التراثية نعرف عن معلمى الجورو العشرة، وعن كتابهم (جورو جرانت صاحب) الذى يعد الجورو الأخير، أى الجورو الحادى عشر لمجتمع السيخ. ومن شرح واف على خريطة تظهر إقليم البنجاب مهد الحضارة الهندية القديمة وفيه تطورت الهندوسية المتحجرة فى كتب الفيدا. وينظر البعض للسيخ على أنها مزيج من الهندوسية والإسلام ، بعض طقوس العبادة كما هى فى الإسلام حيث الصلوات الخمس والإيمان بالإله الواحد الأحد. ولكن أستاذ اللاهوت ينفى أن تكون السيخية مزجا من ديانات أخرى بل يؤكد أنها ديانة قائمة بذاتها. بدأ الجورو الأول "ناناك" بفكرة أن كل الناس متساوون أمام الله وأن السيخ يعتمد على وحدانية الله وإخوة البشر ..
تتخطى حلقة السيخ زمن 52 ق بدقيقتين على الأقل نتعرف خلالها على واحدة من أحدث الديانات التى تؤمن بالتوحيد ملتزمة بنظام صارم وإلغاء للطبقية . يحاول السيخ الانخراط فى حياة الهند المعاصرة وحاليا نجد أول رئيس وزراء للهند من طائفة السيخ. أفهم الآن ما لهذه المجتمعات الدينية من جاذبية لدى السائح الغربى بشكل خاص حيث يهرب لأيام من حضارة مادية تضغط عليه إلى عالم روحانيات لا تشغله فيها صراعات المادة ولتفكير فى الحفاظ على ممتلكاته، وينسى فكرة الثواب والعقاب بل يسعى إلى الوصول لحالة من الصفاء الروحى تقرب الإنسان إلى صورة الله الواحد وحين ينشد المتعبد التسابيح ينسى نفسه وتحد بالله, مجتمعات دينية تذكر الواحد بنا بفكرة الصوفية فى الإسلام. وتجعلنا نصل إلى حقيقة أن الله واحد تصل تجلياته لكل مجموعة من البشر حسب مجتمعاتهم بقدر من الاختلاف فى الطقس وتبقى حقيقة الوجود واحده ،إله واحد محبوب ومعبود من بشر يحاولون الاقتراب من صورته الكاملة.